330 [ ص: 170 ] 3 - باب: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء، وخاف فوت الصلاة وبه قال عطاء، وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: يتيمم. وأقبل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من أرضه بالجرف، فحضرت العصر بمربد النعم فصلى، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد.
(وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء) هو ابن أبي رباح. وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عنه قال: إذا كنت في الحضر وحضرت الصلاة وليس عندك ماء فانتظر الماء، فإن خشيت فوت الصلاة تيمم وصل.
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: وقال الحسن في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله: يتيمم. والحسن هذا هو البصري.
ثم قال: وأقبل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من أرضه بالجرف، فحضرت العصر بمربد النعم فصلى، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد.
[ ص: 171 ] وهذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن نافع، عنه مطولا، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا، ثم قال: والجرف: قريب من المدينة. وروي أيضا مرفوعا، والمحفوظ الأول كما نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي.
والجرف: بضم الجيم والراء، وقد علمته. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير: إنه على ميل منها. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: على فرسخ، وهناك كان المسلمون يعسكرون إذا أرادوا الغزو.
وقال صاحب "المطالع": هو على ثلاثة أميال إلى جهة الشام، به مال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وأموال أهل المدينة، ويعرف ببئر جشم وبئر جمل.
والمربد: بكسر الميم وفتح الباء من ربد بالمكان: إذا أقام به، بينه وبين المدينة ميلان، قاله صاحب "المطالع".
وقال غيره: ميل أو ميلان. وقال ابن التين: رويناه بفتح الميم، وهو في اللغة بكسرها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: والمربد: محبس الإبل. وقيل: هي خشبة أو عصى تعترض صدور الإبل تمنعها عن الخروج، ومربد البصرة من ذلك؛ لأنهم كانوا يحبسون فيه الإبل. والمربد: فضاء وراء البيوت ترتفق به. والمربد: كالحجرة في الدار. ومربد التمر: جرينه الذي يوضع فيه بعد الجذاذ لييبس.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه: هو اسم كالمطبخ، وإنما مثله به؛ لأن المطبخ ييبس.
[ ص: 172 ] وقال السهيلي: المربد والجرين والمسطح والبيدر والأندر والجرجان لغات بمعنى واحد.
وهذا الأثر دال على جواز التيمم بقرب الحضر على من خاف الفوت. قال nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة: إنما تيمم؛ لأنه خاف الفوت. أي: فوت الوقت المستحب، وهو أن تصفر الشمس. وارتفاعها يحتمل أن يكون عن الأفق مع دخول الصفرة فيها، ويحتمل أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رأى أن من رجا إدراك الماء في آخر الوقت وتيمم في أوله يجزئه ويعيد في الوقت استحبابا، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في "شرح الموطأ": كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على وضوء؛ لأنه كان يتوضأ لكل صلاة، فجعل التيمم عند عدم الماء عوضا من الوضوء.
وهذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم معلقا حيث قال: وروى nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث، فذكره.
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وصله فرواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير عنه. ووصله أيضا nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، ووقع في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: عبد الرحمن بن يسار، والصواب: عبد الله كما وقع في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، مولى ميمونة.
[ ص: 173 ] ووقع فيه أيضا: أبو الجهم مكبرا، وإنما هو مصغر كما ساقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري. وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم على الصواب في حديث المرور.
وسماه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم nindex.php?page=showalam&ids=13564وابن منده: عبد الله بن جهيم، وجعلاهما واحدا.
ورجح ابن الأثير كونهما اثنين.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أنه الذي سلم. أعني: أبا الجهيم وهو يبين المجهول في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: فلقيه رجل فسلم عليه. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن شيخه إبراهيم، عن أبي الحويرث، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج، عن أبي جهيم، الحديث.
وحسنه nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي في "شرح السنة"، وهو منقطع بين nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج وأبي جهيم عمير مولى ابن عباس كما ساقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا، وروي موقوفا.
ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء، أخرجهما nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني، وعبد الله [ ص: 174 ] ابن حنظلة أخرجه أحمد، والمهاجر بن قنفذ أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه، وغيرهم، وبعضها يشد بعضا.
وبئر جمل، بجيم مفتوحة، nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي: الجمل -بالألف واللام - وهو موضع بقرب المدينة فيه مال من أموالها، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد.
إذا تقرر لك ذلك فأصل المسألة التي بوب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لها الباب، وهو من كان في الحضر وخاف فوت الصلاة، وفقد الماء إذ ذاك، هل له أن يتيمم، وفيه قولان حكاهما ابن بزيزة، والذي عليه الجمهور أنه يتيمم (قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إذا خاف الفوت إن عالج الماء يتيمم ويصلي ولا يعيد، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ومحمد، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه يصلي بالتيمم) ويعيد، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه يعالج الماء وإن طلعت الشمس، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر قالا: لا يصلي أصلا، والفرض في ذمته إلى أن يقدر على الماء؛ لأنه لا يجوز عندهما التيمم في الحضر، واحتجا بأن الله تعالى جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر، ولم يبحه إلا بشرط المرض والسفر، فلا دخول للحاضر ولا للصحيح في ذلك؛ لخروجهما من شرطه تعالى.
[ ص: 175 ] واحتج من قال: يتيمم ويصلي ويعيد قال: إنا قد رأينا من يفعل ما أمر به، ولا يسقط عنه بالإعادة، وهو واقع موقع فساد، مثل من أفسد حجه وصومه الفرض عليه، فإنه مأمور بالمضي فيه فرض عليه، ومع هذا فعليه الإعادة، وأيضا فإن المسافر والمريض قد أبيح لهما الفطر في رمضان مع القضاء، فكذا هذا الحاضر.
واحتج من قال بعدم الإعادة، بأن الفطر رخصة لهما ولم يفعلا الصوم، والمتيمم فعل الواجب وفعل الصلاة، فلو رخص له في الخروج منها كما رخص للمسافر في الفطر لوجب عليه القضاء.
وأما من أفسد حجه وصومه فإنما أمر بالمضي فيه عقوبة لإفساده له، ثم وجب عليه قضاؤه ليؤدي الفرض كما أمر به، والحاضر عند التعذر والخوف مطيع بالتيمم والصلاة ابتداء، ولم يفسد شيئا يجب معه القضاء.
وحجة من لم يعد أثر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، فإنه تيمم بمربد النعم وهو في طرف المدينة؛ لأنه خشي فوت الوقت الفاضل، ولم يجد ماء، ثم صلى، فهو حجة (الحاضر) عند الخوف في الإقدام على التيمم؛ لأنه إذا فعل ذلك مع سعة الوقت فخوف فوته أولى.
وأما حديث أبي جهيم فإن فيه التيمم في الحضر إلا أنه لا دليل فيه لرفع الحدث به؛ لأنه أراد أن يجعله تحية لرد السلام، فإنه كره أن يذكر الله على غير طهارة، كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة في "مصنفه" في هذا الحديث، كذا قاله المهلب، وهو مع ذلك دال على التيمم في الحضر عند خوف الفوات؛ لأنه كما يتيمم في الحضر لرد السلام -وكان له - صلى الله عليه وسلم - أن يرده قبل تيممه -دل على التيمم في الحضر عند خوف [ ص: 176 ] الفوات، بل أولى؛ لأن الطهارة فيها شرط بخلاف السلام.
وأيضا فإن التيمم إنما ورد في المسافرين والمرضى لإدراك الوقت وخوف فواته، فإذا كان حاضرا وخاف فوته جاز.
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بهذا الحديث على جواز التيمم للجنازة عند خوف فواتها، وهو قول الكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم لرد السلام في الحضر لأجل فور الرد، وإن كانت ليست شرطا، ومنع nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ذلك.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: والدليل على سنية ذلك قوله nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة: nindex.php?page=hadith&LINKID=650276 "المؤمن لا ينجس" قال: ويحتمل أنه فعل ذلك قبل أن يخبر. قلت: فيه بعد، وسيأتي.
قال ابن القصار: وفي تيممه - صلى الله عليه وسلم - بالجدار رد على nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في اشتراطهما التراب في صحة التيمم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - تيمم بالجدار. قال: ومعلوم أنه لم يعلق بيده منه تراب؛ إذ لا تراب على الجدار.
قلت: ورواية nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي السالفة ترده إذ فيها: عن أبي جهيم قال: مررت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه، ثم وضع يده على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي.
[ ص: 177 ] وبهذه الرواية يرد أيضا على من استدل من الحنفية بهذا الحديث على جواز التيمم على الحجر. قال: لأن حيطان المدينة مبنية بحجارة سود.
فرع متعلق بالباب:
لو تيقن وجود الماء آخر الوقت فانتظاره أفضل، وإن ظنه فقولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي أظهرهما: أن تعجيل الصلاة بالتيمم أفضل، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: في الرجاء التأخير أفضل. وعنه أنه حتم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وعطاء. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يعجل ولا يؤخر، ولكن في وسط الوقت.
وقال مرة: إن أيقن بوجود الماء قبل خروج الوقت أخره إلى آخره، فإن وجده وإلا تيمم، وإن كان طامعا بوجوده قبله أخره إلى وسط الوقت، وإن تيقن عدمه تيمم وصلى. وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: كل ذلك سواء.
وفي "المدونة" حكاية قولين فيما إذا وجد الحاضر الماء في الوقت هل يعيد أم لا؟ وقيل: إنه يعيد أبدا.
قد أسلفنا أن تيممه لرد السلام إنما كان على وجه الأكمل. قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي: كره أن يرده؛ لأنه اسم من أسماء الله تعالى، أو يكون هذا في أول الأمر، ثم استقر الأمر على غير ذلك.
وزعم الحسن أنه ليس منسوخا، وتمسك بمقتضاه، فأوجب الطهارة للذكر ومنعه للمحدث، ثم ناقض بإيجابه التسمية للطهارتين، فإنه مستلزم لإيقاع الذكر حالة الحدث. وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إيجاب الطهارة للذكر. وقيل: يتأول الخبر على الاستحباب؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر راويه رأى ذلك، والراوي الصحابي أعلم بالمقصود، وهو حسن إن لم يثبت حديث الجعفي لتضمنه الجمع بين الأدلة. قلت: وأنى له بالثبوت وحالته ظاهرة؟ تنبيهات:
أحدها: كيف يتيمم بالجدار بغير إذن مالكه؟ والجواب: أنه كان مباحا أو مملوكا لمن يعرفه ولا يكره ذلك منه.
ثانيها: كيف يتيمم في الحضر؟ والجواب: أن هذا كان في أول الأمر ثم استقر الأمر على غيره، وأيضا فهو تشبيه بالطاهرين وإن لم يصح كما في حق الممسك في رمضان، ذكرهما nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي، لكن nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي استدل على ثبوت الطهارة به وإلا لم يفعله.
رابعها: أطلق اليد في الحديث ولم يقيدها، ومشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مسحها إلى المرفقين كالوضوء، ومحل الخوض فيها الخلافيات، وكذا هل هو بضربة أو (بضربتين)؟ وسيأتي أيضا، ورواية ضربة أصح من ضربتين، وأبعد من قال: بثلاث وأربع، ثنتان للوجه ولكل يد واحدة، حكاه ابن بزيزة.