أثر إبراهيم حمله ابن التين على موضع لا إمام فيه، فإن كان فيه إمام فيكون ذلك بإذنه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: روينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي فيمن ارتهن شاة ذات لبن، فقال: يشرب المرتهن من لبنها بقدر ثمن علفها، فإن استفضل من اللبن بعد [ ص: 120 ] ثمن العلف فهو ربا. قال: وهذه الزيادة من إبراهيم لا تقوم بها حجة.
وعموم قوله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا، ولفظ ترجمة الباب حديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=14319 "الرهن مركوب ومحلوب" ثم قال: إسناده على شرط الشيخين.
ولما ساقه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي قال في آخره: قال -يعني nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش-: فذكر ذلك لإبراهيم فقال: إن كانوا ليكرهون أن يستمتعوا من الرهن بشيء، وفي لفظ: فكره أن ينتفع منه بشيء.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من أفراده، ولما خرجه أبو داود، قال: هو عندنا صحيح.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وقد روى غير واحد هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن أبي صالح، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة موقوفا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: رفعه أبو الحارث نصر بن حماد الوراق، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير أيضا مرفوعا، وغيرهما يرويه عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة موقوفا وهو الصواب. قال: ورفعه أيضا لوين، عن nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، والمحفوظ عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وقفه على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، ورواه خلاد الصفار عن منصور، عن أبي صالح مرفوعا، وغيره وقفه وهو أصح.
وقال: هذه الزيادة إنما هي من طريق إسماعيل بن سالم الصائغ مولى بني هاشم، عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم، فالتخليط من قبله لا من قبل nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم.
قلت: إسماعيل احتج به nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وتابعه nindex.php?page=showalam&ids=15936زياد بن أيوب عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني، ويعقوب nindex.php?page=showalam&ids=14302الدورقي عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي، إذا تقرر ذلك فاختلف العلماء فيمن له منفعة الرهن من الركوب واللبن وغيرهما على قولين:
أحدهما: أنه للراهن، ليس للمرتهن أن ينتفع بشيء من ذلك، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي: كانوا يكرهون ذلك، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، فإن للراهن أن يركب الرهن ويشرب لبنه بحق نفقته عليه، وتأوي في الليل إلى المرتهن.
وثانيهما: نعم، رخصت فيه طائفة أن ينتفع المرتهن من الرهن بالركوب والحلب دون سائر الأشياء، على لفظ الحديث أن الرهن مركوب ومحلوب، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور: إن كان الراهن لا ينفق عليه وتركه في يد المرتهن فأنفق عليه، فله ركوبه واستخدامه على ظاهر الحديث، وعن [ ص: 122 ] nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث مثله، ولا يجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والكوفيين للراهن الانتفاع بالرهن وركوبه بعلفه وغلته لربه، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي لأصحابه فقال: أجمع العلماء على أن نفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، وأنه ليس على المرتهن استعمال الرهن.
قال: والحديث مجمل فيه لم يبين فيه الذي يركب ويشرب، فمن أين جاز للمخالف أن يجعله للراهن دون المرتهن؟ ولا يجوز حمله على أحدهما إلا بدليل.
قال: وروى nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم، عن زكرياء، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، فساق ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم، ثم قال: فدل هذا الحديث أن المعني بالركوب وشرب اللبن في الحديث الأول هو المرتهن لا الراهن، فجعل ذلك له وجعلت النفقة عليه بدلا مما ينقص منه، وكان هذا - والله أعلم- وقت كون الربا مباحا، ولم ينه حينئذ عن قرض جر منفعة، ولا عن أخذ الشيء بالشيء إن كانا غير متساويين، ثم حرم الربا بعد ذلك، وحرم كل قرض جر منفعة، ونهي عن أخذ الشيء بالشيء إن كانا غير متساويين، وحرمت أشكاله كلها، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها، وحرم بيع اللبن في الضرع، ودخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنا في الضرع، وتلك النفقة غير موقوف على مقدارها، واللبن كذلك أيضا، فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي تجب له عوضا منها، وباللبن الذي يحلبه فيشربه.
[ ص: 123 ] ويقال لمن جوز للراهن استعمال الرهن، أيجوز للراهن أن يرهن دابة هو راكبها؟ فلا يجد بدا من أن يقول: لا، فيقال له: فإذا كان الرهن لا يجوز إلا أن يكون مخلى بينه وبين المرتهن فيقبضه ويصير في يد دون الراهن، كما وصف الله تعالى الرهن بقوله: فرهان مقبوضة [البقرة: 283] فقد ثبت أن دوام القبض في الرهن لا بد منه; إذ كان الرهن إنما هو وثيقة في يد المرتهن بالدين، وقد أجمعت الأمة أن الأمة المرهونة لا يجوز للراهن أن يطأها، فكذلك لا يجوز له خدمتها، وللمرتهن منعه، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: لا ينتفع من الرهن بشيء. فهذا nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي روى الحديث وأفتى بخلافه، ولا يجوز عليه ذلك إلا وهو عنده مخصوص.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إذا خلى المرتهن بين الراهن وبين الرهن يركبه أو يعيره أو يسكنه لم يكن رهنا، وإذا أجره المرتهن بإذن الراهن أو أعاره لم يخرج من الرهن والأجرة لرب الرهن، ولا يكون الكراء رهينة إلا أن يشترط المرتهن، فإذا اشترط في البيع أن يرتهن ويأخذ حقه من الكراء، فإن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا كرهه، وإن كان البيع وقع بهذا الشرط إلى أجل معلوم فإن ذلك يجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الدور والأرضين وكرهه في الحيوان والثياب; إذ لا يدري كيف ترجع إليه، وكرهه في القرض; لأنه يصير سلفا جر منفعة.
وقال الكوفيون: إذا أجر المرتهن بإذن الراهن أو أجره الراهن بإذن المرتهن، فقد خرج من الرهن، وحكم الضالة مخالف لحكم الرهن [ ص: 124 ] عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إذا أنفق على الضالة من الإبل والدواب فله أن يرجع بذلك على صاحبها إذا جاء، وإن أنفقها بغير أمر السلطان، وله أن يحبس ذلك بالنفقة إذ لا يقدر على صاحبها، ولا بد من النفقة عليها، والرهن يأخذ راهنه بنفقته، فإن غاب رفع ذلك إلى الإمام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: إن أنفق بغير أمر القاضي فهو متطوع، وإن كان بأمره فهو دين على صاحبها.
فائدة: قوله: "ويشرب لبن الدر" هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه; لأن الدر اللبن مثل قوله: وحب الحصيد ، نبه عليه ابن التين.
خاتمة: لخص ابن التين الخلاف في المسألة، فقال: اختلف الناس في تأويل الحديث؛ فذهب مالك والشافعي إلى أن المنافع لربه والنفقة عليه، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري إلى أن المرتهن ينتفع من الرهن بقدر النفقة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: وليس له أن ينتفع منه بشيء سواهما، وذكر أن الدر ملك المرتهن دون الراهن.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: لا يملك الراهن والمرتهن شيئا من منافع الرهن وتكون ضائعة، ولو كان الرهن عبدا كسوبا لعطل عن العمل أصحاب الرهن حتى يؤدى الدين.
ولا يجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن يعقد الرهن على أن تعطل المنافع، وهذه [ ص: 125 ] الأحاديث حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ودليلنا على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه" وإن شرط أن منفعة الرهن للمرتهن في قرض أو بيع فسخ ذلك، إلا أن يضرب أجلا، فيجوز في البيع إذا كان عقارا، واختلف إذا كان حيوانا أو ثيابا؛ فكرهه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم، ولا تدخل الغلة في الرهن عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: تكون رهنا مع الأصول.
واختلف إذا كان الرهن غنما وعليه صوف نام، فأدخله في الرهن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم، وخالفه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب، والولد عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك داخل في الرهن مع أمه، فإن أنفق عليه فنفقته في ذمة الراهن، وليس له حبسه عند nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم، خلافا لأشهب فإنه قال: هو أحق به كالضالة إذا كانت بغير أمر الراهن. وقال ابن مسلمة: النفقة مبداة على الدين.