[ ص: 360 ] أصل المنبر من النبر وهو الارتفاع، وسطح كل شيء أعلاه، صرح به الجوهري وغيره.
قال: ولم ير الحسن بأسا أن يصلى على الجمد والقناطر، وإن جرى تحتها بول أو فوقها أو أمامها، إذا كان بينهما سترة.
الجمد: بفتح الجيم وضمها كما قال ابن التين، مثل عشر، وعشر، مكان صلب مرتفع، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13441ابن قرقول: إنه بسكون الميم، وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي: والصواب: السكون، وهو الماء الجامد من شدة البرد بدليل الترجمة. وقال صاحب "المحكم": الجمد: الثلج، زاد ابن عديس الفتح، وقال ابن جعفر هو بالفتح. وقال غيره: هو بالفتح والضم، وبضمهما: ما ارتفع من الأرض. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14868الفارابي: الجمد ما جمد من الماء نقيض الذوب، وهو مصدر. وقال الجوهري: هو بالتحريك جمع جامد والجمد والجمد مكان صلب مرتفع، والجمع أجماد وجماد.
و(القناطر): جمع قنطرة، وهو كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: ما ارتفع من البنيان. وقال الجوهري: هو الجسر أي: الذي يجعل على النهر يعبر عليه.
وقوله: (إذا كان بينهما سترة). لأنه إذا كالبعيد قربت النجاسة منه أو بعدت، وفي "المدونة": من صلى وأمامه جدار أو مرحاض أجزأه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: إن تعمد الصلاة إلى نجاسة وهي أمامه أعاد، إلا أن تكون بعيدة جدا.
[ ص: 361 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: وصلى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام. لذا ذكره بصيغة الجزم، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة رواه في "مصنفه" عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، وفيه مقال. قال: صليت مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فوق المسجد بصلاة الإمام وهو أسفل، وقد صح عن غير واحد. رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله، وغيرهما، ولا بأس أن يصلي المأموم على السطح والإمام أسفل المسجد عند الكوفيين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في غير الجمعة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124 [الليث]: لا بأس أن يصلي الجمعة ركعتين على ظهر المسجد، وفي الدور على الدكاكين، وفي الطرق إذا اتصلت الصفوف ورأى الناس بعضهم بعضا حتى يصلوا بصلاة الإمام، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مثله.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: وصلى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على الثلج.
ثم ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديثين:
أحدهما: حديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد في شأن المنبر.
والثاني: حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في المشربة، وهي الغرفة، وصلى على ألواحها وخشبها. وهو موضع الترجمة، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أنه كان مريضا فكان يصلي قاعدا، فجعل له وسادة، وجعل له لوح عليها فسجد عليه.
[ ص: 362 ] وكره قوم السجود على العود: روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود أخرجهما nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة: قال علقمة: دخل عبد الله على أخيه عبدة يعوده فوجده يصلي على عود فطرحه، وقال: إن هذا شيء عرض به الشيطان، ضع وجهك على الأرض، وإن لم تستطع فأومئ إيماء. وكرهه الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق أنه كان يحمل معه لبنة في السفينة. يعني: يسجد عليها، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة وأئمة الفتوى على جواز الصلاة عليه، وحجتهم الاتباع في المنبر والمشربة.
فأما حديث سهل فالكلام عليه من أوجه:
أحدها:
أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذكره قريبا، وفي الجمعة، والهبة أيضا، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه.
ثانيها:
قوله: (من أي شيء المنبر؟) أي: منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (والأثل) الطرفاء؛ ولهذا جاء هنا (من أثل الغابة) وفي أخرى: من طرفاء الغابة، وقيل: إنه يشبه الطرفاء إلا أنه أعظم منه، والغابة: من عوالي المدينة من جهة الشام، والغابة: المكان الملتف بالشجر، والغابة:
[ ص: 363 ] اسم لقرية أيضا بالبحرين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12996ابن بشكوال: في بعض الروايات: من أثلة كانت قريبة من المسجد.
ثالثها:
صانع المنبر: هل هو ميمون النجار، أو قبيصة المخزومي، أو صباح غلام العباس، أو إبراهيم، أو باقوم -بالميم وباللام- غلام سعيد بن العاصي، أقوال ذكرها ابن الأثير، وقال ابن التين: عمله غلام nindex.php?page=showalam&ids=228لسعد بن عبادة، وقيل: للعباس، وقيل: لامرأة من الأنصار. قال ابن سعد: في السنة السابعة: ويقال: في الثامنة، وهو أول منبر عمل في الإسلام، وقيل: صنعه مينا، ذكره المنذري، وفي nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: أنه nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري.
