ما ذكره ظاهر في أخذ الزاد وتحمل ثقله في الأسفار البعيدة، اقتداء بخير البرية وأكرمها على ربه وعباده وشفيع الأمم كلها يوم القيامة، والآية نزلت - عند جماعة من المفسرين - في ناس من أهل اليمن كانوا يخرجون إلى مكة بغير زاد، وقد سلف ذلك في الحج، وهو
[ ص: 111 ] رافع لما يدعيه أهل البطالة من الصوفية والمخرقة على الناس باسم التوكل الذي (المتزودون) أولى به منهم، ولما أملقوا جمع بقايا أزوادهم وجعلهم فيه سواء، ليس من كان له بقية منها بأولى ممن لم يكن له شيء.
ففيه: أنه إذا أصاب الناس مخمصة ومجاعة يأمر الإمام الناس بالمواساة، ويجبرهم عليه على وجه النظر لهم بثمن وغيره، وقد استدل به بعض الفقهاء على أنه يجوز للإمام عند قلة الطعام أن يأمر من عنده طعام يفضل عن قوته أنه يخرجه للبيع ويجبره عليه؛ لما فيه من صلاح الناس، ولم يره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال: لا إجبار فيه.
(وقول أسماء): (فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي). فيه: استشارتها والدها وكانت حينئذ عند nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير.
و (النطاق): شريطة تشد بها المرأة وسطها ترفع بها ثيابها وترسل عليها إزارها، ذكره القزاز .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : إنه إزار فيه تكة تلبسه النساء. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : إنه المئزر، وهو المنطق. وقال الهروي : المناطق واحدها: منطق، وهو النطاق، وهو أن تأخذ المرأة ثوبا فتلبسه ثم تشد إزارها وسطها بحبل ثم ترسل الأعلى على الأسفل. قال: وبذلك سميت أسماء ذات النطاقين؛
[ ص: 112 ] لأنها كانت تطارق نطاقا على نطاق، وقيل: كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الغار.
والصهباء: طرف من خيبر من جهة المدينة.
وقوله: (فلكنا) هو بضم اللام وإسكان الكاف، يقال: لكت اللقمة ألوكها في فمي لوكا.
و (السويق): دقيق القمح المقلوأ والشعير أو الذرة أو الشلت أو الدخن.
وقوله: (وشربنا). قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : ما أراه محفوظا؛ لأنه كان يجري من المضمضة، ولكن قد لا يبلغ الشرب ما تبلغه المضمضة عند أكل السويق.
وفيه: أن الظهر عليه مدار المسافر، لاسيما بالحجاز الذي الراجل فيه هالك في أغلب أحواله إن لم يأو إلى ظهر أو صاحب ظهر ليحمل بعض مؤنته، ألا ترى قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: (ما بقاؤهم بعد إبلهم؟) يعني أن بقاءهم يسير لغلبة الهلكة على الراجل، وهذا القول من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أحد ما قيل في النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، استبقاء لظهورها؛ ليحمل المسلمين عليها ويحمل أزوادهم.
وفي قوله: (ما بقاؤهم بعد إبلهم؟) دليل على أن الأرض تقطع مسافتها. قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : وليست تطوى (الأرض) كما يدعي بعض (الخياطين) أنه يحج في (قاصية) من (قواصي) الأرض في ثلاثة أيام أو أربعة، ثم قال: وهذا منتقض من وجوه، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=32796 " فإن الأرض تطوى بالليل" أي: أنها تقرب مسافتها (بتيسير) المشي وقطع ما لا يرى منها، فإذا أصبح وعرف مكانه حمد سراه، وعند الصباح يحمد القوم السرى.