2139 [ ص: 16 ] 2 - باب: عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم : إذا أذن له قبل البيع فلا شفعة له. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : من بيعت شفعته وهو شاهد لا يغيرها فلا شفعة له.
ثم ساق حديث عمرو بن الشريد قال: وقفت على nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ... الحديث. وذكر عرض أبي رافع بيته عليه. وقال أبو رافع : لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=678999 "الجار أحق بسقبه" ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاها إياه.
الشرح:
تعليق nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم رواه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن سفيان، عن أشعث عنه: إذا أذن الشفيع للمشتري في الشراء فلا شفعة له. [ ص: 17 ]
وأثر nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي به. وفيه لا ينكر بدل: يغير.
وحديث أبي رافع من أفراده، ويأتي في الحيل أيضا.
إذا تقرر ذلك فعرض الشفعة على الشريك قبل البيع فأبى إليه كما فعل أبو رافع، ألا ترى أنه حط من ثمن البيتين كثيرا، رغبة في العمل بالسنة.
وفيه: ما كانوا عليه من الحرص على موافقة السنن والعمل بها، والسماحة بأموالهم في جنب ذلك، فإن عرض عليه الشفعة وأذن له الشريك في بيع نصيبه، ثم رجع فطالبه بالشفعة، فقالت طائفة: لا شفعة له، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد وطائفة من أهل الحديث، واحتجوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الذي أسلفناه هناك: لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به، وهو دال على أن تركه تنقطع به شفعته، ومحال أن يقول - صلى الله عليه وسلم - إن شاء أخذ وإن شاء ترك ! ! فإذا ترك لا يكون لتركه معنى.
وقالت طائفة: إن عرض عليه الأخذ بالشفعة قبل البيع فأبى أن يأخذ، ثم باع فأراد أن يأخذ بشفعته، فذلك له، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والكوفيين، ورواية عن أحمد، ويشبه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال، وهو مذهبه، وحكي أيضا عن عثمان البتي، وابن أبي ليلى .
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقال: لا تجب له الشفعة حتى يقع البيع، فإن شاء [ ص: 18 ] أخذ، وإن شاء ترك. واحتج بمثله ابن أبي ليلى .
واختلفوا في المسألة التي ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي في الباب، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إذا باع المشتري نصيبه من أجنبي وشريكه حاضر يعلم بيعه، فله المطالبة بالشفعة متى شاء، ولا تنقطع شفعته إلا بمضي مدة يعلم أنه في مثلها تارك.
واختلف في المدة، فقيل: سنة، وقيل: فوقها، وقيل: فوق ثلاث، وقيل: فوق خمس، حكاها nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إذا وقع البيع فعلم الشفيع به، فإن أشهد مكانه أنه على شفعته وإلا بطلت شفعته، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قال: إلا أن يكون له عذر مانع من طلبها، من حبس أو غيره فهو على شفعته.
حجة nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بأن سكوته رضا بإسقاط حقه، قياسا على خيار البكر أنه على الفور. حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك القياس على عتق الأمة تحت عبد عنده.
واستدل أهل العراق على شفعة الجوار بحديث الباب، غير أنهم جعلوا الشريك في المنزل أحق بها من الجار، فإن سلم الشفعة الشريك في الدار فالجار الملاصق أحق بها من غيره، فإن كان بينهما طريق نافذ فلا حق له فيها، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه، وتعلقوا بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=678999 "الجار أحق بسقبه"، وقالوا: لا يراد به الشريك؛ لأن الجار لا يقع إلا على غير الشريك، وزعموا أنه لا يوجد في اللغة أن الشريك يسمى جارا، فخالفوا نص الحديث وتركوا أوله؛ لتأويل تأولوه في آخره، أما مخالفتهم نصه فهو أن أبا رافع كان شريك سعد في البيتين في داره؛ ولذلك دعاه إلى الشراء بأقل مما أعطاه غيره ممن ليس بشريك. [ ص: 19 ]
وفيه: أن أبا رافع سمى شريكه جارا حين صرف معنى الحديث إلى الشريك، وهو راويه وأعلم بمعناه، ولو كان المراد غيره كما زعمأهل العراق ما سلم سعد لأبي رافع احتجاجه بالحديث، ولا استدلاله به، ولقال له سعد : ليس معناه كما تأولته، وإنما الجار المراد به غير الشريك، فلما لم يرد عليه تأويله، ولا أنكره المسور وهم الفصحاء وأهل اللسان المرجوع إليهم على أن معنى الحديث ما تأوله أبو رافع، وأن الجار فيه يراد به الشريك، وأما بيع أبي رافع من سعد بأقل مما أعطاه غيره فهو من باب الإحسان بالإجماع، وكل من قارب بدنه بدن صاحبه قيل له: جار في لسان العرب؛ ولذلك قالوا لامرأة الرجل:
جارة: لما بينهما من الاختلاط بالزوجية.
وقد جاء في حديث دية الجنين: أن حمل بن مالك قال: كنت بين جارتين لي - يريد امرأتيه - ومنه قول الأعشى لامرأته:
أجارتنا بيني فإنك طالقة
.
فكذلك الشريك يسمى جارا؛ لما بينهما من الاختلاط بالشركة.
وتأويل الحديث عند أهل الحجاز على وجهين:
أحدهما: أن يراد به الشريك، ويكون حقه الأخذ بالشفعة دون غيره، وهو الأولى لما تقرر.
ثانيهما: يحتمل أن يراد به الجار غير الشريك، ويكون حقه غير الشفعة، فيكون جارا لرحبة يريد الارتفاق بها، ويريد مثل ذلك غير الجار، فيكون الجار أحق بصقبه، فإن لم يكن هذا فيكون ذلك فيما يجب للجيران بعضهم على بعض من حق الجوار، ومما للأجنبين من الكرامة والبر، وسائر الحقوق التي إذا اجتمع فيها الجار ومن ليس [ ص: 20 ] بجار وجب إيثار الجار على من ليس بجار، من طريق مكارم الأخلاق وحسن الجوار، لا من طريق الفرض اللازم، فقد أوصى الرب جل جلاله بالجار فقال: والجار ذي القربى والجار الجنب [النساء: 36] وقال رسوله - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=676407 "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" وهذا الاحتمال ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإذا احتمل هذا كله الحديث المجمل، ثم فسره حديث آخر بقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=14422 "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" كان المفسر أولى من المجمل.
تنبيهات:
أحدها: الصقب، بفتح الصاد والقاف، وهو بالصاد أكثر من السين كما قاله في "الجامع"، وهو: القرب، يقال: قد أصقب فلان فلانا إذا قربه منه، فهو يصقبه وقد تصاقبا إذا تقاربا، قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : سقبت الدار سقوبا، وأسقبت لغتان فصيحتان: قربت. وأبياتهم متساقبة. أي: متدانية.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في "زاهره": الصقب: الملاصقة. كأنه أراد ما يليه ويقرب منه، وفي "الغريبين" أراد بالجار الملاصق من غير شركة.
وفيه حديث علي: إذا وجد قتيل بين قريتين حمل على أصقبهما إليه.
ثانيها: قال ابن التين : قول nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم قال به سفيان، وخالفهما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال: لا يلزم إذنه بذلك واستقرأ بعضهم إلزامه قياسا على قوله: إن اشتريت عبد فلان فهو حر، أو تزوجت فلانة فهي طالق. قال: وهو [ ص: 21 ] في الشفعة أبين؛ لأنه لولا ذلك لم يشتر. قال: وقول nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي هو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: هو على شفعته وإن جاوز السنة والسنة؛ لحديث قاله في "المدونة". وقد سلف الخلاف فيه في الباب وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: هو على حقه أبدا ما لم يوقف.
ثالثها: قوله: (أحد منكبي) كذا بخط nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي وذكره ابن التين بلفظ: إحدى. ثم قال: هكذا: إحدى، مؤنثا. وأنكره بعضهم، وقال: المنكب: مذكر، والمنكب مجتمع ما بين العضد والكتف. ونبه ابن التين - أيضا - أن بيع أبي رافع بدون ما أعطي من باب الإشفاق دون اللزوم، وكذا تأويله في السقب لأجل الجوار.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وفيه: دليل على أن الشفعة ثابتة في الطرق كهي في البناء إذا كانت واسعة تحتمل القسمة، وقد أضاف البائع بيته إلى داره في قوله لسعد: (ابتع مني بيتي في دارك). وطريقهما لا محالة شائعة في العرصة وهي جزء من الدار، ولذلك استحق به الشفعة.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في الطرق والعرصة، هل يجب فيهما الشفعة بانفرادهما؟ رابعها: ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم إلى الأخذ بالشفعة متى شاء ولو بعد ثمانين سنة أو أكثر أو تلفظ بالترك، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : ثلاثة أيام، وبه يقول البتي، nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، وقال عبيد الله بن الحسن : لا يمهل إلا ساعة واحدة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : يوم واحد، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : بضع عشرة سنة. [ ص: 22 ]
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : قضى nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز بالشفعة بعد أربع عشرة سنة - يعني - للغائب، قال: وأهل العلم مجمعون على أن الغائب إذا لم يعلم بالبيع ثم قدم فله الشفعة مع طول غيبته، واختلفوا إذا علم في سفره فقيل: يشهد، وإلا فلا شفعة له، وقيل: على شفعته.
خامسها: الخلاف السالف في إسقاط الشفعة قبل ثبوتها جار فيمن أسقط شيئا قبل وجوبه كإسقاط المواريث قبل الموت وإجازة الوارث الوصية قبل الموت، وإسقاط المرأة ما يجب لها من نفقة أو كسوة في السنة القابلة، ففي كل واحدة من هذه المسائل خلاف.
وقال قوم من السلف: لا شفعة لمن لم يسكن المصر ولا للذمي.
قاله nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي والحارث العكلي والبتي، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقد تقدم.
زاد nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : ولا لغائب. [ ص: 23 ]
وقال ابن أبي ليلى : لا شفعة لصغير. "ولا تورث الشفعة". وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : لا تباع ولا توهب ولا تورث ولا تعار هي لصاحبها التي وقعت له، وقال إبراهيم - فيما نقله nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم - لا تورث.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق والحسن بن حي وأبي سليمان وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : تورث.
وعندنا قولان أيضا - رجح المتأخرون الثاني، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والحسن بن حي وشريح وعطاء، ولما حكاهما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في "الأم" قال: بالأول أقول.
ثامنها: قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : الهبة بلا ثواب لا شفعة فيها؛ لأنها عنده هبة ليست بيعا، وكذا لا شفعة عنده في صراف ولا أجرة ولا جعل ولا خلع [ ص: 24 ] ولا في شيء صولح عليه من دم عمد، وعندنا: تثبت في الهبة ذات الثواب لأنها معاوضة.
وهل يأخذ قبل قبض الموهوب؛ لأنه صار بيعا أو لا؛ لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض؟ فيه وجهان: أصحهما أولهما، وأشار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والماوردي إلى توقف الأخذ على دفع المتهب الثواب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وكان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يرى أولا أن في الهبة الشفعة، وإن كانت بغير ثواب، ثم رجع عنه.