[ ص: 334 ] فقال علي: لما دعا قومه ضربوه على قرنه الأيمن فمات ثم بعث ثم دعاهم فضربوه على الأيسر فمات ثم بعث، وفيكم مثله.
نرى أنه عنى نفسه وذلك أنه ضرب على رأسه يوم الخندق ثم ابن ملجم.
وقيل: لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب. وقيل: ملكهما. وقيل: لأنه ملك فارس والروم. وقيل: كان ذا ضفيرتين من شعر، والعرب تسمي الخصلة من الشعر قرنا. وقيل: كان له ذؤابتان. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب: كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة. وقيل: كان لتاجه قرنان.
أحدها: وهو قول علي: كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح الله فنصحه، ضرب على قرنه الأيمن، وذكر ما سلف، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من حديث عبيد الله بن موسى بن بسام الصيرفي عن أبي الطفيل قال: سأل ابن الكواء nindex.php?page=showalam&ids=8عليا، فذكره، وذكره أيضا من حديث علي مرفوعا: "هو عبد ناصح الله فنصحه".
[ ص: 335 ] ثانيها: أنه ملك، روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "هو ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب".
ثالثها: أنه كان ملكا. قاله nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وذلك أنه سمع رجلا يقول: يا ذا القرنين، فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: اللهم غفرا، أما رضيتم أن تتسموا بالنبيين حتى أسميتوهم بالملائكة.
رابعها: أنه نبي، رواه nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال: كان نبيا. وفي "صحيح الحاكم" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرفعه: "ما أدري ذا القرنين كان نبيا أم لا؟ " ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة.
وقد وقع الخلف في نبوة الخضر ولقمان وعزير ومريم وأم موسى هل كانوا أنبياء أو عبادا صالحين، ذكره ابن التين وغيره، ومن قال بنبوته احتج بقوله تعالى: إنا مكنا له في الأرض [الكهف: 84].
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من حديث سفيان، عن الفضل بن عطية، عن (عبد الرحمن) بن عبيد بن عمير أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم الخليل فتلقاه.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في "مصنفه": قيل nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي: كيف بلغ ذو القرنين المشرق والمغرب؟
[ ص: 336 ] قال: سخر له السحاب وبسط له النور ومد له الأسباب.
أحدهما: عبد الله بن الضحاك بن معد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود، عن عكرمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فذكره.
ثانيهما: الصعب بن ذي مراثد قاله عبد الملك بن هشام في "تيجانه" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس عن nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سئل: ممن كان ذو القرنين؟ فقال: من حمير، وهو الصعب بن ذي مراثد، وهو الذي مكن الله تعالى له، وآتاه من كل شيء سببا، وبنى السد على يأجوج ومأجوج، قيل: فالإسكندر الرومي، قال: كان رجلا صالحا.
وفي "المحبر" في ذكر ملوك الحيرة أنه الصعب بن قرين. وفي "الوشاح" لابن دريد: (ابن) الهمال. فتحصلنا في أبيه على هذا القول على ثلاثة أقوال، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار: الصحيح عندنا من علوم أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير وأنه الصعيب بن ذي مراثد.
والإسكندر رجل من بني ثوبان من ولد عيصو بن إسحاق، ورجاله أدركوا المسيح منهم: أرسطاطاليس ودانيال.
وفي رواية وهب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: أنشدني نافع بن الأزرق لأبي كرب أسعد فذكر بيت الله، وجده الصعب ذا القرنين:
بيت له يوفي الحجيج نذورهم و(يودعون) طوافه للموعد
[ ص: 337 ] إلى أن قال:
فلقد أذل الصعب صعب زمانه وأناط عنوا عزة بالفرقد
وفي أبيات ذكرها، وذكره أيضا امرؤ القيس وقس بن ساعدة في شعرهما وسمياه الصعب، وذكره أيضا الربيع بن ضبيع الفزاري المعمر في عدة أبيات له، وكذا طرفة بن العبد وأوس بن حجر السعدي.
وفيه قول ثالث: أن اسمه مرزبان بن مردبه. ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق، وقيل اسمه هرمس، وقيل هرديس، وقيل أفريدون بن أقفيان، وقيل قيصرة ذكره مقاتل في "تفسيره". وفي "غرر التبيان": اسمه الإسكندرنس، وهو من بني عيصو.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: الإسكندر وهو إسكندروس بن المقدس. وعند المسعودي: فيليش وكانت أمه زنجية أهديت لدارا الأكبر فوجد منها نكهة استثقلها فولجت ببقلة يقال لها: أندروس فحملت منه بدارا الأصغر فلما وضعت ردها فتزوجها فيليش فحملت منه الإسكندر، اشتق اسمه من تلك البقلة. قال ابن هشام: لما ولي الصعب ذو القرنين تحبر تحبرا عظيما حتى أنه لم يكن في السابعة أشد تحبرا منه، ولا أعظم سلطانا، ولا أشد سطوة، وكان له عرش من ذهب مصمت، مرصع بالدر والياقوت، وكان عظيم الحجاب، فبينما هو ذات ليلة رأى رؤيا عظيمة وقوما تخطفهم النيران، فسأل فقال: هؤلاء الجبارون ثم رأى الجنة وما أعد الله فيها لأوليائه.
وقيل له: يا صعب اخلع عنك رداء الكبر وتواضع، فلما أصبح تواضع وبرز للناس وأمر بالعرش فهتك ونهب، ثم رأى في الليلة الثانية كأنه نصب له سلم إلى السماء فرقى إلى السماء ومعه سيف [ ص: 338 ] صلت فعلقه بالثريا ثم أخذ القمر بيده اليسرى والشمس بيده اليمنى ثم سار وتبعه الدراري والنجوم ونزل بهما إلى الأرض فلم يزل يمشي بهما والنجوم تتبعه.
فلما كان في الليلة الثالثة: رأى كأنه جاع جوعا شديدا، فصارت له الأرض غذاء، فأقبل عليها، يأكلها جبلا جبلا، وأرضا أرضا حتى أتى عليها كلها، ثم عطش عطشا شديدا، فأقبل على البحار، فشربها بحرا بحرا، حتى أتى على السبعة الأبحر، ثم أقبل على البحر المحيط يشربه، فلما أمعن فيه رأى طينا وحمأة سوداء فلم يسغ له فتركه.
ثم رأى في الليلة الرابعة كأن الإنس والجن أتوه من الأرض كلها، وكذلك البهائم والأنعام، وأقبلت الرياح فاستدارت فوقه، فأرسل أمما من الجن والإنس مع ريح الصبا إلى المغرب، وأمما منها مع الدثور إلى يمين الأرض، وأمر البهائم والأنعام فذهبت بهم الرياح في كل وجه، ثم أمر الهوام فذهبت في سبيل من مضى، فلما أصبح أرسل إلى أهل مشورته فقص عليهم ما رأى، فقالوا: أجمع العلماء بهذا الأمر فجمعهم، فقالوا: لم تدرك عقولنا هذه الرؤيا فقال له شيخ منهم: ليس على وجه الأرض من يفسر (تأويل) رؤياك إلا نبي ببيت المقدس، فأمر بالجنود فجمعت وجعل على مقدمته ألف ألف فارس، فلما انتهى إلى البيت الحرام طاف به حافيا راجلا، ثم سار إلى القدس يسأل عن النبي الذي وصف له، فلما رآه سأله عن اسمه فقال: الخضر بن خضرون بن عموم بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق، فقال له الصعب: أيوحى إليك؟ قال: نعم يا ذا القرنين. فقال: وما هذا الذي دعوتني به؟ قال: أنت صاحب قرني الشمس.
[ ص: 339 ] فكان أول من سماه بذلك وأخبره بمنامه فقال: تملك الأرض ومن عليها والبحر المحيط تبلغ به غاية، حتى يأتيك شيء لا تستطيعه فترجع، والإنس والجن تنقلهم من مكان إلى مكان، والأنعام والبهائم تسخر لك، والرياح كذلك تصرف ضرها عن أي بلد شئت، وتصرفها إلى أي بلد شئت، وتجاوز مغرب الشمس فانهض بأمر الله; فإنه يعينك.
وسار معه الخضر فطاف الأرض كلها، وعمل السد، وعرضه خمسة آلاف ذراع، وطوله ألف ذراع، وبنى جسر أدونة إلى أرمينية مسيرة سبعة أشهر.
وعن وهب: لما نزل الصعب حنوقراقر من أرض العراق مرض ثمانية أيام، فلما مات غاب الخضر فلم يظهر بعده إلا لموسى ورآه الأعشى وغيره.
قال ابن هشام: فلما مات بعد تعميره ألفي سنة فيما ذكر قس بن ساعدة ولي مكانه ابنه أبرهة الوضاح. وكان سماه باسم إبراهيم الخليل.
وهذه فوائد متعلقة به:
روى أبو العباس في "مقامات التنزيل" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، عن أبي مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، أن اليهود قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد. قال: "ومن هو؟ " قالوا: ذو القرنين، الحديث.
وفي "فضائل القدس" لأبي بكر الواسطي الخطيب: كان ذو القرنين أوسع أهل الأرض عدلا، وكان آخر الملوك الخيرين، ومات ببيت المقدس.
[ ص: 340 ] وزعم أهل العلم أنه بدومة الجندل، رجع إليها من القدس، ولم يكن له بالقدس كثير عمر، وكان عدد ما سار في البلاد منذ يوم بعثه الله إلى يوم قبض خمسمائة عام.
وذكر حديثا مرفوعا من حديث إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه، عن جده: كان الفيلسوف من أهل الملك تزوج امرأة من غسان، وكانت على دين الروم، فولدت ذا القرنين فسماه أبوه الإسكندر، وإنما نسب إلى الروم; لأن أباه خلفه صغيرا في حجر أمه يتيما، فلذلك جهل أبوه ونسبوه إلى أمه.
وروي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر الجهني بإسناد فيه جهالة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطائفة جاءوه من اليهود: "جئتم تسألوني عن ذي القرنين، وكيف كان أول شأنه؟ وسأخبركم بما تجدونه في كتابكم: إنه كان غلاما من الروم فأتى ساحلا من سواحل مصر، فبنى بها مدينة تسمى الإسكندرية".
وفيه: "وأتى السد، وهما جبلان زلقان، ينزل عنهما كل شيء، فبناهما.. " الحديث.
فصل:
قوله: سببا : طريقا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: علما يسير به في أقطار الأرض. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: منزلا بين المشرق والمغرب.
وقوله: في عين حمئة أي: ذات حمأة. ومن قرأ (حامية) [ ص: 341 ] فقيل: معناه مثله، وقيل: حارة، ويجوز أن تكون حارة وهي ذات حمأة.
وتفسير nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الأول والثاني في النحاس ذكرهما جويبر عن nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عنه.
وأصل اسطاعوا استطاعوا; فاجتمعت التاء والطاء وحقهما إدغام التاء في الطاء، إلا أنهم لو فعلوا ذلك لجمعوا بين الساكنين السين والتاء؛ إذ لا سبيل إلى فتح سين الاستقبال.
وقرأ حمزة: ( فما اسطاعوا ) جمع بين الساكنين فرأوا أن حذف التاء أولى، ومن أجاز (أسطاع) بفتح الهمزة قال: هو أطاع وإنما عوضت السين في الحركة الساقطة من عينه. يريد: الواو.
والزبر: القطع الكبار من الحديد.
وقوله: لم نجعل لهم من دونها سترا أي: ليس لهم بنيان ولا قمص، قال الحسن: إذا طلعت الشمس نزلوا (الماء) حتى تغرب.
و السدين بالفتح والضم بمعنى، قاله nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي، وقال أبو عمرو وغيره: ما كان من صنع الله فبالضم، وما كان من صنع الآدمي فبالفتح، وقيل بالفتح ما رأيته وبالضم ما استتر عن عينك.
[ ص: 342 ] وقوله: ( استطاعوا استفعل من طعت له، فلذلك فتح) يريد فتح الفاء في مستقبله; لأنه لو قال كما قال بعض أهل اللغة: أسطاع بفتح الهمزة لكان مستقبله (يستطيع) بضم الفاء.
وقوله: (كالبرد المحبر) أي: حسن الصنعة فيه رقم. وقال الحوفي في "تفسيره": بعد ما بين الجبلين مائة فرسخ، فلما أخذ ذو القرنين في عمله حفر له أسا، حتى بلغ الماء، وجعل عرضه خمسين فرسخا، وجعل حشوه الصخور، وطينة النحاس المذاب، فبقي كأنه عرق من جبل تحت الأرض، ثم علاه وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب، وجعل خلاله عرقا من نحاس، فصار كأنه برد محبر.
وهذا الحديث يأتي في علامات النبوة وفي الفتن. وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به ولكنه قال: عن زينب، عن حبيبة بنت أم حبيبة، عن أمها أم حبيبة، عن زينب بنت جحش. بزيادة حبيبة بنت أم حبيبة، قال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن سفيان: حفظت من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري في هذا الإسناد أربع نسوة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: جوده سفيان. قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: وكذا رواه عن سفيان جماعة، فعدده أحد عشر.
قال: وأما nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد وسعيد بن نصر وعمرو فأسقطوا حبيبة في روايتهم عن سفيان، قال: وأظنه ربما أسقطها وربما ذكرها، يعني: nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة. وأما الجراح بن منهال، فإنه رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن زينب.. الحديث.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد في كتابه، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن زينب بنت جحش، وفيه: وعقد ثنتي عشرة.
وهذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، قال: وعقد سفيان عشرة.
وفيه أيضا أن وهيبا عقد تسعين ويأتي في "الفتن".
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: لعل حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة متقدم فزاد قدر الفتح بعده أو يكون المراد تقريب التمثيل لا حقيقة التحديد.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي: وهذا يدل على أن السد منذ بني لم يفتح منه شيء إلى يوم إخباره بمثل ثقب عشرة من العدد.
وفقهه: أنه لم يقصد به العدد فيعارض قوله: "إنا أمة أمية" وإنما جاء لبيان صورة خاصة معينة.
وهذه الإشارة مدرجة ليست من قوله - عليه السلام - وإنما ذكر إشارة عبر [ ص: 345 ] عنها الراوي الذي لم يشاهد تلك الإشارة.
هذا الحديث يأتي في تفسير سورة الحج، وقوله في الحديث الأول (حلق بالإبهام والتي تليها) وفي الثاني: (وعقد بيده تسعين) وليس عقد التسعين في الحساب مثل التحليق كما نبه عليه ابن التين.
ومعنى (دخل عليها فزعا) خشي أن يدركه وقتهم لما فيه من الهرج والهلاك للدين.
وقوله: ("ويل للعرب من شر قد اقترب"). يحتمل أن يريد ما وقعوا فيه من قتل عثمان. وقيل: أراد يأجوج ومأجوج، وذلك أنهم يحفرون في كل يوم، حتى لا يبقى بينهم وبين أن يخرقوا النقب إلا يسيرا فيقولون: غدا نأتي فنفرغ منه فيأتون بعد الصباح فيجدونه عاد كهيئته
[ ص: 346 ] فإذا جاء الوقت قالوا عند المساء غدا إن شاء الله نأتي فنفرغ منه فينقبونه ويخرجون. أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه في "تفسيره" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة. وفي "تفسير مقاتل": "يغدون إليه في كل يوم فيعالجونه، حتى يولد فيهم رجل مسلم، فإذا غدوا عليه قال لهم المسلم: قولوا بسم الله فيفاتحوه حتى يتركوه رقيقا كقشر البيض، ويرى ضوء الشمس، فيقول المسلم: قولوا بسم الله غدا نرجع إن شاء الله فنفتحه".. الحديث.
ففي هذا ثلاث آيات: منعهم موالات الحفر ليلا ونهارا، وأن يحاولوا الرقي عليه بآلة أو سلم، ولا ألهمهم ذلك ولا علمهم إياه، وصدهم عن قول: إن شاء الله، فإذا خرجوا فيشرب أولهم دجلة والفرات، حتى يمر أحدهم فيقول: قد كان ههنا مرة ماء، وينادي بهم أهل الأرض، ويدعو عليهم عيسى فيهلكون.
