حديث هشام، عن أبيه: لما سار رسول الله عام الفتح فبلغ ذلك قريشا، خرج nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ ثم ساق الحديث وذكر إسلامه.
وفيه أنه ركز رايته بالحجون وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كدا، فقتل من جيش nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد يومئذ رجلان: حبيش بن الأشعر، وكرز بن جابر الفهري.
[ ص: 432 ] والكلام عليه من وجوه:
أحدها:
ذكر ابن سعد أنه - عليه السلام - لما نزل مر الظهران أمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار، ولم يبلغ قريشا مسيره وهم مغتمون لما يخافون من غزوه إياهم، فبعثوا أبا سفيان يتحسس الأخبار، وقالوا: إن لقيت محمدا خذ لنا منه أمانا، فخرج ومعه nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام وبديل، فلما راءوا العسكر أفزعهم وعلى الحرس تلك الليلة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، فسمع nindex.php?page=showalam&ids=18العباس صوت أبي سفيان فقال: أبا حنظلة.
قال: لبيك. قال: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عشرة آلاف فأسلم ثكلتك أمك وعشيرتك .
nindex.php?page=showalam&ids=12563ولابن إسحاق أن أبا سفيان ركب مع nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ورجع بديل وحكيم . ولابن عقبة: ذهبوا كلهم مع nindex.php?page=showalam&ids=18العباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا.
ولأبي معشر: أن الحرس جاءوا بأبي سفيان إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فقال: أبقوهم حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبره الخبر جاء nindex.php?page=showalam&ids=18العباس إلى أبي سفيان فأردفه، فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءوا بالآخرين.
nindex.php?page=showalam&ids=13933وللبيهقي: "ومن دخل دار nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام فهو آمن" بعد أن قال: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" .
[ ص: 433 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري أنه - عليه السلام - وجه nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام مع أبي سفيان بعد إسلامهما إلى- مكة وقال: "من دخل دار حكيم فهو آمن -وهي بأسفل مكة- ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن - وهي بأعلى مكة" وكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة ، ولهذا قال جماعة من أهل العلم منهم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: أن مكة مؤمنة وليست عنوة، والأمان كالفتح، ورأى أن أهلها مالكون رباعهم، فلذلك كان يجيز كراءها لأربابها، وبيعها وشراءها; لأن من أمن فقد حرم ماله ودمه، فمكة مؤمنة إلا من استثنى الشارع.
ثانيها:
"عند حطم الجبل". هو بالحاء، وهو ما حطم منه. أي: ثلم من عرضه فبقي منقطعا، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وكذا قال ابن التين: لعله يريد عند موضع يهدم من الجبل ويكسر. قال: فيكون بفتح الحاء وكسر الطاء، وكذا ضبط في بعض الكتب، وفي بعضها بسكون الطاء والأولى ضبط اللغة وإنما حبس هناك لأنه موضع ضيق يرون منه كلهم فلا تفوته رؤية أحد منهم، ثم حكى مقالة nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي السالفة.
والكتيبة: القطعة المجتمعة من الجيش، وأصله من الكتبة وهو أنك إذا جمعت شيئا إلى شيء فقد كتبته، وكان أبو سفيان يقول عندما كثرت الحرس: يا عباس، إن هذا الملك. يقول nindex.php?page=showalam&ids=18العباس: بل النبوة يا أبا سفيان.
[ ص: 434 ] فائدة:
كان شعار المهاجرين يومئذ عبد الرحمن، والخزرج عبد الله، والأوس عبيد الله.
ثالثها:
قوله: (فأسلم أبو سفيان) هذا هو الصواب، وقيل: بل رجع وهو على كفره، حكاه ابن التين.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة: (يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة)، أي: يوم الحرب، أو يوم حرب لا يجد فيه المرء منه ملجئا، أو يوم القتل، يقال: لحم فلان فلانا: قتله.
وقوله بعده: (اليوم تستحل الكعبة): فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، قال: "كذب سعد، هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة". وفي رواية أخرى: هذا يوم تستحل فيه الحرمة. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "بل يوم المرحمة ويوم يعظم الله فيه الحرمة".
وذكر أن nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة قال: هذا يوم يذل الله فيه قريشا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "مهلا فإن لله في قريش جار أما إنك لو وزنت حلمك بأحلامهم لرجحت أحلامهم".
وقول أبي سفيان: (يا عباس هذا يوم الذمار) أي: هذا يوم أؤمل فيه حفظي وحمايتي من أن ينالني مكروه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: (يوم الذمار): يوم القتل. تمنى أن يكون له يد فيحمي قومه .
[ ص: 435 ] وقوله: (جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه) كذا وقع عند جميع الرواة. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في كتابه: هي أجل الكتائب . وهو الأظهر، وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أراد قتل أبي سفيان، فقال - صلى الله عليه وسلم - عندما أتى به nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فقال nindex.php?page=showalam&ids=18العباس: دوني يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما دون أبي الفضل شر". قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: قد برح الخفاء دعني أقتل أبا سفيان; فإنه رأس الكفر. فجعل nindex.php?page=showalam&ids=18العباس يتلطف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول: إن أبا سفيان يحب أن يذكر، فاجعل له شيئا يذكر به. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن".
رابعها:
(الحجون): موضع بأعلى مكة بفتح الحاء.
قوله: (وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كدى) قد أسلفنا في الحج أن الصواب دخوله - صلى الله عليه وسلم - من كداء. بالفتح. فراجعه. وسلف السر فيه.
قال ابن التين: والذي عليه أهل اللغة أن كداء بفتح الكاف والمد، والكدي بالضم وتشديد الياء، وسلف في الحج عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، ولم يسنده أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح من كداء من أعلى مكة . والمضبوط في الأمهات الفتح للأعلى والضم للأسفل، وكذا أسنده nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها وهو في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كذلك أيضا ، وإنما وقع هنا: أنه أمر خالدا فدخل من أعلى مكة. ودخل هو من كدا ضبطه
[ ص: 436 ] في الأمهات بضم الكاف، وفي إحدى روايات nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة كدا بالضم التي هي أعلى مكة.
خامسها:
(حبيش) بالحاء المهملة المضمومة، ثم باء موحدة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: خنيس -بخاء معجمة ثم نون . والأول أصح- ابن خالد بن خليفة بن منقذ بن ربيعة بن أصرم ابن خنيس بن حرام بن حبيشة بن عمرو بن كعب بن لحي الأشعر، عند nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي: حبيش وعند ابن سعد وغيره: هو خالد أبوه، وهو المقتول مع كرز لا ابنه حبيش ، وأم معبد عاتكة بنت خليفة بن منفذ، وكنية حبيش أبو صخر. روى في "الغيلانيات" من حديثه قصة أم معبد بطولها . وله صحبة. وكرز بن جابر بن حسيل بن لاحب بن عتبة بن عمرو بن سنان بن محارب، أخي الحارث وغالب بن فهر كان قبل إسلامه أغار على سرح المدينة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ شقران بناحية بدر فلم يدركه، فهي بدر الأولى، ثم أسلم فحسن إسلامه، وولاه - صلى الله عليه وسلم - الجيش الذي خرج في طلب العرنيين فأدركهم وجاء بهم، استشهد يوم الفتح. وفي الصحابة أربعة سواه، يقال لكل منهم كرز.
[ ص: 437 ] الحديث الثاني: حديث nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل: في الرجيع بسورة الفتح. يأتي في التفسير وفضائل القرآن.
الحديث السادس: حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في المغفر:
وقد سلف في باب دخوله الحرم ومكة غير محرم. زاد هنا: قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما نرى -والله أعلم- يومئذ محرما. وهو كما قال; لأنه لم يرو واحد أنه تحلل يومئذ من إحرامه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=651702 "وإنما أحلت لي ساعة من نهار" وقوله تعالى: وأنت حل بهذا البلد [البلد: 2] أيضا شاهد له، وقيل: يحتمل أن يكون محرما، إلا أنه لبس المغفر للضرورة وهذا من خواصه، ومن دخل مكة لا لنسك فإحرامه مستحب على الأصح عندنا، وعند أبي مصعب nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري خلافا nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك، لكن مشهور مذهبه [أن من] تركه لا شيء عليه.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12161أبي معمر عن عبد الله قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل وما يبدئ الباطل وما يعيد ".
(نصب) بضم النون والصاد، ويجوز إسكان الصاد، ويجوز فتح النون مع ذلك أيضا، وكلها واحد الأنصاب. كما نبه عليه ابن التين، والنصب: الحجر أو الصنم المنصوب للعبادة، ومنه: وما ذبح على النصب [المائدة: 3] والأنصاب أيضا أعلام الطريق يهتدى بها، سميت أنصابا; لأنها تنصب، فارتفعت للأبصار. (يطعنها) بضم العين على ما سلف.
سلف في الحج في باب: من كبر في نواحي الكعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=12161أبي معمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب .
وقال هنا: (تابعه nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17287وهيب: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب، عن عكرمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وسقط من نسخة nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي والد nindex.php?page=showalam&ids=16365عبد الصمد
[ ص: 439 ] والصواب إثباته.
وقوله: (ولم يصل فيه) قد سلف الجمع بين هذا وبين ما خالفه في الصلاة في باب قول الله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة: 125] فراجعه. وأخذ الناس برواية الأثبات.