(البدنة): سلف الكلام عليها في الجمعة، والبدن بإسكان الدال، وقرئ بضمها، سميت لبدانتها. أي: لسمنها.
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قول nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في ذلك، ويقال: بدن بضم الدال، وبدن بالتشديد إذا أسن. قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: قيل: إن البدنة تكون من البقر، وهذا نقل عن الخليل.
لكم فيها خير [الحج: 36] تركب إذا احتاج إليه، و القانع : السائل في قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والحسن، قالوا: بخلاف المعتر الذي يتعرض ولا يسأل.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: أحسن ما سمعت فيه أن القانع الفقير، والمعتر: الدائر، وقيل: القانع: السائل الذي لا يقنع بالقليل. وقرأnindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء (القنع). وهو مخالف للأول، يقال: قنع إذا رضي، وبفتح النون إذا سأل. وقرأ الحسن: (والمعتري) ومعناه: مثل المعتر، يقال: أعتره واعتراه، وعره وعراه، إذا تعرض لما عنده أو طلبه. وعبارة صاحب "العين": القنوع: التذلل للمسألة، إبراهيم قنع إليه: مال وخضع. وعنه: القانع: خادم القوم وأجيرهم، وقال الزجاج:
[ ص: 26 ] القانع: الذي يقنع بما (تعطيه) وقيل: الذي يقنع باليسير، وقال قطرب: كان الحسن يقول: هو السائل الذي يقنع بما آتيته، ويصير القانع من معنى القناعة والرضا.
وقوله: لن ينال الله لحومها [الحج: 37] يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنهم كانوا في الجاهلية يضحون بدماء البدن ما حول البيت، فأراد المسلمون فعل ذلك فأنزلها الله.
وقوله: ولكن يناله التقوى منكم [الحج: 37] أي: ما أريد به وجه الله، و(الشعائر) تقدمت، و العتيق : عتقه من الجبابرة، كما ذكره البخاري، وقد روي ذلك مرفوعا بزيادة: "فلم يغلب عليه جبار قط".
[ ص: 27 ] وقال الحسن: لقدمه، وحجته إن أول بيت وضع للناس [آل عمران: 96] الآية، وجبت كما ذكر.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ولفظه: فقال: "اركبها" في الثانية أو الثالثة، وفي لفظ له: يسوق بدنة مقلدة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اركبها" فقال: بدنة يا رسول الله؟ فقال: "ويلك اركبها" ثلاثا.
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري في باب تقليد النعل قريبا: قال: "اركبها" قال: إنها بدنة.
قال: "اركبها" قال: فلقد رأيته راكبها ليساير النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا بلفظ: "اركبها" مرتين أو ثلاثا.
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري: "اركبها ويلك" قالها في الثانية أو في الثالثة.
nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم: مر عليه ببدنة أو هدية فقال: "اركبها" قال: إنها بدنة أو هدية، فقال: "وإن". nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد: يسوق بدنة، وقد جهده المشي، وفيه قال: "اركبها وإنها بدنة".
قلت: ماذا؟ قال: الرجل الراجل، والمتبع اليسير، وإن نتجت حمل عليها ولدها وعدله.
إذ تقرر ذلك: ففيه استعمال ما وجه لله تعالى إذا احتيج إليه على خلاف ما كانت الجاهلية عليه من أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، فأعلم الشارع أن ما أهل به لله إنما هو دماؤها، وأما لحومها، والانتفاع بها قبل نحرها وبعده فغير ممنوع، بل هو مباح بخلاف سنن الجاهلية.
وقد اختلف العلماء في ركوب الهدي الواجب والتطوع: فذهب أهل الظاهر إلى أن ذلك جائز من غير ضرورة، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق، وبعضهم أوجب ذلك، واحتج بحديثي الباب، وكره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأكثر الفقهاء -فيما حكاه صاحب "الاستذكار"- ركوبها من غير ضرورة، وكرهوا شرب لبن الناقة بعد ري فصيلها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: إن نقصها الركوب والشرب فعليه قيمة ذلك.
