قوله: (غير مصفح). يريد بحده للقتل، لا بصفحه، وهو عرضه يضرب به للزجر والإرهاب، يقال: أصفحت بالسيف: إذا ضربت بعرضه.
وقال ابن قتيبة: أصفحت بالسيف، فأنا مصفح، والسيف مصفح به: إذا ضربت بعرضه .
[ ص: 104 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: غير مصفح بكسر الفاء وإسكان الصاد، وقد رويناه بفتح الفاء، أي: غير ضارب بعرضه، بل بحده; تأكيدا لبيان ضربه به لقتله، فمن فتحه جعله وصفا للسيف، حالا منه، ومن كسره جعله وصفا للضارب وحالا منه .
[ ص: 105 ] وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أمه، عن عبد الله مرفوعا: "إن الله ليغار لعبده المسلم، فليغر العبد لنفسه". ثم قال: روي موقوفا ومرفوعا، والصحيح المرفوع .
واعترضه ابن القطان فقال: الذي فهمه عبد الحق من قوله: هو صحيح ، لا يقتضي صحة للحديث، إنما ذكر أمرين صح أحدهما. والذي عندي أن الحديث ليس صحيحا; لأن أم أبي عبيدة لا يعرف لها حال; وليست زينب امرأة عبد الله الثقفية الصحابية; لأن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عاش إلى سنة اثنتين وثلاثين، فلا يبعد أن يكون تزوج من لا صحبة لها، وأبو عبيدة لا يذكر عن أبيه شيئا .
قلت: في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم رواية nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد عن زينب هذه حديث شهود العشاء ، وصرح nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه بالتحديث عنها .
وزينب ذكرها في الصحابة ابن سعد والعسكري وغيرهما، وريطة لقب لها، كما ذكره أبو عمر ، وذكر هو أنه سمع والده، وكان لما مات والده ابن سبع .
[ ص: 106 ] وحسن له nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وصحح له nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13941موسى بن إسماعيل، ثنا همام، عن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة، أن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير حدثه، عن أمه nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=654268لا شيء أغير من الله".
وعن يحيى، أن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبا سلمة حدثه، أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة حدثه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مثله وسلف أيضا ، وفي إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=16920ابن المنكدر. وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم، أبو عثمان، مات سنة سبع وأربعين ومائة، وهو أخو عبد الله وعاصم وأبي بكر العمريين العدويين .
[ ص: 108 ] أما ما ترجم له بالغيرة التي جاءت في هذه الأحاديث في وصف الله تعالى ليست لله تعالى على ما هي عليه من المخلوقين; لأنه لا يجوز عليه صفات النقص تعالى; إذ لا تشبه صفاته صفات المخلوقين، والغيرة في صفاته تعالى بمعنى: الزجر عن (المحرمات) والفواحش، والتحريم لها، والمنع منها; لأن الغيور هو الذي يزجر عما يغار عليه. وقد بين ذلك بقوله: "ومن غيرته حرم الفواحش" أي: زجر عنها ومنع منها، وبقوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503617وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه" وقوله في حديث سعد: nindex.php?page=hadith&LINKID=656866 "لأنا أغير من سعد، والله أغير مني" ومعنى ذلك: إنه لزجور عن المحارم، وأنا أزجر منه، والله أزجر من الجميع عما لا يحل.
وكذلك قوله: ("غارت أمكم") أي: زجرت عن إهداء ما أهدت صاحبتها.
[ ص: 109 ] (والمذاء) من النفاق". ثم قال: لا نعلمه يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد، ولا نعلم أحدا شارك أبا مرحوم (عبد الرحيم) بن كردم الأرطباني، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد، في هذا الحديث .
قلت: ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "ثقاته" .
[ ص: 110 ] أختها تحته، كما قال ابن التين، أو كان ذلك قبل الحجاب، كما فعل بأم صبية الجهنية .
وقولها: (فاستحيت). هو بياء واحدة، وهي أحد اللغات، يقال: استحى، واستحيى. وفي رواية: (استحييت) بيائين على الأصل; لأن أصله حيي، بيائين.
فصل:
وقوله: ("لا شيء أغير من الله") يقرأ برفع (الراء) ونصبها، فمن نصبه جعله نعتا لـ (شيء) على إعرابه; لأن شيئا منصوب، ومن رفع نعت موضع (شيء) قبل دخول (لا) عليه; كقوله تعالى: ما لكم من إله غيره [الأعراف: 59] قرئ بخفض: غيره ورفعه، فالرفع على الموضع، والخفض على اللفظ . ويجوز أيضا رفع (شيء) مثل: لا لغو فيها [الطور: 23] لا بيع فيه [البقرة: 254].
[ ص: 111 ] وقوله: ("ما أحد أحب إليه المدح من الله"). قال بعض النحويين: هو بضم (أحد) على أنه اسم (ما)، و (أحب) بالنصب خبرها إن جعلتها حجازية، أو برفعه على أنه خبر لـ (أحد) إن كانت تميمية، ويرفع المدح بـ (أحب). قال: ولا يجوز أن يرفع (أحب) على أنه خبر للمدح، أو مبتدأ والمدح خبر; لأنك تكون حينئذ تفرق بين الصلة والموصول بالخبر; لأن "من الله" (من) صلة (أحب) وتمامه، فلا تفرق بين تمام المبتدإ وصلته بالخبر الذي هو المدح.
فصل:
(فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلق الصحفة). هو بكسر الفاء وفتح اللام، ولا يبعد فتح الفاء وسكون اللام. قال ابن التين: وهو الظاهر.
"وغارت أمكم" يريد: سارة ، لما غارت على هاجر حتى أخرج إبراهيم إسماعيل طفلا مع أمه، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي . وظاهر الحديث أن كاسرة الصحفة أم المؤمنين.
فصل:
نقل النوى، وسياسة الفرس، وخرز الغرب لا يلزم المرأة شيء من ذلك إلا أن تتطوع كما تطوعته nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء - رضي الله عنها -، نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب وغيره: وكذلك الغزل والنسج ليس للرجل على امرأته ذلك بحال إلا أن تتطوع، وليس عليه إخدامها إن كان معسرا، وإن كانت ذات قدر وشرف، وعليها الخدمة الباطنة، كما هي على الدنية، وستأتي المسألة موضحة إن شاء الله في النفقات.
وفيه: (إرداف) المرأة خلف الرجل وحملها (في جملة) ركب من الناس، وليس في الحديث أنها استترت، ولا أمرها الشارع به، فعلم منه أنه قبل الحجاب، وأن الحجاب إنما فرض على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، كما نص عليه في كتابه بقوله: يا نساء النبي [الأحزاب: 30]
وقد سلف ذلك.
فصل:
فيه: غيرة الرجل عند ابتذال أهله فيما يشق عليهن من الخدمة، وأنفة نفسه من ذلك، لا سيما إذا كانت ذات حسب وأبوة، وكذلك عز على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إفراط امتهانها، ولم يلمها على ذلك، ولا وبخ nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير على إفراط تكليفه لها ذلك; بما علم من طيب نفسها به.
فصل:
وفي حديث الصحفة: الصبر للنساء على أخلاقهن وعوجهن; لأنه - عليه السلام - لم يوبخها على ذلك، ولا لامها، ولا زاد على قوله: "غارت أمكم". وقد سلف اختلاف العلماء في المظالم فيمن استهلك شيئا لصاحبه، هل يلزمه غرم مثله، في حديث القصعة، فراجعه.
[ ص: 113 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي قالا بقضاء الأمثال في العروض، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مرة، وعنه: يقضى بالمثل فيما تولى صنعه الآدميون من العروض، والمشهور أنه لا يقضى بالمثل في كل ما ليس بمكيل ولا موزون ولا معدود، وإنما على مستهلكه قيمته.
وأجيب عن الحديث: بأن الكل له (تنزله) ، فعند الاتفاق لا كلام. وحجة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حديث "من أعتق شقصا" ولكن القسمة أعدل، وأعله بعضهم بيحيى بن أيوب في غير هذا الحديث، ولكنه ثقة.
فصل:
في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أنه إذا علم من الإنسان خلق فلا يتعرض لما ينافر خلقه ويؤذيه في ذلك الخلق، كما فعل - عليه السلام -، حتى لم يدخل القصر الذي كان nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر; لمعرفته بغيرته.
وذكر ابن قتيبة في قوله: "فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر": "فإذا امرأة شوهاء إلى جانب قصر". من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب، وفسره وقال: الشوهاء: الحسنة الرائعة، حدثني بذلك أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن المنتجع قال: ويقال: فرس شوهاء، ولا يقال: ذكر أشوه. ويقال: لا تشوه علي. إذا قال: ما أحسنك. أي: لا تصبني بعين.
[ ص: 114 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14409الزبيدي : ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14962أبو علي القالي في "البارع" بفتح التاء، وتشديد الواو .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: ويشبه أن تكون هذه الرواية الصواب، "وتتوضأ": تصحيف -والله أعلم- لأن الحور طاهرات ولا وضوء عليهن، فكذلك كل من دخل الجنة لا تلزمه طهارة ولا عبادة. وحروف "شوهاء" يمكن تصحيفها بحروف "تتوضأ"; لقرب صور بعضها من بعض .
وقال ابن التين: قوله: "تتوضأ" قيل: إنه تصحيف; لأن الجنة لا تكليف فيها. وقيل: إنما نبه به على فضل الوضوء، وأنه سبب إلى ملك ذلك أو مثله.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: وفيه: وضوء الحور، وأن الجنة مخلوقة، وكذا الحور.
فصل:
قول nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء: (غير ناضح وغير فرسه). قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: نفى بعض الحديث; لأنه تزوجها بمكة وليس له فرس ولا ناضح .
[ ص: 115 ] وقولها: (وأخرز غربه) الغرب -بفتح الغين المعجمة -: الدلو الكبيرة، الناضح: السانية من الإبل.
و (قولها) في أرضه: (وهي مني على ثلثي فرسخ). تريد: على ميلين; لأن الفرسخ ثلاثة أميال.