[ ص: 555 ] فاستشرف لها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "قم يا nindex.php?page=showalam&ids=5أبا عبيدة بن الجراح". فلما قام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا أمين هذه الأمة".
ثم ساق حديث nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر، عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة قال: جاء أهل نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث لنا رجلا أمينا .. الحديث.
وسلف في مناقبه، وقال ههنا: (فاستشرف لها الناس) وقال هناك: (فاستشرف أصحابه).
ثم ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: "إن لكل أمة أمينا .. " الحديث، سلف أيضا هناك.
الشرح:
كان أهل نجران أهل كتاب، والسيد والعاقب: علماؤهم وملوكهم. ذكر ابن سعد أنه - عليه السلام - (كتب) إلى أهل نجران، فخرج إليه وفدهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، فيهم: العاقب -وهو عبد المسيح من كندة- وأبو الحارث بن علقمة -رجل من ربيعة- وأخوه (كوز) ، وأوس والسيد ابنا الحارث، وزيد بن قيس وشيبة وخويلد، وخالد وعمرو وعبيد الله، وفيهم ثلاثة نفر يتولون أمرهم:
[ ص: 556 ] العاقب أميرهم وصاحب مشورتهم والذي يصدرون عن رأيه، وأبو الحارث أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم. والسيد، وهو صاحب رحالهم، ويقدمهم كوز وهو يقول:
إليك تعدو قلقا وضينها
معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها
ودخلوا المسجد وعليهم ثياب الحبرة وأردية مكفوفة بالحرير، فقاموا يصلون في المسجد نحو الشرق، فقال - عليه السلام -: "دعوهم" ثم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عنهم ولم يكلمهم، فقال لهم عثمان: ذلك من أجل زيكم. فانصرفوا بزيهم ذلك، ثم غدوا عليه بزي الرهبان، فسلموا، فرد عليهم ودعاهم إلى الإسلام، فأبوا وأكثروا الكلام واللجاج بينهم، وتلا عليهم القرآن وقال: "إن أنكرتم ما أقول لكم فهلم أباهلكم" فانصرفوا على ذلك.
فغدا عبد المسيح ورجلان من ذوي رأيهم فقالوا: قد بدا لنا أن لا نباهلك، فاحكم علينا بما أحببت نعطك ونصالحك، فصالحهم على ألفي حلة، ألف في رجب، وألف في صفر، أو قيمة ذلك من الأواقي، وعلى عارية ثلاثين درعا، وثلاثين رمحا، وثلاثين بعيرا، وثلاثين فرسا إن كان باليمن كيد، ولنجران وحاشيتهم جوار الله وذمة
[ ص: 557 ] محمد - صلى الله عليه وسلم - النبي، على أنفسهم (وملائهم) وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وبيعهم، ولا يغير أسقف عن سقيفاه، ولا راهب عن رهبانيته، ولا واقف عن وقفانيته، وأشهد على ذلك شهودا، منهم: أبو سفيان، والأقرع بن حابس، nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة، ورجعوا إلى بلادهم فلم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأسلما) وأقام أهل نجران على ما كتب لهم حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما ولي أبو بكر كتب بالوصاة بهم، ثم أصابوا ربا فأخرجهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من أرضهم، وكتب لهم: هذا ما كتب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أمير المؤمنين لنجران، من سار منهم أنه آمن بأمان الله، لا يضرهم أحد من المسلمين; وفاء لهم بما كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر. أما بعد: فمن وقعوا به من أمراء الشام وأمراء العراق فليوسعهم من جريب الأرض، فما اعتملوا من ذلك فهو لهم صدقة، وعقب لهم بمكان أرضهم، لا سبيل عليهم لأحد ولا مغرم.
أما بعد: فمن حضرهم من رجل مسلم فلينصرهم على من ظلمهم فإنهم أقوام لهم الذمة، وجزيتهم عنهم متروكة أربعة وعشرين شهرا بعد أن تقدموا، ولا يكلفوا إلا من ضيعتهم التي اعتملوا غير مظلومين ولا معنوف عليهم. شهد nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ومعيقيب، فوقع ناس منهم بالعراق فنزلوا النجرانية التي بناحية الكوفة .