[ ص: 29 ] واحتجوا: أن ما أخرج لله فغير جائز الرجوع في شيء منه والانتفاع به إلا عند الضرورة. وركوبها يحتمل أن يكون لغير ضرورة، وأن يكون لها، ورواية جابر السالفة تشهد له، وكذا رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: وقد جهده المشي، فأباح ركوبها للضرورة، وقد روى نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يقول في الرجل إذا ساق بدنة وأعيا ركبها: وما أنتم بمستنين سنة هي أهدى من سنة محمد. وكذا لا يجوز بيع منافعها إجماعا.
وقد قال مجاهد في قوله تعالى: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال: في ظهورها وألبانها وأصوافها وأوبارها حتى تصير بدنا. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة. واختلف متى ذلك؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة: بعد أن يقلدها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: قبله، وهو أولى; لأن الأجل المسمى أن يقلد ولم يوجد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: فإن ركبها محتاجا فليس عليه أن ينزل إذا استراح. وقال إسماعيل: مذهب مالك يدل على أنه إذا استراح نزل، وبه قال ابن الجلاب، وإذا نزل لحاجته أو لليل لم يركبها حتى يحتاج إلى ذلك كأول مرة. وعن بعض الشافعية والحنفية فيما حكاه ابن التين: إن نقصها (ركوبه) ضمن النقصان، إن ركب ركوبا قادحا.
[ ص: 30 ] وقوله: ("ويلك") مخرجه مخرج الدعاء عليه من غير قصد; إذ أبي من ركوبها أول مرة، وقال له: (إنها بدنة) وكان - عليه السلام - يعلم ذلك، فخاف أن لا يكون علمه، وكأنه قال: لك الويل في مراجعتك إياي فيما لا تعرف وأعرف، وفي رواية: "ويحك" ذكرها ابن التين، وكان nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي يقول: ويل: كلمة عذاب، وويح كلمة رحمة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه: ويح زجر لمن أشرف على هلكة، وفي الحديث أنه واد في جهنم.
فرع:
يجوز إهداء الذكر والأنثى من الإبل، وهو مذهبنا، وقول جماعة من الصحابة، ونقل ابن التين عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال: لا يهدى إلا الإناث، ثم قال: دليلنا ما رواه في "موطئه" عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن عبد الله بن أبي بكر: nindex.php?page=hadith&LINKID=707950أنه - صلى الله عليه وسلم - أهدى جملا كان لأبي جهل بن هشام، ثم قال: وهذا نص في محل النزاع، ولا يسلم له ذلك، ومن جهة القياس: أن الهدي جهة من جهات القرب، فلم تختص بالذكور كالضحايا والزكاة والعتق والكفارات.
[ ص: 31 ] فرع:
فيه من العلم تكرير العالم الفتوى، وتوبيخ من لا يأتمر بها. وقوله: ("اركبها، ويلك") في الثانية أو الثالثة، يحتمل أن يريد في الثانية من قوله: "اركبها" ابتداء، فيقول له ذلك زجرا عن مراجعته عن أمر قد كان له في التعليق بما أمره به، وحمله على عمومه في الأحوال سعة، ويحتمل أن يريد الثانية من جوابه له عن قوله: (إنها بدنة) فيكون في ذلك زجر عن تكرير سؤاله عن أمر قد بينه، ولم يقيد أمره بركوبها بحال الإعياء دون حال الإراحة، ولا قال له: فإذا استطعت المشي، فانزل، فاقتضى ذلك استدامة ركوبها، وإن زال تعبه، كما سلف.
فرع:
بوب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عليه أن من حبس شيئا ينتفع به، وأنكره nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي عليه، وقال: إنما جعلها الله إذا بلغت محلها، وفيه نظر.