وإنما قال لهم رسول الله : "ثامنوني " أي : اطلبوا ثمن حائطكم مني ليبتاعه لمكان المسجد ، فقالوا له : لا نبتغي الثمن فيه إلا من الله . فكان ذلك تسليما منهم للحائط وإخراجا له من ملكهم لله لا يجوز رجوعهم فيه ، وأجاز ذلك ، وكان من فعلهم بمنزلة ما لو اشتراه ووقفه لمكان المسجد .
فإن قلت : قولهم : (لا نطلب ثمنه إلا إلى الله ) . ليس من الألفاظ الموجبة للتحبيس والوقف عند الفقهاء ، وإنما يوجب التحبيس عندهم قوله : هو حبس صدقة ، أو : حبس مؤبد ، أو : حبس . فقط عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على ما سلف . قلت : لما اقترن ذلك مما علموه من ابتياعه منهم لمكان المسجد قام ذلك مقام قولهم : هو حبس لله . ولا خلاف أنه لو قال رجل : جعلت داري هذه مسجدا . أنها وقف غير ملك .
وقولهم : (لا نطلب ثمنه إلا إلى الله ) . كما تقول : طلبت إلى الله ، ومن الله . بمعنى واحد .