319 [ ص: 120 ] 24 - باب: إذا حاضت في شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض؛ لقول الله تعالى: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن [البقرة: 228]. ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي وشريح: إن امرأة جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه أنها حاضت ثلاثا في شهر، صدقت. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: أقراؤها ما كانت. وبه قال إبراهيم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: الحيض يوم إلى خمس عشرة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر، عن أبيه: سألت nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن المرأة ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام؟ قال: النساء أعلم بذلك. [فتح: 1 \ 424] .
وما ذكره عن علي وشريح هو طبق ما ذكره في الترجمة، وحكاه [ ص: 121 ] nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأسنده nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم، فقال: روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم، عن nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أتي برجل طلق امرأته فحاضت ثلاث حيض في شهر أو خمس وثلاثين ليلة، فقال علي لشريح: اقض فيها، فقال: إنها رأت ما يحرم عليها الصلاة من الطمث، وتغتسل عند كل قرء وتصلي، فقد انقضت عدتها وإلا فهي كاذبة. فقال علي: قالون. ومعناها: أصبت.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وهذا نص قولنا. انتهى.
واختلف في سماع nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي من علي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: لم يسمع منه إلا حرفا، ما سمع غيره، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14065الحازمي: لم يثبت أئمة الحديث سماعه منه، وقال ابن القطان: منهم من يدخل بينهما nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسنه محتملة لإدراك علي.
وفسر إسماعيل بن إسحاق قول علي وشريح بتفسير آخر قال: وليس قولهما عندنا إن جاءت ببينة من بطانة أهلها أنها هي قد حاضت هذا الحيض، وإنما هو فيما يرى -والله أعلم- أن يشهد نساء من نسائها أن هذا يكون وقد كان في نسائهن، فإنه أحرى أن يوجد فيهن مثل ما فيها، وإن تقارب حيضهن وحيضها، وإنه إن لم يوجد ما قالت من الحيض في نسائها كانت هي منه أبعد، فعلى هذا معنى هذا الحديث، وهو يقوي مذهب أهل المدينة أن العدة إنما تحمل على المعروف من حيض النساء، لا على المرأة والمرأتين الذي لا يكاد يوجد ولا يعرف.
[ ص: 122 ] قال غيره: والأشبه - يعني: ما أراد علي وشريح والله أعلم- أن تكون حاضت؛ لقولهما: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها أنها حاضت، ولم يقولا أن غيرها من النساء حاض، كذلك قال إسماعيل، وفي قول علي وشريح أن أقل الطهر لا يكون خمسة عشر يوما، وأن أقل الحيض لا يكون ثلاثة كما قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه وليس فيه بيان لأقل الطهر وأقل الحيض كم هو؟ غير أن فيه بيانا أنهما لم ينكرا ما عرفه النساء من ذلك.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي في "شرحه": قول علي وشريح إن جاءت ببينة -يعني- أن مثل ذلك يكون ليس عليها أن تكلف البينة في نفسها، وما ذكره عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء من أن أقراءها ما كانت، وبه قال إبراهيم لعطاء، هذا هو ابن أبي رباح، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم هو النخعي.
وما ذكره ثانيا عنه من أن الحيض يوم إلى خمس عشرة فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسناده إلى nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عنه: الحيض خمس عشرة، ومن طريق الربيع بن صبيح عنه مثله.
ومن طريق أشعث عنه: أكثر الحيض خمس عشرة. زاد nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق الربيع: فإن زاد فهي مستحاضة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريق معقل بن عبد الله: أدنى وقت الحيض يوم، قال أبو إبراهيم شيخ شيخ معقل: إلى هذين الحديثين كان يذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وكان يحتج بهما.
[ ص: 123 ] وما ذكره عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين دال على أن القرء: الحيض، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ونقله ابن التين عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أيضا.
قال: وقال به أحد عشر صحابيا والخلفاء الأربعة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=4وأبو الدرداء وأبو موسى nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي إسحاق وأبو عبيد، واحتجوا له بقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة: nindex.php?page=hadith&LINKID=650314 "دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها".
والجواب: أن المراد: دعي الصلاة الأيام التي كانت تحيضها من أقرائك، وهذا شائع في كلام العرب لأن القرء عندهم اسم للطهر والحيض.
[ ص: 124 ] فائدة:
القرء بفتح القاف وضمها، يطلق على الحيض وعلى الطهر، وسنبسط الكلام عليه في العدد إن شاء الله وقدره.
وقد اختلف العلماء في أقل مدة الحيض وأكثره على خمسة أقوال:
أحدها: أن أقله دفعة، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11998وداود وأصحابه، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا، خلا العدد فأقله ثلاثة أيام، وحكي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن أقله دفعة، وهو غريب حكاه المرعشي في "أقسامه" nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم عنه، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا حد لأقله، وقد يكون دفعة واحدة.
ثانيها: أن أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر، وهذا مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور، وادعى (ابن داود) في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الإجماع على أن الحيض لا يجاوز خمسة عشر؛ لأن المرأة لا تترك الصلاة أكثر من نصف شهر، ولا نعلم امرأة جاوزت ذلك إلا نساء آل الماجشون، كن يحضن سبعة عشر يوما، فلم يلتفت العلماء إلى ذلك؛ لأنه أمر شاذ.
ثالثها: وأن أقله ثلاثة أيام، وما نقص عن ذلك استحاضة، وأكثره عشرة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ومحمد، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة في أقل الحيض، وقال أكثره خمس عشرة.
[ ص: 125 ] رابعها: أن أقله يومان وأكثر الثالث، وهو ثلاث عشرة ساعة، حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف.
خامسها: أن أقله ثلاثة أيام وما يتخلله من الليالي وهو ليلتان.
سادسها: أكثره سبع عشرة، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: بلغني عن نساء الماجشون أنهن كن يحضن سبع عشرة، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: أكثر ما سمعنا سبع عشرة، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وعنه أيضا أن أكثره خمس عشرة، وعنه ثالثة أنه غير محدود إلا ما بينه النساء، وقيل: إنه المشهور.
سابعها: ليس لأقله حد ولا لأكثره بالأيام، نقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن طائفة، بل الحيض إقبال الدم المنفصل عن دم الاستحاضة، والطهر إدباره.
ثامنها: أن أكثره سبعة أيام، قاله nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول.
تاسعها: أقله خمسة، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، إلا أنه قال: لا يكون هذا في حيض واحد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشية، وقال: يرون أنه حيض تدع له الصلاة.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: حيض النساء ست أو سبع، واستدل بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة وحمنة في ذلك، فضعفهما nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم، ولا نسلم له في الثاني وقال [ ص: 126 ] nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: أقله دفعة إذا رأت الأسود. فإذا رأته أحمر أو كغسالة اللحم أو الصفرة أو الكدرة أو البياض أو الجفوف التام فقد طهرت، وهكذا أبدا إذا رأته أسود فهو حيض، فإن رأت غيره فهو طهر، وتعتد بذلك من الطلاق، فإن تمادى الأسود فهو حيض إلى تمام سبعة عشر يوما، وذكر القاضي أبو الطيب في تعليقه أن امرأة أخبرته عن أختها أنها تحيض في كل سنة يوما وليلة وهي صحيحة تحمل وتلد، ونفاسها أربعون يوما.
قالوا: ولأن هذا تقدير ولا يصح إلا بتوقيف أو اتفاق، وقد حصل الاتفاق على ثلاث، والجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة على تقدير ثبوته أنه ليس المراد بالأيام الجمع بل الوقت.
[ ص: 127 ] وأيضا فهي مستحاضة معتادة ردت إلى الأيام التي اعتادتها، ولا يلزم من هذا أن كل حيض لا ينقص عن ثلاثة أيام، وعن حديث واثلة وأبي أمامة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس أنها كلها ضعيفة، كما بينه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهما.
وقولهم: الضعيف مقدم على القياس عندنا وعند أحمد، فكيف في المقدرات التي لا يعقل معناها لا نسلمه، وقولهم: التقدير لا يصح إلا بتوقيف.
