وغرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا الباب أن يعرفك أن الصبر على المفاتن والصلة للقاطع أقطع للفتنة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد عاقبة، فكأنه قال: باب الصبر على أذى الفاتنين وعاقبة الصابرين، ألا ترى أنه - عليه السلام - أخذ يوم الحديبية في قتال المشركين بالصبر لهم والوقوع تحت الدنية التي ظنها عمر في الدين، وكان ذلك الصبر واللين الذي فهمه الشارع عن ربه في (بروك) الناقة على التوجه أفضل عاقبة في الدنيا والآخرة من القتال لهم وفتح مكة على ذلك الحنق الذي نال المسلمين من تحكمهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان عاقبة صبره ولينه لهم أن أدخلهم الله في الإسلام، وأوجب لهم أجرهم في الآخرة، ألا ترى قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=888566 "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" فكيف بأهل مكة أجمعين، وهم الذين كانوا أئمة العرب وسادة الناس، وبدخولهم دخلت العرب في دين الله أفواجا.
ففيه: أن صلة المقاطع أنجع في سياسة النفوس nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد عاقبة. وعلى مثل هذا المعنى دل حديث أسماء في صلة أمها وهي مشركة.
[ ص: 651 ] وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف الدلالة البينة أنه - عليه السلام - كان يدير كثيرا من حروبه بحسب ما يحضره من الرأي مما الأغلب عنده أنه من الصواب، وإن كان الله قد كان عهد إليه في جواز الصلح في مثل الحال التي صالحهم عليها عهدا، فمن ذلك الرأي كان، لولا ذلك لما كان عمر وسهل بن حنيف ومن كان ينكر الصلح ويرى قتال القوم أصلح في التدبير والرأي لينكروا ذلك ويؤثروا آراءهم بالقتال على تركه لو كان عندهم أنه عن أمر الله تعالى نبيه، ولكنه كان عندهم أنه رأي من النبي صلى الله عليه وسلم، وإبقاء على من معه من الصحابة؛ لقلة عددهم وكثرة عدد المشركين.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر والذين يرون قتال القوم بحسن بصائرهم وجميل نياتهم في الإسلام، إذ كانوا أهل الحق والمشركون أهل الباطل، يرون أن الحق لا يعلوه باطل، لاسيما عدد الله ورسوله وليهم فأيدهم، فعظم لذلك عليهم الانحطاط إلى الصلح، ورأوه وهنا في الدين.
وكان - عليه السلام - أعلم مما تؤدي إليه عاقبة ذلك الصلح منهم مما هو أجدى على الإسلام وأهله نفعا، وأن الله أوحى إليه الأمر بترك قتال القوم؛ لأن ذلك أسد في الرأي.
وفيه: الدلالة الواضحة على أن لأهل العلم الاجتهاد في النوازل في دينهم مما لا نص فيه من كتاب ولا سنة، وذلك أن الذين أنكروا الصلح يوم أبي جندل أنكروه اجتهادا منهم، والشارع بحضرتهم يعلم ذلك من أمرهم، فلم ينههم عن القول بما أدى إليه اجتهادهم، وإن كان قد عرفهم خطأ رأيهم وصواب رأيه. ولو كان الاجتهاد خطأ كان حريا - عليه السلام - أن يتقدم إليهم بالنهي عن القول عما أداه إليه اجتهادهم أشد النهي.
[ ص: 652 ] وفيه أيضا: أن المجتهد عند نفسه مما يدرك بالاستنباط لا تبعة عليه فيما بينه وبين الله (خطأ) إن كان منه في اجتهاده إذا كان اجتهاده على أجل، وكان من أهله؛ لأنه - عليه السلام - لم يؤثم عمر ومن أنكر الصلح، والمعاني التي جرت بينهم في كتاب الصلح مما كان خلافا لرأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإن كانوا في ذلك مذنبين لأمرهم بالتوبة، ولكنهم كانوا على اجتهادهم مأجورين، ولو كان الصواب فيما رآه - عليه السلام - ، وذلك نظير قوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=9555 "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر" وسيأتي زيادة فيه في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى.
وقوله: (وضعنا سيوفنا) يعني: ما جردناها في الله لأمر فظيع علينا عظيم إلا أسهلت بنا سيوفنا وأفضت بنا إلى السهل من أمرنا من غير هذا الأمر. يعني: أمر الفتنة التي وقعت بين المسلمين في صدر الإسلام، فإنها مشكلة لم تتبين السيوف فيها الحقيقة، بل حلت المصيبة بقتل المسلمين، فنزع السيف أولى من سله في الفتنة.
فصل:
قوله: (لأمر يفظعنا). قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : فظع وأفظع لغتان، ومعناه لأمر شديد. والحديبية: بئر، وفيها التخفيف والتشديد كما سلف.
[ ص: 654 ] وأنكر أبو جعفر النحاس التشديد، وقال: لم يقل به أحد من أهل اللغة.
فصل:
قول أسماء: قدمت أمي مع أبيها، قال nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير : هو الحارث بن مدرك بن عبيد بن عمر بن (مخزوم ).