ثانيها: حديث عبد الله بن زيد لكنه قال: لما كان زمن الحرة أتاه آت فقال له: إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت. فقال: لا أبايع على هذا أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره أن المبايعة كانت في الحديبية على الموت . قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : هذا من قول nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع في البيعة ليس بمسند، ووجه مطابقة الآية الكريمة للترجمة قوله في أثنائها: فأنزل السكينة عليهم مبنيا على قوله: فعلم ما في قلوبهم [الفتح: 18] والسكينة: الثبوت والطمأنينة في موقف الحرب، دل ذلك على أنهم أضمروا في قلوبهم الثبوت وأن لا يفروا وفاء بالعهد، كما نبه عليه ابن المنير .
وكأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لما ذكر في الترجمة عن بعضهم المبايعة على الموت، استدل على ذلك بالآية التي فيها المبايعة تحت الشجرة، وكانت المبايعة بالحديبية تحت الشجرة على الموت كما سلف، وأورد الأحاديث في الباب التي تدل على ذلك وعلى الصبر، والصبر يجمع المعاني كلها، وبيعة الشجرة إنما هي على الأخذ بالشدة وألا يفروا أصلا ولابد من الصبر إما إلى فتح، وإما إلى موت، ومن بايع على الصبر وعلى عدم الفرار فقد بايع على الموت.
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : هذه الأحاديث مختلفة الألفاظ، منهم من يقول: على الموت، وعلى ألا يفر، وعلى الصبر، وهو أولى الألفاظ بالمعنى؛ لأن بيعة الإسلام هي على الجهاد وقتال المثلين، فإن كان المشركون أكثر من [ ص: 75 ] المسلمين كان المسلم في سعة من أن يفر وفي سعة من أن يأخذ بالشدة ويصبر، وهذا كله بعد أن نسخ قتال العشرة أمثال، وأما قبل نسخها فكان يلزم قتال العشرة أمثال وألا يفر إلا من أكثر منها، وبيعة الشجرة إنما هي (على) الأخذ بالشدة كما سلف، فمن قال: بايعنا على الموت. أراد: أو يفتح لنا، ومن قال: ألا نفر فهو نفس القصة التي وقعت عليها المبايعة، وهو معنى الصبر.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : على الصبر؛ كراهية لقول من قال بأحد الطرفين: الموت أو الفتح، فجمع نافع المعنيين في كلمة الصبر.
وقال المحب الطبري في أوائل "أحكامه": حديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=249معقل بن يسار : لم نبايعه على الموت وإنما بايعناه على أن لا نفر وحديثه أيضا من طريق سلمة : بايعناه على الموت. الجمع بينهما أن معنى الأول: أن لا نفر أيضا، وإن أدى إلى الموت؛ لأن الموت نفسه لا تكون المبايعة عليه.
وقوله: (فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة) يعني: خشية أن تعبد أو تصير كالقبلة والمسجد لمن لا تمكن في الإسلام من قلبه بجهل وشبهة، وفي بعض الروايات: خفي عليهم مكانها في العام المقبل.
فائدة: بيعة الشجرة كانت بالمدينة، وبالمدينة فرض الجهاد على [ ص: 76 ] المسلمين، وقد كانت بيعة العقبة بمكة على ألا يشركوا بالله شيئا إلى آخر الآية في الممتحنة، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت في حديثه: ولم يفرض في هذه البيعة حرب إنما كانت بيعة النساء، وقد سلف ذلك في باب: علامة الإيمان حب الأنصار، من كتاب الإيمان.
وأما حديث عبد الله بن زيد فهو دال على أنهم كانوا يبايعونه على الموت، ووقعة الحرة - حرة زهرة - كانت سنة ثلاث وستين كما قال السهيلي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي وأبو عبيدة وغيرهما: في حرة واقم، أطم شرقي المدينة. قال الشاعر:
فإن تقتلونا يوم حرة واقم فنحن على الإسلام أول من قتل
وقد أفردها بالتصنيف المدائني وغيره.
وسببها أن عبد الله بن حنظلة وغيره من أهل المدينة وفدوا على يزيد فرأوا منه ما لا يصلح، فرجعوا إلى المدينة (فخلعوه) وبايعوا nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير، فأرسل إليهم يزيد مسلم بن عقبة المعروف بمسرف، فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة، قتل من وجوه الناس ألفا وسبعمائة، ومن أخلاطهم عشرة آلاف سوى النساء والصبيان. قال ابن السيد : والحرة في كلامهم: كل أرض كانت حجارة سودا محرقة، والحرار في بلاد العرب كثيرة وأشهرها ثلاث وعشرون حرة، كما قاله ياقوت.
وقوله: (لا أبايع أحدا على الموت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ). فإنما قاله لأنه كان يرى القعود في الفتن التي بين المسلمين وترك القتال مع إحدى الطائفتين، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من السلف على ما يأتي بيانه في [ ص: 77 ] كتاب الفتنة في حديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=940312 "تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ".
وأما حديث سلمة فقوله: ("ألا تبايع") أراد أن يؤكد ببيعته لشجاعة سلمة وغنائه في الإسلام وشهرته بالثبات، فلذلك أمره بتكرير المبايعة، وليكون له في ذلك فضيلة، وليقوي نيته، وإنما بايعهم حين قيل له: قريش أعدوا لقتالك. وكان قد بعث عثمان ليأتيه بالخبر؛ لأنه كان أمنع (صاحبه) جانبا بمكة لكثرة من كان بها من بني أمية، فأبطأ عليه فخشي عليه مع ما قيل عن قريش فبايع، وبايع لعثمان إحدى يديه بالأخرى، وقيل: له حين أبطأ عثمان : أظنه أبطأ به الطواف بالبيت. فلما أتى ذكر ذلك له فقال: ما كنت لأطوف به قبل أن يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أتقدم بين يديه في شيء. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : لو علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن بمكة أعز من عثمان لبعثه.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فالذي أجابهم - صلى الله عليه وسلم - من الرجز إنما هو nindex.php?page=showalam&ids=82لابن رواحة فتمثل به، وإنما كان يقول: "ارحم المهاجرين والأنصار" ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي، قال: وقوله: "اللهم" أحسبه ليس فيه ألف ولام إنما قال nindex.php?page=showalam&ids=82ابن رواحة : الاهم. فأتى به بعض الرواة على المعنى، وتعقبه ابن التين فقال: ما ذكره لا يصح هنا ولا يتزن به الرجز، نعم يصح كما سلف:
وقال ابن التين : كان من هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الفتح من غير أهل مكة وبايعه على المقام بالمدينة كان عليه المقام بها حياته - صلى الله عليه وسلم - ، ومن لم يشترط المقام من غير أهل مكة بايع ورجع إلى موضعه، كفعل nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث ووفد عبد القيس وغيرهم، وكانت الهجرة فرضا على [ ص: 79 ] أهل مكة إلى الفتح، ثم زالت الهجرة التي توجب المقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وفاته، ووجبت الهجرة أن تؤتى المدينة ثم يرجع المهاجر كما فعل صفوان.
وقوله: ("على الإسلام والجهاد") فيه: دلالة أن المبايع لم يكن من الأعراب الذين ليس عليهم جهاد، والجهاد المشترط هنا جهاد من يلي الكفار وغيرهم لملتهم، وأن على من يليهم نصرهم إذا احتاجوا إليه، وأن على الإمام أن يمدهم إذا احتاجوا إلى ذلك وعلى الناس أن ينفروا إذا استنفرهم الإمام.
فائدة:
أخو مجاشع اسمه: مجالد بن مسعود السلمي، نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال .