التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1872 1973 - حدثني محمد، أخبرنا أبو خالد الأحمر، أخبرنا حميد قال: سألت أنسا رضي الله عنه عن صيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائما إلا رأيته ولا مفطرا إلا رأيته، ولا من الليل قائما إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته، ولا مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شممت مسكة ولا عبيرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: 1141، 3561 - مسلم: 2330 - فتح: 4 \ 215]


ذكر فيه حديث ابن عباس : ما صام النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرا كاملا قط غير رمضان، ويصوم حتى يقول القائل: والله لا يفطر. ويفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم .

وحديث محمد بن جعفر، عن حميد، عن أنس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر، حتى نظن أن لا يصوم، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا، وكان لا تشاء تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته .

وقال سليمان : عن حميد أنه سأل أنسا في الصوم.

[ ص: 450 ] ثم ساق عن محمد، عن الأحمر -أبي خالد- عن حميد قال: سألت أنسا عن صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائما إلا رأيته، الحديث.

الشرح:

تعليق سليمان عن حميد تقدم في باب: قيامه بالليل ونومه أيضا ، ومحمد هذا قال الجياني وغيره: هو محمد بن سلام .

وفي هذه الأحاديث من الفقه: أن النوافل المطلقة ليس لها أوقات معلومة وإنما يراعى فيها وقت النشاط لها والحرص عليها.

وفيه: أنه - عليه السلام - لم يلتزم سرد الصيام الدهر كله، ولا سرد الصلاة بالليل كله رفقا بنفسه وبأمته; لئلا تقتدي به في ذلك فيجحف بهم، وإن كان قد أعطي من القوة في أمر الله تعالى ما لو التزم الصعب منه لم ينقطع عنه، فركب من العبادة الطريقة الوسطى فصام وأفطر وقام ونام، وبهذا أوصى عبد الله بن عمرو، فكان إذ كبر يقول: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقول ابن عباس : أنه - عليه السلام - ما صام شهرا كاملا قط غير رمضان، يشهد لحديث أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة السالف بالصحة، وهما مبينان لحديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة : أنه - عليه السلام - كان يصوم شعبان كله، أن المراد بذلك أكثره، كما سلف.

[ ص: 451 ] وقول أنس : ما مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم كسر السين أفصح من الفتح، وهو دال على كمال فضائله خلقا وخلقا، وأما طيب رائحته فإنما طيبها الرب تعالى لمباشرته الملائكة ولمناجاته لهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية