1561 [ ص: 482 ] 79 - باب: وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله 1643 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، قال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة: سألت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فقلت لها: nindex.php?page=hadith&LINKID=651534أرأيت قول الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما [البقرة: 158] فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة. قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه، كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك قالوا: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة: 158] الآية. قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما. ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم، يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ممن كان يهل بمناة- كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول الله، كنا نطوف بالصفا والمروة، وإن الله أنزل الطواف بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة: 158] الآية. قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت. [1790، 4495، 4861- مسلم: 1277 - فتح: 3 \ 497]
[ ص: 483 ] ذكر فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16561 (عروة) قال: سألت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما [البقرة: 158] .. الحديث بطوله، وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والأربعة أيضا .
وقوله: (حتى أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن): قائل هذا هو nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، كما صرح به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي أن أبا معاوية الضرير تفرد عن هشام بقوله: إن الأنصار كانوا يطوفون بين الصفا والمروة. وسائر الروايات عن هشام أنه قال: أنهم كانوا لا يطوفون بينهما .
وما ذكرته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها من بديع فقهها، ومعرفتها بأحكام الألفاظ; لأن الآية الكريمة إنما اقتضى ظاهرها رفع الحرج عمن طاف بين الصفا والمروة، وليس بنص في سقوط الوجوب، فأخبرته أن ذلك محتمل، ولو كان نصا في ذلك لكان يقول: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما; لأن هذا يتضمن سقوط الإثم عمن ترك الطواف، ثم أخبرته أن ذلك إنما كان بسبب الأنصار، وقد يكون الفعل واجبا ويعتقد المعتقد أنه قد منع من إيقاعه على صفة، وهذا كمن عليه صلاة ظهر فيظن أن [ ص: 484 ] لا يسوغ له إيقاعها بعد المغرب، فيسأل فيقال: لا حرج عليك إن صليت، فيكون الجواب صحيحا، ولا يقتضي نفي وجوب الظهر عليه، وقد جاء أن الأنصار قالوا: إنما أمرنا بالطواف ولم نؤمر بين الصفا والمروة، فنزلت الآية، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة أول الآية بأن لا شيء عليه في تركه; لأن هذا اللفظ أكثر ما يستعمل في المباح دون الواجب، ولكن سببه أنه خوطب به من رأى الحرج فيه.
وجاء أن من العرب من كان يقول: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية، فقال أبو بكر بن عبد الرحمن: أراها نزلت في هؤلاء وهؤلاء.
وفي "أسباب النزول" nindex.php?page=showalam&ids=15466للواحدي: قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: كان على الصفا صنم على صورة رجل، يقال له إساف، وعلى المروة صنم على صورة امرأة تدعى نائلة، يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة، فمسخا حجرين، فوضعا على الصفا; ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوا الوثنين، فلما جاء الإسلام، وكسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما; لأجل الصنمين، فنزلت هذه الآية .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: كان في الجاهلية تعزف الشياطين في الليل بين الصفا والمروة، وكانت بينهما آلهة، فلما ظهر الإسلام قال المسلمون: يا رسول الله، لا نطوف بينهما فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية، فنزلت الآية .
[ ص: 485 ] وقال الفراء: فيما نقله الأزهري: كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الشعائر، فلا يطوفون بينهما، فأنزل الله تعالى: لا تحلوا شعائر الله [المائدة: 2] أي: لا تستحلوا ترك ذلك .
وفي "معانيه": كره المسلمون الطواف بينهما لصنمين كانا عليهما، فكرهوا أن يكون ذلك تعظيما لهما .
وقال أبو عبيدة: شعائر الله واحدها شعيرة . وقيل: شعارة، حكاه في "الموعب" و"المطالع"، وهو ما أشعر الهدي إلى الله تعالى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: هي جميع متعبدات الله التي أشعرها الله، أي: جعلها أعلاما لنا، وهي كل ما كان من موقف أو سعي وذبح، وإنما قيل: شعائر لكل علم مما تعبد به.
وقال الحسن: شعائره: دينه. وقال السجستاني في "مصاحفه": وجدت في مصحف nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: هي قراءة nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، زاد غيره: nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: يجوز: أن يطوف، وأن يطوف ويتطوف، فالثاني على الإدغام، لقرب مخرج التاء من الطاء، ومن ضم أوله، فهو من طوف إذا أكثر التطواف.
إذا تقرر ذلك: فاختلف العلماء في السعي بينهما، فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أنه غير واجب، ولا دم في تركه.
[ ص: 486 ] وحكي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري: هو واجب، يجبر بدم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: سنة لا شيء فيه ، وبه قال الكوفيون، وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: هو فرض لا يصح الحج إلا به .
وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=11998وداود، ويأمرون من بقي عليه منه شيء بالرجوع إليه من بلده، فإذا كان وطئ النساء قبل أن يرجع كان عليه إتمام حجه أو عمرته، وحج قابل والهدي ، كذا حكاه ابن بطال عنهم ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=15202المروذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه مستحب، واختيار القاضي وجوبه وانجباره بالدم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة: وهو أقرب إلى الحق . وعن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس: من ترك منه أربعة أشواط لزمه دم، وإن ترك دونها لزمه لكل شوط نصف صاع، وليس هو بركن.
وذكر ابن القصار، عن nindex.php?page=showalam&ids=12425القاضي إسماعيل: أنه ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن تركه حتى تباعد فأصاب النساء أنه يجزئه ويهدي.
[ ص: 487 ] احتج من لم يره واجبا بقراءة من قرأ: (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) فعلى هذا لا جناح عليه في تركه، كما قالته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة.
واحتج بعضهم بقراءة الجماعة وقالوا: الآية تقتضي أن يكون السعي مباحا لا واجبا; كقوله تعالى: فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة [النساء: 101] والقصر مباح لا واجب، وبقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في هذا الحديث: (وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما).
والجواب: أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قد ردت على nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة تأويل المخالف في الآية وقالت: (بئس ما قلت يا ابن أختي، إن الآية لو كانت كما أولتها لكان: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وإنما نزلت في الأنصار الذين كانوا يتحرجون في الجاهلية أن يطوفوا بينهما، وفي الذين كانوا يطوفون في الجاهلية، ثم تحرجوا أن يطوفوا في الإسلام)، وهذا يبطل تأويلهم; لأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة علمت سبب الآية، وضبطته، وتفسير الراوي مقدم على غيره، والمراد بقولها: أنه - صلى الله عليه وسلم - سنه، أي: جعله طريقة، لا كما تحرجوا منه، وقد صح من مذهبها أنه فرض، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ، وإن حكى nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عنها: أنه تطوع ، وأما القراءة الأولى فشاذة، وقد يجوز أن ترجع إلى معنى المشهورة; لأن العرب تصل بلا وتزيدها كقوله تعالى: لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة [القيامة: 1 - 2 ]، وكقوله:
ودل حديث nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها قالت: ما تمت حجة أحد ولا عمرته، لم يطف بين الصفا والمروة - أن ذلك مما لا يكون مأخوذا من جهة الرأي، وإنما يؤخذ من جهة التوقيف، وقولها ذلك يدل على وجوب السعي بينهما في الحج والعمرة جميعا.
والجواب: أن الأمر يقتضي رفع الجناح والحرج عمن تطوف بهما، والكلام فيمن سعى بينهما.
فائدة:
مناة: صنم كان نصبه عمرو بن لحي لجهة البحر. قال nindex.php?page=showalam&ids=12861ابن الكلبي: وقيل: هي صخرة لهذيل بقديد، سميت مناة لأن النسائك كانت تجبى بها أي: تراق.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14065الحازمي: هي على سبعة أميال من المدينة، وإليه نسبوا زيد مناة، والمشلل: -بضم الميم وفتح الشين المعجمة ولامين الأولى مفتوحة- الجبل الذي يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر.
[ ص: 493 ] وقال البكري: هي ثنية مشرفة على قديد . وقال ابن التين: هي عند الجحفة. وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية: أن الأنصار كانوا يهلون لصنمين على شط البحر يقال لهما: إساف ونائلة ، وإساف بن بغي، ونائلة بنت ديك، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره ، ووقع في كلام nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: ابن بغا، ويقال: عمرو، ونائلة بنت سهيل، ويقال: ذئب، والمعروف ما قدمناه.
قال: ولم يكونا قط على شاطئ البحر، وإنما كانا -فيما يقال- من جرهم زنيا في الحرم داخل الكعبة، فمسخا حجرين، فنصبا عند الكعبة.
وقيل: على الصفا والمروة; ليعتبر بهما الناس، ثم حولهما قصي بن كلاب، فجعل أحدهما ملاصق الكعبة والآخر بزمزم.
وقيل: جعلهما بزمزم ونحر عندهما، وأمر بعبادتهما . وما ذكره من أن قصيا هو الذي نحر عندهما خلاف ما ذكره الأزرقي أن فاعل ذلك عمرو بن لحي الذي ابتدع عبادة الأوثان .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي أن نائلة حين أمر الشارع بكسرها عام الفتح خرجت منها سوداء شمطاء تخمش وجهها، وتنادي بالويل والثبور، وهادمها أبو سفيان فيما ذكره ابن هشام، ويقال: علي بن أبي طالب.
فائدة أخرى: قوله: (قال أبو بكر -يعني: ابن عبد الرحمن- فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا [ ص: 494 ] في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا في الإسلام)، يحتمل أن يكون: (فاسمع) أمرا.
قال ابن التين: وكذلك هو مضبوط في الأصل، ويحتمل أن يكون خبرا عن نفسه. قلت: وهو ما ضبطه nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي بخطه. وعلى الوجهين، فإن الآية نزلت فيمن خاف الحرج إذا طاف بينهما.