وقيل أول زمرة منهم تأتي على بحيرة طبرية فتشرب ماءها، ثم تأتي أخرى فتلحس حمأها، ثم تأتي الأخرى فتقول: قد كان يقال أن ههنا ماء، ثم يموتون، وقيل: إنه لا يموت أحدهم حتى يولد له ألف ولد، وقيل: إنهم نحاف الأجسام يحمل العجيف منهم تسعة منهم فلا (ينقلونه) وقيل إنهم عظام الأجسام.
وقولها: (أنهلك وفينا الصالحون) موتهم بآجالهم لا بذنوبهم. كما نبه عليه أبو الفرج، قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي: ويحشر كل واحد على نيته.
وقوله: ("والخير في يديك") أي: ليس لأحد معك فيه شرك.
وقوله: ("أخرج بعث النار") أي: حزبه، وهو إخبار أن ذلك العدد من ولده يصيرون إلى النار.
وقوله: ("ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء") يعني: هذه الأمة. وفي حديث آخر: ("كالرقمة في جلد ثور") إما أن يكون أحدهما وهما، أو تكون هذه الأمة كالشعرة، أو بين سائر المسلمين من الأمم السالفة كالرقمة، قاله ابن التين.
وسيأتي أن هذه الأمة ثلثا أهل الجنة وأكثر، فتأمل ذلك، وتكثيرهم للسرور بما ذكره لهم، وإنما ذكر الربع أولا ثم النصف; لأنه أوقع في النفس وأبلغ في الإكرام، فإن تكرار الإعطاء والتدريج دال على الملاحظة والاعتناء، ويجوز أن يكون أخبر أولا بالربع ثم بالنصف ثم بأكثر.
وقوله: ("من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين") هو من العدد الذي تسامح فيه العرب عادة.
[ ص: 348 ] ذكر يأجوج ومأجوج
يأجوج رجل ومأجوج كذلك ابنا يافث بن نوح، كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض مشتقان من تأجج النار، وهي حرارتها، سموا بذلك لكثرتهم وشدتهم. وهذا على قراءة من همز. وقيل: من الأجاج: وهو الماء الشديد الملوحة. وقيل: هما اسمان أعجميان غير مشتقين.
وفي "المنتهى": من همزهما جعل وزن يأجوج يفعولا من تأجج النار أو الظليم أو غيره، ومأجوج مفعولا، ومن لم يهمزهما جعلهما أعجميين، قال الأخفش: من همزهما جعل الهمزة أصلية ومن لا يهمز جعل الألفين زائدتين يجعل يأجوج فاعولا من يججت، ومأجوج فاعولا من مججت الشيء في فمي، والأول أشبه بالواجب؛ لاختلاف أصواتهم فشبهوا تأجيج النار وهما غير منصرفين; لأنهما اسمان لقبيلتين.
وفي كتاب "الفتن": أنا نعيم، عن كعب أن التنين إذا أذى أهل الأرض نقله الله إلى يأجوج ومأجوج فجعله رزقا لهم يجتزرونها كما تجتزرون الإبل والبقر.
قال نعيم: وحدثنا يحيى بن سعيد، حدثني سليمان بن عيسى قال: بلغني أنهم عشرون أمة: يأجوج ومأجوج وتأجيج وأجيج والغيلانيين والقشبين والقرانين والقوطين وهو الذي يلتحف أذنه والزرشتين والكنعانين والدفرانين والخاخونين والأنطارنين واليغاسنين وهم رؤوس الكلاب.
قلت: وما يحكى من أن آدم احتلم فاختلط ماؤه بالتراب فخلقوا من [ ص: 349 ] ذلك فلا أصل له، فالأشهر امتناع الاحتلام عليهم.
ومن حديث محمد بن مرثد: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد، عن أبي الوضيء، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد مرفوعا: "يخرج يأجوج ومأجوج فيقتلون الناس ويهلكونهم، إلا بقية يلحقون بالجبال، ثم يبعث الله عليهم النغف فيخرج في كواهلهم فيموتون أجمعون، وتأكل مواشي الناس جيفهم، كما تأكل الحشيش أو الخضر".
ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل بن حيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مرفوعا: "بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله فأبوا أن يجيبوا، [ ص: 350 ] فهم في النار، مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس".
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: الأرض ستة أجزاء خمسة أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء لسائر الخلق. وحكاه علي بن معبد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.
وقال ابن هشام في "تيجانه": في كلام الخضر مع ذي القرنين:
[ ص: 351 ] وستلقى قوما يرون أن أهل الأرض عبيد لهم، وأنهم شركاء الله في خلقه، وهم يأجوج ومأجوج، يقال لهم: الأحرار، وهم سود الوجوه، زرق العيون، طوال الوجوه والآنف، وجوههم كالخنازير، يختفون بالنهار من حر الشمس، ويظهرون في الليل.
فدعاهم ذو القرنين إلى الله فآمنوا، ثم لجج في أرضهم فأنابت منهم أمة يقال لهم: بنو عجلان بن يافث إلى الله فتركهم في جزيرة أرمينية إلى ناحية جابرص فسموا الترك; لأن ذا القرنين تركهم، ثم بلغ جزائر الأرض الزوراء التي تزاور عنها الشمس، فوجد عندها قوما، صغار الأعين، صغار الوجوه، مسفرة وجوههم كوجوه القرود، ولا يظهرون في النهار.
وعن معاذ وواثلة بن الأسقع مرفوعا، فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك: "يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف: صنف كالنخل طولا، وصنف طول كل واحد منهم أربعة أذرع في عرض أربعة أذرع، يفترش إحدى أذنيه ويتجلل بالأخرى، وصنف في غاية القصر، لهم أرزاق غير أرزاقكم، ومعايش غير معايشكم، بمنزلة البهائم يتسافدون فيما بينهم، خلق لا حاجة لله فيهم".
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص: منهم من طوله شبر، ومنهم من طوله شبران وثلاثة.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=15714 (حسان بن عطية): هم أمتان، في كل أمة أربعمائة ألف أمة، ليس منها أمة تشبه الأخرى.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي مرفوعا: "يأجوج أمة لها أربعمائة أمير، وكذلك مأجوج، صنف منهم طوله مائة وعشرون ذراعا".
[ ص: 352 ] قال: ويروى أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب، وكل ذي روح من الطير وغيره، وليس لله خلق ينمى نماءهم في العام الواحد، يتداعون تداعي الحمام، ويعوون عواء الكلاب، ومنهم من له قرن وذنب وأنياب بارزة، يأكلون اللحوم نيئة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في كتاب "القصد والأمم": هم أمة لا يقدر أحد على استقصاء ذكرهم; لكثرتهم.
ومقدار الربع العامر من الأرض مائة وعشرون سنة، وأن تسعين منها ليأجوج ومأجوج، وهم أربعون أمة مختلفو الخلق والقدود، في كل أمة ملك ولغة، ومنهم من مشيه وثب، وبعضهم يغير على بعض، ومنهم من لا يتكلم إلا تمتمة، ومنهم مشوهون، وفيهم شدة وبأس وأكثر طعامهم الصيد، وربما أكل بعضهم بعضا.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي عن عبد الرحمن بن ثابت قال: الأرض خمسمائة عام منها ثلاثمائة بحور ومائة وتسعون ليأجوج ومأجوج وسبع للحبشة، وثلاث لسائر الناس.
وروى أبو محمد الهيثم بن خلف الدوري في كتابه "ذم اللواط" عن nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه أنه سئل عن قوله فيهم مفسدون في الأرض [الكهف: 94] ما كان ذلك الفساد؟ قال: كانوا يلاوطون الناس. قال: ورأى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون، فقال: هكذا تخرج يأجوج ومأجوج.
فصل:
سلف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد: ("من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين") وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: "من كل مائة تسعة وتسعين" وفي nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي مثله عن عمران وصححه، وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس كذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "صحيحه" وقال الحاكم فيهما: صحيحا الإسناد، وأكثر أئمة البصرة على أن الحسن سمع من عمران.
ولما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في "تهذيبه" قال: قد يجب أن يكون هذا على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين:
[ ص: 355 ] إحداهما: أنه خبر لا يعرف له مخرج عن عكرمة إلا من هذا الوجه.
الثانية: أنه من نقل عكرمة، وفي نقل nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عندهم نظر يجب التثبت فيه.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري من حديث الحسن: لما قفل النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة العسرة قرأ: قل يا أيها الناس .. الحديث.
وفيه: "لم يكن رسولان إلا بينهما فترة من الجاهلية فهم أهل النار وإنكم بين ظهراني خليقتين لا يعادهما أحد من أهل الأرض إلا كثروهم يأجوج ومأجوج، وهم أهل النار وتكمل العدة من المنافقين".
وفي "عيون الأخبار" للقتبي: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تكون الخلائق يوم القيامة عشرون ومائة صف طول كل صف مسيرة أربعين ألف سنة، وعرض كل صف ألف سنة" قيل: يا رسول الله، كم المؤمنون؟ قال: "ثلاثة صفوف والمشركون مائة وسبعة عشر صفا" قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: هذا غريب جدا مخالف لصفوف المؤمنين الواردة في الأحاديث.
[ ص: 356 ] قلت: قد يحمل هذا على حالة الموقف، والأول على حالة الانفصال ودخول الجنة.
فصل:
اختلف العلماء في وقت كون الزلزلة، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وعامر وعلقمة: هي كائنة في الدنيا قبل القيامة، وروي مرفوعا نحوه بإسناد فيه نظر، ثم ساقه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وفيه مجهولان، قال: والصواب في ذلك ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وأشباهه.
وحكى الخلاف أيضا الزجاج فقال: قيل هذه الزلزلة في الدنيا وأنه يكون بعدها طلوع الشمس من مغربها، وقيل: إنها الزلزلة التي تكون معها الساعة.
فصل:
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب التفسير: وقال جرير وعيسى بن يونس nindex.php?page=showalam&ids=12156وأبو معاوية يعني عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش: سكارى وما هم بسكارى [الحج: 2] وتعليق nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية وجرير أخرجهما nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه من حديثهما، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن أبي صالح، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد به.
ورواية المسيب بن شريك nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش: (سكرى وما هم بسكرى) قال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش: وهي قراءتنا، وبها قرأ حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي.
[ ص: 357 ] وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري رواية nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، وكذا تعليق nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش أخرجه أيضا، وقال الفراء: أجمعت القراء على: سكارى وما هم بسكارى وقرأ nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: (سكرى وما هم بسكرى) وهو وجه جيد في العربية; لأنه بمنزلة الهلكى والجرحى، وليس هو بمذهب النشوان والنشاوى، فاختير سكرى بطرح الألف من هول ذلك اليوم وفزعه، كما قيل موتى، ولو قيل: سكرى على أن الجمع يقع عليه التأنيث فيكون كالواحدة كان وجها كما قال: الأسماء الحسنى. وقد ذكر أن بعض القراء قرأ: (ويرى الناس) وهو وجه جيد.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: (تذهل) ويجوز: تذهل. ووجه لم يقرأ به: (ويرى الناس سكرى) المعنى: يرى الإنسان الناس، وتقرأ: (ويرى الناس سكرى وما هم بسكارى) ويجوز: (ويرى الناس سكارى وما هم بسكارى) والقراءة الكثيرة: وترى الناس سكارى وما هم بسكارى قال nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب: امرأة حامل إذا أردت حبلى، فإذا أردت أنها تحمل شيئا ظاهرا قلت: حاملة، وحمل النخلة والشجرة يفتح ويكسر، فإن قلت: فهل تبقى حامل يوم القيامة؟ قلت: لو حضرت حامل يومئذ [ ص: 358 ] لوضعت ولو حضر مولود يعقل أهوال يوم القيامة لشاب قال تعالى: يوما يجعل الولدان شيبا [المزمل: 17] نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي.