هكذا وقع في أكثر النسخ بعد الآية الثانية، حديث nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف عن أبي [ ص: 9 ] بكرة، ثم حديث أبي ذر، ووقع في كثير من نسخه قبل ذكر الآية الثانية حديث أبي ذر ثم قال: باب: وإن طائفتان [الحجرات: 9] الآية ثم ساق حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة، والجميع حسن.
ومقصوده بذلك أن مرتكب المعصية لا يكفر، ولا يخرج بذلك عن اسم الإيمان والإسلام، وهذا مذهب أهل السنة.
فإن قلت: إنما سمي في الآية مؤمنا، وفي الحديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلما حال الالتقاء لا في حال القتال وبعده، قلت: الدلالة من الآية ظاهرة، فإن قوله تعالى: فأصلحوا بين أخويكم [الحجرات: 10] سماهما أخوين بعد القتال، وأمر بالإصلاح بينهما; ولأنهما عاصيان قبل القتال، وهو من حين سعيا إليه وقصداه. والحديث محمول على معنى الآية.
ثم الكلام على الحديث الأول - وهو حديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة - من وجوه:
أحدها:
أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الفتن عن عبد الله بن عبد الوهاب، نا nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن رجل لم يسمه، عن الحسن قال؟ خرجت [ ص: 10 ] بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني nindex.php?page=showalam&ids=130أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يعني: nindex.php?page=showalam&ids=8عليا وهذا بيان للمبهم في الرواية السالفة، ثم ساق الحديث. قال nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : فذكرت هذا الحديث لأيوب، ويونس بن عبيد، وأنا أريد أن يحدثاني به، فقالا: إنما روى هذا الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف عن nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ونا سليمان، نا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد، فساقه وفيه: فقلت، أو قيل: يا رسول الله، هذا القاتل. والباقي مثله، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طرق.
ثانيها: في التعريف برجاله:
فأيوب سلف، وأما nindex.php?page=showalam&ids=130أبو بكرة فهو: نفيع -بالنون- بن الحارث بن كلدة -بالكاف واللام المفتوحتين- بن عمرو بن علاج بن سلمة -وهو عبد العزى- بن غيرة -بكسر الغين المعجمة وفتح المثناة تحت- ابن عوف بن قسي - بفتح القاف وكسر السين المهملة - وهو: ثقيف بن منبه الثقفي، وقيل: نفيع بن مسروح مولى الحارث بن كلدة طبيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: اسمه مسروح، وأمه: سمية أمة للحارث بن كلدة، وهو أخو زياد لأمه، وهو ممن نزل يوم الطائف إلى رسول الله من حصن الطائف في بكرة، وكني nindex.php?page=showalam&ids=130أبا بكرة لذلك.
قال الجوهري : بكرة البئر: ما يستقى عليها، وجمعها بكر بالتحريك كحلقة وحلق وهو من شواذ الجمع.
[ ص: 11 ] أعتقه رسول الله جييه، وهو معدود في مواليه، وكان nindex.php?page=showalam&ids=130أبو بكرة يقول: أنا من إخوانكم في الدين، وأنا مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن أبى الناس ألا ينسبوني فأنا نفيع بن مسروح.
وكان من فضلاء الصحابة وصالحيهم، ولم يزل مجتهدا في العبادة حتى توفي. قال الحسن: لم يكن بالبصرة من الصحابة أفضل منه، ومن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين، روي له مائة واثنان وثلاثون حديثا، اتفقا على ثمانية، وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بخمسة، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بحديث.
روى عنه: ابناه عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما من كبار التابعين، وكان ممن اعتزل يوم الجمل، ولم يقاتل مع واحد من الفريقين، مات بالبصرة سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس فهو أبو بحر، واسمه الضحاك، وقيل: صخر بن قيمس بن معاوية بن حصين بن حفص بن عبادة بن النزال بن مرة بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ولد وهو أحنف، والأحنف : الأعوج، والحنف: الاعوجاج في الرجل، وهو أن تقبل إحدى الإبهامين من إحدى الرجلين على الأخرى، وقيل: هو الذي يمشي على ظهر قدمه من شقها. أي: [ ص: 12 ] الذي يلي خنصرها، وكانت أمه ترقصه، وتقول:
أدرك زمان النبي جيخييه، ولم يره، وسمع: nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا والعباس وغيرهم، وعنه: الحسن وغيره.
قال الحسن: ما رأيت شريف قوم كان أفضل من nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف . وعنه أنه قال: إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة الجواب. مات بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير.
وأما الحسن فهو: أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار الأنصاري، مولاهم، البصري، وأمه خيرة مولاة أم سلمة أم المؤمنين، ولد لسنتين بقيتا من خلافة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر. قالوا: ربما خرجت أمه في شغل فيبكي [ ص: 13 ] فتعطيه nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ثديها فيدر عليه، فيرون أن الفصاحة (والبركة) والحكمة من بركة ذلك.
نشأ بوادي القرى، ورأى nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة، ولم يصح له سماع منهما، وقيل: لقي nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ولم يصح، وحضر الدار وله أربع عشرة سنة، فسمع nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنسا nindex.php?page=showalam&ids=401وجندب بن عبد الله وغيرهم من الصحابة وخلقا من التابعين. وعنه خلق من التابعين فمن بعدهم.
روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض قال: سألت nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان كم أدرك الحسن من الصحابة؟ فقال: مائة وثلاثين. قلت: فابن سيرين قال: ثلاثين.
وسئل أبو زرعة عن الحسن، ألقي أحدا من البدريين؟ قال: رآهم رؤية، رأى عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا، قيل له: سمع منهما؟ قال: لا، كان الحسن يوم بويع علي ابن أربع عشرة سنة رأى nindex.php?page=showalam&ids=8عليا بالمدينة ج، ثم خرج علي إلى الكوفة والبصرة، ولم يلقه الحسن بعد ذلك.
وروينا عنه قال: غزونا خراسان ومعنا ثلاثمائة من الصحابة، وقال ابن سعد : كان جامعا عالما رفيعا فقيها ثقة مأمونا عابدا ناسكا كثير العلم فصيحا جميلا وسيما، قدم مكة فأجلسوه على سرير، واجتمع الناس إليه فحدثهم، وكان فيمن أتاه nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وعمرو بن شعيب، [ ص: 14 ] فقالوا (أو) قال بعضهم: ما رأينا مثل هذا قط.
وسئل nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك عن مسألة (فقال): سلوا مولانا الحسن; فإنه سمع وسمعنا فحفظ ونسينا. وإمامته وجلالته مجمع عليها. مات سنة عشر ومائة، ومات nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين بعده بمائة يوم.
فائدة: روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث هنا عن الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف كما سلف، ورواه في: الفتن عن الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة، وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني سماع الحسن من nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة . قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : بينهما الأحنف، واحتج بما سلف.
وكذا رواه هشام (و) المعلى بن زياد عن الحسن، وذهب غيرهما إلى صحة سماعه منه كما ساقه في الفتن، واستدل بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا: في الفتن في باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=652505 "إن ابني هذا سيد" [ ص: 15 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله، عن سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل. فذكر الحديث. وفيه: قال الحسن: ولقد سمعت nindex.php?page=showalam&ids=130أبا بكرة قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني : إنما صح عندنا سماع الحسن من nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة بهذا الحديث.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي: هذا الحسن المذكور في هذا الحديث الذي قال فيه: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة . إنما هو الحسن بن علي، وليس nindex.php?page=showalam&ids=14102بالحسن البصري.
وأثنى nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني وأبو زرعة على مراسيل الحسن، وضعفها بعضهم.
وأما يونس فهو: أبو عبد الله يونس بن عبيد بن دينار العبدي مولاهم البصري التابعي، رأى nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا، وسمع الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين وغيرهما من كبار التابعين، وعنه: الأئمة الأعلام، منهم: nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة وآخرون. وجلالته وفضله وثقته مجمع (عليها).
قال nindex.php?page=showalam&ids=15994سعيد بن عامر: ما رأيت رجلا قط أفضل منه، وأهل البصرة على ذا. مات سنة تسع وثلاثين ومائة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : وولد بعد الجارف.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد فهو: الإمام أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم [ ص: 16 ] الأزدي البصري مولى جرير بن حازم . سمع nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابتا البناني وغيره من التابعين، وعنه السفيانان وخلق.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة، nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري بالكوفة، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بالحجاز، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي بالشام، nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد بالبصرة، وما رأيت أعلم من nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد، ولا سفيان ولا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وقال عبيد الله بن الحسن: إنما هما الحمادان، فإذا طلبتم العلم فاطلبوه منهما.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : ليس أحد أثبت من nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى : ما رأيت أحدا من الشيوخ أحفظ من nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد .
وقال أبو زرعة : nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد أثبت من nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة .
وقال ابن سعد : كان ثقة ثبتا حجة كثير الحديث، وأنشد ابن المبارك فيه:
أيها الطالب علما ائت nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد فخذ العلم بحلم ثم قيده بقيد ودع البدعة من آثار عمرو بن عبيد
وإجماع الأئمة والحفاظ من أهل عصره فمن بعده منعقد على جلالته، وعظم علمه، وحفظه، وإتقانه، وإمامته. ولد سنة ثمان وتسعين، ومات سنة تسع وسبعين ومائة، عن إحدى وثمانين. قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب: حدث عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : nindex.php?page=showalam&ids=12356إبراهيم بن أبي عبلة، والهيثم بن سهل وبين وفاتيهما مائة وثماني سنين وأكثر. وحدث عنه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : [ ص: 17 ] وبين وفاته ووفاة الهيثم مائة سنة أو أكثر.
وأما شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فهو أبو بكر، ويقال: أبو محمد عبد الرحمن بن المبارك بن عبد الله البصري القيشي -بالمثناة والشين المعجمة- سمع جمعا، منهم: خالد الواسطي، وعنه جماعة من الأعلام والحفاظ منهم: nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم وقال: صدوق، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن رجل عنه، ولم يرو له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم شيئا.
مات سنة ثمان، وقيل: تسع وعشرين ومائتين، وقيل: سنة عشرين.
حكاه النووي في "شرحه"، ولم يذكره المزي، وإنما حكى الأولين فقط، (ووقع في شرح شيخنا الشيخ قطب الدين: مات سنة ثمان وعشرين، وقيل: تسع وعشرين فاعلم ذلك).
فائدة:
في هذا الإسناد لطيفتان: كل رجاله بصريون، وفيه ثلاثة تابعيون يروي بعضهم عن بعض، وهم: nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب مع يونس.
الوجه الثالث:
الآية الأولى دالة (على مذهب) أهل الحق على أن من مات موحدا لا يخلد في النار، وإن ارتكب من الكبائر -غير الشرك- ما ارتكب، وقد جاءت به الأحاديث الصحيحة في قوله: "وإن زنى، [ ص: 18 ] وإن سرق". والمراد بالآية: من مات على الذنوب من غير توبة; لأنه لو مات عليها فلا فرق فيه بين الشرك وغيره، وقد تظاهرت الأدلة، وإجماع السلف عليه.
وأما الآية الثانية فهي عمدة أصحابنا وغيرهم من العلماء في قتال أهل البغي. وسيأتي بسط الكلام في ذلك في بابه، حيث ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، إن شاء الله تعالى.
الرابع:
الطائفة: القطعة من الشيء. قاله أهل اللغة. والمراد بالطائفتين في الآية: الفرقتان من المسلمين. وقد تطلق الطائفة على الواحد، هذا قول الجمهور من أهل اللغة وغيرهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: الذي عندي أن أقل الطائفة اثنان. وقد حمل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره من العلماء الطائفة في مواضع من القرآن على أوجه مختلفة بحسب المواطن، فهي في قوله تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة [التوبة: 122]، واحد فأكثر، واحتج به في قبول خبر الواحد، وفي قوله تعالى: وليشهد عذابهما طائفة [النور: 2] أربعة. وفي قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك [النساء: 102] ثلاثة.
وفرقوا في هذه المواضع بحسب القرائن، أما في الأولى فلأن
الإنذار يحصل به، وفي الثانية; لأنها البينة فيه، وفي الثالثة; لذكرهم
معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("فالقاتل والمقتول في النار") أنهما يستحقانها، وأمرهما إلى الله تعالى، كما هو مصرح به في حديث عبادة، "فإن شاء عفا عنهما، وإن شاء عاقبهما" ثم أخرجهما من النار فأدخلهما الجنة، كما ثبت في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وغيره في العصاة الذين يخرجون من النار فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل. ونظير هذا الحديث في المعنى قوله تعالى: فجزاؤه جهنم [النساء: 93] معناه: هذا [ ص: 20 ] جزاؤه، وليس بلازم أن يجازى، ثم هذا الحديث محمول على غير المتأول، كمن قاتل لعصبية وغيرها.
الثامن:
اختلف العلماء في القتال في الفتنة، فمنع بعضهم القتال فيها وإن دخلوا عليه، عملا بظاهر هذا الحديث، وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة في "صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " الطويل: nindex.php?page=hadith&LINKID=911976 "إنها ستكون فتن"، الحديث. وقال هؤلاء: لا يقاتل وإن دخلوا عليه وطلبوا قتله، ولا تجوز له المدافعة عن نفسه; لأن الطالب متأول، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة وغيره.
وفي "طبقات ابن سعد " مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري، وقال nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وغيرهما: لا يدخل فيها فإن قصدوا (دافع) عن نفسه. وقال معظم الصحابة والتابعين وغيرهما: يجب نصر الحق وقتال الباغين; لقوله تعالى: فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله [الحجرات: 9] وهذا هو الصحيح.
وتتأول أحاديث المنع على من لم يظهر له الحق، أو على عدم التأويل لواحد منهما، ولو كان كما قال الأولون لظهر الفساد واستطالوا.
والحق الذي عليه أهل السنة الإمساك عن ما شجر بين الصحابة، وحسن الظن بهم والتأويل لهم، وأنهم مجتهدون متأولون، لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا، فمنهم المخطئ في اجتهاده والمصيب. وقد رفع الله الحرج عن المجتهد المخطئ في الفروع، وضعف أجر [ ص: 21 ] المصيب. وتوقف nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره في تعيين المحق منهم، وصرح (به الجمهور) إذ كان أفضل من كان على وجه الدنيا حينئذ.
وتأول غيره بوجوب القيام بتغيير المنكر في طلب قتلة عثمان الذين في عسكره، وأنهم لا يعتقدون إمامة، ولا (يعطون) بيعة حتى نقضوا ذلك، ولم ير هو دفعهم إذ الحكم فيهم للإمام، وكانت الأمور لم تستقر، وفيهم عدد ولهم منعة وشوكة، ولو أظهر تسليمهم أولا أو القصاص منهم لاضطرب الأمر، ومنهم جماعة لم يدخلوا في شيء، واحتجوا بالنهي عن التلبس بالفتن، وعذروا الطائفتين بتأويلهم، ولم يروا إحداهما باغية فيقاتلوها.
التاسع:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("إنه كان حريصا على قتل صاحبه") وفي رواية أخرى: nindex.php?page=hadith&LINKID=662147 "إنه قد أراد قتل صاحبه" فيه حجة للقول الصحيح الذي عليه. الجمهور: أن العزم على الذنب، والعقد على عمله معصية يأثم به وإن لم يعمله ولا تكلم به، بخلاف الهم المعفو عنه، وللمخالف أن يقول: هذا فعل أكثر من العزم، وهو المواجهة والقتال.
[ ص: 22 ] الحديث الثاني: حديث أبي ذر .
والكلام عليه من وجوه:
أحدها:
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا عن سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، وأخرجه في: العتق: عن آدم عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أتم من هذا، وفي الأدب: عن عمرو بن حفص بن غياث عن أبيه، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في: الإيمان والنذور، عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن يونس، عن زهير، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12137 (أبي كريب)، عن nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12418 (إسحاق بن إبراهيم)، عن nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس، كلهم، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، وعن أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=15573وبندار، عن nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن واصل كلاهما، عن المعرور.
الوجه الثاني: في التعريف برواته:
وقد سلف ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة وسليمان.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر فهو جندب -بضم الجيم والدال، وحكي فتح الدال، وعن بعضهم فيه كسر أوله وفتح ثالثه، وكأنه قاله لغة من واحد الجنادب، الذي هو طائر -وقيل: اسمه برير- بضم الموحدة وراء مكررة -بن جندب. والمشهور الأول. (جندب) بن جنادة- بضم [ ص: 23 ] الجيم- بن سفيان بن عبيد بن الوقيعة بن حرام بن غفار بن مليل -بضم الميم وفتح اللام- بن ضصرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة الغفاري، السيد الجليل.
أسلم قديما، جاء عنه أنه قال: أنا رابع أربعة في الإسلام.
ويقال: كان خامس خمسة. أسلم بمكة ثم رجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى مضت (بدر) وأحد والخندق، ثم رجع إلى المدينة.
وحديث إسلامه وإقامته عند زمزم مشهورة في "الصحيح"، ومناقبه جمة، وزهده مشهور، وتواضعه وزهده مشبه في الحديث بتواضع عيسى عصيه وزهده.
[ ص: 24 ] روي له مائتا حديث وأحد وثمانون حديثا، اتفقا منها على اثني عشر، وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بحديثين، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بسبعة عشر. روى عنه: nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس، وعنه خلق من التابعين، مات بالربذة سنة اثنين وثلاثين، وصلى عليه nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وقصته فيها مشهورة.
وقد أوضحت ترجمته في كتابنا المسمى بـ "العدة في معرفة رجال العمدة" فراجعها منه.
ومن مذهبه أنه يحرم على الإنسان ما زاد على حاجته من المال، وكان قوالا بالحق. وسئل علي عنه فقال: ذاك رجل وعى علما عجز عنه الناس، وأوكأ علمه، ولم يخرج شيئا منه.
كان طوالا آدم، أبيض الرأس واللحية. روي عنه أنه قال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ما ترك لي الحق صديقا.
[ ص: 26 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=15277المعرور فهو:-بعين مهملة وراء مكررة- أبو أمية المعرور بن سويد الأسدي الكوفي التابعي. سمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وغيره، وعنه: واصل nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش، وقال: رأيته وهو ابن عشرين ومائة سنة، وهو أسود الرأس واللحية. قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين وأبو حاتم: ثقة.
وأما واصل فهو: ابن حيان -بالمثناة تحت- الأسدي الكوفي الأحدب. سمع جماعة من التابعين، وعنه جمع من الأعلام منهم: nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ثقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: صدوق صالح الحديث. مات سنة عشرين ومائة.
الوجه الثالث: في ألفاظه ومعانيه:
الأول: الجاهلية: ما قبل الإسلام. سموا بذلك (لشدة جهالاتهم).
الثاني: الربذة -بفتح الراء ثم موحدة ثم ذال معجمة- على ثلاث مراحل من المدينة قريبة من ذات عرق.
الثالث: الحلة: ثوبان لا يكون ثوبا واحدا، قاله أهل اللغة،
ويكونان غير لفيفين، رداء وإزار سميا بذلك; لأن كل واحد منهما يحل على الآخر.
الرابع: قوله: (فسألته عن ذلك). إنما سأله لأن عادة العرب وغيرهم أن تكون ثياب المملوك دون سيده.
الخامس: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("إنك امرؤ فيك جاهلية"). معناه: إنك في التعيير بأمه على خلق من أخلاق الجاهلية، ولمست جاهليا محضا، وينبغي للمسلم أن لا يكون فيه شيء من أخلاقهم.
[ ص: 28 ] وجاء في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم "فليبعه" بدل "فليعنه"، وهي وهم، كما نبه عليه القاضي.
والصواب ما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما رواه الجمهور. وفي غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - قال nindex.php?page=showalam&ids=1584لأبي ذر : "أعيرته بأمه؟ ارفع رأسك فما أنت بأفضل ممن ترى من الأحمر والأسود إلا أن تفضل (في دين).
وقد روي أن nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا كان هو الذي عيره بأمه، عن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال: كان بين nindex.php?page=showalam&ids=115بلال وبين أبي ذر محاورة فعيره أبو ذر بسواد أمه. فانطلق nindex.php?page=showalam&ids=115بلال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكا إليه تعييره بذلك، فأمره أن يدعوه.
فلما جاء أبو ذر قال له: "أشتمت بلالا وعيرته بسواد أمه؟ " قال: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنت أحسب أنه بقي في صدرك من أمر الجاهلية شيء". فألقى أبو ذر نفسه بالأرض، ثم وضع خده على التراب، وقال: والله لا أرفع خدي من التراب حتى يطأ بلال خدي بقدمه. فوطئ خده.
السادس: قد عرفت الرجل المبهم في هذا الحديث وأنه nindex.php?page=showalam&ids=115بلال، وأما الغلام فلا يحضرني اسمه فليتتبع.
[ ص: 29 ] السابع: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("إخوانكم خولكم"). قال أهل اللغة: الخول: الخدم. سموا بذلك; لأنهم يتخولون الأمور أي: يصلحونها، ويقومون بها. يقال: خال المال يخوله إذا أحسن القيام عليه، وقيل: إنه لفظ مشترك، تقول: خال المال، والشيء يخول وخلت أخول خولا إذا سست الشيء وتعاهدته، وأحسنت القيام عليه. والخائل: الحافظ، ويقال: خال المال، وخائل مال، وخولي مال، وخوله الله الشيء أي: ملكه إياه.
الثامن: قوله: ("أعيرته بأمه؟ ") فيه رد على [من] منع أن يقال: عيره بكذا، وإنما يقال: عيره أمه وردوا على من قال:
الأولى: ما ترجم له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من أن المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بمجرد فعلها، واحترز بارتكابها عن اعتقادها، فإنه إذا اعتقد حل محرم معلوم من دين الإسلام ضرورة كالخمر والزنا وشبههما كفر قطعا، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء، بحيث يجوز أن يخفى عليه تحريم ذلك; فإنه حينئذ لا يكفر، بل يعرف تحريم ذلك، فإن اعتقد حله بعد ذلك كفر.
الثانية: النهي عن سب العبيد وتعييرهم بوالديهم، والحث على الإحسان إليهم، والرفق بهم، فلا يجوز لأحد تعيير أحد بشيء من المكروه يعرفه في آبائه، وخاصة نفسه، كما نهى عن الفخر بالآباء، ويلحق بالعبد من في معناه من أجير، وخادم، وضعيف، وكذا الدواب، ينبغي أن يحسن إليها، ولا تكلف من العمل ما لا تطيق الدوام عليه، فإن كلفه ذلك لزمه إعانته (عليه) بنفسه أو بغيره.
السابعة: أن إطعام المملوك من الخبز وما يقتاته إطعام مما يأكله; لأن (من) للتبعيض، ولا يلزمه أن يطعمه من كل ما يأكل على العموم من الأدم، وطيبات العيش، مع أن المستحب أن لا يستأثر على عياله، ولا يفضل نفسه في العيش عليهم.