والذي مضى عليه جمهور العلماء من الصحابة وأهل المدينة اختيار قطعها عند الرواح إلى عرفة، كما حكاه ابن أبي صفرة; لأنهم فهموا أن تعجيل قطعها وتأخيرها على الإباحة، يدل على ذلك ترك إنكار بعضهم على بعض، وهم فهموا السنن وتلقوها ، فوجب الاقتداء بهم في اختيارهم، لأنا أمرنا باتباعهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: لا حجة لكم في هذا الحديث; لأن بعضهم كان يهل، وبعضهم كان يكبر، ولا يمنع أن يكونوا فعلوا ذلك ولهم أن يلبوا; لأن الحاج فيما قبل يوم عرفة له أن يكبر، وله أن يهل، وله أن يلبي، فلم يكن تكبيره وإهلاله يمنعانه من التلبية . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب: وجه قطع التلبية عند الرواح إلى الموقف من يوم عرفة; لأنه آخر السفر، وإليه منتهى الحاج، وما بعد ذلك فهو رجوع. فالتكبير فيه أولى، لقوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله إلى قوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم ، وقال تعالى: ولتكبروا الله على ما هداكم فدل هذا على أن التكبير والدعاء لله عند المشعر الحرام وأيام منى أولى من التلبية; لأن معناها الإجابة، وإذا بلغ موضع النداء قطع التلبية، وأخذ في الدعاء، وسأل حاجاته، وسيأتي اختلافهم في قطع [ ص: 532 ] التلبية في حديث الفضل وأسامة بعد هذا قريبا. والحديث دال على إباحة التكبير والتهليل، ورواه محمد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك واحتج بهذا قال: كان القوم يكبرون ويلبون.
فائدة:
الغدو: السير، وهو السنة أن يسير إذا طلعت الشمس كما أسلفناه، واستثنى مالك من كان ضعيفا أو بدابته علة، فلا بأس أن يغدو قبل طلوعها. قال: ويكره أن يمر إلى عرفة من غير طريق المأزمين، فإن مر على غيره فلا شيء عليه.