2961 [ ص: 458 ] 13 - باب: بركة الغازي في ماله حيا وميتا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر
3129 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم قال: قلت nindex.php?page=showalam&ids=11804لأبي أسامة: أحدثكم nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير قال: لما وقف nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه فقال: يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بني، بع مالنا فاقض ديني. وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير - خبيب وعباد - وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني، إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت، من مولاك قال: الله. قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير، اقض عنه دينه. فيقضيه، فقتل nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير - رضي الله عنه - ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. قال: وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير: لا ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ولا شيئا، إلا أن يكون في غزوة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مع أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - قال nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف.
قال: فلقي nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين فكتمه. فقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير اشترى الغابة
[ ص: 459 ] بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف ثم قام فقال: من كان له على nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر، وكان له على nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أربعمائة ألف فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان nindex.php?page=showalam&ids=15335والمنذر بن الزبير وابن زمعة فقال له معاوية: كم قومت الغابة قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي قال: أربعة أسهم ونصف. قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا، والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير دين فليأتنا فلنقضه. قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين: قسم بينهم قال: فكان nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف. [فتح: 6 \ 227 ]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير: قال: لما وقف nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا؟ فقال: يا بني، بع مالنا واقض ديني. وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير - يقول ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير -
[ ص: 460 ] خبيب وعباد - وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني، إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبة من مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير، اقض عنه دينه، فيقضيه، فقتل الزبير - رضي الله عنه - ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها الغابة، وأحد عشر دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. قال: وإنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارة قط، ولا جباية خراج ولا شيئا، إلا أن يكون في غزوة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مع أبي بكر وعمر وعثمان. قال nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفى ألف ومائتي ألف. قال: فلقي nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ فقال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان له على nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير حق فليوافنا بالغابة. فأتى عبد الله بن جعفر، وكان له على nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. فقال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا.
قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف،
[ ص: 461 ] فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان nindex.php?page=showalam&ids=15335والمنذر بن الزبير وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. قال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال: قد أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، قال: فلما فرغ nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا، والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه. قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، قال: فكان nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصابت كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.
الشرح:
هذا الحديث من أفراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وذكره أصحاب الأطراف في مسند nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير، والأشبه أن يكون من مسند ابنه؛ لأن أكثره من كلامه، ولقوله: (وما ولي إمارة قط إلا أن يكون في غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) وهذه اللفظة فيها معنى الرفع.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن جويرية: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة، ثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله. nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم: قلت nindex.php?page=showalam&ids=11804لأبي أسامة: حدثكم هشام، عن أبيه، عن عبد الله به. وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي محسنا عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=666049أوصى nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل
[ ص: 462 ] فقال: ما مني عضو إلا وقد جرح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى فرجه، ورواه ابن سعد في "طبقاته"، في قتل nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ووصيته بدينه وثلث ماله، عن nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة nindex.php?page=showalam&ids=11804حماد بن أسامة بنحو حديث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وطوله، غير أنه خالفه في موضع واحد، وهو قوله: أصاب كل امرأة من نسائه، ألف ألف ومائة ألف، لا كما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : مائتا ألف، وعلى هاتين الروايتين لا تصح قسمة خمسين ألف ألف، ومائتا ألف، على دينه ووصيته وورثته، وإنما تصح قسمتها أن لو كان لكل امرأة ألف ألف فيكون الثمن أربعة آلاف ألف، فتصح قسمة الورثة من اثنين وثلاثين ألف ألف، ثم يضاف إليها الثلث ستة عشر ألف ألف فتصير الجملتان ثمانية وأربعين ألف ألف، ثم يضاف إليها الدين ألفا ألف ومائتا ألف، فصارت الجمل كلها خمسين ألف ألف ومائتي ألف، ومنها تصح.
ورواية ابن سعد تصح من خمسة وخمسين ألف ألف، ورواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تصح من تسعة وخمسين ألف ألف، وثمانمائة ألف، فيجوز أن يكون المراد بقوله: وجميع ماله خمسون ألف ألف، ومائتا ألف قيمة تركته عند موته، لا ما زاد عليها بعد موته من غلة الأرضين والدور في مدة أربع سنين قبل قسمة التركة، ويدل عليه ما روى nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة، عن هشام عن أبيه قال: كان قيمة ما ترك nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير، أحدا وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف.
وروى ابن سعد، عن nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة قال: قسم ميراث nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير على أربعين ألف ألف، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن
[ ص: 463 ] ثابت بن عبد الله بن الزبير في بني عدي عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوج الزبير، وأن nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير أرسل إليها بثمانين ألف درهم، فقبضتها وصالحت عليها، قال nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي : وبين قول nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار هذا، وقول غيره بون بعيد، والعجب من nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير مع تتبعه هذا العلم وتنفيره عنه، كيف خفي عليه توريث آبائه وأخواله تركاتهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أيضا: قوله: فجميع ماله خمسون ألفا ومائة ألف ألف غلط في الحساب، والصحيح فجميع ماله سبعة وخمسون ألف ألف، وتسعمائة ألف، وكذا قال ابن التين : هذا حساب فيه غلط، والصحيح أنه إذا خرج الثلث للوصية، وأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف فيكون جميع المال على الحقيقة سبعة وخمسين ألف ألف وستمائة ألف، فأسقط من المال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سبعة آلاف ألف وأربعمائة ألف، وقال ابن المنير: وهما جميعا، ولم يبين صوابه.
فائدة أخرى: ذكر nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أيضا أن nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير قتل وهو ابن سبع أو ست وستين وأنه كان أبيض، أشعر الكتفين، خفيف العارضين طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، وذكر أيضا بسنده قال: كان nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الضريبة، لا يدخل بيت ماله منها درهما، يقول: يتصدق به، وقال أيضا: باع nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير دارا له بستمائة ألف فجعلها في سبيل الله، وكانت الصحابة يوصون إليه فأوصى إليه عثمان بصدقته حتى يدرك عمرو بن عثمان، وأوصى إليه nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف، والمطيع بن الأسود، والمقداد بن عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير،
[ ص: 464 ] وأوصى إليه أبو العاص بن الربيع بابنته أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجها nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب. وقال له nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أنت من وصيتي في حل وبل، في أديم طابع، ولم يهاجر أحد معه إلا أمه الزبير بن العوام، ونزلت الملائكة يوم بدر على سيما الزبير طيرا بيضاء، عليهم عمائم صفر، وكان على الزبير يومئذ عمامة صفراء.
فصل:
(فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين والوصية؛ فثلثه لولدك)، يعني: ثلث ذلك الفضل الذي أوصى به إلى المساكين من الثلث لبنيه، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال .
وقوله: (فثلثه لولدك)، هو بالتشديد لتصح إضافته إلى ولده، أي: ليكون التثليث وصله إلى اتصال ثلث الثلث إليهم، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي عن بعض العلماء، ثم قال: وفيه نظر، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : قوله: ثلثه لبنيك يعني: ثلث الثلث الموصى به لحفدته، وهم بنو ابنه عبد الله.
فصل:
كان يوم الجمل عام ست وثلاثين، وقتل عثمان سنة خمس وثلاثين، فبويع nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي، وكان أول من بايعه طلحة، فلما أحس بأصبع طلحة الخنصر الذي قطع يوم أحد قال: هذا الأمر لا يتم، ثم بايعه nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير والناس، فاستأذنه طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير في الخروج إلى مكة في عمرة، وكان موت عثمان في ذي الحجة بعد الأضحى فأذن لهما، ثم أتاه مروان فاستأذنه، فأذن له، وقال: أعلم بما يريدون، فكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بمكة، فأتياها وقالا: إنا أكرهنا على البيعة، وأكرهنا nindex.php?page=showalam&ids=13707مالك الأشتر النخعي،
[ ص: 465 ] وسألاها الخروج إلى العراق ليستعان بهم أن يعود الأمر شورى، فلم يزالا بها، ولم يزل بها nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير عبد الله حتى خرجت معهم، فلما سمع ذلك علي خشي أن يأتيه أهل العراق فيصنع به كما صنع بعثمان، فقصد القوم إلى البصرة، وقصد علي الكوفة، فراسلهم ثم كان حرب يوم الجمل، فرمي طلحة بسهم من ورائه من أهل عسكره، وانصرف nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير قبل أن يبرد القتال نادما على ما وقع منه وقال: كنت لا أدري معنى قول الله تعالى: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة [الأنفال: 25] حتى وقعت فيها، فأنزله عمرو بن جرموز التيمي السعدي وذبح له شاة، فلما نام nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير وثب عليه ابن جرموز فقتله واحتز رأسه وذهب إلى علي، فقيل nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي: هذا ابن جرموز أتاك برأس nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير، فقال: بشروا قاتل الزبير بالنار، وفي رواية: بشروا قاتل ابن صفية بالنار، وذكر ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرمى عمرو بالرأس وهرب، وفيه تقول عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وكان nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير خلف عليها بعد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته لا طائشا رعش الجنان ولا اليد ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله فيما مضى فيمن يروح ويغتدي كم غمرة قد خاضها لم يثنه عنها إيرادك يا ابن قفع القردد [ ص: 466 ] والله ربك إن قتلت لمسلما حلت عليك عقوبة المتعمد
وكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - على جمل يسمى عسكر، كان ليعلى بن منية، أعطاها إياه، وكان اشتراه بمائتي دينار، فقامت عليه، وقصد أصحاب علي الجمل الذي هي عليه، فكان كل من أخذ بذمامه قتل ثم أخذه nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير فقالت: من هذا، قال: عبد الله، قالت: واثكل أسماء، فقاتله مالك بن عبد الله الأشتر النخعي فتجالد مع nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير حتى انقطعت أسيافهما وتعانقا، فجعل عبد الله يقول: اقتلوني nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالكا، وجعل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقول: اقتلوني وعبد الله، ولم يقدر nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك أن يقول: اقتلوني nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير، ولا nindex.php?page=showalam&ids=14لابن الزبير أن يقول: والأشتر، ولو قال أحدهما لهجما عليهما الفريقان حتى يقتلا؛ لأن كل واحد منهما أمسك القتال على حزبه فأنجيا جراحا وعرقب الجمل، وبادر محمد بن أبي بكر فأنزل أخته وكان مع علي؛ لأنه ربيبه، فجهزها علي باثني عشر ألف درهم وصرفها إلى المدينة. وكان عبد الله بن جعفر ولي اشتراء جهازها، فاشترى لها ثلاثمائة ألف
[ ص: 467 ] درهم، قال له علي: خذ لها من بيت المال اثني عشر ألفا، ولولا أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أعطاها إياها ما أعطيتها إياها، واحمل أنت ما بقي فانقضى أمر الجمل، وعاد الأمر بين علي ومعاوية، ثم خرجت الخوارج على علي، فقتلهم يوم النهروان، ثم طبقه عبد الرحمن بن ملجم، فقتله.
فصل:
أنكر قوم وقعة الجمل، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض في "الشفا": فأما من أنكر ما عرف بالتواتر من الأخبار والسير والبلاد، التي لا يرجع إلى إبطال شريعة، ولا يفضي إلى إنكار قاعدة من الدين، كإنكار غزوة تبوك أو مؤتة، أو وجود أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، وقتل عثمان، وخلافة علي، مما علم بالنقل ضرورة، وليس في إنكاره جحد شريعة، فلا سبيل إلى تكفيره بجحد ذلك، وإنكار وقوع العمل به؛ إذ ليس في ذلك أكثر من المباهتة كإنكار هشام وعباد وقعة الجمل، ومحاربة من خالفه، فأما إن ضعف ذلك من أجل تهمة الناقلين ووهم المسلمين أجمع فنكفره بذلك؛ لسريانه إلى إبطال الشريعة.
قلت: وممن أنكرها بعد هذين nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم، ولعله نزع بذلك إلى براءة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
فصل:
قوله: (لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم). معناه والله أعلم: أن الصحابة في قتال بعضهم بعضا كل له وجه من الصواب يعذر به عند الله، فلا يسوغ أن يطلق على أحد منهم أنه قصد الخطأ وقاتل على غير تأويل سائغ. هذا مذهب أهل السنة، وكل واحد منهم مجتهد
[ ص: 468 ] بحق عند نفسه، فالقاتل منهم والمقتول في الجنة إن شاء الله، والله يوسع لكل منهم رحمته كما سبقت لهم الحسنى؛ ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال .
ومعنى قوله: (إلا ظالم أو مظلوم) [ظالم] في تأويله عند خصمه أو مخالفه، ومظلوم عند نفسه إن قتل، وإنما أراد الزبير أن يبين بقوله هذا أن تقاتل الصحابة ليس كتقاتل أهل البغي والمعصية، الذي القاتل والمقتول منهم ظالم؛ لقوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=650030 "إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار" لأنه لا تأويل لواحد منهم يعذر به عند ربه، ولا شبهة له من الحق يتعلق بها، فليس منهم أحد مظلوما، بل كلهم ظالم.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير وطلحة وجماعة من كبار الصحابة خرجوا مع nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - كما أسلفنا - لطلب قتلة عثمان، وإقامة الحد عليهم، ولم يخرجوا لقتال علي؛ لأنه لا خلاف بين الأمة أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أحق بالإمامة من جميع أهل زمانه، وكان قتلة عثمان لجئوا إلى علي، فرأى علي أنه لا ينبغي إسلامهم للقتل على هذا الوجه، حتى يسكن حال الأمة، وتجري المطالب على وجوهها، بالبينات وطرق الأحكام؛ إذ علم أنه أحق بالإمامة من جميع الأمة، ورجاء أن ينفذ الأمر على ما أوجب الله عليه، فهذا وجه منع علي المطلوبين يوم عثمان، فكان من قدر الله تعالى ما جرى به القلم من تقاتلهم؛ فلذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير لابنه ما قال؛ لما رأى من شدة الأمر، فإن الجماعة لا تنفصل إلا عن تقاتل.
[ ص: 469 ] وقال: (لا أراني إلا سأقتل مظلوما)؛ لأنه لم يبن على قتال، ولا عزم عليه ولما التقى الزحفان فروا فأتبعه ابن جرموز فقتله في طريقه، كذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال، وقد أسلفنا خلافه، وأنه ضيفه، فلما نام قتله، وقد يمكن nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير أن يكون سمع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=681488 "بشر قاتل ابن صفية بالنار"؛ فلذلك قال: لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما.
وقال ابن التين : يريد بذلك، إما متأول أراد بفعله وجه الله ولم يبعد في تأويله، وإما رجل من غير الصحابة أراد الدنيا وقاتل عليها فهو الظالم.
فصل:
(وإن من أكبر همي لديني)، أي: لم يبق علي تباعة سواه. وقوله: (أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا)، قاله استكثارا لما عليه، وإشفاقا من دينه.
وفيه: الوصية عند الحرب؛ لأنه سبب مخوف كركوب البحر، واختلف لو تصدق حينئذ، وحرر هل يكون ثلثهما أو من رأس مالهما. وفيه الوصية لبعض البنين.
وقوله: وقد وازى بعض بني الزبير أي: حازاهم في السن، قاله ابن التين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : يجوز أن يكون وازاهم في السن ويجوز أن يكون وازى بنو عبد الله في أنصبائهم فيه أولاد nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير فيما حصل لهم من ميراث
[ ص: 470 ] nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أبيهم، قال: وهذا الوجه أولى، وإلا لم يكن لذكر كثرة أولاد nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير معنى للموازاة في السن.
وفيه: دليل على دفع تأويل الشيعة على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ومن تابعها في دعوى ظلمها؛ لأن الله تعالى لا يكون وليا للظالم. وخبيب كان أبوه عبد الله يكنى به، ويكنى أبا بكر، وأبا عبد الرحمن، أمر الوليد بعض عماله فضرب nindex.php?page=showalam&ids=290خبيبا بالسوط حتى مات.
فصل:
وأما قول الزبير للذين كانوا يستودعونه: (لا، ولكنه سلف)، إنما فعل ذلك خشية الضيعة كما هو مصرح به فيه فيظن به ظن السوء فيه، أو تقصير في حفظه، فرأى أن هذا أتقى لمروءته وأوثق لأصحاب الأموال؛ لأنه كان صاحب ذمة وأثرة وعقارات كثيرة، فرأى أن يجعل أموال الناس مضمونة عليه ولا يبقيها تحت شيء من جواز التلف، لتطيب نفس صاحب الوديعة على دينه، وتطيب نفسه هو على ربح هذا المال.
وقوله: (وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج) أي: فيكثر ماله من هذا الوجه فيكون عليه فيه ظن سوء أو مغمز؛ كظن عمر والمسلمين والعمال حتى قاسمهم، بل كان كسبه من الجهاد وسهمانه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخليفته بعده، فبارك الله له في ماله لطيب أصله وربح أرباحا بلغت ألوف الألوف، وقول عبد الله: قلت: من مولاك؟ لأن المولى ينطلق على معان منها: الناصر، والولي، يظن أن يريد أحدا من الناس.
[ ص: 471 ] وقوله: (لم يدع إلا رباعا) كان nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أخذ أرضين في سهمه حين الفتح، وأقطعهم الشارع أرضا من بني النضير، وأقطعه nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق أرضين، واشترى دورا بالمدينة، واختط بالبصرة والكوفة ومصر حين مصرت، ففي هذا اتخاذ الربع. وفيه الابتياع للرباع إلا عند الضرورات؛ لقلة ما يدخل فيها من فساد المطعم؛ ولأنها تظفر كاسبها وتضنيه عن معاناة التجار التي لا تكاد تسلم من الأيمان الكاذبة، وقول الزور.
فصل:
قوله: (فحسبت ما عليه من الدين) هو بفتح السين من حسبت الشيء أحسبه حسابا وحسبانا.
وحسبت بمعنى ظننت مكسورة العين، والمصدر الحسبان بكسر الحاء. وقول عبد الله لحكيم بن حزام: (إن دين أبي مائة ألف) وكتمه ألفي ألف ومائتي ألف، فهذا ليس بكذب؛ لأنه صدق في البعض وكتم بعضا، وللإنسان إذا سئل عن خبر أن يخبر منه بما شاء، وله أن لا يخبر بشيء منه أصلا. وإنما كتمه لئلا يستعظم حكيم ما استدانه nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير فيظن بالزبير سوء ظن وقلة حزم، ويظن بعبد الله فاقة إلى معونته فينظر إليه بعين الاحتياج إليه، ففيه بعض التجاوز في القول.
وفي قول عبد الله بن جعفر: ما كان عليه من الكرم، حتى إنه كان ينسب إلى الإتلاف والتبذير، كان يهب الكثير حتى ينفد ما عنده، فربما دخل منزله بعض أصحابه فلا يجد ما يطعمهم فيعمد إلى عكة كان فيها عسل فيقطعها ويعطيهم جلدها فيلعقون ما فيه. وقال له
[ ص: 472 ] الحسن والحسين: لو اقتصرت عن إتلافك. فقال: إن الله عودني أن يعطيني فأعطي، وأخشى إن قطعت أن يقطع عطائي.
[ ص: 473 ] وفيه: أن سيد القوم قد يكون قوله وقبوله جائزا على من إليه اتباع قومه، كما أن عبد الله لم يقبل الهدية وقد كان يجب أن يعرف ما عند ورثة أبيه كلهم، فكان قوله في الرد جائزا على ورثة أبيه، كما كان قول الغرماء عند سبي هوازن في هبة أنصبائهم في السبي جائزا على من تبعهم. وليس هذا من الأمر المحكوم به عند التشاح، لكنه محكوم به في شرف النفوس ومحاسن الأخلاق ولا سيما في ذلك الزمان المتقدم.
فصل:
وجه مطابقة الترجمة للحديث أن nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ما وسع عليه بولاية ولا جبابة، بل ببركة غزوه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبورك له في سهامه من الغنائم لطيب أصلها وسداد معاملته فيها كما سلف. ونبه عليه ابن المنير أيضا