وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: لنحن الصافون [الصافات: 165]: الملائكة.
ثم قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17233هدبة بن خالد، ثنا همام، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، [ ص: 57 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، عن مالك بن صعصعة ثم قال: وقال همام، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن الحسن، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في البيت المعمور".
وقال في موضع آخر: حدثنا ابن بشار، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر، ثنا شعبة، عن قتادة. وقال لي nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع، ثنا سعيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية، ثنا ابن عباس فذكر حديث الإسراء.
أما تعليق nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فقد أسنده بعد فيما يأتي قريبا عن nindex.php?page=showalam&ids=16967محمد بن سلام، عن nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية، عن حميد، عنه مطولا.
وأما أثر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فرواه nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري، عن محمد بن سعد، حدثني أبي: حدثني عمي: حدثني أبي، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بزيادة: الملائكة صافون تسبح لله -عز وجل-.
ورواه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وابن زيد.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك فيه هنا: "بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان".
[ ص: 58 ] وفيه: رؤية عيسى ويحيى في السماء الثانية، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم.
وفي حديث أبي ذر أنه رأى إبراهيم في السادسة.
وأخرجه مرة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16100شريك بن عبد الله بن أبي نمر، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا يحدثنا عن ليلة الإسراء في مسجد الكعبة جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو قائم في المسجد الحرام، فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى النائم، والنبي نائمة عيناه ولا ينام قلبه. وكذلك الأنبياء. فتولاه جبريل ثم عرج به إلى السماء.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: جمع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، أي: في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بين حديثي شعبة وسعيد على لفظ سعيد ولم يفصله.
(مالك بن صعصعة) جده وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا، وعنه أنس فقط.
وفي الرواة ابن صعصعة اثنان آخران:
أحدهما: ابن أبيه زفر بن صعصعة بن مالك بن صعصعة بن مالك بن صعصعة أخي مالك وهو أخو مالك وأخوهما عبد الله روى له ولأبيه [ ص: 59 ] أبو داود، وهما ثقتان.
الثاني: قيس بن صعصعة بن وهب شهد أحدا، أنصاري نجاري. وقيس بن أبي صعصعة عمرو بن زيد الخزرجي المازني عقبي بدري أمير الساقة يوم بدر، وهو قيس بن صعصعة.
روى حبان بن واسع عن أبيه قلت: يا رسول الله، وهذا أصح.
وفي "الموطأ" عن nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله، عن nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وعن أيوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن صعصعة وأخوه رفاعة.
فصل:
وهى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم حديث شريك فقال: لم نجد nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري شيئا لا يحتمل مخرجا إلا حديث شريك هذا، تم عليه في تخريجه الوهم مع إتقانه وحفظه وصحة معرفته.
وألفاظ هذا الحديث مقحمة منكرة، والآفة من شريك، من ذلك:
أولها: قوله: (إن ذلك قبل أن يوحى إليه) وأنه حينئذ فرضت عليه الخمسون صلاة، وهذا بلا خلاف بين أهل العلم أن ذلك كان قبل الهجرة بسنة، وبعد أن أوحي إليه (باثنتي عشرة) سنة، فكيف يكون ذلك قبل أن يوحى إليه؟ ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في "صحيحه" هذه الزيادة.
وقد روى حديث الإسراء جماعة من الحفاظ المتقنين كابن شهاب، [ ص: 60 ] nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك.
وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي: لا يخلو هذا الحديث من أمرين: إما أن يكون -عليه السلام - قد رأى في المنام ما جرى له مثله في اليقظة بعد سنين، أو يكون في الحديث تخليط من الرواة.
وقد انزعج لهذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وقال: هذا الحديث منام، ثم هو حكاية يحكيها أنس ويخبر بها من تلقاء نفسه لم يعزها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يروها عنه.
قلت: وقد تأول قوله: (قبل أن يوحى إليه) أي: من أمر الإسراء، أو في أمر الصلاة; لأن فرضها ليلة الإسراء وهي المهم.
وقوله: (جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه) على ظاهره، ثم جاءوا إليه مرة أخرى بعد البعث فيما يرى عليه، يوضحه قوله: "فلم يرهم حتى جاءوا إليه ليلة أخرى" فلا منافاة بين قوله: (قبل أن يوحى إليه) وبين فرض الصلاة، ودعواه الاتفاق أنه كان قبل الهجرة بسنة يرده قوله في موضع آخر عن ابن سعد أنه كان قبلها بثمانية عشر شهرا لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان ليلة السبع.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: ليلة سبعة عشر من ربيع الأول.
وقال الحربي: ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر.
وقال ابن قتيبة: بعد سنة ونصف من رجوعه من الطائف.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: بعد البعثة بخمسة عشر شهرا.
[ ص: 61 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: فلما أتت عليه إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهر أسري به.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: كان قبل الهجرة بستة أشهر، حكاه عنه ابن سالم في "ناسخه".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في "الوفا": كان قبل الهجرة بثمانية أشهر. وقيل: كان في ليلة سبع وعشرين من رجب.
وعند ابن الأثير: قبل الهجرة بثلاث سنين.
وعند أبي عمر: بعد المبعث بثمانية عشر شهرا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: بعد البعثة بثمان سنين.
فصل:
لما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم حديث شريك قال: وهم في مواضع أربعة: ذكر إدريس في السماء الثانية، والأخبار تواترت أنه في الرابعة.
وذكر هارون في الرابعة، والأخبار تواترت أنه في الخامسة.
وذكر إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة، والأخبار تواترت على العكس.
قلت: ويجوز أن يحمل على تعدد الإسراء.
[ ص: 62 ] فصل:
جمع بعضهم فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض في حديث شريك ثلاثة أوهام: شق الصدر، وذكر النوم، ودنو الرب -جل جلاله- إذ شق البطن في الأحاديث الصحيحة إنما كان في صغره، مع أن أنسا قد بين من غير طريق أنه إنما رواه عن غيره، وأنه لم يسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال مرة: عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كما سلف، وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: لعله عن مالك على الشك، وقال مرة: كان أبو ذر يحدث.
نعم، قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في "إكليله": المعراج صح سنده بلا خلاف بين أئمة الحديث فيه. ومدار الروايات الصحيحة فيه على nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وقد سمع بعضه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع تمامه، فسمع بعضه عن أبي ذر، وبعضه عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وبعضه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
وأما شق الصدر فقد أخرجه فيما مضى من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وأخرجه أيضا وأخرجاه من حديث محمد بن مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، عن أبي ذر.
وفي "مغازي nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة" أنه - عليه السلام - أول ما رأى أن الله أراه رؤيا في المنام فشق ذلك عليه، فذكرها nindex.php?page=showalam&ids=10640لخديجة، فعصمها الله من التكذيب، ثم خرج من عندها فأخبرنا أنه رأى بطنه شق ثم طهر وغسل، ثم أعيد كما كان، فقالت: هذا والله خير فأبشر، ثم استعلن له جبريل.
وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أيضا في "المبتدأ" وفي "الدلائل" لأبي نعيم الحافظ.
[ ص: 63 ] و"الأحاديث الصحيحة" للضياء أنه - عليه السلام - قال: "شق صدري وأنا ابن عشر سنين" وأشار nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم إلى غرابته.
وأما ذكر النوم فقد ورد في الصحيح من غير حديثه فلا إنكار فيه، بل روى nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم من حديث أبان، عن إبراهيم، عن علقمة: أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم، ثم يأتي الوحي بعد.
فيحتمل أن يكون رآه أولا مناما، ثم يقظة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مرفوعا: "ما من شيء يجري لابن آدم إلا ويراه في منامه حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه" ذكره القيرواني في تعبيره المسمى بـ"البستان" وذكر العرني في مولده: أن حليمة رأت شق صدره في المنام على الهيئة التي أخبرها بها في اليقظة فقصتها على زوجها. ولفظ الدنو جاء في الصحيح تفسيره بشيء سائغ لا إنكار فيه، أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لما سئلت عنه قالت: ذلك جبريل كان يأتيه في صورة الرجال، وأنه رآه في هذه المرة في صورته التي هي صورته فسد أفق السماء، وكذا ذكره مسلم في "صحيحه" عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود.
[ ص: 64 ] فصل:
روى nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير من حديث يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: أن nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة، وهذا رد على nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في قوله: لا خلاف أنها صلت معه بعد فرضها.
فصل:
(وقال همام: عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .. إلى آخره) هذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الحافظ عن عمرو بن حمدان، أخبرنا الحسن بن سفيان، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17233هدبة، ثنا همام به، أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يعودون فيه.
ولا يعترض بعدم سماع الحسن من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، فقد ثبت في عدة أحاديث سماعه منه ولله الحمد، وصرح به موسى بن هارون nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وغيرهما.
فصل:
في "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان": أن جبريل - عليه السلام - حمله - عليه السلام - على البراق رديفا له، ثم رجعا ولم يصل فيه ولو صلى لكانت سنة، وهو من أظرف ما يستدل به على الإرداف.
فصل:
أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي حديث الإسراء من حديث nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس.
وفيه: أنه صلى تلك الليلة ببيت لحم.
ومن حديث عبد الرحمن بن هاشم، عن عتبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة وأبي عمران الجواد الحوي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس.
[ ص: 65 ] وروى أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وأن سدرة المنتهى في السادسة.
nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد من حديث أبي هارون العبدي، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي، عن nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس، عن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
وفي "طبقات ابن سعد": بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم في بيته ظهرا، أتاه جبريل وميكائيل فقالا: انطلق إلى ما سألت -فساق حديث الإسراء- وقال بعضهم: فقد رسول الله تلك الليلة، فتفرقت بنو عبد المطلب يطلبونه، ويلتمسونه، وخرج nindex.php?page=showalam&ids=18العباس حتى بلغ ذا طوى فجعل يصرخ:
يا محمد يا محمد، فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لبيك" فقال: يا ابن أخي، عنيت قومك منك الليلة، فأين كنت؟ قال: "أبيت ببيت المقدس" قال: في ليلتك؟ قال: "نعم "قال: هل أصابك إلا خير؟ قال: "ما أصابني إلا خير". وقالت nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ: ما أسري به إلا من بيتنا; نام عندنا تلك الليلة.
وفي "الشفا" رأى موسى في السابعة، بتفصيل كلامه عز وجل له، ثم على فوق ذلك مما لا يعلمه إلا الله، فقال موسى: لم أظن أني لم يرفع علي أحد.
[ ص: 66 ] فذهبت طائفة إلى الأول، وأنه رؤيا منام، مع اتفاقهم على أن رؤيا الأنبياء وحي وحق، وإلى هذا ذهب معاوية، وحكي عن الحسن، والمشهور عنه خلافه، وإليه أشار nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق، وحجتهم قوله تعالى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الآية [الإسراء: 60].
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من حديث الحسن بن علي: أنه - عليه السلام - قال: "رأيت في المنام كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا" فأنزل الله هذه الآية، وذكره أيضا من حديث علي بن زيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب، مرسلا.
وما حكوا عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: "ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقوله: "بينا أنا نائم" وقول nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: "وهو نائم في المسجد الحرام" وذكر القصة، وقال في آخرها: "فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام".
وذهب معظم السلف إلى الثاني، وأنه إسراء بالجسد وفي اليقظة، وهذا هو الحق، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيما صححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم، وعدد في "الشفا" عشرين نفسا قال بذلك من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وأنه دليل قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وقول nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري، وجماعة عظيمة، وهو قول أكثر المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمفسرين والمتكلمين.
[ ص: 67 ] ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وغيره: صلاته فيه، وأنكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة وقال: والله ما زال عن ظهر البراق حتى رجعا.
والصحيح والحق أنه إسراء بالجسد والروح في القصة كلها. وعليه تدل الآية، وصحيح الأخبار، والاعتبار، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة، وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة؛ إذ لو كان مناما لقال: بروح عبده، ولم يقل: بعبده وقوله: ما زاغ البصر وما طغى [النجم: 17] ولو كان مناما لم يكن فيه معجزة ولا آية، ولما استبعده الكفار ولا كذبوه، ولا ارتدوا -أي: ضعفاء من أسلم- وافتتنوا به; إذ مثل هذا من المنامات لا ينكر، بل لم يكن ذلك منهم إلا وقد علموا أن خبره إنما كان عن جسمه وحال يقظته، إلى ما ذكر في الحديث من صلاته بالأنبياء ببيت المقدس في رواية nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وفي السماء على ما روى غيره.
وذكر مجيء جبريل له بالبراق، وشبه ذلك من مراجعته مع موسى، ودخوله الجنة، قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هي رؤيا عين رآها لا رؤيا منام.
وعن الحسن فيه: "بينا أنا جالس في الحجر جاءني جبريل فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي" ذكر ذلك ثلاثا، قال في الثالثة: "فأخذ جبريل بعطفي فجرني إلى باب المسجد، فإذا بدابة".
وحديث أم هانئ بين فيه أنه بجسمه، وكذا حديث الصديق والفاروق، ومن قال: إنها نوم احتج بالآية السالفة، فسماها رؤيا، وآية الإسراء ترده; لأنه لا يقال في النوم: "أسرى".
[ ص: 68 ] وقوله: (فتنة) يؤيده على أنه قيل: إنها نزلت في قصة الحديبية، وما وقع في نفوس الناس من ذلك وما سلف لا دلالة فيه; لأنه يحتمل أن يكون أول وصول الملك إليه كان وهو نائم، ولعل: "استيقظت" معناه: أصبحت، أو من نوم آخر بعد وصوله بيته، يوضحه أن مسراه لم يكن طول ليلته، وإنما كان في بعضه، أو استيقظت وأنا في المسجد لما كان غمزه من عجائب ما طالع من الملكوت فلم يستفق ويرجع إلى حالة البشرية إلا وهو بالمسجد الحرام.
أو يكون نومه واستفاقته حقيقة على مقتضى لفظه، ولكنه أسري بجسده وقلبه حاضر، ورؤيا الأنبياء حق، وقد مال بعض أصحاب الإشارات إلى نحو هذا.
قال: يغمض عينيه; لئلا يشغله شيء من المحسوسات عن الله، ولا يصح هذا أن يكون في وقت صلاته بالأنبياء، ولعله كانت له في الإسراء حالات.
أو يعبر بالنوم هنا عن هيئة النائم من الاضطجاع.
يوضحه قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد، عن همام: "بينا أنا نائم" وربما قال: "مضطجع" وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17233هدبة: "مضطجع" وفي الرواية الأخرى: "بين النائم واليقظان" فيكون سمى هيئته بالنوم لما كانت هيئة النائم غالبا: وقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: "ما فقدت جسده" فلم تحدث عن مشاهدة; لأنها لم تكن حينئذ زوجه، ولا في سن من يضبط، ولعلها لم تكن ولدت، فإذا لم تشاهد ذلك دل أنها حدثت بذلك عن غيرها فلم يرجح خبرها على خبر غيرها، وغيرها يقول خلافه مما وقع نصا [ ص: 69 ] في حديث nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ وغيره، وأيضا فليس حديث عائشة بالثابت عندنا. كذا قال عياض، لكنه في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، والأحاديث الأخر أثبت (إسنادا يعني): حديث nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ، وما ذكرت فيه (صريحة) وأيضا فقد روي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: "ما فقدت" ولم يدخل بها - عليه السلام - إلا بالمدينة، وكل هذا يوهيه، بل الذي يدل عليه صريح الأخبار قولها: إنه بجسده; لإنكارها أن تكون رؤياه لربه رؤيا عين، فلو كان عندها مناما لم تنكره.
وأما قوله تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى [النجم: 11] فجعل ما رآه القلب - وهو دال على أنه رؤيا نوم ووحي لا مشاهدة عين وحس - يقابله قوله تعالى: ما زاغ البصر [النجم: 17] فقد أضاف الأمر للبصر، وقد قال أهل التفسير في قوله تعالى: ما كذب الفؤاد [النجم: 11] أي: لم يوهم القلب العين غير الحقيقة بل صدق رؤيتها، وقيل: ما أنكر قلبه ما رأته عينه.
وروى التيمي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا: "أتاني جبريل بالبراق" فقال nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق: قد رأيتها يا رسول الله، قال: هي بدنة، فقال: "صدقت فقد رأيتها يا أبا بكر".
[ ص: 70 ] فصل:
في ألفاظ الحديث:
الطست مؤنثة، وجمعها: طسوس، ولذلك قال ملأى على وزن سكرى، قاله ابن التين لكن بخط nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي.
"ملئ": بضم أوله قال: وفي باب ذكر إدريس: "ممتلئ" قال ابن التين هناك: وصوابه ممتلئة; لأن الطست مؤنثة إلا أنه يجوز على ما تقرر في المؤنث الذي لا فرخ له أنه يجوز تذكيره.
والحكمة: كل كلمة عدل لا خلل فيها، ومنه: "إن من الشعر لحكما" أي: منه ما يدعو إلى الخير.
وقوله: ("فشق من النحر إلى مراق البطن") أي: أسفله المغابن وما يليها، وأصله: مراقق، فأدغمت القاف في القاف، وهي على وزن مفاعل، سميت بذلك; لأنها موضع رقة الجلد.
وقوله: ("أتيت بدابة أبيض") ولم يقل: بيضاء; لأنه أعاده على المعنى، أي: بمركوب أو براق. وبكاء موسى - عليه الصلاة والسلام - لا يتأول على معنى المحاسدة له والمنافسة فيما أكرم به، فذلك لا يليق بصفات الأنبياء وأخلاق الأجلة من الأولياء، وإنما بكى لنفسه ولأمته حين بخس الحظ منهم؛ إذ قصر عددهم عن مبلغ عدد أمة محمد شفقا على أمته، وتمنى الخير لهم، وقد يليق هذا بصفات الأولياء.
[ ص: 71 ] والبكاء على ضروب: فقد يكون مرة حزنا أو ألما، ومرة من إسكان أو عجيب، ومرة من سرور وطرب.
وفيه: كما قال الداودي: تمني الخير والتنافس فيه، وتمني المرء مثل ما لغيره له، وإنما قال: يدخل الجنة من أمته أكثر; لأن لكل نبي أجر من اتبعه واهتدى به.
وأما قوله: ("هذا الغلام") فمعناه: على تعظيم المنة لله عليه فيما أناله من النعمة، وأحفه له من الكرامة من غير طول عمر بلغه في عبادته، وأفناه مجتهدا في طاعته، وقد تسمي العرب الرجل المستجمع السن غلاما ما دامت فيه بقية من قوة، وذلك مشهور في لغتهم، قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: يقال لمن لم يبلغ خمسين: غلام وكهل وفتى وشاب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: الغلام الطار الشارب، وقال ابن التين في باب المعراج: المعروف أن من قارب الخمسين يسمى كهلا لا غلاما.
فصل:
وذكره إدريس في السماء الرابعة قيل: هو معنى قوله تعالى: ورفعناه مكانا عليا [مريم: 57] قاله أبو سعيد الخدري، وقيل: رفعناه في المنزلة والرتبة، وقيل: إنه سأل ملك الموت أن يريه النار، فأراه إياها، ثم الجنة، فأدخله إياها، ثم قال له: اخرج، فقال: وكيف أخرج وقد قال الله: وما هم منها بمخرجين [الحجر: 48] وقيل: سأل إدريس ربه أن يذيقه الموت ثم يرد إليه روحه، ففعل ذلك، ثم سأله أن يدخله الجنة ففعل، فلما رآها قال له رضوان: اخرج، قال: إن الله قضى [ ص: 72 ] لمن دخلها ألا يخرج، وقد ذقت الموت المحتوم على العباد، فأمره الله بتركه.
(وروي عن كعب أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس: لم نزلت هذه الآية؟ فقال كعب: كان إدريس صديق ملك فقال له: كلم لي ملك الموت في تأخير قبض روحي. فحمله الملك تحت طرف جناحه، فلما بلغ به السماء الرابعة لقي ملك الموت، فكلمه فقال: أين هو؟ فقال: ها هو ذا. فقال: من العجب أني أمرت أن أقبض روحه هنا، فقبضها).
وفيه: دليل على النسابة في قولهم: إن إدريس جد نوح; إذ لو كان كذلك لقال: مرحبا بالابن الصالح كما قال إبراهيم وآدم، وإنما قال: الأخ الصالح، قال ابن عباس: وإدريس هو اليسع، فعلى هذا هو مرسل، ذكره ابن التين، وقوله في إبراهيم: إنه في السابعة، ذكر في أول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه في السادسة، ويجمع بينهما بتعدد الإسراء، فإن كان واحدا فلعله وجده في السادسة، ثم ارتقى إبراهيم في السابعة.
واختلف في موسى: هل هو في السادسة أو السابعة، واحتج بأنه في السابعة بأنه أول من مر به فلذلك كلمه في نفس الصلاة، قاله ابن التين، قال: وما ذكره من رؤياه إياه فإنما رأى الأرواح إلا عيسى، فإنه لم يمت، قال ابن عقيل الحنبلي: أشكل أرواحهم على هيئة صور أجسامهم، قلت: الأنبياء أحياء، وهي مسلوبة الروح.
[ ص: 73 ] وقوله: ("كقلال هجر") قيل: في القلة مائتا رطل وخمسون رطلا، بالرطل البغدادي. كذا قاله ابن التين، وهو الأصح في مذهبنا أنهما خمسمائة رطل.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: القلال: الجرار، وهي معروفة عند المخاطبين معلومة القدر، وقد حدد بها الماء، والتحديد لا يقع بمجهول، وعبارة ابن فارس: القلة: ما أقله الإنسان من جرة أو حب، قال: وليس في ذلك عند أهل اللغة حد محدود إلا أن يأتي في الحديث (تفسير) فيجب أن نسلم، وعبارة الهروي: القلة منها تأخذ مزادة من الماء، سميت بذلك; لأنها تقل أي: ترفع.
وهجر -بفتح الهاء والجيم- بلد، لا تنصرف للتعريف والتأنيث.
فائدة:
قيل: إن علم الخلائق انتهى إلى سدرة المنتهى لم يجاوز ما وراءها.
وقوله: ("فنوديت: إني قد أمضيت فريضتي") قال ابن التين: احتج به من قال: إن الله -عز وجل- كلم محمدا ليلة الإسراء، وقد اختلف هل كان الإسراء يقظة أو مناما؟ قلت: قد روي: أن ملكا نادى بذلك، ولا خلاف في تكليمه، وإنما الخلف هل رآه؟
والمشهور: نعم، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: "فنودي: إني قد أمضيت فريضتي".
[ ص: 74 ] فصل:
قوله: "الأخ الصالح" إنما عبر بصالح لشموله سائر الخلال الحسنة.
وقال عبد الرحمن بن سابط: يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل للريح والجنود وميكائيل للنبات والقطر، وملك الموت لقبض الأنفس، وإسرافيل ينزل إليهم بما يؤمرون.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15094الكلاباذي في "أخباره" من حديث الفضل بن عيسى، عن عمه يزيد بن أبان، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا: "يقول الله -عز وجل- لملك الموت بعد فناء الخلق: من بقي؟ فيقول: جبريل وميكائيل، فيقول: خذ نفس ميكائيل فيقع في صورته التي خلقه الله عليها مثل الطود العظيم، ثم يقول: من بقي؟ فيقول: جبريل وملك الموت. فيقول: مت يا ملك الموت فيموت، ويبقى جبريل، فيأخذ الله روحه، فيقع على ميكائيل، وإن فضل خلقه على فضل ميكائيل كفضل الطود العظيم على الضرب من الضرار".
[ ص: 75 ] قال محمود بن عمر: ويروى: أن صنفا من الملائكة لهم ستة أجنحة: فجناحان يكفان بهما أجسادهما، وجناحان يطيرون بهما في الأمر من أمور الله تعالى، وجناحان مرخيان على وجوههم؛ حياء من الله تعالى. وقال علي يصف الملائكة: منهم الأمناء على وحيه، ومنهم الحفظة لعباده، ومنهم السدنة لأبواب جناته، ومنهم الثابتة في الأرض السفلى أقدامهم في الأرض، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم ولقوائم العرش أكتافهم.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية: الكروبيون: سادة الملائكة منهم: جبريل وإسرافيل، ويقال لجبريل: طاوس الملائكة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=15094الكلاباذي: سمعت بعض شيوخ المتكلمين تقول: إن جبريل يخلقه الله في وقت نزوله على محمد إنسانا وبشرا.
وهذا لا يستقيم; لأنه لو كان كما قالوا لكان قول المشركين: "إنما يعلمه بشر" صدقا، والله تعالى يقول: علمه شديد القوى [النجم: 5] نزل به الروح الأمين [الشعراء: 193] فجبريل جبريل، وإن كانت الصورة صورة إنسان، إذن فالصورة ليست الملك، وإن كان الملك هي بدل الصورة.
اختلف في البيت المعمور وفي مكانه، فقيل: البيت الذي بناه آدم أول ما نزل إلى الأرض، فرفع إلى السماء في أيام الطوفان، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، والملائكة تسميه: الضراح، بالضاد المعجمة; لأنه ضرح عن الأرض إلى السماء، أي: أبعد، ومنه: نية ضرح وطرح: بعيدة.
وقال أبو الطفيل: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=8عليا -وسئل عن البيت المعمور- قال: ذاك الضراح، بيت الكعبة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقوم القيامة.
قال محمود بن عمر: ويقال له الضريح أيضا، ومن قال الضراح فهو اللحن الصراح.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن: إنه البيت الذي بمكة معمور بمن يطوف به.
وعن محمد بن عباد بن جعفر: أنه كان يستقبل القبلة، ويقول: واحبذا بيت ربي ما أحسنه وأجمله! هذا والله البيت المعمور.
وقيل: البيت المعمور في السماء الدنيا، أو الرابعة، أو السادسة، أو السابعة، أقوال.
وعن جعفر بن محمد، عن آبائه: هو تحت العرش، وتقدم طرف منه في أول الصلاة.
[ ص: 77 ] والحديث الثاني من أحاديث الباب:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11820أبي الأحوص، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب، قال عبد الله: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق قال: "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه"... الحديث. وقد سلف الكلام عليه في الطهارة، وسيأتي في خلق آدم، والنذر، والتوحيد، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والأربعة أيضا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في كتابه: "الفصل للوصل": رواه nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة وجماعات "عددهم" عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، ثنا زيد، فذكره مطولا، وكذا رواه جماعات عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش "عددهم".
ومن أول الحديث إلى قوله: ("شقي أو سعيد") كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما بعده كلام ابن مسعود، وقد رواه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش فاقتصر من المتن على المرفوع فحسب، ورواه بطوله سلمة بن كهيل، عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب بفصل كلام nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال بعد ذكر الشقاوة والسعادة: قال عبد الله: "والذي نفسي بيده إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة" الحديث، وذكر ابن مردويه في "مجالسه" من حديث يعقوب بن الطفيل، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، عن أبي الطفيل، قال: أتيت حذيفة بن أسيد الغفاري فذكرت له ما سمعته من nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: "الشقي من شقي في بطن أمه" فقال: وما تنكر من ذلك؟ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=676008 "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه خمسة وأربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك" الحديث.
[ ص: 78 ] ولا التفات إلى ما حكي عن عمرو بن عبيد، وكان من زهاد القدرية من إنكاره هذا الحديث، فهو أقل من هذا.
وقوله: ("في بطن أمه أربعين يوما") يريد: نطفة، قال بعض العلماء: وكذلك جعل على المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا; لأن الأربعة لاعتبار الخلقة، وعشرا احتياطا، ولغيره ثلاث حيض; لأن عليها رقيبا، وأبيح لها أن تتزين وتغايظ زوجها، وجاء تفسيره عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: إن النطفة إذا وقعت في الرحم، وأراد الله خلق بشر منها طارت في بشر المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين ليلة، ثم تنزل دما في الرحم، فذلك جمعها. والذي في الحديث الذي يجمع خلقه أربعين يوما. بخلاف تفسيره أنه يجمع بعد الأربعين.
والعلقة: واحد العلق وهو الدم قبل أن ييبس.
والمضغة: القطعة الصغيرة من اللحم قدر ما يمضغ كغرفة لمقدار ما يغرف.
حديث ابن أبي جعفر عبيد الله المصري مولى علي به، مات سنة خمس أو ست وثمانين- عن محمد بن عبد الرحمن، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الملائكة [ ص: 80 ] تنزل في العنان -وهو السحاب- فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع، فتسمعه فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم".
هذا الحديث من أفراده بهذا السند، وروي نحوه من كتاب الأدب من حديث يحيى بن عروة، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، وكذا هو في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وليس في الكتب الستة ليحيى، عن أبيه غير هذا، وعلقه في صفة إبليس أيضا فقال: وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث: حدثني خالد بن يزيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=15987سعيد بن أبي هلال أن أبا الأسود أخبره، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة يرفعه: "الملائكة تحدث في العنان" الحديث.
وفيه: "فيقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة" وهو موصول أيضا من حديث خالد.
[ ص: 81 ] إذا تقرر ذلك فالعنان بفتح العين: السحاب جمع عنانة.
وقوله: "فيكذبون معها مائة كذبة" ظاهره أنهم الكهان، وقال الداودي: يحتمل أن يعني الكاهن أو الشيطان، وقوله في الرواية التي أوردناها: "ليس بشيء" أي: ليس قولهم بشيء يعتمد عليه ولا حقيقة له، وأخذ من هذا جواز إطلاق هذا اللفظ على ما كان باطلا.
يقال: قرت الدجاجة تقر قرا، فإن رددته قيل: قرقرت قرقرة، والقرقرة: ترديد كالكلام في أذن الأطروش حتى يفهم; كما يستخرج ما في القارورة شيئا بعد شيء إذا أفرغت. وعند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: قر الزجاجة بالزاي، وكأنه اعتبره باللفظ الذي هو فيه كما تقر القارورة، ويكون قر الزجاجة معناه: صوتها إذا فرغ ما فيها، قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: وهو تصحيف من nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي، والصواب بالدال.
وعن أبي سليمان: الكهنة: قوم لهم أذهان حادة، ونفوس شريرة، وطباع نارية، فألفتهم الشياطين؛ لما بينهم من التناسب في هذه الأمور، وساعدتهم بما في وسعها.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الطب "باب الكهانة" وذكر فيه حديث [ ص: 82 ] المرأتين من هذيل، وقال فيه: عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين. مرسل رواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من حديث معن، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به مرسلا، ثم قال: قد أسنده ابن أبي ذئب ويونس، وأرسله مالك، وفليح.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إثر حديث علي: عن هشام، أنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن يحيى بن عروة، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناس من الكهان، الحديث.
وقال علي: قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق: مرسل. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: بلغني أن عليا أسنده بعد.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم عن سليمان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم، أنا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، فذكره مسندا.
أحدها: أن يكون للإنسان ولي من الجن يخبره مما يسترق من السمع، وهذا القسم بطل بمبعث نبينا.
ثانيها: أن يخبره بما يطرأ -ويكون في أقطار الأرض- وما خفي عليه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده، ونفت هذا كله المعتزلة وبعض المتكلمين، وأحالوهما، ولا استحالة في ذلك ولا بعد في وجوده، لكنهم يكذبون ويصدقون، والنهي عن تصديقهم والسماع منهم عام.
[ ص: 83 ] ثالثها: المنجمون، وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوة وشدة ما، والكذب فيه أغلب. والكاهن لغة: الذي يضرب بالحصى، كما قاله في: "الجامع".
وفي "الموعب": كهن: صار منجما، وهو في كلامهم أيضا كما قال الأزهري: القائم بأمر الشخص الساعي له في حوائجه، وفي "المحكم": هو القاضي بالغيب.
قال في: "الجامع": وكان بعض العرب يسمي الكاهن طاغوتا، ويسمي كل من أخبر بشيء قبل حدوثه كاهنا، والمرأة: كاهنة.
وقال صاحب "مجمع الغرائب": الكاهن: هو الذي يدعي معرفة الأشياء المغيبة، فتصديقه فيما يدعي من علم الغيب قرع باب الكفر، نعوذ بالله منه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: ومن هذا الباب: العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات، يدعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن (بالزجر) والطرق والنجوم وأسباب معتادة في ذلك، وهذا الفن هو العيافة، وكلها تطلق عليها اسم الكهانة.
قال القرطبي: فإذا كان كذلك فسؤالهم -يعني: الكاهن والعراف والمنجم- عن غيب ليخبروا عنه حرام، وما يأخذون على ذلك حرام [ ص: 84 ] بلا خلاف; لأنه كحلوان الكاهن المنهي عنه، قاله أبو عمر، والأمة مجمعة عليه، ويجب على المحتسب أن يقيمهم من الأسواق وينكر عليهم أشد الإنكار، وإن صدق بعضهم في بعض الأمر فليس ذلك بالذي يخرجهم عن الكهانة، فإن تلك الكلمة إما خطفة جني أو موافقة قدر; ليغتر به بعض الجهال.
والكذبة: بفتح الكاف وكسرها وسكون الذال فيهما، وأنكر بعضهم كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض الكسر إلا إذا أراد الحالة أو الهيئة.
فصل:
قال ابن الأثير في حديث: "إنما هو من إخوان الكهان": إنما ضرب المثل بالكهان; لأنهم (كانوا) يروجون أقوالهم بالباطل، فأما إذا وضع السجع مواضعه فلا ذم، قال: ففيه ذمهم وذم من يتشبه بهم، والقائل: "كيف أغرم من لا نطق .. إلى آخره" يستحق بهذا السجع الذي احتج به على الشارع بالباطل شدة العقوبة في الدنيا والآخرة، غير أنه صفح عن الجاهل وترك الانتقام لنفسه، كما في ذاك الذي قال: "اعدل".
الحديث سلف في بابها، والأغر: هو سلمان أبو عبد الله المديني، [ ص: 85 ] وأصله من أصبهان، اتفقا عليه، ووقع nindex.php?page=showalam&ids=1584لأبي ذر من طريق الهيثم وحده بدله الأعرج، والصواب الأول، والحديث به مشهور، وكذا هو في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: أخبرني أبو عبد الله الأغر قال nindex.php?page=showalam&ids=12757ابن السكن: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة وسعيد والأغر، فصح بهذا كله أن الحديث حديث الأغر.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج المذكور أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في موضعين.
الحديث السادس:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال: "مر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في المسجد وحسان ينشد" الحديث، سلف في الصلاة، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا (وروح القدس) فيه هو جبريل.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك: "كأني أنظر إلى بياض ساطع في سكة بني غنم".
[ ص: 86 ] زاد موسى: موكب جبريل.
وهذا ذكره في المغازي أيضا، وشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نسبه nindex.php?page=showalam&ids=12757ابن السكن هنا nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه، وبه صرح nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي nindex.php?page=showalam&ids=12180وأبو نعيم. (موكب) بالخفض، وقيل: يعرب بالرفع، أي: "هو موكب" وقيل: بالنصب، بقوله: "انظر موكب جبريل".
قال ابن التين: وأحسن منهما: خفضه على البدل من غبار، أي: "غبار موكب" كقول الشاعر:
بسجستان طلحة الطلحات
أراد أعظم طلحة بذلك، كذلك "موكب" ههنا.
الحديث التاسع:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - أن الحارث بن هشام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف يأتيك الوحي؟" الحديث، تقدم في أول الإيمان.
وقوله: ("فيفصم") هو: بفتح الياء، قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: الفصم: أن يصدع الشيء من غير أن يبين، قال: ويقال: أفصم الشيء: أقلع.
الحديث العاشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: "من أنفق زوجين في سبيل الله" تقدم في الجهاد.
ويأتي بعد في المغازي والأدب والاستئذان والرقاق، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا. وهذا الحديث لما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، عن نوح بن حبيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - قال: هذا خطأ، يعني: أن الصواب حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة، كما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة وليس nindex.php?page=showalam&ids=14577للشعبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في "الصحيح" غيره.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: وفي الباب عن رجل من بني نمير، عن أبيه، عن جده.
وفي القرآن: دليل (أن ذلك) كان بأمر الله; لقوله تعالى: ويفعلون ما يؤمرون [التحريم: 6] وفي رد nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن إنهاء السلام إلى البركة وهي سنة، قاله nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول: في ابتداء السلام وفي رده سواء: السلام عليكم.
الرد واجب على الفور، ويستحب أن يقول في الرد: وعليك أو وعليكم السلام، فلو حذف الواو أجزأه على الصحيح، وكان تاركا للأفضل، فإن قلت: هلا واجهها جبريل كما واجه مريم؟
قلت: عنه جوابان، ذكرهما nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي:
أحدهما: أنه لما قدر وجود عيسى - صلى الله عليه وسلم - لا من أب، بعث جبريل; ليعلمها بكونه قبل كونه؛ لتعلم أنه يكون بالقدرة، فتسكن في زمن العمل، ثم بعث إليها عند الولادة; لكونها في وحدة فقال: ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا [مريم: 24] فكان خطاب الملك لها في الحالتين; ليسكن انزعاجها.
الثاني: أن مريم كانت خالية من زوج، فواجهها بالخطاب، وأم المؤمنين احترمت لمكان سيد الأمة، كما احترم الشارع قصر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الذي رآه في المنام خوفا من الغيرة، وهذا أبلغ في فضل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة; [ ص: 89 ] لأنه إذا احترمها جبريل الذي لا شهوة له حفظا لقلب زوجها سيد الأمة كانت عما قيل عنها في الإفك أبعد. أو يكون خاطب مريم لكونها نبية على قول، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة لم يذكر عنها ذلك.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: وهو دال على أن الله تعالى إذا أراد أمرا أمر ونهى بكلامه، وأنه لم يقل ذلك قبل الوقت الذي أمر به، وهذا الكلام شديد; لأنه -سبحانه وتعالى- لم يزل آمرا ناهيا في الأزل، وإنما يفهم المخلوقون ذلك فيعلمون وقت النزول متى يكون.
الثالث عشر:
حديثه أيضا: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف" وهذا ذكره في فضائل القرآن وسلف ذكرها.
وفي رواية أخرى: أن جبريل قال له: اقرأه على حرف، وكان ميكائيل عن شماله فنظر - عليه السلام - إلى ميكائيل (كالمستشير) فلم يزل [ ص: 90 ] يشير إليه يستزده حتى (قال) سبعة أحرف كلها شاف كاف; فلهذا قيل: إن المراء في القرآن كفر، وأنه لا ينبغي أن يقول أحد لبعض القراءة: ليس هي هكذا، ولا يقال: إن بعض القراءة خير من بعض.
الحديث الرابع عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: (كان أجود الناس) الحديث، تقدم في الصوم.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة وفاطمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن جبريل كان يعارضه القرآن. الأول سلف في الوحي، والثاني يأتي في علامات النبوة وفضائل القرآن.
الحديث الخامس عشر:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب "أن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أخر العصر شيئا" الحديث، تقدم في الصلاة.
سلف في الصلاة، وفي حديث أبي ذر إثبات دخول ونفي دخول، وكل (واحد) منهم متميز عن الآخر بنعت ووقت، والمعنى: أن من مات على الإسلام من أهل هذه الصفة فمصيره الجنة يخلد فيها، وإن ناله قبل ذلك من العقوبة ما ناله.
وأما قوله: ("ولم يدخل النار") فمعناه: دخول تخليد، ولا بد من هذا التأويل; لورود الآثار الكثيرة في الوعيد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: قوله: ("لم يدخل النار") يحتمل أن يعصم جميعهم منها، ويحتمل أن يعصم بعضهم من النار التي أعدت للكافرين ويصيبه من غيرها، ثم يصير إلى الجنة.