هذا الحديث ذكره فيما يأتي بألفاظ أخر منها، فقال nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة : فاخرج فانظر لنا ما هذا الصوت فخرجت، فقلت: هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت، ومنها: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب، وفي لفظ: nindex.php?page=showalam&ids=262وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء، فقال nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة : قم يا nindex.php?page=showalam&ids=9أنس إلى هذه الجرار فاكسرها. قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت؛ ويأتي في التفسير أيضا، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود في الأشربة. [ ص: 640 ]
إذا تقرر ذلك، فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
سميت الخمر لمخامرتها العقل، أي: مخالطتها له أو لتغطيتها إياه، تذكر وتؤنث.
وجزم ابن التين بالتأنيث. قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : هي ما أسكر من عصير العنب، والأعرف فيها التأنيث، وقد تذكر، والجمع: خمور.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب فيما حكاه النحاس في "ناسخه": سميت؛ لأنها صعد صفوها ورسبت كدرتها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : لأنها تركت فاختمرت واختمارها تغير ريحها.
وجعلها nindex.php?page=showalam&ids=11991أبو حنيفة الدينوري من الحبوب وهو تسمح؛ لأن [ ص: 641 ] حقيقتها من العنب، ولها عدة أسماء نحو المائتين عددتها على حروف المعجم في "لغات المنهاج" فراجعها منه.
ثانيها:
(الفضيخ) بفاء مفتوحة، ثم ضاد وخاء معجمتين. قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عن الأعراب: هو ما اعتصر من العنب اعتصارا فهو الفضيخ؛ لأنه يفتضخ، وكذلك فضيخ البسر.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : وهو شراب يتخذ من البسر المفضوخ - يعني: المشدوخ - زاد الجوهري : من غير أن تمسه النار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : يشدخ وينبذ، وفي "مجمع الغرائب": ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال: ليس بالفضيخ ولكنه الفضوح.
وقال بعضهم: هو شراب يتخذ من البسر المشدوخ، فهو فضيخ أو فضوح؛ لأنه من البسر المشدوخ. أي: لأنه يسكر صاحبه فيفضحه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : يهشم البسر ويجعل معه الماء، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث، وسيأتي إيضاحه في الأشربة أيضا.
وقوله: (فأمر مناديا ينادي) وفي رواية: (وأتاهم آت)، يعني: أن الآتي أخبرهم بالنداء، والنداء عن الآمر يتنزل في العمل به منزلة سماع قوله، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي . والظاهر كما قال ابن التين أنهما مختلفان، وفيه الإشهار بالنداء.
والسكك: الطرق، جمع سكة.
وقوله: (كنت ساقي القوم) لأنه ربيب nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة، والذين سقاهم nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة nindex.php?page=showalam&ids=5وأبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وغيرهم كما سلف.
وقوله: (اخرج فأهرقها) قال ابن التين : الهاء زائدة ليست أصلية؛ لأن فاءه راء، وإنما دخلت الهاء لأنها دخلت في مستقبله وثبتت فيه بخلاف غيره لإبدالها هاء، وكذا أرقت الماء فأنا أهريقه، بدلت من الهمزة لقرب الهاء منها، والأمر من المستقبل.
وقوله: (فهرقتها) بدلت أيضا من الهمزة، وليست من أصل الفعل. أعني: الهمزة والهاء.
رابعها:
كان هذا في أول الإسلام قبل أن ترتب الأشياء وتنظف، وأما الآن فلا ينبغي صب النجاسات في الطرق، نبه عليه ابن التين، وعلله بخوف أذى المسلمين.
قال: وقد منع سحنون أن يصب ماء من بئر وقعت فيه فأرة في الطريق، وأيضا فكان صبها في الطريق أشهر؛ لبيان تحريمها وإظهاره، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : إنما جاز هرقها في الطرق للسمعة بذلك، والتشنيع والإيثار لله في رفضها، والإعلان بنبذها، ولولاه ما حسن هرقها في الطرق من أجل أذى الناس في ممشاهم، ونحن [ ص: 643 ] نمنع من إراقة الماء الطاهر في الطريق من أجل أذى الناس في ممشاهم، فكيف الخمر !
واستدل لابن حزم على طهارتها بهذا الحديث؛ لأن الصحابة كان أكثرهم يمشي حافيا فما يصيب قدمه لا ينجس به.
قول من قال: (قتل قوم وهي في بطونهم) صدر عن غلبة خوف وشفقة أو عن غفلة عن المعنى؛ لأن الخمر كانت مباحة أولا، ومن فعل ما أبيح له لم يكن له ولا عليه شيء؛ لأن المباح مستوي الطرفين بالنسبة إلى الشرع.