وقد سلف بطوله في باب: ما قيل في اللحام والجزار من البيوع، وانفرد به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، وأخرج الأول nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا والأربعة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : لا أرى هذه الكلمة إلا كلمة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . يعني: الاستئذان، كذا في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : الإذن من قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وذكر الحافظ الخطيب في كتابه "الفصل والوصل" أن قوله: (إلا أن يستأذن الرجل منكم أخاه) من قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وليس من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بين ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس وشبابة بن سوار عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، وقال عاصم بن علي عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : أرى الإذن من قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
ثم قال: الحديث الذي فيه النهي صحيح الإسناد، والذي فيه الإباحة ليس بذاك القوي؛ لأن في سنده اضطرابا، وإن صح فيحتمل نسخه للنهي.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14065الحازمي - وقد ذكرهما -: الإسناد الأول أصح وأشهر من الثاني، غير أن الخطب في هذا الباب يسير؛ لأنه ليس من باب العبادات والتكاليف، وإنما هو من قبيل المصالح الدنياوية فيكفي في ذلك الحديث الثاني، ثم يشيده إجماع الأمة على خلاف ذلك، ثم قيل: إن النهي كان حيث كان العيش زهيدا والقوت متعذرا؛ مراعاة لجانب الضعفاء والمساكين؛ حثا على الإيثار والمواساة ورغبة في تعاطي أسباب المعدلة حالة الاجتماع والاشتراك، فلما اتسع الحال قال: فشأنكم إذا.
إذا تقرر ذلك، فالإذن لا يكون إلا فيما يملكه الذي أذن فيه كما أذن صاحب اللحم للرجل الذي جاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاز له الأكل من ذلك الطعام، وكما أجاز - عليه السلام - القرآن في التمر - إذا أذن فيه أصحابه - الذي وضع بين أيديهم؛ لأنهم متساوون في الاشتراك في أكله، فإذا استأثر أحدهم بأكثر من صاحبه لم يجز له ذلك من الاستئثار بما لا تطيب عليه نفس صاحب الطعام، ولا أنفس الذين بين أيديهم إلا ما وضع للناس، فسبيله سبيل المكارمة لا سبيل التشاح وإن تفاضلوا في الأكل.
وقوله: (نهى عن الإقران): كذا في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، والمعروف خلافه. [ ص: 611 ]
قال ابن التين : وقع رباعيا، والذي في اللغة: قرن ثلاثي.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : كذا لجميع رواة nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : الإقران، وليست معروفة، والصواب: القران ثلاثي.
قال الفراء : لا يقال: أقرن. وقال غيره: إنما يقال: أقرن على الشيء إذا قوي عليه وأطاقه، ومنه قوله تعالى: وما كنا له مقرنين [الزخرف: 13] أي: مطيقين. قال: وقد جاء في "الصحاح": أقرن الدم العرق، واستقرن أي: كثر، فيحتمل أن الإقران في هذا الحديث على ذلك، ويكون معناه النهي عن الإكثار من أكل التمر إذا كان مع غيره، ويرجع معناه إلى القران المذكور في الرواية الأخرى.
ونقل المنذري عن أبي محمد المعافري أنه يقال: قرن بين الشيئين وأقرن: إذا جمع بينهما. والنهي عن القران وجهان ذكرهما أبو موسى في "مغيثه" أحدهما: ذهبت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر إلى أنه قبيح وفيه شره وهلع وهو يزري بصاحبه. الثاني: أن التمر كان من جهة nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير وكان ملكهم فيه سواء، فيصير الذي يقرن أكثر أكلا من غيره، فأما إذا كان ملكا له فله أن يأكل، كما روي أن سالما كان يأكل التمر كفا كفا.
وقيل: إذا كان الطعام بحيث يكون شبعا للجميع كان مباحا له لو أكله، وجاز أن يأكل كما شاء. [ ص: 612 ]
وحمل أهل الظاهر النهي على التحريم مطلقا، وهو منهم ذهول عن مساق الحديث ومعناه، وحمله جمهور العلماء على حالة المشاركة بدليل مساق الحديث، وقد اختلف العلماء فيما يملك من الطعام حين وضعه، فإن قلنا: إنهم يملكونه بوضعه بين أيديهم فيحرم أن يأكل أحد أكثر من الآخر، وإن قلنا إنما يملك كل واحد منهم ما رفع إلى فيه فهو سوء أدب وشره ودناءة وكان مكروها.
وحمله ابن التين على ما إذا استوت أثمانهم فيه، مثل أن يتخارجوا في ثمنه أو يهبه لهم رجل أو يوصي لهم به، وأما إن أطعمهم هو فروى ابن نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا بأس به.
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : ليس بجميل أن يأكل تمرتين أو ثلاثا في لقمة دونهم.
وقال النووي: اختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب، والصواب التفصيل - كما سبق - وستأتي له تكملة في كتاب: الأطعمة، إن شاء الله.
وقوله في حديث أبي مسعود : (وأبصر في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجوع) إنما ذلك ليعظم، وتتأسى أمته به.
وفيه: أنهم كانوا يرصدون أحواله.
وقوله: ("إن هذا تبعنا") كذا في الأصول. قال ابن التين : كذا وقع عند أبي ذر، ووقع عند أبي الحسن (اتبعنا) بالألف. قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : معنى اتبعنا: سار معنا، وتبعهم: لحقهم. واحتج بقول الشاعر:
مازلت أتبعهم حتى تبعتهم
[ ص: 613 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : تبعت فلانا: إذا تلوته، واتبعته: إذا لحقته، وبنحوه ذكره الجوهري : تبعت القوم: إذا تلوتهم وقفوني فسرت معهم. وقال الأخفش : تبع وأتبع سواء مثل ردف وأردف.
قال ابن التين : والصواب: أن يقرأ اتبعنا بتشديد التاء على بناء افتعل من تبع، فمعناه مثل معنى تبع. وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : إنه رباعي يتوهم أنه يناقض الحديث؛ لأنه قال في رواية في أوله: فتبعهم رجل. وقوله: (تبعهم): لحقهم. لم يقله أحد غير الفراء قال: تبعهم: لحقهم، وأتبعهم: ألحقهم، والشعر الذي ذكره ليس بشعر، وإنما هو مثل كما نص عليه الهروي، وهو صحيح؛ لأن معناه لا يستقيم على ما توهمه أبو جعفر؛ لأنه على قوله مازلت أسير معهم حتى لحقتهم، وهو كلام غير صحيح.