والوصاية -بفتح الواو وكسرها : الاسم من أوصى الرجل ووصاه ، وحكاهما الجوهري أيضا ، أعني : الوصايا بفتح الواو وكسرها .
والحديث المعلق أسنده بعد .
ومعنى ( كتب ) : فرض أو ندب ، المعنى : إذا كنتم في حال تخافون منها الموت فأوصوا .
و (الخير ) : المال الكثير ، قالته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وجماعة .
وعن علي أنه أربعة آلاف فما دونها نفقة ، وتوقف في صحته عنه .
[ ص: 172 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : من له أربعمائة دينار وله عدة من الولد ، قالت : باقي هذا فضل عن ولده .
( حقا على المتقين ) : قال : كانت الوصية للولد والوالدين والأقربين فنسخ الله من ذلك ما أحب إلى من يرث ، وقال الحسن وجماعة : هي واجبة للقرابة (غير ) الوارثين ، وقيل : المراد بها من لا يرث من الأبوين كالكافر والعبد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي : إنما كانت للندب . قال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : إن أوصى لأجنبي وترك قريبه محتاجا نزعت منه وردت على القريب . وقال الحسن وإسحاق : إذا أوصى لغير وارثه بالثلث جاز له ثلث المال ، وأخذ أقاربه الثلثين .
(والجنف ) : الميل ، كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وهو ما ذكره أكثرهم كما قاله ابن التين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : الخطأ والإثم العمد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : هو الرجل يوصي لولد ابنته . يريد ابنته .
[ ص: 173 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : وذلك مردود بإجماع . فإن لم يرد فوصيته من الثلث ، ذكره في باب : الصدقة عند الموت .
ومعنى غير متجانف : أي غير مائل إلى حرام ، كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث قال : ( متجانف ) : مائل . وهو ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، وقال أبو عبيدة : جورا عن الحق وعدولا .
إذا تقرر ذلك :
فحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عنه كما سلف به ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير وعبدة بن سليمان ، عن عبيد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، أفاده nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم قال : ورواه (يونس ) بن يزيد عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع أيضا كذلك ، وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، [عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب] عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ، عن أبيه .
قال أبو عمر : لم يتابع nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون على هذه اللفظة . ورواه سليمان بن موسى عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، وعبد الله بن نمير عن عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : "وعنده مال " قال أبو عمر : وهذا أولى عندي من قول من قال : شيء ; لأن الشيء قليل المال وكثيره ، وقد أجمع العلماء على أن من لم يكن عنده إلا الشيء اليسير التافه من المال أنه لا يندب إلى الوصية .
قلت : في هذا شيء ستعرفه قريبا عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وذكر أبو مسعود في "تعليقه" أن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلما عنده : "يبيت ليلة" ولم (يؤخذ ) فيه كما نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي وغيره ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي .
وقد اختلف العلماء في وجوب الوصية على من خلف مالا بعد أن تعلم أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فيه الحض على الوصية ; خشية فجأة الموت ، والإنسان على غير عدة ونسيان- فقالت طائفة : الوصية واجبة على ظاهر الآية .
[ ص: 175 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : جعل الله الوصية حقا مما قل أو كثر .
قيل لأبي مجلز : على كل عشر وصية ؟ قال : كل من ترك خيرا .
وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ; تمسكا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . قال : وروينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن الحسن بن عبيد الله . قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير يشددان في الوصية ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى ، وطلحة بن مصرف ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وغيرهم . قال : وهو قول أبي سليمان وجميع أصحابنا . وقالت طائفة : ليست واجبة ، كان الموصي موسرا أو فقيرا ، هو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
قال : -أعني nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=652533 "ما حق امرئ مسلم" يحتمل ما الحزم ، ويحتمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا من جهة الفرض . واحتجوا برواية يحيى بن سعيد التي فيها : يريد أن يوصي فيه . فرد الأمر إلى إرادته ، والشارع لم يوص ، ورووا أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لم يوص ، وهو
[ ص: 176 ] الراوي ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة بحضرة عمر لم يوص ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال فيمن ترك ثمانمائة درهم : ليس فيها وصية . وأن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا نهى من لم يترك إلا من السبعمائة إلى التسعمائة عن الوصية ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت فيمن ترك أربعمائة دينار : ما في هذا فضل عن ولده . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : ليست الوصية فرضا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وكل هذا لا حجة لهم في شيء منه ، أما من زاد -يريد : nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ومن أسلفناه- رووه بغير هذا اللفظ ، لكن بلفظ الإيجاب فقط . وأما قولهم : إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يوص . فقد كانت تقدمت وصيته بقوله الثابت يقينا : nindex.php?page=hadith&LINKID=46699 "إنا معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " وهذه وصية صحيحة بلا شك ; لأنه أوصى بصدقة كل ما يترك إذا مات ، وإنما صح الأثر بنفي الوصية التي تدعيها الرافضة إلى علي فقط .
وأما ما رووا أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لم يوص فباطل ; لأن هذا إنما روي من طريق أشهل بن حاتم ، وهو ضعيف ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، وهو لا شيء ، والثابت عنه ما أسلفناه .
وأما خبر nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب وعمر فمن رواية nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، وأما خبر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ففيه nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم ، وهو ضعيف .
وأما حديث علي فإنه حد القليل ما بين السبعمائة إلى التسعمائة ، وهم لا يقولون بهذا ، وليس في حديث أم المؤمنين بيان ما ادعوا ، بل لو صح كل ذلك ما كانت فيه حجة ; لأنهم قد عارضهم صحابة ،
[ ص: 177 ] كما أوردنا ، وإذا وقع التنازع لم يكن قول طائفة أولى من قول أخرى ، والفرض حينئذ هو الرجوع إلى الكتاب والسنة ، وكلاهما يوجب فرض الوصية .
قلت : [و] ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي لما نقل أن طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير كانا يشددان في الوصية ، فقال : ما كان عليهما أن لا يفعلا ، توفي رسول الله وما أوصى ، وأوصى أبو بكر ، فإن أوصى فحسن ، وإن لم يوص فلا بأس .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : السلف الأول لا نعلم أحدا قال بوجوبها ، وأما الحسن بن عبيد الله فلم يسمع أحدا من الصحابة ولا سيما هذين القديمين الوفاة . وأظنه استنبط من حديث nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى في الباب ، وقول طلحة له : إن هذا مذهبهما والأمر فمحمول على الندب ، وقد أوصى - صلى الله عليه وسلم - عدة وصايا منها ما سلف .
وأما ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، فذكر nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور في "سننه" عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عنه أنه كان يقول : إن الوصية كانت قبل الميراث ، فلما نزل الميراث نسخ من يرث وبقيت الوصية لمن لا يرث ، فهي ثابتة ، فمن أوصى لغير ذي قرابة لم تجز وصيته .
قلت : فهذا كما ترى ، قال : ثابتة . ولم يقل : واجبة .
[ ص: 179 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لما احتملت الآية ما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، وجب عندنا على أهل العلم طلب الدلالة على خلاف قوله أو موافقته ، فوجدنا الشارع حكم في ستة مملوكين ، كانوا لرجل لا مال له غيرهم فأعتقهم ، فجزأهم ثلاثة أجزاء ، فأعتق اثنين وأرق أربعة ، فكانت دلالة السنة في هذا بينة ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - أنزل عتقهم في المرض وصية ، والذي أعتقهم رجل من العرب ، والعربي إنما يملك من لا قرابة بينه وبين العجم ، فأجاز - صلى الله عليه وسلم - الوصية ، فدل ذلك على أن الوصية لو كانت تبطل لغير قرابة بطلت للعبيد المعتقين .
قلت : وأسند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في "ناسخه ومنسوخه" عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنها منسوخة بآية الميراث . قلت : وقاله nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أيضا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجماعة . ونقل العدوي البصري في "ناسخه" عن بعض أهل العلم نسخ الوالدين وثبت الأقربون ، وهو قول الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وجماعة ، وليس العمل عليه ، وقال بعضهم : والعمل به ، نسخها : يوصيكم الله [النساء : 11] للرجال نصيب [النساء : 7] وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجماعة .
[ ص: 180 ] وقال النحاس في "ناسخه" : في هذه الآية خمسة أقوال .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نسخها : للرجال نصيب [النساء : 7] . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : يوصيكم الله .
وقال الحسن : نسخت للوالدين وثبتت للأقربين الذين لا يرثون ، وكذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : الوصية للوالدين ، والأقربين على الندب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : الوصية للوالدين والأقربين واجبة بنص القرآن إذا كانوا لا يرثون . قال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : من أوصى لأجانب وله أقرباء فردت للأقرباء .
[ ص: 181 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : من مات وله شيء ولم يوص لأقربائه فقد مات عن معصية لله . وقال الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد وعبد الملك بن يعلى فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : إذا أوصى رجل لقوم غرباء بثلثه وله أقرباء أعطى الغرباء ثلث المال ، ورد الباقي على الأقرباء .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أن جميع ذلك ينتزع من الموصى لهم ويدفع لقرابته ; لأن آية البقرة عندهم محكمة . قال النحاس : فالواجب أن لا يقال : إنها منسوخة ; لأن حكمها ليس بناف حكم ما فرض الله من الفرائض ، فوجب أن يكون كتب عليكم الآية . كقوله : كتب عليكم الصيام [البقرة : 183] .
وقال أبو إسحاق في قوله : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت [البقرة : 180] هذا الفرض بإجماع نسخته آيات المواريث التي في النساء ، وهذا مجمع عليه . وقال قوم : إن المنسوخ من هذا ما نسخته المواريث ، وأمر الوصية في الثلث باق . وهذا ليس بشيء ; لأن الإجماع أن ثلث الرجل إن شاء أن يوصي فيه بشيء فله ، وإن ترك ذلك فجائز ، والآية في قوله : كتب عليكم [البقرة : 180] الوصية منسوخة بإجماع كما وصفنا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري بإسناده إلى جهضم ، عن عبد الله بن بدر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في قوله : إن ترك خيرا الوصية [البقرة : 180] نسختها آية المواريث . قال ابن يسار : قال nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي : فسألت جهضما عنه فلم يحفظه .
وفي المسألة قول ثالث ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إنها ليست واجبة إلا على رجل عليه دين أو عنده مال لقوم ، فواجب أن يكتب وصيته ويخبر بما عليه ; لأن الله فرض أداء الأمانات ، فمن لا حق عليه ولا أمانة قبله فليس . بواجب عليه أن يوصي ، يقويه قوله :nindex.php?page=hadith&LINKID=652533 "ما حق امرئ مسلم" فأضاف الحق إليه ; كقوله : هذا حق زيد فلا ينبغي أن يتركه ، فإذا تركه لم يلزمه .
وقد سلف رواية : يريد الوصية ، فعلق ذلك بإرادة الموصي ، ولو كانت واجبة لم يعلقها بإرادته ، وهو رأي الجماعة .
[ ص: 183 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : ومما يدل على ذلك أيضا أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر راوي الحديث لم يوص ، ومحال أن يخالف ما رواه لو كان واجبا ، ولكنه عقل منه للاستحباب . وقد أسلفنا رد هذا .
ثم اعلم أن الحق في اللغة هو الثابت مطلقا ، فإذا أطلق في الشرع فالمراد به ثبوت الحق فيه ، ثم الحكم الثابت في الشرع أعم من كونه واجبا أو مندوبا أو مباحا إذ كل واحد منها ثابت وموجود فيه ، لكن إطلاق الحق على المباح قلما يقع في الشريعة ، وإنما يؤخذ فيه بمعنى الواجب والندب ، فإن اقترن به على ما في معناها ظهر فيه قصد الوجوب وإلا فهو محتمل كما جاء في هذا الحديث .
وعلى هذا فلا حجة nindex.php?page=showalam&ids=11998لداود وأتباعه في التمسك به على الوجوب ; لأنه لم تقترن به قرينة تزيل إجماله ، فإن أبى إلا دعوى ظهوره قابلناه بما قاله بعض أصحابنا في هذا الحق ، أنه قد اقترن به ما يدل على الندب ، وهو تعلقها على الإرادة ، فإقرار مثل هذا يقوي إرادة الندب ، ولو أنا سلمنا أن ظاهره الوجوب ، نقول بموجبه فيمن كان عليه حقوق يخاف ضياعها ، أو له حقوق كما قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور .
والترخيص في الليلتين أو الثلاث رفع الحرج والعسر أو أراد الموصي يتأمل ويقدم في هذه الليالي ما يريد الوصاة به .
وقوله : ("مكتوبة عنده" ) فيه : أن الوصية نافذة وإن كانت عند صاحبها ، ولم يجعلها عند غيره ، وكذلك إن جعلها عند غيره وارتجعها .
[ ص: 184 ] وفيه : أن الكتاب يكفي من غير إشهاد ، وبه قال محمد بن نصر المروزي ، وهو ظاهر الحديث ، ولولا أنه كاف لما كان لذكره فائدة . وحمله المتأخرون ، منهم النووي على أن المراد : إذا أشهد عليه بها لا أنه يقتصر على مجرد الكتابة ، بل يعمل بها ولا ينتفع إلا إذا كانت بإشهاد ، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : ذكر الكتابة مبالغة في زيادة الاستيثاق ، فلو كتبها ولم يشهد بها فلم يختلف قول مالك أنه لا يعمل بها إلا فيما يكون فيها من إقرار بحق لمن لا يتهم عليه ، يلزمه تنفيذه .
وأما حديث عمرو بن الحارث : فقد أسلفته في الكلام على أم الولد وكونه ختنه ; لأنه أخو جويرية أم المؤمنين ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي وابن فارس nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي أن الختن من قبل المرأة ، والصهر من قبل الزوج . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : الختن : الزوج ومن كان من ذوي رحمه ، والصهر من قبل المرأة .
وقوله : (أرضا جعلها صدقة ) إنما تصدق بها في صحته وأخبر بالحكم بعد وفاته ، وهي : فدك والتي بخيبر ، قاله ابن التين وقد أسلفنا هناك أن فيه دلالة على أن أم الولد تعتق بموت السيد ، وقال ابن المنير : ووجه دخوله هنا احتمال كون الصدقة هنا موسى بها ، وهو مخالف لما ذكره ابن التين .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : فيه : أنه انخنث . أي : انثنى . ومنه سمي : المخنث ; لتثنيه وتكسره . قال صاحب "العين" : الخنث : السقاء . وخنث : إذا سال . وخنثته أنا .
ووصيته بكتاب الله في الحديث الذي قبله غير معنى قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : بما أوصى ؟
وقوله فيه : (أوصى بكتاب الله ) . قد فسره علي بقوله : ما عندنا إلا كتاب الله . وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : حسبنا كتاب الله حين أراد أن يعهد عند موته .