ورواه إبراهيم، عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة، عن صفوان، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أيوب يغتسل عريانا". [3391، 7493 - فتح: 1 \ 387]
وهما دليلان لقوله: (من اغتسل عريانا وحده في الخلوة)، ولا خلاف أن التستر أفضل كما قاله.
وبجواز الغسل عريانا في الخلوة قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجمهور العلماء ومنعه ابن أبي ليلى، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي وجها لأصحابنا، فيما إذا نزل في الماء عريانا بغير مئزر، واحتج بحديث ضعيف لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الماء إلا بمئزر؛ فإن للماء عامرا".
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي، عن خالد بن حميد عن بعض أهل الشام أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يكن يغتسل في بحر ولا نهر إلا وعليه إزار، فإذا سئل عن ذلك قال: إن له عامرا، وروى برد عن nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول، عن عطية مرفوعا: "من اغتسل بليل في فضاء فليتحاذر على عورته، ومن لم يفعل ذلك فأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه".
[ ص: 621 ] وفي مرسلات nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في: "مراسيله" عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن تجدوا متوارى، فإن لم تجدوا متوارى، فليخط أحدكم كالدائرة، ثم يسمي الله تعالى ويغتسل فيها".
وقال إسحاق: هو بالإزار أفضل؛ لقول الحسن والحسين رضي الله عنهما، وقد قيل لهما وقد دخلا الماء عليهما بردان، فقالا: إن للماء سكانا.
قال إسحاق: ولو تجردا رجونا ألا يكون إثما، واحتج بتجرد موسى عليه السلام.
فأما حديث بهز فهو بعض حديث طويل أخرجه أصحاب السنن الأربعة: nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الحمام، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في الاستئذان في موضعين، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في عشرة النساء، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه في النكاح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15579بهز، عن أبيه، عن جده. وهو ابن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، له صحبة، nindex.php?page=hadith&LINKID=665088قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: الحديث محمول عند الفقهاء على الندب والاستحباب للتستر في الخلوة لا على الإيجاب.
فرع:
حكى nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي خلافا للناس في أن ستر العورة واجب بالعقل أم بالشرع؟ وعلى الأول: المعتزلة، وعلى الثاني: أهل السنة، ولا شك أن جبلة الشخص كارهة لذلك، لكن الشرع هو الحاكم.
فائدة:
بهز هذا قد عرفت والده وجده مما ذكرته لك، وقد وثقه جماعة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا.
[ ص: 623 ] ووالده حكيم، قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: ليس به بأس.
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، عن محمد بن رافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق،
[ ص: 624 ] وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بمعناه في أحاديث الأنبياء والتفسير، ويأتي - إن شاء الله- من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين والحسن، وخلاس بن عمرو، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق عبد الله بن شقيق، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
ثانيها:
إسحاق هذا: هو ابن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري، نسبه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى جده. مات بعد المائتين، كان ينزل ببني سعد، وقيل: كان ينزل بالمدينة بباب بني سعد، وعن المنذري أنه ضبطه بضم السين والغين المعجمة، ونقله عن بعض علماء (...).
ثالثها:
قوله: (كانت بنو إسرائيل)؛ أي: جماعتهم، وكذلك أدخل عليهم التأنيث مثل قوله تعالى: قالت الأعراب آمنا [الحجرات: 14].
ويحتمل أنه كان حراما في شرعهم، كما هو حرام في شرعنا، وكانوا يتساهلون فيه، كما يتساهل فيه كثير من أهل شرعنا.
وجزم الشارح - أعني nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال-: بهذا، فقال: هذا يدل على أنهم عصاة له، وسالكون غير سنته؛ إذ كان هو يغتسل حيث لا يراه أحد، ويطلب الخلوة، فكان الواجب عليهم الاقتداء، ولو كان اغتسالهم عراة في غير الخلوة عن علم موسى وإقراره لذلك لم يلزم فعله; لأن شرعنا يخالفه ولو كانوا أهل توفيق اتبعوه.
ثم لم تكفهم المخالفة حتى أذوه، فنسبوا إليه ما نسبوا، فأظهر الله براءته من ذلك بطريق خارق للعادة؛ زيادة في دلالة صدقه، ومبالغة في قيام الحجة عليهم.
قوله: (فذهب مرة يغتسل، فوضع ثوبه على حجر) وضعه عليه السلام ثوبه ودخوله الماء عريانا دليل على جواز ذلك.
[ ص: 626 ] وجاء في "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم": "أنه اغتسل عند مويه" بضم الميم وفتح الواو وإسكان الياء، تصغير ماء، وأصله: موه، والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها، هكذا هو في معظم نسخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، روى ذلك العذري والباجي.
