ذكر فيه حديث محمد بن عبد الرحمن: ذكرت لعروة، قال: فأخبرتني nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن أول شيء بدأ به حين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ، ثم طاف .. الحديث.
وحديثه أيضا: كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أشواط، ويمشي أربعة، وأنه كان يسعى بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة.
الشرح:
أما الحديث الأول: فقوله: (ذكرته لعروة)، nindex.php?page=showalam&ids=12070فالبخاري اختصره من حديث طويل، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث عمرو، عن محمد بن عبد الرحمن، أن رجلا من أهل العراق قال له: سل nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن رجل مهل بالحج، فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا؟ فإن قال: لا يحل، فقل له: إن رجلا يقول ذلك. ثم ساقه بطوله .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقد سلف بعضه ، وهو في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا .
إذا تقرر ذلك فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
أول الحديث قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة إلى قوله: (ثم حج أبو بكر وعمر مثله)، وقوله: (ثم حججت مع nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير) إلى آخره nindex.php?page=showalam&ids=16561لعروة بن الزبير، ومذهبه الإفراد; لأنه قال عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: إنها لم تكن عمرة، ففيه حجة (على) عليها فيما ذكرت أنه - صلى الله عليه وسلم - فسخ، إلا أن يؤول أنه أمر به، أو يكون [ ص: 395 ] وهما من المحدث عنها.
وقوله: (ثم حججت مع nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير) كذا لأبي الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=12002ولأبي ذر: مع nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير. والصواب الأول، والضمير عائد إلى nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، أي: أنه حج مع والده nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير، فافهمه.
ثانيها:
غرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الباب: أن يبين أن سنة من قدم مكة حاجا أو معتمرا، أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، فإن كان معتمرا حل وحلق، وإن كان حاجا ثبت على إحرامه، حتى يخرج إلى منى يوم التروية لعمل حجه، وكذلك قال العلماء: إذا دخل مكة فلا يبدأ بشيء قبل الطواف للاتباع، أو لأنه تحية المسجد الحرام .
واستثنى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من هذا المرأة الجميلة، والشريفة التي لا تبرز للرجال، فيستحب لها تأخيره ودخول المسجد ليلا; لأنه أستر لها وأسلم من الفتنة .
فيه مطلوبية الوضوء للطواف، واختلفوا: هل هو واجب أو شرط؟ فعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه ليس بشرط، فلو طاف على غير وضوء صح طوافه، فإن كان ذلك للقدوم فعليه صدقة، وإن كان طواف الزيارة فعليه شاة .
الرابع:
قوله: (ثم لم تكن عمرة).
كذا هو في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعين مهملة، من الاعتمار، قالوا: وهذا هو الصحيح، ووقع في جميع روايات nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: (غيره) بالغين المعجمة ثم ياء، وهو تصحيف كما قاله القاضي ، وكأن السائل إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة على مذهب من يراه، واحتج بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم في حجة الوداع. فأعلمه nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة أنه لم يفعل ذلك بنفسه ولا من جاء بعده. قال: ويدل على صحة ذلك قوله في الحديث نفسه: وآخر من فعل ذلك ابن عمر ولم ينقضها بعمرة.
وأما النووي فقال: (غيره) صحيحة وليست تصحيفا; لأن قوله: "غيره" يتناول العمرة وغيرها، والتقدير: ثم حج أبو بكر، فكان أول ما بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم يكن غيره أي: لم يغير الحج، ولم ينقله، ولم يفسخه إلى غيره، لا عمرة ولا قران .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: وأفادهم ذلك أن طوافهم الأول لم يكن للعمرة بل للقدوم .
[ ص: 397 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: قوله: ثم لم تكن عمرة يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت، ثم لم يحل من حجه بعمرة من أجل الهدي، وكذلك أبو بكر وعمر أفردا الحج، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: سن الشارع للقادمين المحرمين بالحج تعجيل الطواف، والسعي بين الصفا والمروة عند دخولهم، وفعل هو ذلك على ما روته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وأمر من حل من أصحابه أن يحرموا إذا انطلقوا إلى منى، فإذا أحرم من هو منطلق إلى منى، فغير جائز أن يكون طائفا وهو منطلق إلى منى. فدل هذا الحديث على أن من أحرم من مكة من أهلها أو غيرهم أن يؤخروا طوافهم وسعيهم إلى يوم النحر، بخلاف فعل القادمين; لتفريق السنة بين الفريقين، وأيضا فإن هذا هو طواف القدوم، وليس من أنشأ الحج من مكة واردا بحجه عليها، فسقط بذلك عنهم تعجيله.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول: يا أهل مكة، إنما طوافكم بالبيت وبين الصفا والمروة يوم النحر، وأما أهل الأمصار فإذا قدموا، وكان يقول: لا أرى لأهل مكة أن يحرموا بالحج حتى يخرجوا، ولا أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى يرجعوا، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر. وقالوا: من أنشأ الحج من مكة فحكمه حكم أهل مكة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأهل المدينة وطاوس، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق، واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن طاف وسعى قبل خروجه، فكان يقول: يعيد إذا رجع ولا يجزئه طوافه الأول ولا سعيه، وقال أيضا: إن رجع إلى بلاده قبل أن يعيد فعليه دم ، ورخصت طائفة في ذلك، ورأت المكي ومن دخل مكة إن طافا وسعيا قبل خروجهما، أن ذلك جائز، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، غير أن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء كان يرى [ ص: 398 ] تأخيره أفضل، وقد فعل ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير: أهل لما أهل هلال ذي الحجة، ثم طاف وسعى وخرج، وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: منزلة من جاور بمنزله أهل مكة إن أحرم أول العشر، طاف حين يحرم، وإن أخر إلى يوم التروية أخر الطواف إلى يوم النحر.
واختلفوا فيمن قدم مكة فلم يطف حتى أتى منى، فقالت طائفة: عليه دم، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور، واحتج بقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: من ترك من نسكه شيئا فليهرق لذلك دما. وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه يجزئه طواف الزيارة لطواف الدخول والزيارة والصدر ، وحكى غيره عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه إن كان مراهقا فلا شيء عليه، فإن دخل غير مراهق فلم يطف حتى مضى إلى عرفات، فإنه يهريق دما; لأنه فرط في الطواف حين قدم حتى أتى إلى عرفات ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب: لا شيء عليه إن ترك طواف القدوم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من ترك طواف القدوم وطاف للزيارة، ثم رجع إلى بلده، أن حجه تام، ولم يوجبوا عليه الرجوع كما أوجبوه عليه في طواف الإفاضة، فدل إجماعهم على ذلك أن طواف القدوم ليس بفرض، وفي وجه بعيد عندنا: أنه يلزمه بتركه دم، فإن أخره ففي فواته وجهان حكاهما إمام الحرمين; لأنه يشبه تحية المسجد، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد لا يرون بأسا إذا طاف الرجل أول النهار أن يؤخر [ ص: 399 ] السعي حتى يبرد ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق: إذا كانت به علة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: لا بأس إذا طاف أن يدخل الكعبة، فإذا خرج سعى.
خامسها:
قوله: (وأخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها)، يريد بأختها: nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وأمه: nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء رضي الله عنهما.
وقوله: (فلما مسحوا الركن حلوا)، يريد: بعد أن سعوا بين الصفا والمروة; لأن العمرة إنما هي الطواف والسعي، ولا يحل من قدم مكة بأقل من هذا، فخشي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن يتوهم متوهم أن قوله: لما مسحوا الركن حلوا، أن العمرة إنما هي الطواف بالبيت فقط، فإن المعتمر يحل به دون السعي، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وروي عنه أنه قال: العمرة الطواف، وقال به nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه، ويمكن أن يحتج من قال هذا بقراءة nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: (وأتموا الحج والعمرة إلى البيت). أي: أن العمرة لا يجاوز بها البيت، فأراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بيان فساد هذا التأويل بما أردف في آخر الباب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم مكة للحج أو العمرة طاف بالبيت وسعى. وعلى هذا جماعة فقهاء الأمصار .
وقال ابن التين: يريد بالركن ركن المروة، وأما ركن البيت فلا يحل بمسحه حتى يسعى، ولا بأس بما ذكره، ثم قال: إن كان يريد أنها أخبرته عن حجة الوداع فغلط; لأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لم تدخل بعمرة، وكان [ ص: 400 ] الزبير وأسماء ممن فسخ الحج في عمرة ذلك العام، وإن كان غيرها بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلعلة، وهذا قليل.
سادسها:
في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: أنه بعد أن سجد سجدتين سعى بين الصفا والمروة.
وثبت في "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الطويل: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من ركعتي الطواف رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا والسعي بينهما سبعا: ذهابه من الصفا إلى المروة مرة، وعوده منها إلى الصفا أخرى، وهكذا سبعا، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ، وقيل إن الذهاب والإياب مرة واحدة، قاله ابن بنت الشافعي، وأبو بكر الصيرفي من أصحابنا.
وقوله: وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة، هذا هو المشهور من فعله - صلى الله عليه وسلم - وعليه جماعة الفقهاء.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر التخيير في ذلك وقال: إن مشيته فقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي، وروي عنه: طفت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أره يسعى ورأيتهم سعوا، ولا أراهم سعوا إلا لسعيه . ويحتمل أن يكون ذلك في موطن.