وفيه : أنه - عليه أفضل الصلاة والسلام - كان يتمنى من أفعال الخير ما يعلم أنه لا يعطاه ; حرصا منه على الوصول إلى أعلى درجات الشاكرين وبذلا لنفسه في مرضاة ربه وإعلاء كلمة دينه ، ورغبة في الازدياد من ثواب ربه ولتتأسى به أمته في ذلك ، وقد يثاب المرء على نيته لحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=668084 "إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته " ، وسيأتي في كتاب : التمني ما تمناه الصالحون مما لا سبيل إلى كونه .
[ ص: 366 ] وفيه : أن الجهاد ليس بفرض معين على كل أحد ، ولو كان معينا ما تخلف الشارع ولا أباح لغيره التخلف عنه ، ولو شق على أمته إذا كانوا يطيقونه هذا إذا كان العدو لم يفجأ المسلمين في دارهم ولا ظهر عليهم ، وإلا فهو عين على كل من له قوة .
وفيه : أنه يجوز للإمام والعالم ترك فعل الطاعة إذا لم يطق أصحابه ، ونصحاؤه على الإتيان بمثل ما يقدر عليه هو بها إلى وقت قدرة الجميع عليها ، وذلك من كرم الصحبة و (أدب ) الأخلاق .
وقوله : ("ثم أقتل ثم أحيا " ) (يحتمل ) كما قال ابن التين حكايته أنه قاله قبل نزول : والله يعصمك من الناس وقيل بعده ، والخبر على المبالغة في فضل الجهاد والقتل فيه قال : وهذا أشبه ، ورأيت من ينقل أن قوله : (لوددت ) من كلام nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وهو بعيد ، وفي "صحيح الحاكم " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس -وقال : على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=669370 "أسألك يا رب أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات " لما رأى من فضل الشهادة .
[ ص: 367 ] وحديث قتل زيد وجعفر يأتي إن شاء الله تعالى في المغازي ، وتقدم لك هنا أن فيه : الخطبة في الفتح وفي نعي يأتي وكان ذلك في جمادى الأولى سنة ثمان بعثهم إلى مؤتة من أرض الشام ، فالتقوا مع هرقل في جموعه ، يقال : مائة ألف غير من انضم إليه من المستعربة ، فاجتمعوا بقرية يقال لها : مؤتة (من أرض الشام ) ، فمات من سمى رسول الله ، ثم اتفق المسلمون على خالد ففتح الله عليه وقتلهم ، وقدم البشير بذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أخبرهم بذلك قبل قدومه ، وكان فتح مكة في ذلك العام بعد ذلك .
وفيه : الولاية عند الضرورة من غير إمرة الأمير الأعظم .