تقدم قول الأنصار : (اقسم بيننا . . ) إلى آخره . أنه اختلف فيه ، هل هو من قول المهاجرين أو الأنصار ؟ وكذلك قالوا : (سمعنا وأطعنا ) فمن قال (الأنصار ) قال : تكفونا المؤنة ; جعله حجة بجواز المساقاة .
وتقدم تأويل الجمع بين القولين : أن الأنصار قالوا : (اقسم بيننا النخيل ) ; لأنهم أعطوهم نصيبا منهم .
فقال المهاجرون : (تكفونا المؤنة ) ; لأنهم لم يكن لهم معرفة بعمل النخيل .
[ ص: 113 ] ومعنى قولهم : (نشرككم في الثمرة ) أي : نشرككم في ثمرة نصيبها من النخيل الذي صار لنا بالعطية منكم ، فصح منه الدليل على جواز المساقاة .
ويتفق القولان : أن تكفونا المؤنة من قول المهاجرين ، ولا يؤخذ أنه من قول الأنصار من قول من يقول : فيه دلالة على المساقاة ; لأن المهاجرين ملكوا الثمرة على ما سلف .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : أراد الأنصار مقاسمة المهاجرين للإخاء الذي آخى بينهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهذه المعاملة هي المساقاة بعينها ، وهي خارج عن معاني البيوع ; لأنه لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها ، وجاز بيعها في المساقاة قبل أن تخلق وتظهر ، وأما خروجها عن الإجارة فإنه لا يجوز الإجارة المجهولة . وفي المساقاة لا يعلم مقدار ما يخرج النخيل من الثمرة ، وربما لا يخرج شيئا ، وإنما جازت المساقاة بالسنة فهي مخصوصة في نفسها لا تتعدى إلى غيرها مما يشبه معناها ، فلا يجوز من الشروط في معاملاتهم إلا ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .