قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري فيمن جعل ألف دينار في سبيل الله ، ودفعها إلى غلام له تاجر يتجر بها ، وجعل ربحه صدقة للمساكين والأقربين ، هل للرجل أن يأكل من ربح تلك الألف شيئا ، وإن لم يكن جعل ربحها صدقة في المساكين ؟ قال : ليس له أن يأكل منها .
واختلف العلماء في وقف الحيوان والعروض والدنانير والدراهم ، فأجاز ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلا أنه كره وقف الحيوان أن يكون على العقب ، فإن وقع أمضاه ، وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب وقف الثياب ، وقال ابن التين : مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك جوازه في الحيوان والعروض ، ويجوز في الريع قولا واحدا عنده . وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن وقف الحيوان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف : لا يجوز [وقفها ، ويجوز أيضا] وقف
[ ص: 289 ] الحيوان والعروض والدراهم والدنانير وقالوا : إن هذه أعيان لا تبقى على حالة أبد الدهر فلا يجوز (وقفها ) ، وأيضا فإن الوقف يصح على وجه التأبيد ، فمن أجازه فيما لا يتأبد صار كمن وقف وقفا مؤقتا يوما أو شهرا أو سنة ، ولا يجوز ، ولو صح الوقف فيما لا يتأبد لصح في جميع الأثمان وسائر ما يملك كالهبة والوصية ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي في "اختلاف العلماء " عن nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر والحسن بن زياد أيضا ، قال : وعلى هذا عامة علماء أهل الكوفة . وقال ابن القصار : الوقف المؤقت يجوز عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ويجوز في جميع الأنواع مما لا يبقى غالبا .
وجه من أجاز وقف الحيوان والسلاح حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الفرس الذي حمل عليها في سبيل الله .
فإن قلت : لا حجة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على جواز وقف الحيوان ; لأن هذا الفرس الذي حمل عليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في سبيل الله إنما كان هبة منه له فلذلك جاز له بيعه ، ولو كان حبسا لم يجز بيعه . ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12873وابن الماجشون : لا يجوز بيع الفرس الحبس ويترك أبدا .
[ ص: 290 ] قلت : ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك أجازا بيعه إذا لم يبق فيه قوة للغزو ، ويجعل ثمنه في آخر . قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : فإن لم يبلغ شورك به فيه ، وكذلك الثياب إذا لم يبق فيها منفعة بيعت واشتري بثمنها ما ينتفع به ، فإن لم يمكن تصدق في سبيل الله .
وأما صحة الحجة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الباب ، فلا يخلو أن يكون هذا الفرس الذي حمل عليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر حبسا أو هبة وتمليكا ، وعليهما فقد جاز للرجل بيعه ولم يأمره بفسخه حين بلوغه ، ونهيه عن شرائه للتنزيه ، إذ لو كان حراما لبينه ، وقد سلف شيء من ذلك في باب : إذا حمل على فرس في سبيل الله فهو كالعمرى والصدقة في آخر أبواب المنحة والهبات .
واختلفوا في وقف الدراهم والدنانير على من تكون زكاتها ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "المدونة " : لو أن رجلا حبس مائة دينار موقوفة يسلفها الناس ويردونها ، هل ترى فيها زكاة ؟ قال : نعم ، الزكاة فيها قائمة كل عام . وخالف في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم فقال في رجل قال لرجل : هذه المائة دينار تتجر فيها ولك ربحها وليس عليك فيها ضمان . فليس على الذي في يده أن يزكيها ولا على الذي هي له زكاتها حتى يقبضها ، فيزكيها زكاة واحدة . قال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : أراها كالسلف وعليه ضمانها إن تلفت ، بمنزلة الرجل يحبس المال على الرجل فينتقص أنه ضامن له .
وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري السالف في الرجل يجعل ألف دينار في سبيل الله أنه لا يأكل من ربحها فإنما ذلك إذا كان في غنى عنها ، وأما إن احتاج وافتقر فمباح له الأكل منها ويكون كأحد المساكين . قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب :
[ ص: 291 ] وهذا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجميع أصحابنا يقولون : إنه ينفق على ولد الرجل وولد ولده من حبسه إذا احتاجوا ، وإن لم يكن لهم في ذلك اسما فإذا استغنوا فلا حق لهم . واستحسن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن لا يرغبوها إذا احتاجوا ، وأن يكون لهم سهم منها جار على الفقراء لئلا يدرس ، وقاله ربيعة ويحيى بن سعيد .
تنبيهات :
أحدها : قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في الترجمة : وإيراده الحديث إذا كان أجل الوقف ما ذكره من أرض nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وأنها لا تباع إلى آخره ، فكيف جاز أن يباع فرس nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الموقوف في سبيل الله ؟ وكيف لا ينهى بائعه عنه أو يمنع من بيعه ؟ فلعل معناه أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان جعله صدقة يعطيها من يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأعطاها رجلا فباعها . قال : وما ذكره في وقف الصامت خلاف ما ذكره في أجل الوقف ; لأن الوقف الذي أذن فيه ما حبس أصله ، ولا ينتفع بالصامت إلا بأن يخرج الصامت الموقوف بعينه إلى شيء غيره ، فليس هذا بحبس الأصل وإنما يقع الحبس على ما يعود البيع من فضله من ثمر أو غلة أو ما يرتفق به والعين قائمة محبوسة على أصلها لا على ما ينتفع به إلا بإفادة عينه .
ثانيها : الكراع : اسم لجميع الخيل ، وأنث الفرس هنا بقوله : أعطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحمل عليها .
ثالثها : قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : أبطلت طائفة الحبس جملة ، وهو قول شريح ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وطائفة قالت : لا حبس إلا في سلاح أو كراع .
[ ص: 292 ] روي ذلك عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، ولم يصح عن واحد منهم ، أما من أبطله جملة فإن عبد الملك بن حبيب روى عن nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي أنه قال : ما من أحد من الصحابة إلا وقد وقف وقفا وحبس أرضا إلا nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف فإنه كان يكره الحبس .
ثم ذكر حديث شريح وابن لهيعة السالفين ، وذكر حديث شريح من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب عنه ورده بالانقطاع وقال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة : إنه موضوع ، ولا خير في nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، وأخوه مثله . وبيان وضعه أن سورة النساء نزلت أو بعضها بعد أحد ، وحبس الصحابة أذن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد خيبر ، تواتر ذلك عنه ، فلو صح خبر nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة لكان منسوخا .
واحتجوا أيضا لما رويناه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ومحمد وعبد الله ابني أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، كلهم عن أبي بكر بن محمد قال : إن عبد الله بن زيد قال : يا رسول الله ، إن حائطي هذا صدقة -وفي لفظ : موقوفة - وهو إلى الله ورسوله فجاء أبواه فقالا : يا رسول الله ، كان قوام عيشه منه . فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وهذا حديث منقطع ; لأن أبا بكر لم يلق عبد الله بن زيد قط ، وأيضا فليس لأحد أن يتصدق بقوام عيشه ، بل هو منسوخ إن فعله ، قال : ولفظ : موقوفة . انفرد بها من لا خير فيه .
[ ص: 293 ] قال : وقالوا : لما كانت الصدقات لا تجوز إلا حين تحاز ، وكان الحبس لا مالك له وجب أن يبطل .
قال : ثم تناقضوا فأجازوا تحبيس المسجد والمقبرة وإخراجهما إلى غير مالك ، وأجازوا الحبس بعد الموت في أشهر أقوالهم .
قال : ومن العجائب احتجاجهم أنه - صلى الله عليه وسلم - ساق الهدي بالحديبية وقلدها ، وهذا يقتضي إيجابه لها ثم صرف هذا عما أوجبها له وجعلها للإحصار ، وكذلك أبدلها عاما ثانيا ، وما اقتضى ذلك إيجابه قط ; لأنه لم ينص على أنه صار التطوع بذلك واجبا بل أباح ركوب البدنة المقلدة .
وقولهم : إنه أبدله من قابل . فهذا لم يصح قط ، ونقول لهم : أنتم تقولون له أن يحبس ثم يفسخ . وقستموه على الهدي المذكور ، فهل له الرجوع في الهدي بعد أن يوجبه فيبيعه ؟ وجائز أن يحبس على نفسه وعلى من شاء ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=887521 " ابدأ بنفسك فتصدق عليها " وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .