التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1972 [ ص: 135 ] 18 - باب: من أنظر معسرا

2078 - حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كان تاجر يداين الناس ، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه ; لعل الله أن يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه" . [3480 - مسلم: 1562 - فتح: 4 \ 308]


ذكر فيه حديث أبي هريرة : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "كان تاجر يداين الناس ، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه ; لعل الله أن يتجاوز عنا . فتجاوز الله عنه" .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، وللحاكم على شرط مسلم : "خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله أن يتجاوز عنا" ، وفيه : "فقال الله تعالى : قد تجاوزت عنك" . وفي أفراد مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعا : "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه" . وله من حديث ربعي عن أبي اليسر مرفوعا : "من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله في عرشه" .

قال الحاكم : ورواه زيد بن أسلم وحنظلة بن قيس أيضا عن أبي اليسر .

[ ص: 136 ] ولابن أبي شيبة عن ابن مسعود مرفوعا : "حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان رجلا موسرا يخالط الناس ، فيقول لغلمانه : تجاوزوا عن المعسر ، فقال الله لملائكته : لنحن أحق بذلك منه ، تجاوزوا عنه" .

فيه والباب قبله : أن الرب جل جلاله يغفر الذنوب بأقل حسنة توجد للعبد وذلك -والله أعلم- إذا حصلت النية فيها لله ، وأن يريد بها وجهه وابتغاء مرضاته ، فهو أكرم الأكرمين ولا يخيب عبده من رحمته ، وقد قال تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم [الحديد : 11] وللترمذي في هذا الحديث أنه ينظر فلا يجد حسنة ولا شيئا ، فيقال له ، فيقول : ما أعرف شيئا إلا كنت إذا داينت معسرا تجاوزت عنه ، فيقول الله تعالى : أنت معسر ونحن أحق بهذا منك .

وفيه أيضا : أن المؤمن يلحقه أجر ما يأمر به من أبواب البر وإن لم يتول ذلك بنفسه .

وفيه أيضا : إباحة كسب العبد ; لقوله : آمر فتياني ، والفتيان : المماليك والفتية . قال تعالى : وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم [يوسف : 62] .

وفيه : توكيلهم على التقاضي . ومعنى : ينظروا : يؤخروا .

وفيه : أن العبد يحاسب عند موته بعض الحساب .

وفيه : أنه يخبر بما يصير إليه .

[ ص: 137 ] وفيه : أنه إن أنظره أو وضع عنه ساغ ذلك ، وهو شرع من قبلنا ، وشرعنا لا يخالفه بل ندب إليه .

وقوله : ("تجاوزوا عنه") يدخل فيه الإنظار والوضيعة وحسن التقاضي .

وقوله- : "أيسر على الموسر وأنظر المعسر" قال ابن التين : رواية غيره أولى : "أنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر" وأما إنظار المعسر فواجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية