وحديث أسماء رضي الله عنها أنها كلما مرت بالحجون قالت: صلى الله على محمد، لقد نزلنا معه ها هنا، ونحن يومئذ خفاف، قليل ظهرنا، قليلة أزوادنا، فاعتمرت أنا وأختي nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا، ثم أهللنا من العشي بالحج.
الشرح:
حديث أسماء أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مطولا، والعمرة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى المراد بها: عمرة القضية، ولم يذكر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر السعي، وقد قال بعض السلف: إنه ليس بواجب، واتفق أئمة الفتوى على أن المعتمر يحل من عمرته إذا طاف وسعى، وإن لم يكن حلق ولا قصر على ما جاء في هذا الحديث، كذا ادعاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ثم قال: ولا أعلم في ذلك خلافا إلا شذوذا، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: العمرة الطواف، وتبعه nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه.
[ ص: 251 ] والحجة في السنة لا في خلافها، وقد أسلفنا أن الأظهر عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: أن الحلق ركن فيها، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري بحديث أبي موسى على من زعم أن المعتمر يحل من عمرته إذا أكمل عمرته، ثم جامع قبل أن يحلق أنه مفسد لعمرته، فقال: ألا ترى قوله - عليه السلام - لأبي موسى: nindex.php?page=hadith&LINKID=654046 "طف بالبيت وبين الصفا والمروة، وحل" ولم يقل: طف بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصر من شعرك أو احلق ثم أحل؟ فبين بذلك أن الحلق والتقصير ليسا من النسك، وإنما هما من معاني الإحلال، كما إن لبس الثياب والطيب بعد طواف المعتمر بالبيت وسعيه من معاني إحلاله، وكذلك من إحلاله من إحرامه بعد رميه جمرة العقبة لا من نسكه، فتبين فساد قول من زعم أن المعتمر إذا جامع قبل الحلق بعد طوافه وسعيه أنه مفسد عمرته، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: ولا أحفظ ذلك عن غيره. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والكوفيون: عليه الهدي. وقال عطاء: يستغفر الله ولا شيء عليه.
قال الطبري: وفي حديث أبي موسى بيان فساد قول من قال: إن المعتمر إن خرج من الحرم قبل أن يقصر أن عليه دما، وإن كان قد طاف وسعى قبل خروجه منه.
وفيه أيضا أنه - عليه السلام - إنما أذن لأبي موسى بالإحلال من عمرته بعد الطواف والسعي، فبان بذلك أن من حل منهما قبل ذلك فقد أخطأ، وخالف السنة، واتضح به فساد قول من زعم: أن المعتمر إذا دخل الحرم فقد حل، وله أن يلبس ويتطيب، ويعمل ما يعمله الحلال [ ص: 252 ] وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة، والحسن، وصح أنه من حل من شيء كان عليه حراما قبل ذلك فعليه الفدية.
واختلف العلماء إذا وطئ المعتمر بعد طوافه وقبل سعيه، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور: عليه الهدي وعمرة أخرى مكانها، ويتم الذي أفسد، ووافقهم nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة إذا جامع بعد طواف ثلاثة أشواط، وقال: إذا جامع بعد أربعة أشواط بالبيت أنه يقضي ما بقي من عمرته، وعليه دم، ولا شيء عليه، وهذا الحكم لا دليل عليه إلا الدعوى.
حجة الأولين حديث nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى في الباب: أنه - عليه السلام - اعتمر مع أصحابه ولم يحلوا حتى طافوا وسعوا، وبذلك أمر - عليه السلام - أبا موسى قال له: ("طف واسع وأحل") فوجب الاقتداء بسنته واتباع أمره، وقال: nindex.php?page=hadith&LINKID=883936 "خذوا عني مناسككم" وقد فهم الصحابة الذين تلقوا عنه السنة قولا وعملا هذا المعنى منهم: nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر.
وقولها: (فاعتمرت أنا وأختي عائشة) أي: حين أمرهم أن يجعلوا إحرامهم بالحج عمرة، فثبتت أسماء على عمرتها، وحاضت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فلم تطف وأمرت برفض ذكر العمرة، وأن تكون على الحج كما بدأت به أولا، فأخبرت أسماء عن نفسها وعن غيرها، ولم يدل ذلك على أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مسحت البيت معهم; لثبوت حيضها فمنعت العمرة، ومثله حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في حديث الفسخ: طفنا بالبيت، وأتينا النساء; [ ص: 253 ] لأنه كان صغيرا في حجة الوداع قد ناهز الحلم، ومثله لا يأتي النساء، وكذلك قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -في حديث الأسود: فلما قدمنا تطوفنا بالبيت، وهي لم تطف حتى طهرت، ورجعت من عرفة; لأنها قالت فيه: ونساؤه لم يسقن الهدي، فأهللن فحضت، فلم أطف بالبيت بعد أن قالت: تطوفنا. وعلى هذا التأويل يخرج قول من قال: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمتعنا معه، يعني: أمر، وقد تقدم معنى قولها: فلما مسحنا البيت أحللنا، تريد السعي، وعليه تأوله الفقهاء.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: فيه تقديم وتأخير واختصار، ومعناه اعتمرت أنا nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا ثم أهللنا بالحج، واعتمرت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بعد أن حلت من حجها; لأن الروايات من غير طريق أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أتت البيت وهي حائض.
وقال غيره: مسحنا بالبيت أي: طفنا; لأن من طاف به مسح الركن فصار اسما له.
فائدة:
في آخر حديث nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى nindex.php?page=hadith&LINKID=651666 "بشروا خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب" البيت: القصر، والبيت: الشرف أيضا، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي، قال: والقصب: الدر المجوف، وقال الهروي: أراد بشرها بقصر من زمردة مجوفة، أو لؤلؤة مجوفة، [ ص: 254 ] والصخب: الصوت، والنصب: الإعياء والتعب، فما في الجنة لا تعب فيه ولا آفة.
فائدة:
معنى قوله لأبي موسى ("أحججت؟ ") أي: نويت الحج؟ نبه على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي.