هذا الحديث أخرجه في المظالم، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والأربعة هنا أيضا.
nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل اسمه شقيق بن سلمة أسدي مشهور، وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود [ ص: 417 ] بأبي وائل القاص عبد الله بن بحير وليس في الكتب الستة غير هذين بهذه الكنية، وصرح nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في "مسنده" سماع nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش إياه من nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: رواه nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن بهدلة nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل، عن المغيرة وهو خطأ.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وجماعة من الحفاظ فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: حديث nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ومنصور، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل، عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أصح من رواية عاصم وحماد.
وجمع nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة بينهما في الحديث، وساق حديث حماد وعاصم، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث عاصم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل، عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة، وعن عاصم عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بإسقاط nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل.
[ ص: 418 ] ثانيها:
السباطة -بضم السين وفتح الباء الموحدة -: الموضع الذي يرمى فيه التراب ونحوه يكون بفناء الدور مرفقا لأهلها، ويكون ذلك في الغالب سهلا فلا يرد على بائله. وقيل: إنها الكناسة نفسها.
ثالثها:
كانت هذه السباطة بالمدينة كما ذكره محمد بن طلحة بن مصرف عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش.
رابعها:
بوله صلى الله عليه وسلم في هذه السباطة يحتمل أوجها:
أظهرها: أنهم كانوا يؤثرون ذلك، ولا يكرهونه بل يفرحون به، ومن كان هذا حاله جاز البول في أرضه والأكل من طعامه، بل كانوا يستشفون به، بل ورد أن الأرض تبتلع ما يخرج منه ويفوح له رائحة طيبة.
[ ص: 419 ] ثانيها: أنها كانت مواتا مباحة لا اختصاص لهم بها، وكانت بفناء دورهم للناس كلهم، فأضيفت إليهم; لقربها منهم، فإضافتها إضافة اختصاص لا ملك.
ثالثها: أن يكونوا أذنوا في ذلك إما صريحا أو دلالة.
المعروف من عادته عليه أفضل الصلاة والسلام البعد في المذهب. وأما بوله في هذه السباطة; فلأنه صلى الله عليه وسلم كان من الشغل بأمور المسلمين [ ص: 420 ] والنظر في مصالحهم بالمحل المعروف، فلعله طال عليه المجلس حتى حضره البول فلم يمكن التباعد، ولو أبعد لتضرر، وارتاد السباطة لدمثها، وقام nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بقربه; ليستره عن الناس.
سابعها:
في سبب بوله صلى الله عليه وسلم قائما أوجه:
أحدها: أن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب به، فلعل ذلك كان به.
ثانيها: أنه فعل ذلك لجرح كان بمأبضه، والمأبض باطن الركبة.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في "مستدركه"، وقال: رواته كلهم ثقات. وفيه نظر لا جرم ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره.
ثالثها: أنه لم يجد مكانا للقعود فاضطر إلى القيام; لكون الطرف الذي يليه من السباطة كان عاليا مرتفعا.
رابعها: أنه فعل ذلك; لأنها حالة يؤمن فيها خروج الحدث من السبيل الآخر، بخلاف القعود.
ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه -: البول قائما أحصن للدبر.
[ ص: 421 ] خامسها: أنه فعله لبيان الجواز، وعادته المستمرة القعود، دليله حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: nindex.php?page=hadith&LINKID=662382من حدثكم أنه صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا. رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بإسناد جيد، لا جرم صححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال: على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: إنه أحسن شيء في الباب وأصح.
سادسها: لعله كانت في السباطة نجاسات رطبة، وهي رخوة،
[ ص: 422 ] فخشي أن يتطاير عليه، أبداه المنذري.
وقد يقال: القائم أجدر بهذه الخشية من القاعد، واعلم أن بعضهم ادعى نسخ حديث حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=25بعائشة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في "مستدركه" بعد أن أخرجه بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=883717ما رأى أحد النبي صلى الله عليه وسلم يبول قائما منذ أنزل عليه القرآن. الذي عندي أنهما لما اتفقا على حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة وجدا حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة معارضا له تركاه - ولك أن تقول: إنه غير معارض; لأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أخبرت بما شاهدت ونفت ما علمت وذلك الأغلب من حاله، ثم المثبت مقدم على النافي، ثم حذيفة من الأحدثين، فكيف يتجه النسخ؟!
ثامنها:
روي في النهي عن البول قائما أحاديث لا تثبت، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة السالف ثابت.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: إنما رفعه عبد الكريم، وهو ضعيف.
وروى عبيد الله، عن نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال: قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: ما بلت قائما منذ أسلمت.
[ ص: 424 ] وهذا أصح منه.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان فأخرجه في "صحيحه" وقال: أخاف أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لم يسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع.
وقال الكرابيسي في كتاب "المدلسين": روى nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب، أنه رأى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بال قائما، فخالف رواية الحجازيين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: ثبت أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وابنه nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت وسهل بن سعد بالوا قياما. قال: وروي ذلك عن علي [ ص: 425 ] nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة.
وفعل ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير.
وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وإبراهيم بن سعد، وكان ابن سعد لا يجيز شهادة من بال قائما، ولم يبلغه الحديث، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي في "شرحه".
قال: وفيه قول ثالث أنه إن كان في مكان يتطاير إليه من البول شيء فمكروه، وإن كان لا يتطاير فلا بأس به، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: والبول جالسا أحب إلي، وقائما مباح، وكل ذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 426 ] وقال أصحابنا: يكره قائما كراهة تنزيه دون عذر.
تاسعها:
قوله: (ثم دعا بماء). فيه جواز الاستعانة في العبادات.
وقوله: (فتوضأ به). إن كان المراد به الوضوء الشرعي ففيه الاستعانة بإحضار الماء للطهارة، ومطلوبية الوضوء عقب الحدث حتى يكون على طهارة، وإن كان المراد بالوضوء الاستنجاء ففيه رد على من منعه بالماء، وقد سلف ما فيه.
عاشرها:
معنى (انتبذت منه) تأخرت عنه بعيدا، وفعل حذيفة ذلك تأدبا معه؛ لأنها حالة تخفي ويستحيى منها.
حادي عشرها:
قوله: (فأشار إلي فجئته). وفي رواية فقال: "ادنه". قد يستدل به على جواز التكلم عند قضاء الحاجة، إلا أن يئول القول على الإشارة، إنما استدناه ليستتر به عن أعين الناس، ولكونها حالة يستخفي فيها ويستحى منها عادة كما سلف، وكانت الحاجة بولا يؤمن معه من الحدث الآخر؛ فلهذا استدناه.
وجاء في حديث آخر أنه قال: "تنح"؛ لكونه كان قاعدا ويحتاج إلى الحدثين جميعا.
ولهذا قال بعض العلماء في هذا الحديث: من السنة القرب من البائل إذا كان قائما، وإن كان قاعدا فالسنة الإبعاد عنه، وقال [ ص: 427 ] nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه: لا ينبغي لأحد يتقرب من الرجل يتغوط أو يبول جالسا؛ لقوله: "تنح فإن كل بائلة تفيخ" ويروى: تفيس.
ثاني عشرها:
مقصود nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بقوله: (ليته أمسك). أن هذا التشديد خلاف السنة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم بال قائما، ولا شك في كون القائم يتعرض للرشاش فلم يتكلف إلى هذا الاحتمال، ولا تكلف البول في قارورة، كما كان يفعله أبو موسى.
ثالث عشرها:
قوله: (كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه). وفي رواية: إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه - يعني بالجلد: التي كانوا يلبسونها، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي.
قال: وحمله بعض مشايخنا على ظاهره، وأن ذلك من الإصر الذي حملوه. وقرضه؛ أي: قطعه.
رابع عشرها: في فوائده مختصرة:
فيه: جواز البول قائما، وقرب الإنسان من البائل، وطلب البائل من صاحبه الذي يسدل عليه القرب منه; ليستره، واستحباب التستر، وجواز البول بقرب الديار والاستعانة كما سلف، وكراهة مدافعة البول إذا قلنا: إن البول في السباطة لذلك، وكراهة الوسوسة، وتقديم أعظم المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين، وخدمة العالم، والتسهيل على هذه الأمة،
[ ص: 428 ] والرخصة في يسير البول؛ لأن المعهود ممن بال قائما أن يتطاير إليه مثل رءوس الإبر، وهو مذهب الكوفيين خلافا nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: كانوا يرخصون في القليل من البول.