رابعها:
قوله: (ما بقي من الناس أعلم به مني). فيه: أن العالم إذا انفرد بعلم شيء يقول ذلك ليوجه إلى حفظه.
فيه دلالة على ما ترجم له وهو الصلاة على المنبر، وقد علل صلاته عليه وارتفاعه على المأمومين بالإتباع له والتعليم فإذا ارتفع الإمام على المأموم فهو مكروه إلا لحاجة كمثل هذا فيستحب، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك المنع nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي أيضا، وحكي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم لكن المعروف عنه الكراهة، وإجازته في مقدار قامة فأقل، وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الارتفاع اليسير، وعلل المنع بأنه يفعل على وجه الكبر، والشارع معصوم منه.
سابعها:
القهقرى: المشي إلى خلف، وأصلها مصدر قهقر، وفي نصبها مذاهب، وقد أوضحتها مع فوائد هذا الحديث في "شرح العمدة" فراجعه منه، ورجوعه القهقرى خوف الاستدبار، وهو عمل يسير؛ لأنه مشى خطوتين.
[ ص: 365 ] وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الصيام والنذور والمظالم، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم أيضا في الصلاة والصوم.
والكلام عليه من أوجه:
أحدها:
معنى (جحشت ساقه): خدشت، أي: أصابه وجع منعه القيام، وكان ذلك في ذي الحجة، سنة خمس من الهجرة، وقوله: (آلى). أي: حلف، وليس الإيلاء المعروف، (والمشربة): بشين معجمة، ثم راء مضمومة أعلى البيت شبه الغرفة، وقيل: الغرفة، وقيل: الخزانة هي بمنزلة السطح لما تحتها. والجذع: بالذال المعجمة.
وقوله: ("إنما جعل الإمام") لا بد فيه من تقدير محذوف، وهو المفعول الثاني لجعل؛ لأنها هنا بمعنى صير، والتقدير: إنما جعل الإمام إماما. والأول: ارتفع لقيامه مقام الفاعل، ومعنى: "ليؤتم به" ليقتدى به.
ثانيها:
قوله: ("فإذا كبر فكبروا") هذه فاء التعقيب فتقتضي أن تكون أفعال المأموم القولية والفعلية عقب أفعال الإمام (......)، فنبه بالتكبير على القولية وأفعال الإمام القولية والفعلية فيه، وبالركوع على الفعلية، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة إلى أنه يكبر مع الإمام لا قبله، وصاحباه وافقا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في [ ص: 366 ] كونه بعده.
ثالثها:
إنما تقتضي الحصر للإمام والمتابعة في كل شيء، حتى النية والهيئة من الموقف وغيره، وقد اختلف في ذلك العلماء، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وطائفة: لا يضر اختلاف النية، وجعل الحديث مخصوصا بالأفعال الظاهرة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة: يضر اختلافها، وجعلا اختلاف النيات داخلا تحت الحصر في الحديث، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره: لا يضر الاختلاف في الهيئة بالتقدم في الموقف، وجعل الحديث عاما فيما عدا ذلك، وقد أوضحت الكلام على ذلك في "شرحي للعمدة".
رابعها:
قوله: "وإن صلى قائما فصلوا قياما") وهذا الحديث ذكره بعد أن صلى جالسا (وهم) قيام عند الشافعية، [وغيرهم] ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والحنفية والجمهور منسوخ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الآتي: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى قاعدا، وأبو بكر والناس قيام، وكان هذا في مرض موته. ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "صحيحه" في باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به. عن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي، وأبى [ ص: 367 ] ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان كما أوضحته في الشرح المذكور، فسارع إليه، وقد أوجب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي قعود المأموم عند قعود الإمام، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المشهور عنه وعن أصحابه: لا يجوز أن يؤم أحد جالسا؛ لحديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=31170 "لا يؤم أحد بعدي جالسا" لكنه مرسل واه، ومن زعم اختصاص ذلك به فقد أبعد، وسيأتي الكلام على حلفه وقوله: ("إن الشهر تسع وعشرون") في موضعه إن شاء الله. وهذه الصلاة الظاهر أنها مكتوبة؛ لقوله في بعض طرق الحديث: "فحضرت الصلاة"، وأشار nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم إلى أن ذلك كان في النافلة كما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي.