فذكر لعائشة، فقالت: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق". ثم قرأت: إنك لا تسمع الموتى [النمل: 80]. حتى قرأت الآية. [انظر:1370- مسلم: 932 - فتح: 7 \ 301]
ذكر فيه أحاديث:
أحدها:
حديث عبد الله - رضي الله عنه - أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه؟!
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا .
ثالثها:
وعن صالح بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده في بدر. يعني: حديث ابني عفراء.
[ ص: 38 ] وقد سلف كل ذلك في باب من لم يخمس الأسلاب واضحا، فراجعه.
ومعنى (برد): سقط ولم يبق إلا خروج نفسه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: برد: مات، ولعله أراد أنه في حكم الميت، ودليله قوله وهل فوق رجل قتلتموه، قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: ويقال للسيوف: البوارد، أي: القواتل عند قوم، وقال آخرون: مس الحديد بارد .
وقوله: (أأنت أبا جهل؟) يجوز على قول بعيد مثله قوله:
قد بلغا في المجد غايتاها إن أباها وأبا أباها
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: يحتمل معنيين:
أحدهما: أن يقول له ذلك ويستحل اللحن ليغيظ أبا جهل كالمصغر له. الثاني: بإطناب أعني، وفيهما نظر كما أبداه ابن التين معللا بأنه إنما يصح إذا كثرت فيه النعوت، ويغيظه في مثل هذه بالحال، فاللحن فيه بعد.
ومعنى: أعمد إلى آخره: فوق رجل قتله قومه، كذا فسره nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد في "غريبه"، قال السهيلي: وفسره ابن هشام بقوله: ليس عليه عار وهو بمعناه، وقال: هو عندي من قولهم: عمد البعير يعمد: إذا (تفضح نابه) فهلك، أي: أهلك من رجل قتله قومه .
قلت: كله في "غريب أبي عبيد" وهذا لفظه: قوله: أعمد: هل
[ ص: 39 ] زاد على سيد قتله قومه، وفي نسخة جيدة أي: هل كان ذلك إلا هذا، تقول: إن هذا ليس بعار علي، وكان أبو عبيدة يحكي عن العرب: أعمد من كيل محق، أي: هل زاد على هذا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: قاله تكبرا وعتوا واحتقارا لغيره، قال: وهو من الأضداد; لقوله: لأنت الحليم الرشيد وفي رواية: فلو غير أكار قتلني -يريد الأنصار; لأنهم أصحاب نخل وزرع- وفي رواية أبي الحسن: هل أعذرتك أعمد، أي: أنه معذور، وقال الأزهري في "تهذيبه": عن شمر أنه استفهام، أي: (أعجز) من رجل قتله قومه ، وفي رواية: أن أبا جهل قال nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود: لمن الدائرة؟ قال: لله ولرسوله، وأن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود جعل رجله على جبينه، فقال أبو جهل: يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقا صعبا ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود إنما وضع رجله على عنق أبي جهل لتصدق رؤياه، أي: فإنه رأى ذلك مناما.
وقوله: (قد ضربه ابنا عفراء)، قد سلف الكلام فيهما في الباب المذكور، ولم يجرد قرشي يوم بدر غيره، جرده أبو سهل كما أسلفناه هناك، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي أنه - صلى الله عليه وسلم - سأل nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل من قتل أباك؟ قال الذي قطعت يده ، فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفه لمعاذ بن عمرو بن الجموح فهو عند آله، وقد أسلفناه هناك أنه قتله nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: لما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - البشير بقتل أبي جهل استحلفه
[ ص: 40 ] ثلاثة أيمان بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيته قتيلا، فحلف له فخر - صلى الله عليه وسلم - ساجدا ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة قال: التمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل فلم يجده حتى عرف ذلك في وجهه، وقال: "اللهم لا يعجزن فرعون هذه الأمة" فسعى له الرجال حتى وجده nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
الحديث الرابع:
حديث أبي مجلز -واسمه لاحق بن حميد السدوسي البصري- عن قيس بن عباد -بضم العين وتخفيف الموحدة- عن علي أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة. وقال قيس بن عباد: وفيهم أنزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم [الحج:19] قال: قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر: nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب، وعلي، وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة.
عن أبي هاشم -وهو يحيى بن عباد الرماني; لنزوله قصر الرمان الواسطي- عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي ذر قال: نزلت: هذان خصمان اختصموا في ربهم في ستة من قريش. فذكرهم كما سلف.
[ ص: 41 ] وبه: عن قيس: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر يقسم: لنزلت هؤلاء الآيات في هؤلاء الرهط يوم بدر. نحوه.
وبه: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر يقسم قسما: إن هذه الاية نزلت في الذين برزوا يوم بدر.
وحديث أبي ذر هذا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التفسير في سورة الحج كما ستعلمه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقال: سورة الحج نزلت بمكة سوى ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة في ستة نفر من قريش: ثلاثة مؤمنون، وثلاثة كافرون، فالمؤمنون: علي وحمزة وعبيدة، وذكره الباقي مثل ما في الكتاب فنزل فيهم: هذان خصمان إلى تمام ثلاث آيات.
الحديث السادس:
ذكر فيه حديث أبي إسحاق: سأل رجل nindex.php?page=showalam&ids=48البراء - رضي الله عنه -وأنا أسمع- أشهد علي بدرا؟ قال: بارز وظاهر.
هو من أفراده.
الحديث السابع:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف، قال: كاتبت أمية بن خلف، فلما كان يوم بدر، فذكر قتله وقتل ابنه، فقال nindex.php?page=showalam&ids=115بلال: لا نجوت إن نجا أمية.
وقد سلف الإشارة إليه في باب من قتل ببدر.
الحديث الثامن: حديث عبد الله في السجود في والنجم وقد سلف.
[ ص: 42 ] الحديث التاسع:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة: كان في nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ثلاث ضربات بالسيف، إحداهن في عاتقه. قال: إن كنت لأدخل أصابعي فيها. ألعب وأنا صغير قال: ضرب ثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك.
وفيه: أن [في] سيفه فلة فلها يوم بدر، وأنشد nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان:
بهن فلول من قراع الكتائب
قال هشام: فأقمناه بيننا ثلاثة آلاف، وأخذه بعضنا، ولوددت أني كنت أخذته.
وعنه: كان سيفه محلى بفضة. قال هشام: وكذا سيف nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة.
وعنه: في شدة يوم اليرموك: حتى شق صفوفهم، ثم رجع مقبلا، فأخذوا بلجامه، فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر. قال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة: كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير. قال: وكان معه nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير يومئذ، وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس وكل به رجلا.
واليرموك، بسكون الراء. وتعداد الضربات اختلف في موضعها ومكانها هل إحداهن في عاتقه، أو كلهن، أو ثنتين يوم بدر والأخرى يوم اليرموك، أو عكسه. وأول البيت المذكور:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
وقراع الكتائب هو أن تضرب بعض الجيوش بعضا.
[ ص: 43 ] وقوله: (فأقمناه)، يقال: قومت الشيء تقويما: وهو ما يقوم من ثمنه مقامه، وأهل مكة يقولون: استقمت المتاع، أي: قومته
والطوي: البئر المطوية، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وضربت بالحجارة لئلا تنهار، والركي: النهر قبل أن تطوى، والأطواء جمع طوي .
والصناديد: العظماء، والخبيث: ضد الطيب، وأخبث الرجل إذا كان أصحابه خبثاء، فكأنه استعار للطوي ذلك لما دخلوا فيه فهو خبيث في نفسه مخبث بهم. والعرصة: بسكون الراء كل جوبة منفتقة لا بناء فيها.
و (القليب): مثل الركي، وقيل: البئر العادية.
وقوله: (لما ناداهم على شفة الركي).
فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: ما تكلم من أجساد لا روح فيها!. قال: "والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم". قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: أحياهم الله حتى
[ ص: 44 ] أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: هذا أحسن من ادعاء nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الغلط -كما يأتي بعد، قال:- ويؤيد ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر حديث nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة ، هذا وأجاب بعضهم بأنه جائز أن يسمعوا في وقت ما أو حال ما، فلا تنافي، وقد قال: "إنه ليسمع قرع نعالهم" وسؤال الملكين له في قبره، وقوله لهما وغير ذلك مما لا ينكر ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: "ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يصحبه في الدنيا فيسلم عليه، إلا عرفه ورد عليه السلام". ذكره أبو عمر في "تمهيده" ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي: إن كانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت ما قالته رواية، فرواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر: إنهم يسمعون وعلمهم لا يمنع من سماعهم، وأما تلاوتها فهو لا تسمعهم ولكن الله، والإسماع ليس الصوت من السمع أو وقوع الصوت في أذن السامع، وإنما المراد الاستجابة، فعليه التبليغ والدعاء وعليهم الإجابة، ولا يقع ذلك إلا بالتوفيق.
قال السهيلي: nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة لم تحضر، وغيرها ممن حضر أحفظ للفظه، وقد قالوا له: أتخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين، جاز أن يكونوا سامعين: إما بآذان رءوسهم إذا قلنا: إن الأرواح تعاد إلى الأجساد عند المساءلة وهو قول الأكثر من أهل السنة، وإما بآذان القلب أو الروح على مذهب من يقول بتوجه السؤال إلى الروح من غير
[ ص: 45 ] رجوع منه إلى الجسد أو إلى بعضه. فإن قلت: فما معنى إلقائهم في القليب؟ قلت: لأن من سنته في مغازيه إذا مر بجيفة إنسان أمر بدفنه ولا يسأل عنه كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، فإلقاؤهم من هذا الباب، غير أنه كره أن يشق على أصحابه كثرة الجيف، فكان جرهم إلى القليب أيسر عليهم، ووافق أن البئر حفره رجل من بني النجار كما سيأتي، فكان مناسبا لهم.
الحديث الحادي عشر:
حديث عمرو، عن عطاء، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما الذين بدلوا نعمت الله كفرا [إبراهيم: 28] قال: هم والله كفار قريش. قال عمرو: هم قريش، ومحمد نعمة الله، وأحلوا قومهم دار البوار [إبراهيم: 28] قال: النار يوم بدر.
قلت: وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا: أنهم قادة المشركين يوم بدر ، والبوار لغة: الهلاك، وقيل في التبديل: جعلوا شكر نعمته (...) أن عبدوا غيره.