أحدهما: لا يأخذها ولا يعرفها، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لنهيه - عليه السلام - عن ضالة الإبل.
الثاني: أخذها وتعريفها أفضل، قاله الكوفيون؛ لأن تركها سبب لضياعها.
وفيها قول ثالث: إن وجدها في القرى عرفها وفي الصحراء لا يقربها، والأصح عندنا أنه إن وجده بمفازة فللقاضي التقاطه للحفظ، وكذا لغيره، ويحرم التقاطه للتملك وإن وجده بقرية فيجوز للتملك.
وأمر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بتعريف البعير؛ ليدل على جواز ذلك، وإنما النهي عن أخذها لمن يأكلها، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : لا يأوي الضالة إلا ضال. [ ص: 525 ]
وقد أسلفناه حديثا من طريق جرير .
وباع عثمان ضوال الإبل وحبس أثمانها على أربابها ورأى ذلك أقرب إلى جمعها عليهم؛ لفساد الزمان، وترك عمر لضوال الإبل أشبه لمعنى قوله: "معها حذاؤها وسقاؤها"... الحديث، وذلك أقرب إلى جمعها على صاحبها مع جور الأئمة؛ لأن صاحبها لا يستطيع أن يخاصم فيها الإمام الجائر ولا يجد من يحكم له عليه، ويستطيع أن يخاصم فيها الرعية فيقضي عليه السلطان.
وظاهر الحديث على تركها حيث وجدها، والنهي عن أخذها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وممن رأى أن ضالة البقر كضالة الإبل nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في ضالة البقر: إن وجدت في موضع يخاف عليها فهي بمنزلة الشاة وإلا فكالبعير. وقيل: إن كان لها قرون تمتنع بها فكالبعير وإلا فكالشاة، حكاه ابن التين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : عندنا في البقر والغنم قولان، ورأى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلحاقها بالغنم، ورأى nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم إلحاقها بالإبل إذا كانت بموضع لا يخاف عليها من السباع، وكأن هذا تفصيل أحوال لا اختلاف أقوال، ومثله جار في الإبل، والأولى إلحاقها بها. واختلف في التقاط الخيل والبغال والحمير، وظاهر قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم الجواز، ومنعه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وابن كنانة . [ ص: 526 ]
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : والخيل والبغال والعبيد، وكل ما يستقل بنفسه ويذهب، هو داخل في اسم الضالة، وقد شدد الشارع في أخذ كل ما رجا أن يصل إليه صاحبه، فمن أخذ شيئا من ذلك في غير الفيافي فهو كاللقطة، ومن أخذ شيئا مجمعا على أخذه، ثم أرسله فهو له ضامن إلا أن يأخذ غير مجمع على أخذه مثل أن يمر رجل من آخر الركب أو آخر الرفقة فيجد شيئا ساقطا، فيأخذه وينادي عليه من أمامه: ألكم هذا: فيقال: لا ثم يخليه في مكانه فلا شيء عليه، فهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، قال غيره: فأما إذا وجد عرضا فأخذه وعرفه فلم يجد صاحبه، فلا يجوز له رده إلى الموضع الذي وجده فيه، فإن فعل وتلف ضمنه لصاحبه.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إن أخذ بعيرا ضالا، ثم أرسله فتلف فعليه الضمان.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : الخيل والإبل والبقر والبغال والحمير والشاء والظباء لا يجوز عندنا التقاطه إلا أن يأخذها الإمام للحفظ. قال: وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يجوز التقاطها.
أما ضالة الغنم - وهو الباب الثاني:. فقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها منعت من ضالة الغنم ومن ذبحها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : الأحب أن تعرف ضالة الغنم إلا أن تحرزها لصاحبها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن أكلها فعليه الضمان إذا جاء صاحبها وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة وسحنون.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: من وجد شاة في أرض فلاة وخاف عليها فهو مخير في [ ص: 527 ] أكلها وتركها ولا ضمان عليه. حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن الشارع أذن في أكل الشاة وأقام الذي وجدها مقام ربها، فقال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" فإذا أكلها بإذن الشارع لم يجز أن يغرم في حال ثان إلا بحجة من كتاب الله أو سنة أو إجماع. قالوا: وهذا أصل في كل ما يؤخذ من الطعام الذي لا يبقى ويسرع إليه الفساد، فلمن وجده أكله إذا لم يمكنه تعريفه ولا يضمنه؛ لأنه في معنى الشاة، والشاة في حكم المباح الذي لا قيمة له، ألا ترى أنه - عليه السلام - وجد تمرة، فقال: nindex.php?page=hadith&LINKID=693292 "لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها " فإنما نبه أنه يجوز أكلها من ملك الغير لو لم تكن من الصدقة؛ لأنها في معنى التافه، فكذلك الشاة في الفلاة لا قيمة لها.
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي للكوفيين، فقال: ليس قوله: "هي لأخيك" إلى آخره في معنى التمليك عملا بقوله: "أو للذئب" لانتفاء الملك منه، إنما يأكلها على ملك صاحبها وينزل على آخر قصتها، فكذلك الواجد إن أكلها أكلها على ملك صاحبها فإن جاء ضمنها له.
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كيف ترى في ضالة الغنم؟ قال: "طعام مأكول لك أو لأخيك أو للذئب فاحبس على أخيك ضالته ".
فهذا دليل أن الشاة على ملك صاحبها، وأجمع العلماء أن صاحبها لو جاء قبل أن يأكلها الواجد لها أخذها منه، وكذلك لو ذبحها أخذها منه مذبوحة، وكذلك لو أكل بعضها أخذ ما وجد منها، فدل على أنها [ ص: 528 ] ملك صاحبها في الفلوات وغيرها ولا يزول ملكه عنها إلا بإجماع، ولا فرق بين قوله في الشاة: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" وبين قوله في اللقطة: "فشأنك بها"، بل هذا أشبه بالتمليك؛ لأنه لم يشرك معه في التمليك ذئبا ولا غيره.
تنبيهات:
أحدها: الضالة المراد هنا بها: ما يحمي نفسه ويقدر على الإبعاد في طلب المرعى والماء. وقيل: هي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره. يقال: ضل الشيء إذا ضاع وضل عن الطريق إذا جار، وهي في الأصل فاعلة، ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة، ويقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع ويجمع على ضوال.
ثانيها: روى nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن يحيى بن سعيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار أن ثابت بن الضحاك وجد بعيرا ضالا بالحرة، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : عرفه فعرفه ثلاث مرات، ثم جاء إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، فقال: قد شغلني عن ضيعتي، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ألق خطامه ثم أرسله حيث وجدته . وروى همام، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين أن رجلا سأل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، فقال: إني قد أصبت ناقة، فقال: عرفها، فقال: عرفتها فلم تعرف، فقال: ادفعها إلى الوالي . [ ص: 529 ]
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إبلا مؤبلة تناكح لا يمسها أحد حتى إذا كان زمن عثمان أمر بتعريفها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.
وأما حديث زيد، فقيل: إن فيه إشارة أنه يجوز أخذها إذا خيف عليها، وأن أخذها لصاحبها وحفظها عليه أولى من تركها، والمعنى فيه إنما هو لمن يأخذها ليأكلها وهو معنى الحديث السالف: " nindex.php?page=hadith&LINKID=673385لا يأوي الضالة إلا ضال ". كذا كان في أول الإسلام واستمر زمن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، فلما كان زمن عثمان وعلي وكثر الفساد رأيا التقاطها، وهذا كله منهم وفاء بمقصود الحديث في التقاط الإبل، فإن مقصوده أنها إذا أمن عليها الهلاك وبقيت حيث تتمكن مما يعيشها فلا يتعرض لها أحد، فلو تعذر شيء من ذلك وخيف عليها الهلاك التقطت لتحفظ؛ لأنها مال مسلم.
ثالثها: إذا عرف المال وشبهه وانقضى الحول أو قبله وجاء صاحبه أخذه بزيادتها المتصلة، وكذا المنفصلة إن حدثت قبل التملك، وإن حدثت بعده رجع فيها دون الزيادة.
رابعها: إذا عرفها سنة لم يملكها حتى يحتازه بلفظة ك: تملكت، وقيل: تكفي النية، وقيل: تملك بمضي السنة وإن لم يرض به لرواية: nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=701075فإن جاء صاحبها فأعطها وإلا فهي لك". وقيل: لا تملك ما لم تتصرف تخريجا من الفرض. وقيل: تحصل بالنية والتصرف، [ ص: 530 ] وقيل: تحصل بمجرد التصرف، وقيل: تحصل بالنية واللفظ والتصرف، فهذه سبعة أوجه لأصحابنا.
خامسها: إذا تملك ولم يظهر لها صاحب فلا شيء عليه ولا مطالبة في الآخرة، فإن تلفت بعد التملك وجاء مالكها لزم الملتقط بدلها عندنا وعند الجمهور كما سبق مخالفة لداود، والنص يدفعه حيث قال: "فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه".
سادسها: قوله: "إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب".
(أو): فيه للتقسيم والتنويع، ويفيد هذا أن الغنم إذا كانت في موضع يخاف عليها فيه الهلاك؛ جاز لملتقطها أكلها ولا ضمان عليه، إذ سوى بينه وبين الذئب، والذئب لا ضمان عليه. وكذا الملتقط وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه، وضمنه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة تمسكا ببقاء ملك ربها عليها.
قال ابن التين : ومشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه إذا وجدها بفلاة لا يعرفها ويأكلها ولا ضمان عليه، وعنه أيضا: أنه يعرفها لربها قال: وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
سابعها: قوله في ضالة الإبل: (فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). في بعض النسخ: (فتغير)، وهو معناه، أي: تغير لون وجهه غضبا، وسيأتي تبويب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عليه: الغضب والشدة لأمر الله. [ ص: 531 ]
وقوله: " ما لك ولها... " إلى آخره أخذ به الثلاثة وخالف nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فمكن منها.