[ ص: 508 ] سلبه". فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال الثالثة مثله، فقال رجل: صدق يا رسول الله، وسلبه عندي فأرضه عني. فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق - رضي الله عنه: لاها الله إذا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يعطيك سلبه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "صدق". فأعطاه فبعت الدرع، فابتعت به مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام. [انظر: 2100 - مسلم: 1751 - فتح: 6 \ 247]
وذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف، في قتل الغلامين من الأنصار أبا جهل وفي آخره: سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. وكانا معاذ ابن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح.
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة في أخذه سلب المشرك.
والحديثان في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا، والأول يأتي في المغازي، وفي فضل من شهد بدرا والثاني سلف في البيوع وفي بعض النسخ في آخر حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف: قال محمد: سمع يوسف صالحا، يعني: سمع nindex.php?page=showalam&ids=17411يوسف بن الماجشون صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - الراوي - عن أبيه عن جده، ويشبه أن يكون منقطعا فيما بينهما.
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري قال فيه: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17411يوسف بن الماجشون، عن صالح،... إلى آخره بالعنعنة، يوضحه رواية البزار له عن محمد بن
[ ص: 509 ] عبد الملك القرشي، وعلي بن مسلم قالا: ثنا يوسف بن أبي سلمة الماجشون، ثنا عبد الواحد بن أبي عون حدثني صالح بن إبراهيم به ثم قال: الحديث لا نعلمه يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
وعبد الواحد بن أبي عون (رجل من المشهورين ثقة).
قلت: ويجوز أن يكون سمعه عن صالح، ومرة من صالح، ويؤيده: أن nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم لما رواه عن يوسف قال: أنا صالح.
قلت: وصالح هذا كنيته أبو عمران، مات بالمدينة في ولاية إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بالمدينة في خلافة هشام بن عبد الملك، وكان إبراهيم خاله.
nindex.php?page=showalam&ids=17411وابن الماجشون: أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة دينار.
ويقال: ميمون مولى لآل المنكدر بن عبد الله بن الخدير التيمي.
nindex.php?page=showalam&ids=15135والماجشون: هو يعقوب، وهو بالفارسية: الورد، وقيل: كان من أصبهان، نزل المدينة فكان يلقى الناس فيقول: شوني شوني، فلقب nindex.php?page=showalam&ids=15136بالماجشون.
[ ص: 510 ] وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة : ابن أفلح، وهو عمر بن كثير أخو ( محمد وعبد الرحمن )، ابني (أفلح) مولى آل أبي أيوب، أصيب كثير يوم الحرة.
وفيه أيضا: أبو محمد، واسمه nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع .
ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة في غزوة حنين من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث، عن يحيى بن سعيد : كلا والله لا يعطيه أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله... الحديث.
إذا تقرر ذلك فقد اختلف العلماء في السلب، هل يخمس؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مشهور قوليه: كل شيء من الغنيمة يخمس إلا السلب فإنه لا يخمس، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وابن جرير وجماعة من أهل الحديث.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: أن الإمام مخير فيه إن شاء خمسه على الاجتهاد - كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في سلب البراء بن مالك - وإن شاء لم يخمسه، واختاره القاضي إسماعيل بن إسحاق.
وفيه قول ثالث: أنها تخمس إذا كثرت الأسلاب، قاله nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه.
[ ص: 511 ] وقول رابع: أنه يخمس، قاله nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عنه: السلب من النفل والنفل يخمس. احتج من رأى تخميسها بقوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شيء الآية. [الأنفال: 41] ولم يستثن سلبا ولا غيره.
وحجة الأول حديثا الباب، فإنه ليس في واحد منهما تخميس الأسلاب، وعموم: ("من قتل قتيلا فله سلبه")، فملكه السلب، ولم يستثن شيئا منه، وإلى هذا ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وصح في "سنن أبي داود" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد، أنه - عليه السلام - nindex.php?page=hadith&LINKID=674268قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "صحيحه" من طريق عوف.
وحجة الثالث ما رواه سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أن البراء بن مالك بارز مرزبان الزأرة فقتله، فقوم سلبه ثلاثين ألفا، فلما صلينا الصبح غدا علينا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب، فقال nindex.php?page=showalam&ids=86لأبي طلحة: إنا كنا لا نخمس الأسلاب، وإن سلب nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بلغ مالا ولا أرانا إلا خامسيه، فقدمناه ثلاثين ألفا، فدفعنا إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ستة آلاف، فكان أول سلب خمس في الإسلام.
فدل فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - أن لهم أن يخمسوا إذا رأى الإمام ذلك.
[ ص: 512 ] فصل:
واختلف العلماء في حكم السلب: فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يستحقه القاتل إلا أن يرى ذلك الإمام بحضرة القتال، فينادي به ليحرص الناس على القتال، ويجعله مخصوصا لإنسان إذا كان جهده، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقا منه، وليس بفتوى، وإخبارا عاما.
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بأنه - عليه السلام - إنما قال: "من قتل قتيلا فله سلبه" بعد أن برد القتال يوم حنين، ولم يحفظ ذلك عنه في غير يوم حنين، ولا بلغني ذلك عن الخليفتين، فليس السلب للقاتل إلا أن يقول ذلك الإمام، وإلا فالسلب غنيمة وحكمه حكم الغنائم؛ لأن الأخماس الأربعة للغانمين والنفل زيادة على الواجب، فلا تكون تلك الزيادة من الواجب بل من غيره وهو الخمس.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: يكره أن يقول الإمام قبل القتال: من قتل قتيلا فله سلبه؛ لئلا يفسد نيات المجاهدين، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي .
قالوا: وإنما قال - عليه السلام - هذا القول بعد أن برد القتال.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور: السلب للقاتل على كل حال وإن لم يقله الإمام؛ لأنها قضية قضى بها الشارع في مواطن شتى فلا يحتاج إلى إذن الإمام فيها، وقد أعطى الشارع سلب أبي جهل يوم بدر لمعاذ بن عمرو، فثبت أن ذلك قبل يوم حنين، خلاف قول مالك.
[ ص: 513 ] واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=151معاذ بن عمرو أنه - عليه السلام - كان أعطاه السلب؛ لأنه كان أثخنه، ومعاذ ابن عفراء أجاز عليه.
قالوا: وعندنا أنه إذا أثخن واحد بالضرب وذبح آخر كان السلب للأول، ونظره - عليه السلام - لسيفهما، واستدلاله منهما على أيهما قتله دليل يقويه، فإن من أثخن له مزية في القتل.
وموضع الاستدلال منه أنه رأى في سيفيهما مبلغ الدم من جانبي السيفين ومقدار عمق دخولهما في جسم أبي جهل، ولذلك سألهما: (هل مسحاهما؛ ليعتبر) مقدار ولوجهما في جسمه.
وقوله: ("كلاكما قتله") وإن كان الواحد المثخن ليطيب نفس الآخر ولا يكسره.
واحتج المالكيون والعراقيون في أن السلب لا يجب للقاتل بقوله لهما: nindex.php?page=hadith&LINKID=652908 "كلاكما قتله" فلو كان مستحقا بالقتل لجعله بينهما لاشتراكهما فيه، فلما قال ذلك وقضى به لأحدهما دون الآخر، دل ذلك على ما قلناه، ألا ترى أن الإمام لو قال: من قتل قتيلا فله سلبه، فقتل رجلان قتيلا، أن سلبه لهما نصفين، وأنه ليس للإمام أن يحرمه أحدهما ويدفعه إلى الآخر؛ لأن كل واحد منهما له فيه من الحق مثل ما لصاحبه، وهما أولى به من الإمام، فلما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سلبأبي جهل أن يعطيه لأحدهما دل على أنه كان أولى به منهما؛ لأنه لم يكن يومئذ من قتل قتيلا فله سلبه، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .
واحتج أصحابنا فقالوا: إنما أعطى السلب لأحدهما وإن كان قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=652908 "كلاكما قتله" لأنه استطاب نفس صاحبه، ولم ينقل ذلك. ويشهد لصحة هذا ما ثبت عنه - عليه السلام - أنه جعل السلب للقاتل يوم بدر وغيره.
قالوا: وحديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة يدل أن السلب من رأس الغنيمة لا من الخمس؛ لأن إعطاءه له قبل القسمة؛ لأنه نفله حين برد القتال، ولم يقسم الغنيمة إلا بعد أيام كثيرة بالجعرانة، فأجابهم أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والكوفيون، وقالوا: هذا حجة لنا؛ لأنه إنما قال ذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة بعد تقضي الحرب، وقد حيزت الغنائم. وهذه حالة قد سبق فيها مقدار حق الغانمين، وهو الأربعة الأخماس على ما أوجبها الله تبارك وتعالى لهم، فينبغي أن يكون من الخمس.
[ ص: 515 ] وأن يكون مما إليه صرفه على وجه الاجتهاد وهو الخمس، كما ينفل من الخمس لا من حقوق الغانمين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : الحديث أدل دليل على صحة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة .
وزعم من خالفنا أن هذا (الحديث) منسوخ مما قاله يوم (حنين)، وهو فاسد لوجهين: الأول: أن الجمع بينهما ممكن فلا نسخ. الثاني: روى أهل السير وغيرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: nindex.php?page=hadith&LINKID=663857 "من قتل قتيلا فله سلبه" كما قال يوم حنين، وغايته أن يكون من باب تخصيص العموم.
فصل:
واختلفوا في الرجل يدعي أنه قتل (قتيلا) بعينه، ويدعي سلبه، فقالت طائفة: لابد من البينة، فإن جاء بواحد حلف معه وأخذه، واحتجوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة، وبأنه حق يستحق مثله بشاهد ويمين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجماعة أهل الحديث
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : لا يحتاج إليها ويعطى بقوله.
وقال ابن القصار وغيره: إنه - عليه السلام - شرط البينة، وأعطى nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة سلبه بدونها، وذلك بشهادة رجل واحد دون يمين، فعلم أنه لم يعطه؛ لأنه استحقه بالقتل؛ لأن المغانم له أن يعطي منها من شاء ما شاء، ويمنع من شاء، قال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه [الحشر: 7].
[ ص: 516 ] والمغانم خلاف الحقوق التي لا تستحق إلا بإقرار أو شاهدين، وأجاب أصحابنا بأنه - عليه السلام - لم يعطه nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة إلا بالبينة؛ لأنه أقر له به من كان حازه لنفسه في القتال (فصدق أبا) قتادة. وقال الصديق ما قال وأضاف السلب إليه، فحصل شاهدان له، وأيضا فإن كل من في يده شيء فإقراره به لغيره يقوم مقام البينة.
قوله: (لاها الله إذا)، كذا الرواية بالتنوين. قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : والصواب فيه: لاها الله ذا من غير ألف قبل الذال، ومعناه: لا والله، يجعلون الهاء مكان الواو، يعني: والله لا يكون ذا.
وقال المازني: معناه: لاها الله ذا يميني أو ذا قسمي.
قال أبو زيد: ذا زائدة، وفي (ها) لغتان: المد والقصر قالوا: ويلزم الجزم بعدها، وتلزم اللام بعدها كما تلزم بعد الواو، قالوا: ولا يجوز الجمع بينهما، فلا يقال: لاها والله.
وقال ثابت في "غريب الحديث": قال أبو عثمان المازني: من قال: لاها الله إذا فقد أخطأ، إنما هو: لاها الله ذا، أي: ذا يميني أو ذا قسمي.
[ ص: 517 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : معناه: لا والله، أو لا بالله، إن رفع الاسم.
فرع:
(لاها الله) عندنا كناية، إن نوى بها اليمين كانت يمينا وإلا فلا، وظاهر الحديث دال على أنها يمين.
فصل:
المخرف بكسر الميم: البستان، سمي مخرفا لما يخترف فيه من ثمار نخيله، وأصله: الزنبيل الذي يخترف فيه والخارف: اللاقط والحافظ للنخل.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة اللغوي: إذا اشترى الرجل نخلتين أو ثلاثا إلى العشر يأكلهن، قيل: قد اشترى مخرفا جيدا. والخرائف: النخل التي تخترفن. واحدها خروفة، وخريفة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : المخرف بفتح الميم: جماعة النخل.
قال الجوهري: بفتح الراء. وأنكر ابن قتيبة على أبي عبيد أن يكون المخرف: التمر، وإنما هي النخل، والتمر الخروف.
وروي: مخرافا، ومعنى (تأثلته): جمعته إليه، أو اتخذته أصل مال، وأصل كل شيء أثلته.
فصل:
في حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف: (تمنيت أن أكون بين أصلح منهما). فيه أن الكهل أصبر في الحروب، وفي بعض النسخ: أضلع،
[ ص: 518 ] بالضاد بدل: أصلح، ورجحها nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال فقال: هكذا روى nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد عن nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون بالصاد والحاء، وروى الثانية nindex.php?page=showalam&ids=12370إبراهيم بن حمزة فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن ابن أبي داود عنه، nindex.php?page=showalam&ids=13941وموسى بن إسماعيل فيما رواه ابن سنجر عنه، وصفان فيما رواه ابن أبي شيبة عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون، وهو أشبه بالمعنى. ورواية ثلاثة حفاظ أولى من رواية واحد خالفهم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : الذي في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : (أضلع)، ووقع في بعض رواياته: (أصلح) والأول: الصواب، ومعناه من الضلاعة وهي القوة، وكأنه استضعفهما لصغر أسنانهما.
وقوله: (لا يفارق سوادي سواده)، يعني: شخصي شخصه. وأصله: أن الشخص يرى على البعد أسود.
وقوله: (حتى يموت الأعجل منا)، أي: الأقرب أجلا، وهو كلام مستعمل يفهم منه أن يلازمه ولا يتركه إلى وقوع الموت بأحدهما، وصدور هذا الكلام في حال الغضب والانزعاج، يدل على صحة العقل الوافر والنظر في العواقب، فإن مقتضى الغضب أن يقول: حتى أقتله، لكن العاقبة مجهولة.
وفيه: أن اليمين لفعل الخير.
[ ص: 519 ] ومعنى: (فلم أنشب): لم ألبث، ولم أشتغل بشيء، وهو من نشبت بالشيء: إذا دخلت فيه وتعلقت به.
وقوله: (يجول): هو بالجيم، وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : يزول، بمعناه. أي: يضطرب في المواضع ولا يستقر على حال. وفي رواية ابن ماهان كما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . ومعنى (ابتدرا): استبقا.
وفيه: بشرى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل عدو الله.
وقوله: ("أيكما قتله؟ ") فيه سؤاله عن قاتله، وتداعيا قتله على ما خيل إليهما.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : ضربه ابنا عفراء حتى برك. بالكاف، أي: سقط على الأرض.
وفي أخرى: حتى برد، بالدال، أي: مات. ونظره إلى سيفيهما يحتمل أن يكون عنده في ذلك علم. أو يكون الملك أخبره عند نظره.
وقال هنا: ("وسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح") وفي غير هذا الموضع: فنفلهما سلبه. وقيل: إنما نفله لأحدهما؛ لأنه رأى ذلك، وقيل: كان أكثر قتله من فعل nindex.php?page=showalam&ids=151معاذ بن عمرو المذكور.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : أن ابني عفراء ضرباه حتى برد. وكذا في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب: قتل أبي جهل، وادعى nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي أنه وهم، التبس على بعض الرواة معاذ بن الجموح بمعاذ بن عفراء ومعوذ أخيه عند السلوب عند
[ ص: 520 ] ذكر عمرو والد nindex.php?page=showalam&ids=151معاذ بن عمرو بن الجموح. وقال أبو الفرج: ابن الجموح ليس من ولد عفراء، ومعاذ بن عفراء ممن باشر قتل أبي جهل، فلعل بعض إخوته حضره أو أعمامه، أو يكون الحديث: ابنا عفراء فغلط الراوي فقال: ابن عفراء.
قال أبو عمر: أصح من هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : أن ابني عفراء قتلاه. وعن ابن التين : يحتمل أن يكونا أخوين لأم، أو يجوز أن يكون بينهما رضاع.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : ابنا عفراء: سهل وسهيل، ويقال: معوذ nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ.
وفي السيرة: ضرب nindex.php?page=showalam&ids=151معاذ بن عمرو بن الجموح أبا جهل ثم ضربه وهو عقير معوذ بن عفراء، فضربه حتى أثبته وتركه وبه رمق، فمر به nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود حين أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلتمس في القتلى، فعلى هذا يصح قول من قال: ابنا عفراء معاذ ومعوذ ابنا الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار، وعفراء أمه ابنة عبيد بن ثعلبة النجارية، عرف بها بنوها. وذكر أبو عمر: أن معوذا قتل ببدر وكذا أخوه عوف.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : أن معاذا أخاها شارك في قتل أبي جهل، وتوفي أيام صفين، وقد أسلفناه أن بعضهم أجاب: بأنه استطاب نفس أحدهما، وكيف يستطيب نفس هذا بإفساد الآخر. وعند بعضهم أنه رأى بسيف أحدهما من الأثر ما لم ير على الآخر، وفيه نظر.
فائدة: لم يجرد قرشي يوم بدر غير أبي جهل، جرده nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي في "مغازيه".
وفي "مغازي موسى بن عقبة" عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وجد أبا جهل جالسا لا يتحرك ولا يتكلم، فسلبه درعه، فإذا في بدنه نكتة سوداء فحل بسيفه البيضة وهو لا يتكلم، فاخترط سيفه، يعني: سيف أبي جهل فضرب به عنقه، ثم سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين احتمل رأسه إليه عن تلك النكتة. فقال: "قتلته الملائكة، وتلك آثار ضربهم إياه".
فصل:
في nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لما أجهز على أبي جهل نفله رسول الله سيفه. ولما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي هذا الحديث في باب السلب للقاتل.
[ ص: 522 ] قال: الاحتجاج به في هذه المسألة غير جيد؛ لأنا أسلفنا كيفية الغنيمة يوم بدر حتى نزلت: يسألونك عن الأنفال [الأنفال: 1]، وإنما الحجة في إعطائه - عليه السلام - للقاتل السلب بعد وقعة بدر.
وذلك بين في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق - فيما حكاه يونس عن أبي العميس - قال: أراني nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق سيف nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وقال: هذا سيف أبي جهل، أخذه حين قتله، فإذا سيف عريض قصير فيه قبائع فضة وحلق فضة.
فرع:
قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : إذا التقى الزحفان فلا سلب له، إنما النفل قبل أو بعد ونحوه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وأبو بكر بن أبي مريم والشافعيون. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: السلب للقاتل على كل حال.
قلت: وروى nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي من حديث عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي فروة، عن nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله، عن عامر بن عثمان السلمي، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال: أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف (أن رسول - صلى الله عليه وسلم - سأل) nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل قال: "من قتل أباك؟ " قال: الذي قطعت يده، فدفع رسول - صلى الله عليه وسلم - سيفه لمعاذ بن عمرو بن الجموح فهو عند آله.
[ ص: 523 ] فرع:
الأصح: أن القاتل لو كان ممن رضخ له (ولا سهم له) كالمرأة والصبي والعبد يستحق السلب لا الذمي. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يستحقه إلا المقاتل، فإن قتل امرأة أو صبيا أو شيخا فانيا أو ضعيفا مهينا ونحوه فلا يستحق سلبه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة: ولا نعلم فيه خلافا.
فصل:
وفي قوله: "كلاكما قتله" دلالة على أن السلب لو كان مستحقا بالقتل لكان يجعله بينهما لأنهما اشتركا في قتله، ولا ينزعه من أحدهما، فلما قال: "كلاكما قتله" ثم قضى بالسلب لأحدهما دون الآخر، دل على وجود أمر آخر مرجح، وأن المستحق له هو المثخن، أو أن الإمام كان لم يناد به قبل، على من يقول به. وإن قتله اثنان فأثخناه فاستحقاه، وسيأتي أن أبا جهل قال: هل فوق رجل قتلتموه، أي: لا عار علي من قتلكم إياي.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : لو غير أكار قتلني، يعرض بابني عفراء؛ لأنهما من الأنصار أصحاب الزرع والنخل، يعني: لو كان قاتلي غير فلاح، وهو الأكار، كان أحب إلي وأعظم لشأني، ولم يكن علي نقص، وسيأتي إيضاح ذلك في غزوة بدر.
[ ص: 524 ] فصل:
قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة : (كانت للمسلمين جولة). هو بفتح الجيم أي: خفة ذهبوا فيها، يقال: جال واجتال: إذا ذهب وجاء، ويعني به: انهزام من انهزم من المسلمين يوم حنين، وعبارة ابن التين، أي: اختلطوا وتزحزحوا عن صفوفهم وهو بمعناه.
وقوله: (علا رجلا)، أي: ظهر عليه، وأشرف على قتله، أو صرعه، وجلس عليه ليقتله. وقال ابن التين : قيل: أشرف عليه، وقيل: صرعه. يقال: علاه في المكان يعلوه، في المكان يعلى. وحبل العاتق: بين العنق والكاهل. وقيل: هو حبل الوريد، والوريد: عرق بين الحلقوم والعلباوين والعاتق يذكر ويؤنث.
وقوله: (فضمني ضمة وجدت فيها ريح الموت)، أي: ضمني ضمة شديدة أشرفت بسببها على الموت، وذلك أن من قرب من الشيء وجد ريحه، ويحتمل أنه أراد شدة كشدة الموت.
فصل:
وقوله: ("له عليه بينة") قد سلف الكلام عليه، قال nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة: ويحتمل أن يقبل شاهد بغير يمين؛ لظاهر الحديث، وهو أنه - عليه السلام - قبل من شهد nindex.php?page=showalam&ids=60لأبي قتادة من غير يمين، قال: ويجوز أن نسلب القتلى ونتركهم عراة. قاله nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وابن المنذر .
كلام أبي بكر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة لم يكن لأحد فعله بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيره على كثرة المفتين في زمنه: فمنهم باقي الخلفاء الأربعة، وعبد الرحمن، وابن أم عبد، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب، ومعاذ، nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة، nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت، nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء، وسلمان، nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري.
فصل:
وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث السالفة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة : (كلا والله لا نعطيه أصيبغ من قريش). أصيبغ: بالصاد المهملة، والغين المعجمة. قيل: معناه: أسيود كأنه عيره بلونه.
وقيل: بالضاد المعجمة والعين المهملة كأنه تصغير: ضبع على غير قياس؛ تحقيرا له، وهو أشبه بسياق الكلام؛ إذ تصغيره: ضبيع.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قيل: إنه نسبة إلى التوضيع والتأنيث. وقيل: لم يرد به ذلك، وإنما هي كلمة تقال للرجل المترف الذي يؤثر الراحة ويميل إلى التنعيم.
[ ص: 526 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : وقال لي بعض أهل اللغة: إنما سمي أصيبغ؛ لأنه كانت له شامة يصبغها. وقال ابن التين في غزوة حنين: هو وصف بالمهانة والضعف، والأصيبغ: نوع من الطير. ويجوز أن يكون شبهه بنبات ضعيف يقال له: الصبغاء، وذلك أول ما يطلع من الأرض، فيكون ما يلي الشمس منه أصفر.
فصل:
قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة : (حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه).
ظاهره: أنهما لم يتبارزا، وإنما التقيا بالتقاء الجيش، ولو كانا تبارزا، فاختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في جواز دفع المشرك إذا خيف أن يقتل المسلم، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون : يدفع عنه، ولا يقتل الكافر؛ لأن مبارزته عهد، فلا يقتله غير من بارزه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون مرة: لا يعان بوجه، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في "كتاب محمد".
فرع:
إذا قتل المشرك غير من بارزه، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : عليه ديته. وخالف nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب.
قوله: (ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) يحتمل أن يريد: فرجعوا من جولتهم، ويحتمل أن يريد: رجعوا بعد الفراغ من القتال. وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن قوله: "من قتل قتيلا" إلى آخره، كان بعد أن برد القتال ويبينه قوله: (وجلس) كما سلف. ولا يجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد فراغ القتال.
فصل:
تكراره - عليه السلام - قوله: "من قتل قتيلا" إلى آخره ثلاثا. يحتمل أن يكون قالها في ثلاث ساعات متفرقة، لكي يسمع من يأتي بعد مقالته الأولى.