وفي لفظ: حج به في ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الشرح: الحديث الأول سلف في الباب، والثاني في الصلاة، والثالث من أفراده.
والثقل بفتح الثاء والقاف، قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: ارتحل القوم بثقلهم. وضبطه بما ذكرناه، وفي الأصل فيه بإسكان القاف أي: بأمتعتهم، وقال غيره: الثقل في القول، وفي الحديث: يجد للوحي ثقلا.
وقد اتفق أئمة الفتوى على أنه لا وجوب عليه حتى يبلغ إلا أنه إذا حج به كان له تطوعا عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجماعة من العلماء، وعلى هذا المعنى حمل العلماء أحاديث الباب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: لا يصح إحرامه -كما سلف- ولا يلزمه شيء [ ص: 474 ] عليه بارتكاب محظوره، وإنما يفعل به ذلك ويجنب محظوراته على وجه التعليم له، والتمرين عليه، كما قالوا في الصلاة أنها لا تكون صلاة أصلا، وشذ من لا يعد خلافه فقال: إذا حج الصبي قبل بلوغه أجزأه ذلك عن حجة الإسلام; واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي ذكرناه، والحجة عليه في نفيه عنه حج التطوع هذا الحديث، وأضاف الحج الشرعي إليه، فوجب أن تتعلق به أحكامه، وأكد هذا بقوله "ولك أجر" فأخبر أنها تستحق الثواب على إحجاجه، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال لرجل حج بابن صبي له أصاب حماما في الحرم: اذبح عن ابنك شاة. وقام الإجماع على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم، وأولوا الحديث أنه - عليه السلام - أوجب للصبي حجا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: وهذا مما قد أجمع الناس عليه، ولم يختلفوا أن للصبي حجا كما أن له صلاة، وليست تلك الصلاة بفريضة عليه، فكذلك يجوز أن يكون له حج ولا يكون فريضة عليه، قال: وإنما الحديث حجة على من زعم أنه لا حج للصبي، وأما من يقول أنه له حجا، وأنه غير فريضة فلم يخالف الحديث، وإنما خالف تأويل مخالفه خاصة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: جعل له - عليه السلام - حجا مضافا إليه كما يضاف إليه القيام والقعود والأكل، وإن لم يكن ذلك من فعله على الوجه الذي يفعله أهل التمييز باختيار.
[ ص: 475 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: وهذا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو راوي الحديث قد صرف حج الصبي إلى غير الفريضة، ثم روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة بإسناده إلى (أبي الصقر) قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول: يا أيها الناس، أسمعوني ما تقولون، ولا تخرجوا فتقولوا: قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أيما غلام حج به أهله، فمات فقد قضى حجة الإسلام فإن أدرك فعليه الحج، وأيما عبد حج به أهله فمات فقد قضى حجة الإسلام، فإن عتق فعليه الحج.
وقد أجمعوا أن صبيا لو دخل وقت صلاة فصلاها ثم بلغ في وقتها أن عليه أن يعيدها، فكذلك الحج.
قلت: لا; فالأصح فيها لا إعادة. وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: أن هذا تأويل سلف الأمة. وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق حج nindex.php?page=showalam&ids=16414بابن الزبير في خرقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: أحجوا هذه الذرية، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يجرد صبيانه عند الإحرام، ويقف بهم المواقف، وكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تفعل ذلك، وفعله nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير .
[ ص: 476 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: يجرد الصغير ويلبى عنه، ويجنب ما يجنب الكبير، ويقضى عنه كل شيء إلا الصلاة، فإن عقل الصلاة صلاها، فإذا بلغ وجب عليه الحج.
واختلفوا في الصبي والعبد يحرمان بالحج، ثم يحتلم الصبي ويعتق العبد قبل الوقوف بعرفة، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا سبيل إلى رفض الإحرام ويتماديان عليه، ولا يجزئهما عن حجة الإسلام. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: إذا نويا بإحرامهما المتقدم حجة الإسلام أجزأهما. وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنهما لو استأنفا الإحرام قبل الوقوف بعرفة أنه لا يجزئهما من حجة الإسلام، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة; لأنه يصح عنده رفض الإحرام، وحجة مالك: أن الرب جل جلاله أمر كل من دخل في حج أو عمرة بإتمامه تطوعا كان أو فرضا بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله [البقرة: 196] ومن رفض إحرامه لم يتم حجا ولا عمرة، وحجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في إسقاط تجديد النية أنه جائز عنده لكل من نوى بإهلاله أن يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة; لأنه - عليه السلام - أمر أصحابه المهلين بالحج أن يفسخوه في عمرة، فدل أن النية في الإحرام ليست كالنية في الصلاة.
وحجة nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة: أن الحج الذي كان فيه لما لم يكن يجزئ عنده، ولم يكن الفرض لازما له في حين إحرامه، ثم لما لزمه حتى بلغ استحال أن يشتغل عن فرض قد تعين عليه بنافلة ويعطل فرضه، كمن دخل في نافلة فأقيمت عليه مكتوبة ويخشى فوتها قطعها ودخل في المكتوبة [ ص: 477 ] وأحرم لها، فكذلك الحج يلزمه أن يجدد له الإحرام; لأنه لم يكن فرضا.
تنبيه:
نقل ابن التين عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الزائد عن نفقة الحضر في مال الصبي، وهو قول له، قال: وكذا ما لزمه من جزاء، والأشهر عندهم أنه لا يركع عنه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: ولا يرمل به في الطواف، وخالفه nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ، ولو حمله رجل ونوى الطواف عنهما أجزأه عند nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم ويعيد الرجل استحبابا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ: وجوبا، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يجزئ عن واحد منهما، والسعي كذلك، وفي الحج بالرضيع قولان عندهم.