2880 [ ص: 264 ] 170 - باب: هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل
3045 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال: أخبرني عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي - وهو حليف لبني زهرة وكان من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=652818بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا لهم قريبا من مائتى رجل، كلهم رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة فقالوا: هذا تمر يثرب. فاقتصوا آثارهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد، وأحاط بهم القوم فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق، ولا نقتل منكم أحدا. قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك. فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصما في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن في هؤلاء لأسوة. يريد القتلى، فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع nindex.php?page=showalam&ids=290خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرا، فأخبرني عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته، فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه قالت: فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك. والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمر. وكانت تقول:
[ ص: 265 ] إنه لرزق من الله رزقه nindex.php?page=showalam&ids=290خبيبا، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين. فتركوه، فركع ركعتين ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها، اللهم أحصهم عددا،
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله ابن الحارث، فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا، فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه خبرهم وما أصيبوا، وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطع من لحمه شيئا. [3989 4086، 7402 - فتح: 6 \ 165]
وفيه قصة خبيب بكمالها، وهو من أفراده، وعند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : قال يونس - من رواية أبي صالح، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث، عن يونس - nindex.php?page=showalam&ids=12544وابن أخي الزهري وإبراهيم بن سعد: عمر بن أبي سفيان بضم العين. غير أن إبراهيم نسبه إلى جده فقال: عمر بن أسيد. قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "تاريخه": الصحيح: عمرو.
وقوله: (جد عاصم بن عمر). قال nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي بخطه: لم يكن جده وإنما كان خاله؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=16278عاصم بن عمر بن الخطاب أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح، أخت عاصم بن ثابت، وكان اسمها عاصية فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميلة.
[ ص: 267 ] وبنو لحيان من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بكسر اللام، وحكى صاحب "المطالع" فتحها، وعند nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي : إنهم من بقايا جرهم دخلوا في هذيل. وعن nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد: اشتقاقه من اللحي من قولهم: لحيت العود ولحوته إذا قشرته.
و (الهدأة) - بفتح الهاء والهمزة - موضع بين عسفان ومكة. كما ذكر.
وقوله: (فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل). هو بفتح الهاء، وكذا ضبطه nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي، وضبطه بعض شيوخنا بتشديدها، وفي رواية: فنفر إليهم بقريب من مائة رجل بتخفيفها، فكأنه قال: نفروا مائتي رجل، ولكن ما تبعهم إلا مائة. وفي رواية: فنفذوا. بالذال المعجمة.
وقوله: (فاقتصوا آثارهم): أي: اتبعوها. قال ابن التين : ويجوز بالسين.
وقوله: (فلما رآهم عاصم). كذا هو في "الصحيح" و "شرح nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال "، وذكره بعض الشراح بلفظ: فلما أحس ثم قال: أي علم. وفي أبي داود: حس بغير ألف.
و (الفدفد) - بفاءين مفتوحتين بينهما دال مهملة ساكنة - وهو الموضع المرتفع الذي فيه غلظ وارتفاع. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : إنه الأرض المستوية. وظاهر الحديث: أنه مكان مشرف تحصنوا فيه، ولأبي داود: قردد، بقاف مفتوحة ثم راء ساكنة ثم دال مفتوحة مهملة وأخرى مثلها، وهما سواء.
[ ص: 268 ] ثالثها: الثالث الذي قال: (هذا أول الغدر) سماه nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : عبد الله بن طارق، بدري، وقتله هؤلاء رميا بالحجارة بالظهران، وكان خبيب قتل الحارث بن عامر يوم بدر، كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وهو بضم الخاء المعجمة، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره في البدريين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي : إن الحارث بن عامر إنما قتله nindex.php?page=showalam&ids=2516خبيب بن يساف بن عيينة ببدر؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=290خبيب بن عدي لم يشهد بدرا.
وقوله: (فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف). وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : ابتاع nindex.php?page=showalam&ids=290خبيبا حجير بن أبي إهاب - أخو الحارث - لأنه ابتاعه لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه، وقيل: اشترك في ابتياعه أبو إهاب بن عزيز nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل والأخنس بن شريق وعبيدة بن حكيم بن الأوقص وأمية بن أبي عتبة وبنو الحضرمي وصفوان بن أمية، وهم أبناء من قتل من المشركين ببدر، ودفعوه إلى عقبة فسجنه حتى انقضت الأشهر الحرم فصلبوه بالتنعيم، فكان أول من صلب في ذات الله وأول من صلى ركعتين عند القتل، وقيل: nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة (يعني: أن nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة أول من سن ركعتين على قول) حين أراد المكري الغدر به فيما ذكر في "مرشد الزوار".
والدثنة - بدال مهملة مفتوحة ثم ثاء مثلثة مكسورة وساكنة ثم نون مفتوحة - قتله nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية بأبيه.
[ ص: 269 ] وقوله: (فأخبرني عبيد الله بن عياض [أن بنت الحارث أخبرته) القائل: (فأخبرني عبيد الله)] هو nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري كما نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي، لا كما قاله بعض الشراح أنه عمرو، وعبيد الله هذا: هو القاري من القارة، تابعي، ولم يذكره أحد في رجال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما ادعاه nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي، نعم ذكره المزي، وهو والد محمد، وسمى nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ابنة الحارث ماوية. وقيل: مارية. وهي مولاة حجر بن أبي إهاب، وكانت زوج عقبة بن الحارث، وسماها nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال جويرية، وفي "معجم البغوي": هي ماوية بنت حجير بن أبي إهاب. nindex.php?page=showalam&ids=15472وللواقدي: هي مولاة بني عبد مناف. قال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في "جمعه": رواية عبيد الله عنها هنا إلى قوله: (فلما خرجوا به من الحرم)، والابن الذي خيف عليه من الموسى هو أبو الحسين بن الحارث بن عامر بن نوفل، وهو جد عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي شيخ مالك.
وجاء (واقتلهم بددا)، هو بفتح الباء الموحدة، والبدد: التفرق. قال السهيلي : ومن رواه بكسر الباء فهو جمع بدة، وهي: الفرقة والقطعة من الشيء المتبدد، ونصبه على الحال من المدعو، وبالفتح مصدر.
و (المصرع): موضع سقوط الميت، و (الشلو): العضو من اللحم. وعن الخليل أنه الجسد من كل شيء.
قال صاحب "المطالع": وهو متعين هنا؛ - يعني أعضاء جسد - إذ لا يقال: أعضاء عضو.
[ ص: 270 ] و (الأوصال): جمع وصل. قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي، والممزع - بضم الميم وبالزاي وعين مهملة - المفرق ويروى أن الذي قتل خبيبا هو أبو سروعة بكسر السين وقيل: بفتحها، وفتح الراء وقيل: بضمها، وقيل: إنه عقبة بن الحارث وقيل: أخوه، وكلاهما أسلم بعد ذلك، وكان عاصم قتل يوم أحد فتيين من بني عبد الدار أخوين، أمهما سلافة بنت سعد بن (شهيد)، وهي التي نذرت إن قدرت على قحف عاصم لتشربن فيه الخمر.
و (الظلة): السحابة. وقيل: هي كل ما غطى وستر. وقال القزاز : ما يستظل به من ثوب أو شجر.
و (الدبر): الزنابير، واحدها دبرة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : هي النحل، وجمعه دبور. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : الدبر: جماعة النحل لا واحد لها، وكذلك الثول والخشرم ولا واحد لشيء منها، كما يقال لجماعة الجراد: رجل، ولجماعة النعام: خيط، ولجماعة الظباء: إجل، وليس بشيء (من) ذلك واحد. ولم يرع ذلك المشركين وصدهم اللهو كما سبق في علم الله، والشعر الذي أنشده خبيب قال ابن هشام في "السيرة": أكثر أهل العلم بالشعر ينكرها له.
رابعها: في فوائده، فيه: أنه جائز أن يستأسر الرجل إذا أراد أن يأخذ برخصة الله في إحياء نفسه، كما فعل خبيب وصاحباه، وقال
وفيه: الأخذ بالشدة والإنابة من الأسر والأنفة من أن يجري عليه ملك كافر، كما فعل عاصم، وأحد صاحبي خبيب حين أبى من السير معهم حتى قتلوه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : أكره للأسير المسلم أن يمكن من نفسه إلا مجبورا.
وأما قولها: (يأكل من قطف عنب وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمر، وكانت تقول: إنه لرزق من الله رزقه خبيبا). قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : هذا ممكن أن يكون آية لله على الكفار وبرهانا لنبيه، وتصحيحا لرسالته عند الكافرة وأهل بلدها الكفار؛ من أجل ما كانوا عليه من تكذيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما من يدعي اليوم مثل هذا بين ظهراني المسلمين، فليس له وجه. إذ المسلمون كلهم قد دخلوا في دين الله أفواجا وآمنوا بمحمد وأيقنوا به، فأي معنى لإظهار آية عندهم؟ وعلى ما يستشهد
[ ص: 272 ] بها فيهم؛ لأنه قد يشك المرتاب ومن في قلبه جهل، فيقول: إذا جاز ظهور هذه الآيات من غير نبي، فكيف يصدقها من نبي وغيره يأتي بها؟ فلو لم يكن في رفع هذه إلا رفع الريب عن قلوب أهل التقصير والجهل؛ لكان قطع الذريعة واجبا والمنع منها لازما لهذه العلة، فكيف ولا معنى لها في الإسلام بعد تأصله، وعند أهل الإيمان بعد تمكنه؟ إلا أن يكون من ذلك ما لا يخرق عادة، ولا يقلب عينا، ولا يخرج عن معقول البشر، مثل أن يكرم الله عبدا بإجابة دعوة من حينه في أمر عسير وسبب ممتنع ودفع نازل، وشنعة قد أضلت فيصرفها بلطفه عن وليه، وهذا ومثله مما يظهر فيه فضل الفاضل وكرامة الولي عند ربه، قال: وقد أخبرني أبو عمران الفقيه الحافظ بالقيروان أنه وقف أبا بكر بن الطيب الباقلاني على تجويزه لهذه المعجزات، فقال له: أرأيت إن قالت لنا المعتزلة: إن برهانا على تصحيح مذهبنا وما ندعيه من المسائل المخالفة فحكم ظهور هذه الآية على يدي رجل صالح منا؟ قال أبو عمران: فأطرق عني ومطلني بالجواب، ثم اقتضيته في مجلس آخر فقال لي: كل ما اعترض من هذه الأشياء شيئا من الدين أو السنن، أو ما عليه صحيح العلم فلا يقبل أصلا على أي طريق جاء. فهذا آخر ما رجع إليه ابن الطيب.
وأما حماية الله عاصما من الدبر فلئلا ينتهك حرمته عدوه، فهذه الكرامة التي تجوز، مثل ذلك غير منكر؛ لأن الله تعالى حماه على طريق العادات، ولم يكن قلب عين ولا خرق عادة، هذا وشبهه جائز.