(فإن قلت): كيف يصح ذلك ولا يخلو من أن تنعقد ولاية الثاني في الحال أو لا تنعقد؟ فإن كانت منعقدة صارت الإمامة ثابتة لإمامين، وذلك لا يجوز، وإن لم تنعقد للثاني في الحال فقد جوزتم ابتداء عقدها على شرط وصفة. قيل: إنما يجوز استخلاف الاثنين على سبيل الترتيب، إذا ترتبا في ولاية العهد.
ولو قيل: إن عقد الولاية ينعقد لأحدهما لا بعينه، وتتعين لمن انعقدت له عند موت الإمام العاقد كان سائغا، ألا ترى أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لم يعين على أحد من الستة في الشورى، وانعقدت لأحدهم الولاية في جهته، وتعين ذلك الواحد منهم بعد موته ووقوع الاختيار من بينهم عليه، وإن قيل: إن الولاية تنعقد للأول، وأن الثاني إنما وقع عليه الاختيار من غير أن تنعقد له ولاية في الحال لتنعقد في الثاني، فيلزم الأمة حينئذ اتباعه باختيار الإمام له، وإن اختاره لهم أولى من نظر من يتولى الاختيار منهم لمكافأتهم، كان له وجه لتعلق ذلك بالمصلحة العامة والنظر للكافة.
وقد وردت السنة بمثله، واجتمعت الأمة على استعماله، ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة على الجيش الذي جهزه إلى مؤتة، ثم قال: "فإن قتل فأميره جعفر، فإن قتل فأميره عبد الله بن رواحة"، رتبهم في ولاية
[ ص: 309 ] الإمارة، وانعقدت بهذه التولية إمارة، ثم جعفر بعده، ثم عبد الله بعده، فإن ولى الإمام ولي عهده. وقال: إن مات بعد إفضاء الخلافة إليه بعدي لا قبلي فالإمام بعده فلان، انعقدت ولاية الأول وصار إماما عند موت المتخلف، فكان لولي العهد في حياته أن يختار غيره لولاية العهد؛ لأن الحق في الاختيار حينئذ يصير إليه بإفضاء الإمامة إليه، قاله بعض أهل العراق.
وقوله: (وإن عينيه لتذرفان). قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : أي: تدمعان. وقال غيره: تدفعان الدمع.