وقد سلف وترجم عليه بعد باب : إذا قال الواقف : لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز ، وهو حجة على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في إبطاله الأوقاف والأحباس ; لأن الأمة مجمعة أن من جعل أرضا له مسجدا للمسلمين في صحته فإنه ليس لورثته ردها ميراثا بينهم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة في الرجل يحبس داره على المساكين يسكنونها : إنها ترجع ميراثا بين ورثته ، ويجيز ذلك إن فعله في مرضه أو في وصيته ، ويكون في ثلثه ، فإن قال : إن المسجد لا يجوز له ولا لورثته الرجوع فيه بعد أن أخرجه في صحته وجعله مسجدا لجماعة المسلمين .
فيقال له : ما الفرق بين جعله مسجدا أو سقاية أو مقبرة أو مرفقا لجماعة المسلمين ؟ وهل بينك وبين من عكس هذا عليك فأجاز ما أبطلت وأبطل ما أجزت فرق من أصل أو قياس ؟ فليس تقول في شيء من
[ ص: 287 ] ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله ، وقد أجاز العلماء أوقاف أهل الذمة ولم يرو نقضها ، فكيف أهل الإسلام ؟ وسئل أبو الحسن علي بن ميسرة البغدادي عن رجل كان له على نصراني دين ، فأفلس النصراني ولا مال له سوى وقفه على أهل ملته قبل استحداثه الدين ، هل يجوز نقض الوقف وأخذ المسلم له قضاء من دينه أم لا ؟ فأجاب : بأن أهل الذمة ليست أملاكهم مسندة ، وإنما لهم شبهة ملك على ما في أيديهم ، فإذا اختاروا رفع أيديهم عن الشبه ارتفعت ، ولم يعترض عليهم في نقض ما عقدوه مما لو كان في شريعتنا لم يجز نقضه ; لأنهم على ذلك صولحوا ، ولما جاز إقرارهم على غير دين الحق إذا أعطوا الجزية وجب ألا يعترض عليهم في نقض وقف ولا غيره مما يتعلق بحق الله تعالى .