جوابه: أن التوقيف ثبت في أقل من ذلك؛ لأن مداره على الوجود، وقد ثبت، وحديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=666477 "دم الحيض أسود" يعرف الباب في "سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود" وغيره، ذاك لمن قال بالوجود، والأحاديث وإن كانت مطلقة فتحمل على الوجود.
وقولهم: هذه حكايات مروية عن نساء (مجهولين) لا يؤمن؛ لاحتمال أن يكون ذلك استحاضة أو دم فساد، لا نسلمه، وأما ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن بعضهم أن امرأة من نساء الماجشون حاضت عشرين يوما، وأن nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران كانت تحته بنت سعيد بن جبير، وكانت تحيض من السنة شهرين، فواهيان، فيهما مجهول، وقد أنكر الأول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة.
واختلف العلماء في العدة التي تصدق فيها المرأة إذا ادعتها. فروي عن شريح وعلي ما سلف، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك.
وقالت طائفة: لا تصدق إذا ادعت أن عدتها انقضت في أقل من شهرين، إذا كانت من ذوات الحيض؛ لأنه ليس في العادة أن تكون امرأة على أقل الطهر وأقل الحيض؛ لأنه إذا كثر الحيض قل الطهر، [ ص: 128 ] وإذا قل الطهر كثر الحيض، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة.
وقالت طائفة: لا تصدق في أقل من تسعة وثلاثين يوما، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ومحمد، وذلك لأن أقل الحيض عندهما ثلاثة أيام وأقل الطهر خمسة عشر يوما، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن: أربعة وخمسين يوما.
وفيه قول رابع: وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور: أن أقل ما يكون في ذلك إذا طلقها في أول الطهر سبعة وأربعون يوما، وذلك لأن أقل الطهر خمسة عشر يوما وأقل الحيض يوم.
وفيه قول خامس: أن أقلها أربعون ليلة، حكاه ابن أبي زيد عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون.
وفيه قول سادس: أن أقلها اثنان وثلاثون يوما؛ بأن تطلق في آخر الطهر، ثم تحيض يوما وليلة وتطهر خمسة عشر، ثم تحيض يوما وليلة وتطهر خمسة عشر، ثم تطعن في الثالثة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عنه ثلاثة وثلاثون يوما، وتوبع، وهو غريب.
وفيه قول سابع، وهو قول لأبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد: أنها إن كانت أقراؤها معلومة قبل أن تبتلى حتى عرفها بطانة أهلها ممن يرضى دينهن، فإنها تصدق وإن لم تعرف ذلك، وكانت أول ما رأت [ ص: 129 ] الحيض أو الطهر، فإنها لا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر؛ لأن الله تعالى جعل بدل كل حيضة شهرا في اللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن، فإذا أشكل على مسلم انقضاء عدة امرأة ردها إلى الكتاب والسنة.
ووجه الموافقة أنه ليس في العادة أن تكون امرأة على أقل الطهر وأقل الحيض؛ لأنه إذا كثر الحيض قل الطهر، وإذا قل الحيض كثر الطهر، فجعل لما تحيضه الأكثر ولما لا تحيضه الأقل، وبدأ بالحيض، والشارع في حديث فاطمة بنت أبي حبيش وكل ذلك إلى أمانتها وعادتها، وقدر الأيام قد يقل وقد يكثر على قدر أحوال النساء في أسنانهن وبلدانهن، إلا أنها إذا ادعت ما لا يكاد يعرف لم يقبل قولها إلا ببينة، مال إسماعيل بن إسحاق الأسدي إلى قول علي وشريح في ذلك، ولو كان عندهما أن ثلاث حيض لا تكون في شهر لما قبل قول نسائها، وهو معنى قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وإبراهيم، وقد أسلفنا تفسير إسماعيل قولهما.
فرع: قد عرفت اختلاف العلماء في أقل الحيض وأكثره وعرفت من هنا اختلافهم في أقل الطهر وأكثره، فأقله عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي خمسة عشر يوما ولا حد لأكثره.