34 34 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة بن عقبة قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو nindex.php?page=hadith&LINKID=650033أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر". تابعه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش . [2459، 3178 - مسلم: 58 - فتح: 1 \ 89]
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الوصايا عن أبي الربيع أيضا، وفي الشهادات عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة، وفي: الأدب، عن ابن سلام.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هنا عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ويحيى بن أيوب، كلهم عن إسماعيل به، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في: الجزية: عن قتيبة عن جرير عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش به، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هنا عن أبي بكر عن nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير، وعن ابن نمير، ثنا أبي، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ح، وثنا زهير، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، ثنا سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش به.
الوجه الثاني: في التعريف برواته:
وقد سلف منهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق فهو: أبو عائشة مسروق بن الأجدع -بالجيم ثم دال مهملة- بن مالك بن أمية بن عبد الله بن مر بن (سلمان) بن الحارث بن سعد بن عبد الله بن وداعة بن عمرو بن عامر الهمداني الكوفي التابعي الكبير، صلى خلف nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق، وسمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة [ ص: 45 ] وغيرهما، وعنه خلق من التابعين فمن بعدهم منهم: nindex.php?page=showalam&ids=16115أبو وائل وهو أكبر منه، وإمامته وثقته وجلالته متفق عليها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: ما علمت أن أحدا كان يطلب العلم في أفق من الآفاق مثله. وقال nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني: ما ولدت همدانية مثله.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني: ما أقدم عليه واحدا من أصحاب عبد الله، وكان أفرس فارس باليمن وهو ابن أخت معدي كرب، وقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: ما اسمك؟ قلت: nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق بن الأجدع، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=676229 "الأجدع شيطان" أنت مسروق بن عبد الرحمن، قال الشعبي: فرأيته في الديوان مسروق بن عبد الرحمن.
وقال العجلي: كان أصحاب عبد الله الذين يقرءون القرآن ويعلمون السنة: nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة، والأسود، وعبيدة، nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق، والحارث بن قيس، وعمرو بن شرحبيل. مات سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وستين.
وأما الراوي عنه فهو عبد الله بن مرة الهمداني الكوفي التابعي الخارفي بالخاء المعجمة والفاء، نسبة إلى خارف، وهو: مالك بن عبد الله بن كثير بن مالك بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان، [ ص: 46 ] روى عن nindex.php?page=showalam&ids=12 (ابن عمر) وغيره، وعنه: nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ومنصور. مات سنة مائة.
قال ابن سعد : في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز. قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين وأبو زرعة : ثقة.
وأما الراوي عنه فهو: الإمام الكبير العالم الرباني القائم في الله، أبو عبد الله، سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة -بطاء مهملة ثم باء موحدة ثم خاء معجمة- بن إلياس بن مضر بن نزار، الثوري الكوفي. إمام أهل الكوفة بل إمام العراق، وهو من تابعي التابعين، سمع خلقا من التابعين منهم: السبيعي، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش، وأبو حصين، وعنه: محمد بن عجلان، وهو تابعي، ومن شيوخه، وغيرهم من الأعلام. ومناقبه جمة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن عبد الله: أحسن إسناد الكوفة سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة، عن عبد الله. وقال أبو عاصم: سفيان أمير المؤمنين في الحديث. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل منه، وعنه قال: ما استودعت نفسي شيئا فخانني.
[ ص: 47 ] وقال أحمد بن جواش: كان nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك يتأسف على سفيان ويقول: لم لم أطرح نفسي بين يدي سفيان ما أصنع بفلان وفلان.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد: ما رأيت أفضل من nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري فقال له رجل: تقول هذا، وقد رأيت nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهدا؟ ! فقال: هو والله ما أقول، ما رأيت أفضل من سفيان.
ولد سنة سبع وتسعين، ومات سنة ستين ومائة، وقيل: إحدى بالبصرة، وادعى ابن سعد الإجماع عليه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : كل من خالف nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري فالقول قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، ولم يكن أحد أعلم بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق منه، وكان يدلس، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال: بعث أبو جعفر الخشابين قدامه حين خرج إلى مكة، وقال: إذا رأيتم سفيان فاصلبوه فوصلوا مكة، ونصبوا الخشبة، ونودي سفيان فماذا رأسه في حجر nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض، ورجله في حجر nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة، فقالوا: لا تشمت بنا الأعداء، فأخذ بأستار الكعبة وقال: برئت منه إن دخلها، فمات أبو جعفر قبل أن يدخل مكة.
فائدة:
سفيان هذا أحد أصحاب المذاهب المتبوعة كما أسلفته أوائل الكتاب.
[ ص: 48 ] وأما الراوي عنه فهو: nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة بن (جنيدب) بن رباب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، أبو عامر السوائي، الكوفي، أخو سفيان بن عقبة، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وغيره من الكبار، وليس له عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة شيء، وعنه الأعلام، منهم: أحمد، والذهلي، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري، وكان من الصالحين.
وهو مختلف في توثيقه وجرحه، واحتجاج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري به في غير موضع كاف، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ثقة في كل شيء إلا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ليس بذاك القوي.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم: كثير الغلط في سفيان كأنه كان صغيرا لم يضبط، وأما في غيره فهو ثقة رجل صالح، وعن قبيصة أنه قال: جالست nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وأنا ابن لست عشرة سنة ثلاث سنين.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في: الجنائز حديثا واحدا عن nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي بواسطة، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في "الأدب" عن يحيى بن بشر عنه، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في مقدمته [ ص: 49 ] عن الحلواني، عن الحماني، عن قبيصة وأخيه سفيان، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن ولده عقبة عن أبيه في: "أفطر الحاجم".
مات في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائتين كذا في شرح شيخنا قطب الدين، وقال النووي في "شرحه": مات سنة خمس عشرة ومائتين، وهما قولان حكاهما المزي في "تهذيبه" حكى الأول عن معاوية، وحكى الثاني عن جماعة.
وأما الإسناد الأول فالراوي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مالك بن أبي عامر، أبو أنس الأصبحي المدني، جد nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الإمام، ووالد nindex.php?page=showalam&ids=9أنس والربيع ونافع، وأويس، حليف عثمان بن عبد الله أخي طلحة التميمي القرشي. سمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وغيره، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار، وغيره. مات سنة اثنتي عشرة ومائة وهو ابن سبعين أو اثنتين وسبعين.
فائدتان:
الأولى: أخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لأبي أنس عن عثمان حديثا في الوضوء من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=15956أبي النضر عن أبي أنس عن عثمان، وحديثا في الربا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار عنه.
[ ص: 50 ] فاستدرك nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره الأول فقالوا: خالف nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا لعلها زيادة أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري الحفاظ حيث رووه عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، عن nindex.php?page=showalam&ids=15956أبي النضر، عن nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد، عن عثمان وهو الصواب، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "الموطأ" في الحديث الثاني إنه بلغه عن جده أن عثمان.
الثانية: صرح nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في: الإيمان بسماع جده من nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله، وكذا صرح به ابن سعد، وفيه نظر، كما نبه عليه المنذري حيث قال: كيف يصح سماعه منه وأنه توفي سنة اثنتي عشرة ومائة وهو ابن سبعين أو اثنتين وسبعين، وعلى هذا يكون مولده سنة أربعين من الهجرة، ولا خلاف أن طلحة قتل يوم الجمل سنة ست وثلاثين من الهجرة.
والإسناد صحيح أخرجه الأئمة، وفيه أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله، فلعل السبعين صوابها التسعين وتصحفت بها، وقد ذكر أبو عمر أنه توفي سنة مائة أو نحوها، فعلى هذا يكون مولده سنة ثمان وعشرين، ويمكن سماعه منه.
قلت: وعلى الأول روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أشكل; فإنه مات سنة ثلاث وعشرين فكيف يصح له قوله: شهدت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عند الجمرة، وأصابه حجر فدماه وذكر الحديث وفيه: فلما كان من قابل أصيب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر. رواه ابن سعد فقال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون، أنا nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم، عن عمه [ ص: 51 ] جرير بن زيد، عن مالك بن أبي عامر قال: شهدت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، الحديث، فتنبه لذلك، وتبعه النووي في "شرحه".
(وقد نبه المزي أيضا على هذا الوهم في الوفاة في أنها سنة اثنتي عشرة ومائة كما أسلفناه، مع السن المذكور، والناقل لذلك هو صاحب "الكمال" عن الواقدي، رواه عنه ابن سعد، وقال المزي في حاشية "تهذيبه": إنه خطأ لا شك فيه، فإنه قد سمع من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فمن بعده، ونقل في أصل "تهذيبه" عن ولده الربيع أن والده هلك حين اجتمع الناس على عبد الملك، يعني: سنة أربع وسبعين، وجزم به في "الكاشف" فاتضح ذلك)
وأما ولده nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع فهو أبو سهيل المدني عم الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، سمع nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك الصحابي، وأباه، وجمعا من التابعين، وعنه: nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وآخرون.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو حاتم: ثقة.
وأما إسماعيل فهو: أبو إبراهيم، إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي، مولاهم المدني، قارئ أهل المدينة، وهو أخو محمد، ويحيى، وكثير، ويعقوب بن جعفر، سمع جمعا من التابعين منهم: nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار، وغيرهم، وعنه جمع من الأعلام منهم: قتيبة.
[ ص: 52 ] مات ببغداد سنة ثمانين ومائة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ثقة مأمون قليل الخطأ صدوق.
وقال أبو زرعة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وابن سعد : ثقة.
قال ابن سعد : كان من أهل المدينة قدم بغداد فلم يزل بها حتى مات.
وأما سليمان فهو أبو الربيع، nindex.php?page=showalam&ids=14430سليمان بن داود الزهراني [العتكي، سكن بغداد، وسمع كبار الأئمة منهم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وعنه الحفاظ: أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن رجل عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى الموصلي، nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي. وثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وغيره، ومات بالبصرة سنة أربع وثلاثين ومائتين.
فائدة:
في الإسناد الأول لطيفة، وهي أنهم كلهم مدنيون إلا أبا الربيع.
وفي الإسناد الثاني لطيفة، وهي أنهم كلهم كوفيون إلا nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو، وفيه لطيفة ثانية، وهي رواية ثلاثة من الأتباع بعضهم عن بعض: nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، وابن مرة، nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "آية المنافق" أي علامته، وقد فسر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الحديث بالترجمة حيث قال: باب علامات المنافق.
والنفاق زعم nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده أنه الدخول في الإسلام من وجه، والخروج عنه من وجه، مشتق من نافقاء اليربوع، إسلامية، وقد نافق منافقة ونفاقا، والنافقاء والنفقة جحر الضب واليربوع، وقيل: هما موضع يرققه اليربوع من جحره فإذا أتي من القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فخرج.
وقال القزاز: يقال: نافق اليربوع ينافق فهو منافق إذا فعل ذلك، وكذلك نفق ينفق فهو منافق من هذا. وقيل: المنافق مأخوذ من النفق وهو السرب تحت الأرض، يراد أنه يتستر بالإسلام كما ستر صاحب النفق فيه، وجمع النفق: أنفاق، وجاء على فعال، وأكثر ما يجيء على فعال ما كان من اثنين، وإنما جاء على هذا عندهم; لأنه بمنزلة خادع وراوغ، وقيل: بل; لأنه يقابل بقبول الإسلام منه، فإن علم أنه منافق فقد صار الفعل من اثنين، وسمي الثاني باسم الأول مجازا; للازدواج كقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه [البقرة: 194].
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: في تسمية المنافق ثلاثة أقوال:
أحدها: لأنه يستر كفره فأشبه داخل النفق للستر.
ثانيها: لشبهه باليربوع كما سلف، فالمنافق يخرج من الإيمان من غير الموضع الذي دخل فيه.
[ ص: 54 ] ثالثها: أن اليربوع يخرق الأرض حتى يرق تراب ظاهرها، فإذا رابه أمر رفعه وخرج. فظاهر جحره تراب، وباطنه حفر، فكذلك المنافق باطنه الكفر وظاهره الإيمان، فشبه به.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي: النفاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الزندقة عندنا اليوم.
والكذب نقيض الصدق، وله مصادر ليس هذا موضع استقصائها.
والوعد، قال الفراء: يقال: وعدته خيرا، ووعدته شرا بإسقاط الألف فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير: وعدته، وفي الشر: أوعدته، وفي الخير: الوعد والعدة، وفي الشر: الإيعاد والوعيد، فإذا قالوا: أوعدته بالشر أثبت الألف مع الباء.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي: أوعدته خيرا وهو نادر.
وقال الجوهري : تواعد القوم أي: وعد بعضهم بعضا، هذا في الخير، وأما في الشر فيقال: اتعدوا، والاتعاد أيضا: قبول الوعد، وناس يقولون: ائتعد يأتعد فهو مؤتعد بالهمز. كذا في "الصحاح"، وقال ابن بري: الصواب ترك الهمزة. وكذا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وأصحابه وجميع النحويين.
والخيانة: أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، قاله ابن سيده.
والغدر: ترك الوفاء. قال الجوهري : غدر به فهو غادر وغدر أيضا، وأكثر ما يستعمل هذا في النداء بالشتم. وقال صاحب "المجمل": [ ص: 55 ] الغدر: نقض العهد وتركه.
قلت: وفتح الدال من غدر أفصح من كسرها، وفي المضارع الضم والكسر.
ومعنى: (فجر): مال عن الحق وقال الباطل والزور، وأصله: الميل عن القصد، والخصلة: الخلة. كما جاء في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم -بفتح الخاء فيها- وأما الخلة -بضم الخاء- فهي: الصداقة.
الوجه الخامس: في فقهه:
حصل من مجموع الروايتين أن خصال المنافق خمس: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإن كانت الخصلة الرابعة داخلة في الثالثة; لأن الغدر خيانة ممن ائتمن عليه من عهده، ولا منافاة بين الروايتين، فإن الشيء الواحد يكون له علامات كل واحدة منها تحصل بها صفته ثم قد تكون تلك العلامة شيئا واحدا وقد تكون أشياء.
وروى أبو أمامة موقوفا: وإذا غنم غل وإذا أمر عصى، وإذا لقي جبن.
ثم هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلا من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم المصدق الذي ليس فيه شك، وقد أجمعت الأمة على أن من كان مصدقا بقلبه ولسانه وفعل هذه الخصال لا يحكم عليه بكفر، ولا هو منافق يخلد في النار; قالوا: وقد جمعت إخوة يوسف -عليه السلام- هذه الخصال (...) لبعضهم بعضها أو كلها وانفصلوا عنه بأوجه: [ ص: 56 ] أظهرها: أن هذه خصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، فإن [النفاق] إظهار ما يبطن خلافه وهذا المعنى موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه خاصا في حق من حدثه ووعده وائتمنه وعاهده وخاصمه من الناس، لا أنه منافق في الإسلام يظهره ويبطن الكفر، فهذا هو المراد لا أنه أراد نفاق الكفار الذي يخلد صاحبه في الدرك الأسفل من النار.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كان منافقا خالصا" معناه: شديد الشبه بالمنافقين; بسبب هذه الخصال، وقد روي عن عمار موقوفا: ثلاث إذا كن في عبد فلا تتحرج أن تشهد عليه أنه منافق ...، ومن كان إذا حدث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا اؤتمن أدى فلا تتحرج أن تشهد أنه مؤمن.
قال بعض العلماء: وهذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه، فأما [ ص: 57 ] من ندر ذلك منه فليس داخلا فيه. وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي معناه عن العلماء مطلقا فقال: إنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل. وأجاب هؤلاء عن قصة إخوة يوسف بأن هذا لم يكن عادة لهم إنما حصل منهم مرة واستغفروا وحللهم صاحب المظلمة.
الوجه الثاني: أن المراد: المنافقون الذين كانوا في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، الذين حدثوا بإيمانهم فكذبوا، وائتمنوا على دينهم فخانوا، ووعدوا في النصرة فخالفوا، وفجروا في خصوماتهم، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعطاء، ورجع إليه الحسن بعد أن كان على خلافه.
وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، ويروى عنهما مرفوعا: "ما لكم ولهن إنما خصصت به المنافقين أما قولي: إذا حدث كذب فذلك فيما أنزل الله علي: إذا جاءك المنافقون [المنافقون: 1] الآية أفأنتم كذلك؟ "قلنا: لا. قال: "فلا عليكم، أنتم من ذلك براء، وأما قولي: إذا وعد أخلف فذلك قوله تعالى: ومنهم من عاهد [التوبة: 75] الآيات الثلاث، أفأنتم كذلك؟ " قلنا: لا. قال: "لا عليكم أنتم براء، وأما قولي: إذا ائتمن خان، فذلك فيما أنزله الله علي إنا عرضنا الأمانة [الأحزاب: 72] الآية، فكل إنسان مؤتمن على دينه، فالمؤمن يغتسل من الجنابة ويصلي ويصوم في السر والعلانية، والمنافق لا يفعل ذلك إلا في العلانية أفأنتم كذلك؟ " قلنا: لا. قال: "لا عليكم أنتم من ذلك براء".
قال القاضي: وإلى هذا القول مال كثير من أئمتنا.
[ ص: 58 ] الوجه الثالث: أنه وارد في منافق بعينه، وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يواجههم بالصريح من القول وإنما يشير إليهم بالإشارة والعلامة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: ذهب النفاق، وإنما كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكنه الكفر بعد الإيمان، فإن الإسلام شاع وتوالد الناس عليه، فمن نافق فهو مرتد.
رابعها: إنه محمول على من غلبت هذه الخصال عليه وهذا سلف، فحذر المسلم من اعتياد هذه الخصال; خوفا من إفضائها إلى النفاق.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وكلمة (إذا) تقتضي تكرار الفعل.
وسئل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله عمن جرب عليه كذب، فقال: أي نوع من الكذب؟ لعله إذا حدث عن غضاضة عيش سلف زاد في وصفه وأفرط في ذكره، أو عما رآه في سفره، فهذا لا يضره، إنما يضر من حدث عن الأشياء بخلاف ما هي عليه عامدا للكذب.
يستحب الوفاء بالوعد بالهبة وغيرها استحبابا مؤكدا، ويكره إخلافه كراهة تنزيه لا تحريم; لأنه هبة لا تلزم إلا بالقبض، قال الغزالي في "الإحياء": وإخلاف الوعد إنما يكون كذبا إذا لم يكن في عزمه حين الوعد الوفاء به، أما لو كان عازما عليه ثم بدله فليس بكذب.