هذا الحديث سلف في العلم، ويأتي في التوحيد والاعتصام، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل. فقالوا سلوه عن الروح،
[ ص: 557 ] فنزلت، ولابن مردويه عنه: قالت اليهود لرسول الله - صلى الله عليه وسلم: أخبرنا عن الروح وكيف تعذب، وإنما هي من الله، ولم يكن نزل عليه فيه شيء فجاءه جبريل بهذه الآية.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذه الآية: لا تزيدوا عليها ولكن قولوا كما قال الله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وعند ابن منده من حديث nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أبي مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثت قريش عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن أمية بن المغيرة إلى يهود المدينة، يسألونهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث. وفيه: هو من أمر الله بقول الله، هو خلق من خلق الله، ليس هو شيء من الله، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عنه: الروح أمر من أمر الله، وخلق من خلقه (صورته) صورة بني آدم، وما ينزل ملك من السماء إلا ومعه واحد من الروح.
إذا تقرر ذلك فالحرث بحاء مهملة وثاء مثلثة، وهو موضع الزرع، وذكره في كتاب العلم وبخاء معجمة وباء موحدة، والخاء مكسورة والراء مفتوحة كما ضبطه بهما القاضي عياض وصححهما، وتميم تقول بفتح الخاء، والأول أصوب كما نقله النووي عن العلماء، ويجوز أن يكون الموضع فيه الوصفان.
[ ص: 558 ] والعسيب: لعله أراد القضيب، قال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : عسبان النخل كالقضبان لغيره.
وقوله: (ما رابكم إليه) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : كذا تقوله العامة، وإنما هو ما إربكم إليه. أي: ما حاجتكم.
ووقع في رواية أبي الحسن بالمثناة تحت بدل الباء الموحدة، وقد أسلفنا فيما مضى أن العلماء اختلفوا في الروح اختلافا منتشرا، وأن الكلام فيه مما يغمض ويدق، قال الأشعري: هو النفس الداخل، وقيل: هو جسم لطيف مشارك الأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة، وقال بعضهم: لا يعلمها إلا الله. والجمهور على أنها معلومة، فقيل: الدم وليس في الآية دليل على أنها لا تعلم ولا أنه - عليه السلام - لم يكن يعلمها، وإنما أجاب بما في الآية الكريمة؛ لأنه كان عند اليهود إن أجاب بتفسير الروح فليس بشيء.
واحتجوا بحديث الصور، قالت جماعة: الأرواح على صور الخلق لها أيد وأرجل وسمع وبصر.
وقال بعضهم: الأرواح تعذب كالأجسام لأخبار فيه. قال تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين [المطففين: 7] فيعذبان جميعا كما ينعمان، لأخبار ثابتة فيه عن الصحابة والتابعين. وغلط من ادعى بعثها مجردة من غير بدن؛ لأنه ترابي، ثم قيل: ينشئ الله لها أجساما من الجنة، وما أبعده!
وقيل: للمؤمن ثلاثة أرواح، وللكافر والمنافق واحد. وقيل: للأنبياء والصديقين خمسة أرواح، وكله بحكم. وقيل: الروح روحان: اللاهوتية والناسوتية. وقيل: روحانية خلقت من الملكوت، فإذا فنت رجعت إليه. وقيل: إنما تكون نورية روحانية ملكوتية إذا كانت صافية، وقيل: الروح لاهوتية، والنفس أرضية طينية نارية.
وشر الأقوال تناسخها وانتقالها من جسم إلى جسم، وقال مقاتل في
[ ص: 560 ] قوله: وهو الذي يتوفاكم بالليل [الأنعام: 60] إن الإنسان له حياة وروح ونفس، فإذا نام خرج من نفسه (الذي) يعقل به الأشياء شعاع وله حبل إلى الجسد لشعاع النفس إلى الأرض، فيرى الرؤيا بالنفس التي خرجت منه وتبقى الحياة والروح في الجسد فيه تتقلب وتتنفس، فإذا حرك رجعت إليه أسرع من طرفة عين، فإذا أراد الله أن يميته في المنام، يميت النفس ويقبض الروح إليها فيموت في منامه، وقال: بالذهن يرى الرؤيا.
قال مقاتل : فتخرج نفسه إذا نام، فإذا أخذت إلى فوق فرأت رؤيا رجعت النفس فأخبرت الروح، ومخبر الروح القلب فيصبح يعلم أنه رأى رؤيا صالحة يعرف ما رأى في منامه، فتجيء النفس وتجيء الروح وتخبر الروح القلب، فإن نام مستلقيا على وجهه فرجوع النفس إلى الجسد بمنزلة الشعاع إذا نظر من الكوة، فإن حرك النائم كان أسرع إلى الجسد من الشمس إذا […]، الكوة إذا غشيها الغيم أو يسترها شيء.
ثم اختلفوا في معرفة الروح والنفس، فقالت طائفة: النفس طيفية
[ ص: 561 ] نارية، والروح نورية روحانية. وقال بعضهم: الروح لاهوتية والنفس ناسوتية. وقال أهل الأثر: الروح غير النفس. وقولهم النفس بالروح والنفس لا تريد إلا الدنيا والروح تدعو إلى الآخرة وتؤثرها، وقد جعل الهوى تبعا للنفس، فالشيطان مع النفس والهوى، والملك مع العقل والروح.
وفي "التمهيد" من طريق وهب قال: إن الله خلق آدم وجعل نفسا وروحا، فمن الروح عفافه وفهمه وحلمه وسخاؤه، ومن النفس شهوته وغضبه ونحو هذا.
قال السهيلي: هذا معناه صحيح، وسبيلك أن تنظر في كتاب الله أولا لا إلى الأحاديث التي تنقل مرة على اللفظ ومرة على المعنى، فيقول: قال تعالى: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي [الحجر: 29] ولم يقل: من نفسي، فلا يجوز أن يقال هذا، ولا خفاء فإنه من الفرق في الكلام، وذلك يدل على أن بينهما فرقا في المعنى. وبعكس هذا تعلم ما في نفسي [المائدة: 116] ولم يقل: ما في روحي، فلو كانت النفس والروح اسمين بمعنى واحد كالليث والأسد لصح وقوع كل واحد منهما لصاحبه في آي كثيرة، فأين إذن كون الروح والنفس بمعنى واحد لولا الغفلة عن تدبر القرآن؟ ثم أطال الكلام فيه.
[ ص: 562 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي في "عواصمه": الروح معقولة، واختلف في النفس فمنهم من جعلها الدم، ومنهم من جعلها معقولة بمنزلة الروح، وقد يعبر بالروح عن القلب والنفس، وعن القلب بهما، وعن النفس بالروح، وعن الروح والحياة بهما، وقد تتعدى هذه الألفاظ إلى غير العقلاء بل إلى غير الأحياء فتجعل في كل شيء، فيقال لكل شيء قلب ونفس وروح وحياة، واستجازة، وزعم قوم أن الروح استنشاق الهواء، وقال عامة المعتزلة: إنها عرض، وأغرب ابن الراوندي فقال: إنها جسم لطيف يسكن البدن، وقال بعض الحكماء: إن الله تعالى خلقها من ستة أشياء: من جوهر النور والطب والبقاء والحياة والعلم والعلو، ألا ترى أنه ما دام في الجسد كان نوريا، قال nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي : والمختار أنه جسم لطيف توجد به الحياة.
قال محمد بن نصر المروزي : قد تأول قوم من الزنادقة والروافض في روح آدم ما تأولته النصارى في روح عيسى، وما تأول قوم من أن النور والروح انفعلا من الذات المقدسة، فصارا في المؤمن، فعبد صنف من النصارى عيسى ومريم جميعا؛ لأن عيسى عندهم روح صار في مريم، قالوا: ثم صار بعد آدم في الوصي بعد، ثم هو في كل نبي ووصي، إلى أن صار في علي، ثم في كل وصي وإمام، يعلم كل شيء ولا يحتاج أن يتعلم من أحد، وروت فرقة من المتعبدة أن الله أيد أولياءه من المؤمنين بأن أسكن روحا منه قلوبهم، وذلك إذا اشتغلوا بالله وانقطعوا إليه، فهنالك تتصل تلك الروح بربهم، فيعلموا بزعمهم الغيب، وهؤلاء قوم يسمون الفكرية، وهم ضرب من الزنادقة، ولهم كلام تشيع، واحتجوا بقوله: وأيدهم بروح منه ولا خلاف بين المسلمين في أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بني آدم كلها مخلوقة، الله خلقها وأنشأها ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف سائر خلقه، قال تعالى: وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه [الجاثية: 13].
تنبيه:
جمع ابن التين في الروح في الآية أحد عشر قولا، فعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : له أحد عشر ألف جناح، وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة، وقيل:
[ ص: 564 ] هو ملك له تسعون ألف لسان يسبح الله بها ويقدسه، وقيل: هو جبريل، وقيل: هو ملك رجلاه في الأرض السفلى ورأسه عند قائمة العرش، وقيل: هو خلق كخلق بني آدم، له أيد وأرجل، وقيل: عيسى، وقيل: القرآن، وقيل: هو الوحي، وقيل: هو الروح التي تحيا بلا جسد. فسألوه عن كيفية امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به، وقيل: هو خلق من خلق الله، لا ينزل ملك إلى الأرض إلا نزل معه، وقيل: -كما في الأصل- لا يعلمه إلا الله، قال: وقيل: هو ملك عظيم، تقوم روحه فتكون صفا، وتقوم الملائكة صفا، قال تعالى: يوم يقوم الروح والملائكة صفا [النبأ: 38].