الحديث الأول سلف قريبا في باب من استعار من الناس الفرس ويأتي في الأدب ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الفضائل ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في الجهاد ; وقال : صحيح ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
أحدها : فيه : -كما قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب - أن الرئيس قد يتشجع في بعض الأوقات إذا وجد في نفسه قوة ، وإن كان اللازم له أن يحوط أمر المسلمين بحياطة نفسه ، لكنه لما رأى الفزع المستولي ، علم أنه لم يكد مما أخبره الله به من العصمة ، وأنه لا بد أن يتم أمره حتى تمر المرأة من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ، فلذلك أمن فزعهم باستبراء الصحراء ، وكذلك كل رئيس إذا استولى على قومه الفزع ووجد من نفسه قوة فينبغي له أن يذهب عنهم الفزع باستبرائه بنفسه .
رابعها : في الحديث الثاني : أنه لا بأس للرجل الفاضل أن يخبر عن نفسه فيما فيه من الخلال الشريفة عندما يخاف من سوء ظن أهل الجهالة به .
خامسها : فيه : أن البخل والجبن والكذب من الخلال المذمومة التي لا تصلح أن تكون في رؤساء الناس ، وأن من كانت فيه خلة منها لم يتخذه المسلمون إماما ولا خليفة ، وكذلك من كان كذوبا فلا يتخذ إماما في دين الله ; لأن الكذب فجور ويهدي إليه كما نطق الشارع به ، ولا يؤمن على وحي الله وسنة رسوله الفجار ، وإنما يؤمن عليه أهل العدل ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله " .
وفيه : الصبر لجهلة الناس وجفاة السؤال ، وإن ناله في ذلك أذى ، وسؤاله رداءه تأنيسا لهم من الأذى بالجفاء عليه ، والمزاحمة في الطريق
[ ص: 429 ] ثم رد إلحافهم بأن أعلمهم أن ما ملكه مقسوم بينهم ، وأن وعده منجز لهم ، وأن الذي يسألونه من قتالهم وعونهم له ليسوا بالمتقدمين عليه فيه ، بل هو المقدم عليهم في القتال ، وفي كل حاله لقوله : "ولا جبانا " ولم ينكر أحد ما وصف به نفسه لاعترافهم به .
سابعها : "العضاه " كما قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : من الشجر كل ما له شوك ومن أعرف ذلك الطلح والسلم والسيال والعرفط والسمر ، وقال غيره : والقتاد ، قال ابن التين : وتقرأ بالهاء وقفا ووصلا ، وهو شجر الشوك كالطلح والعوسج والسدر ، الواحدة عضاهة وعضهة ، (وعضة ) ، وإنما ذلك لأنهم حذفوا منها الهاء الأصلية كما حذفت في شفة ، ثم ردت في عضاه كما ردت في شفاه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : الواحدة عضه الهاء أصلية ، قال : وقد يقال : عضة مثل عزة ، وهذا بعير عضه إذا كان يأكل العضاه .
ثامنها : قوله : (مقفله من حنين ) أي : مرجعه ، وذلك سنة ثمان .
و (السمرة ) واحدة السمر ، وهي شجر طوال متفرق الرءوس ، قليل الظل ، صغار الورق ، قصار الشوك ، جيد الخشب ، ولم يواره صفر أو صمغ أبيض ، قليل المنفعة ، ويخرج من السمرة شيء يشبه الدم ، يقال : حاضت السمرة إذا خرج منها ذلك .
تاسعها : قوله : ("نعما " ) وفي بعض النسخ : "نعم " وهما صحيحان ، فـ "نعم " اسم كان و"عدد " خبرها ، ومن رواه "نعما " فهو خبر كان ، قال ابن التين : وهذا أولى ; لأن نعما نكرة ، وهو أولى أن
[ ص: 430 ] يكون خبرا ، ويصح نصبه على التمييز ، والنعم الإبل خاصة ، كذا قال أكثر أهل التفسير .
وقال أبو جعفر النحاس : قيل : النعم للإبل والبقر والغنم ، وإن انفردت الإبل قيل لها نعم ، وإن انفردت البقر والغنم لم يقل لها نعم .
واختلف في (الأنعام ) فقيل هي جمع نعم ، فيكون للإبل خاصة ، وقيل : إذا قلت (أنعام ) دخل فيه البقر والغنم .
العاشر : قوله : ("ثم لا تجدوني بخيلا " ) قد تقدم بيانه .
وقال القزاز : البخيل : الشحيح ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لا يعطي شيئا ، والشح : أخذك مال أخيك بغير حق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : البخل : أن تبخل مما في يديك ، والشح : أن تشح مما في أيدي الناس ، يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحلال والحرام ، وقيل : البخل في اللغة دون الشح ، والشح أشد منه ، يقال : جوزة شحيحة إذا كانت صحيحة ، يقال : بخل يبخل بخلا وبخلا ، والجبان : الذي يرع في الحرب ويضعف ، وذلك يؤدي إلى الفرار من الزحف ، وهي كبيرة ، يقال : جبن يجبن جبنا وجبنا ، وجمع الجبان جبن .
(قال الشاعر :
جهلا علينا وجبنا عن عدوكم لبئست الخلتان الجهل والجبن )