وفي بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم "مشربة" -بفتح الميم وإسكان الشين المعجمة، ثم راء- وهي: حفرة في أصل النخلة، يجمع الماء فيها ليسقيها. قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: وأظن الأول تصحيفا.
قوله: (فجمح موسى)؛ أي: أسرع إسراعا في مشيه خلف الحجر؛ ليأخذ ثوبه لا يرده شيء، وكل شيء مضى لوجهه على أمر فقد جمح، قال تعالى: لولوا إليه وهم يجمحون [التوبة: 57].
قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: جمح الفرس بصاحبه جمحا وجماحا: ذهب يجري جريا غالبا، وكل شيء مضى لشيء على وجهه فقد جمح.
وقال الأزهري في "تهذيبه": فرس جموح: إذا ركب رأسه فلم يرده اللجام، وهذا ذم، وفرس جموح، أي: سريع، وهذا مدح.
[ ص: 627 ] تاسعها:
قوله: (في إثره)؛ هو بتثليث الهمزة وإسكان الثاء، ورابعة فتحهما بمعنى، حكاهن كراع، وذكر الثلاث الأول في: "المنتخب"، وفي "المثلث" لابن السيد: الأثر -بالضم- أثر الجرح. وفي "الواعي" الأثر: -محرك- ما يؤثر الرجل بقدمه في الأرض.
قوله: (حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى) إنما مشى عليه السلام بينهم مكشوف العورة؛ لأنه إنما نزل إلى الماء مؤتزرا، فلما خرج يتبع الحجر، والمئزر مبتل بالماء علموا عند رؤيته أنه ليس بآدر; لأن الأدرة تتبين تحت الثوب المبلول بالماء، وهذا هو ما أجاب به الحسن بن أبي بكر النيسابوري فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي عنه سماعا.
وأجاب - أعني nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي- بجواب آخر، وهو أن موسى كان في خلوة كما بين في الحديث، فلما تبع الحجر لم يكن عنده أحد، فاتفق أنه جاز على قوم فرأوه، وجوانب الأنهار وإن خلت لا يؤمن وجود قوم قريبا منها فنسي موسى الأمر على ألا يراه أحد على ما رأى من خلاء المكان فاتفق من رآه.
وأما الشارح -يعني nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال- فقال: إن في الحديث دليلا على النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إلى ذلك من مداواة أو براءة مما رمي به من العيوب كالبرص وغيره من الأدواء التي يتحاكم الناس فيها مما لا بد فيها من رؤية أهل النظر بها، فلا بأس برؤية العورات للبراءة من ذلك أو لإثبات العيوب فيه والمعالجة.
الثاني عشر:
فيه ما يدل على أن الله تعالى كمل أنبياءه خلقا وخلقا، ونزههم عن المعايب والنقائص والسلامة من العاهات والمعايب، وعورض ما وقع ليعقوب وأيوب صلوات الله وسلامه عليهما، فللتأسي بهما ورفع درجاتهما، وقد زال عنهما.
[ ص: 629 ] الثالث عشر:
قوله: (فطفق) هو بكسر الفاء وفتحها، أي: جعل وأقبل وصار ملتزما لذلك، وهي من أفعال المقاربة.
والندب -بفتح النون والدال- أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر، وقال الأصمعي: هو الجرح إذا بقي منه أثر مشرف، يقال: ضربه حتى أندبه. ونقل ابن بطال عن صاحب "العين"، أنه أثر الجرح، واقتصر عليه، وهذه معجزة لموسى، وتمييز الجمادات.
وفيه: ما غلب على موسى من البشرية من ضرب الحجر، وهذا الضرب من موسى عليه السلام، يجوز أن يكون أراد به إظهار معجزته لقومه بأثر الضرب في الحجر، ويحتمل أن يكون أوحي إليه بذلك لإظهار معجزته.
وفيه أيضا: إجراء خلق الإنسان عند الضجر على (من) لا يعقل أيضا، فإذا كان الحجر أعطاه الله قوة مشى بها أمكن أن يحس به أيضا، ألا ترى قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: (والله إنه لندب بالحجر)؛ يعني: أثار ضربه بقيت فيه آية له. ويؤخذ من ذلك جواز الحلف على الإخبار.
وفيه: وفي حديث أيوب الآتي دليل على إباحة التعري في الخلوة
للغسل وغيره، بحيث يأمن أعين الناس؛ لأنهما من الذين أمرنا أن نقتدي بهداهم، ألا ترى أن الله تعالى عاتب أيوب على جمع الجراد كما سيأتي ولم يعاتبه على اغتساله عريانا، ولو كلفنا بالاستتار في [ ص: 630 ] الخلوة لحصل لنا الحرج والضيق; إذ لا نجد بدا منه، والباري تعالى لا يغيب عنه شيء من خلقه عراة كانوا أو مكتسين، وسيأتي شيء من هذا المعنى في باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها إن شاء الله.
قال: ومما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في الآية مما نعلم أنه ليس من رأيه; لأنه إخبار عن مراد الله، قال: صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته، كان ألين لنا منك وأشد حياء. فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته وتكلمت بموته، حتى عرفت بنو إسرائيل أنه قد مات فدفنوه، فلم يعرف موضع قبره [ ص: 631 ] إلا الرخم، فإن الله جعله أبكم أصم، ولا تعارض بينهما، فإنه يجوز أن يكون آذوه بكل ذلك، فبرأه الله منهما.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هذا معطوف على سند حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الأول، وقد صرح به أبو مسعود وخلف، فقالا في أطرافهما: إن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رواه هنا عن إسحاق بن نصر، وفي أحاديث الأنبياء عن nindex.php?page=showalam&ids=15241عبد الله بن محمد الجعفي كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الأصبهاني، عن أبي أحمد بن شيرويه، ثنا إسحاق، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق.. فذكره، وذكر أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رواه عن إسحاق بن نصر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق.
وأورد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي حديث nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، ثم لما فرع منه،
[ ص: 632 ] وقال: عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أيوب يغتسل.. " الحديث.
وأما قوله: (رواه إبراهيم.. إلى آخره)، قال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي لما ذكرها: قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء تعليقا عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.. فذكره، ثم قال: لم يرد - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري- على هذا من رواية عطاء، وقد أخرجه بطوله بالإسناد من حديث همام، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة. وكذا ساقه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الأصبهاني، عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما سلف.
ثم قال: لم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري اسم شيخه وأرسله، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي، فقال: حدثناه أبو بكر بن عبيدة الشعراني وأبو عمرو أحمد بن محمد الحيري، قالا: ثنا أحمد بن حفص، حدثني أبي، حدثني إبراهيم، عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة. وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في الطهارة عن أحمد بن حفص، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان.
ثانيها:
أيوب صلى الله عليه وسلم هو من ذرية عيصو بن إسحاق، وعاش ثلاثا وتسعين سنة، وكان ببلاد حوران، وقبره مشهور عندهم بقرية بقرب نوى عليه مشهد، وهناك قدم في حجر يقولون: إنها أثر قدمه، وهناك عين يتبرك بها ويزعم أنها المذكورة في القرآن العظيم، وكانت شريعته [ ص: 633 ] التوحيد وإصلاح ذات البين، وإذا طلب من الله حاجة خر له ساجدا ثم طلب، وكان أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالا، وكان لا يشبع حتى يشبع الجائع، ولا يلبس حتى يلبس العاري. وأمه بنت لوط عليه السلام.
ثالثها:
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار سلف حاله فيما مضى.
(والجراد) جمع جرادة، والجرادة تقع على الذكر والأنثى، قاله الجوهري. وليس الجراد تذكيرا للجرادة، إنما هو اسم جنس كالبقر والبقرة، فحق مذكره ألا يكون مؤنثه من لفظه; لئلا يلتبس الواحد المذكر بالجمع، وقيل: الجراد الذكر، والجرادة الأنثى، حكاه ابن سيده.
سمي جرادا; لأنه يجرد الأرض فيأكل ما عليها، وله قبل أسماء أن يصير جرادا، ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده وغيره. وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري في كتاب التوحيد "رجل جراد"؛ أي: جماعة من جراد. والرجل -بالكسر- الجراد الكثير، وهو من أسماء الجماعات التي لا واحد لها من لفظها، يقال: رجل من جراد، وسرب من ظباء، وخبط من نعام، وعانة من الحمير.
وقوله: (فجعل يحتثي في ثوبه) ذكر أهل اللغة أن الحثية باليدين جميعا، قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: الحثي: ما رفعت به يديك، يقال: حثى يحثي ويحثو، والياء أعلى، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13441ابن قرقول أنه يكون باليد الواحدة أيضا.
[ ص: 635 ] وقوله: (فناداه ربه) يحتمل أن يكون كلمه كما كلم موسى، وهو أولى بظاهر اللفظ، ويحتمل أن يرسل إليه ملكا فسمي منادى بذلك، وقد حكاهما على وجه الاحتمال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي في "شرحه"، وكذا ابن التين.