وقول الله تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله فإطعام ستين مسكينا [المجادلة: 1 - 4]. وقال لي إسماعيل: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، عن ظهار العبد، فقال: نحو ظهار الحر. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: وصيام العبد شهران. وقال الحسن بن (الحر) : ظهار الحر والعبد من الحرة والأمة سواء. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: إن ظاهر من أمته فليس بشيء، إنما الظهار من النساء،، وفي العربية لما قالوا أي فيما قالوا، وفي بعض ما قالوا، وهذا أولى; لأن الله لم يدل على المنكر وقول الزور.
الشرح:
هذه المجادلة خولة عند أهل التفسير، وزوجها أويس بن الصامت، وقيل: هي بنت خويلد أو دليج، وقيل: بنت ثعلبة، أنصارية، وقيل: بنت الصامت، وقيل: كانت أمة لعبد الله بن أبي، وهي التي نزل فيها: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء [النور: 33].
وقوله: تحاوركما قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: كانت تحاور النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا بقربها لا أسمع.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: سمعت من يرضى من أهل العلم بالقرآن يذكر أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاث: الظهار، والإيلاء، والطلاق. فأقر الله
[ ص: 390 ] الطلاق طلاقا، وحكم في الظهار والإيلاء بما بين .
وعبارة صاحب "المحكم": ظاهر الرجل امرأته ومنها مظاهرة وظهارا إذا قال: هي علي كظهر ذات رحم محرم، وقد تظاهر منها وتظهر زاد nindex.php?page=showalam&ids=15253المطرزي: واظاهر، وفي "جامع القزاز": ظاهر الرجل من امرأته إذا قال: أنت علي كظهر أمي أو كذات محرم.
وقوله: (وقال إسماعيل) إلى آخره، قد سلف قريبا أنه أخذه مذاكرة، وعند nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة: حدثنا أبو عصام عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري نحوه. وفي "الموطإ": nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن ظهار العبد فقال: نحو ظهار الحر. قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إنه يقع عليه كما يقع على الحر .
(قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: وصيام العبد في الظهار شهران) كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
وأثر nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم، قال: وروي أيضا مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ولم يصح عنهما، وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في أحد قوليه nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وأصحابهم، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال في الظهار من ملك (اليمين: كفارة) يمين.
[ ص: 391 ] وقال بعضهم: إن كان يطؤها فعليه كفارة الظهار، وإلا فلا كفارة ظهار عليه، صح هذا القول عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار ومرة الهمداني nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ومنصور بن المعتمر، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث والحسن بن حي nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري وأبي سليمان وجميع أصحابنا .
فصل:
ما ذكره عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة قال به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وقال علي nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير: يلزمه الظهار كالحرة، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك .
فصل:
ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب حديثا; لأنه لم يجده على شرطه، وأما nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم فما خرجه على شرطه وشرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، كما سأذكره لك في الباب.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي فقال: ليس في الظهار حديث صحيح يعول عليه .
فصل:
قوله: (وفي العربية لما قالوا) إلى آخره. كأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخذ من "المعاني" للفراء ، وأما الأخفش فقال: المعنى على التقديم والتأخير. والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا، وهو قول حسن كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال، وفيها وجهان آخران:
[ ص: 392 ] أحدهما: أن (ما) بمعنى (من)، كأنه قال: ثم يعودون لمن قالوا فيهن أو لهن: أنتن علينا كظهور أمهاتنا.
ثانيهما: أن تكون (ما): مع. (قالوا بتقدير المصدر) ، فيكون التقدير: ثم يعودون للقول، فسمى القول فيهن باسم المصدر. وهذا القول، كما قالوا: ثوب نسج اليمن، ودرهم ضرب الأمير، وإنما هو منسوج اليمن ومضروب الأمير .
فصل:
اختلف العلماء في كفارة الظهار بماذا تجب؟ فقال قوم: إنها تجب بمجرد الظهار، وليس من شرطها العود، روي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري .
وذهب جماعة من الفقهاء إلى أنها تجب بشرطين وهما الظهار والعود، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: هي غير واجبة بالظهار ولا بالظهار والعود، لكنها تحرم عليه بالظهار، ولا يجوز وطؤها حتى يكفر.
واختلف هؤلاء في العود على مذاهب: أحدها: أنه العزم على الوطء، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وحكي عنه أنه الوطء بعينه، ولكن تقدم الكفارة عليه، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم .
وأشار في "الموطإ" إلى أنه العزم على الإمساك والإصابة، وعليه أكثر أصحابه ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق.
[ ص: 393 ] وذهب nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري إلى أنه الوطء نفسه ، ومعناه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: ألا يستبيح وطأها إلا بكفارة يقدمها .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: أن يمكنه طلاقها بعد الظهار ساعة فلا يطلقها، فإن أمسكها ساعة ولم يطلقها عاد لما قال، ووجب عليه الكفارة ماتت أو مات . وعباراتهم وإن اختلفت في العود فالمعنى متقارب.
وقال أهل الظاهر: هو أن يقول لها: أنت علي كظهر أمي ثانية. وروي هذا القول عن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج، وهو الذي أنكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وهو قولنا: فمن قال من حر أو عبد لامرأته أو أمته التي يحل له وطؤها: أنت علي كظهر أمي، أو أنت مني كظهر أمي، أو مثل ظهر أمي، فلا شيء عليه، ولا يحرم بذلك وطؤها عليه حتى يكون القول بذلك مرة أخرى، فإذا قالها ثانية وجبت عليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة يجزئ في ذلك المؤمن والكافر، والسالم والمعيب، والذكر والأنثى
وصوب nindex.php?page=showalam&ids=12887ابن المرابط ألا يعود إلى اللفظ، فإذا أجمع على إصابتها فقد وجبت عليه الكفارة ، لأن نيته وإجماعه على وطئها هو ما عقد من تحريمها، والرب جل جلاله إنما قال: ثم يعودون لما قالوا [المجادلة: 3] ولم يقل: ما قالوا وقوله: من قبل أن يتماسا [المجادلة: 3] فالتماس المذكور أنه ليس للمظاهر أن يقبل ولا أن يتلذذ منها بشيء، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك
[ ص: 394 ] nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وغيرهما، وهو الصواب أن يكون ممنوعا من كل ما وقع عليه اسم مسيس على ظاهر الآية الكريمة; لأن الله تعالى لم يخص الوطء من غيره.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وقالت طائفة كقولنا، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج ويحيى بن زياد الفراء، وروي نحوه عن عطاء، قال: وروينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب وعارم، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -، أن جميلة كانت امرأة أوس بن الصامت، وكان به لمم، وكان إذا اشتد لممه ظاهر منها، فأنزل الله -عز وجل- فيه كفارة الظهار.
قال: وهذا خبر صحيح من رواية الثقات ولا يضره إرسال من أرسله، وكل ما عدا هذا فساقط، إما مرسل وإما من رواية من لا خير فيه .
قلت: الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة .
[ ص: 395 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه: حديث حسن غريب صحيح. وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وأبو حاتم: مرسلا أصوب من المسند ولما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من حديث إسماعيل بن مسلم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار، عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس، عن عبد الله بلفظ: فقال - عليه السلام -: "ألم يقل الله: من قبل أن يتماسا ؟! "، قال: أعجبتني (قال) : "أمسك حتى تكفر". قال: لا نعلمه ينتهي بإسناد أحسن من هذا، على أن إسماعيل قد تكلم فيه، وروى عنه جماعة كثيرة من أهل العلم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم في "علله": رواه الوليد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، عن الحكم بن أبان خطأ، إنما هو nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: أنه - عليه السلام -. مرسل، وفي موضع آخر: سئل عن حديث إسماعيل، عن عمرو، عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس فقال: إنما هو nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومنهم من يقول: عن عمرو عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: أنه - عليه السلام -. قال: وإسماعيل هذا يختلط .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في "مستدركه" -وقال: على شرط الشيخين - nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، فروياه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر، وهو منقطع، سليمان لم يسمع من سلمة، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وفي إسنادهما مع ذلك عنعنة nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12644ابن الجارود في "منتقاه" .
[ ص: 397 ] ولما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود قال في هذا: أنها كفرت عنه من غير أن تستأمره .
ورواه أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن أوس وقال: nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء لم يدرك أوسا; لأنه من أهل بدر قديم الموت والحديث مرسل، واختلفت ألفاظه فروي فيه: خمسة عشر صاعا. وروي: مكتل يسع ثلاثين صاعا. وروي: ستين صاعا.
وروى عبد الغني بن سعيد في "مبهماته" من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث، عن يحيى بن سعيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16936محمد بن جعفر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16288عباد بن عبد الله بن الزبير، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - أن ذلك كان نهارا، وهو أصح من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: ليلا.
ولما ذكر ابن عبد الحق فيما رده على nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في "محلاه" الحديث السالف الذي صححه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم قال: أورده حجة له، ولم
[ ص: 399 ] ينتبه إلى أنه حجة عليه لأنا نقول له: إذا عجز عن الصوم هل يكون الإطعام عليه فاحشا قبل التماس أم لا؟ فإن قال: أن يتماس قبل أن يطعم; لأن الله تعالى لم يقيد وجوب الإطعام بأن يكون قبل التماس.
قال: يقال له: متى وجب عليه الإطعام عند عجزه عن الصوم أو بعده بمهلة; فإن أنصف قال: عند عجزه عن الصوم، وعجزه عن الصوم لا يكون إلا قبل التماس إن امتثل ما أمر به، فقد أمر بالإطعام ووجوبه قبل التماس، والأمر على الفور، فوجب أن يطعم قبل التماس، فالحديث نص في مسألتنا.
فصل:
واحتج من قال: إن الكفارة تجب بمجرد الظهار بأن الله جل جلاله ذكرها وعلل وجوبها فقال: وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا [المجادلة: 2] فدل أنها وجبت بمجرد القول. قالوا: لأن العود الذي هو إمساكها والعزم على وطئها مباح، والمباح لا تجب فيه كفارة.
فمن زعم أنها تجب بشرط واحد فقد خالف الظاهر، وهذا بمنزلة قول القائل: من دخل الدار ثم صلى فله دينار. فإنه لا يستحقه إلا من فعل ذلك كله; لأنهما شرطان لاستحقاق الدينار، فلا يجوز أن يستحق الدينار بأحدهما.
وأجاب المخالف عما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأن قال: لا شك أن الذي كان مباحا بالعقد هو الوطء، فإذا حرمه بالظهار كانت الكفارة له دون ما سواه; لأن الأنكحة إنما وضعت له فقط، وكما ثبت أنه لا يجوز
[ ص: 400 ] له أن يطأ حتى يكفر وجب أن يكون العود هو العزم على الإمساك وعلى الوطء جميعا، لو كان الظهار يحرم الإمساك حتى يكون العود إليه راجعا لكان طلاقا; لأن الإمساك إذا حرم ارتفع العقد، وما يرفع النكاح إنما هو الطلاق، ولو كان الظهار كذلك لكانت الكفارة لا تدخله ولا تصلحه; لأن الفراق (لا يرتفع) بالكفارة.
ولما صح ذلك ثبت أن الكفارة تبيح العود إلى ما حرمه الظهار من الوطء والعزم عليه، ألا ترى أنه إذا حلف ألا يطأها فقد حرم وطؤها دون إمساكها. فإذا فعل الوطء فقد خالف ما حرمته اليمين، فكذلك الظهار.
ومن ظاهر فإنما أراد الإمساك دون الطلاق; فكذلك لم يكن العود هو الإمساك. واحتج أهل الظاهر بأن قالوا: كل موضع ذكر الله فيه العود للشيء فالمراد به العود نفسه، ألا ترى أنه أخبر عن الكفار أنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وقال تعالى: ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه [المجادلة: 8] فكذلك العود هنا، فيقال لهم: العود في الشيء يكون في اللغة بمعنى المصير إليه كما تأولتم، ويكون أيضا بمعنى (الرجوع) كما قال - عليه السلام -: nindex.php?page=hadith&LINKID=683360 "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" أراد به: الناقض لهبته، وهذا تفسير الفراء في العود المذكور في الآية أنه الرجوع في قولهم، وعن قولهم .
قال إسماعيل: ولو كان معنى العود أن يلفظوا به مرة أخرى لما وقع بعده فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا [المجادلة: 3] لأنه لم يذكر للمسيس سبب فيقال من أجله: قبل أن يتماسا وإنما ذكر التظاهر وهو ضد المسيس والمظاهر إنما حرم على نفسه المسيس، فكيف يقال له: إذا
[ ص: 401 ] حرمت على نفسك المسيس ثم حرمته أيضا فأعتق رقبة قبل أن تمس؟! هذا كلام واه، ولو قال رجل لرجل: إذا لم ترد أن تمس فأعتق رقبة قبل أن تمس لنسبه الناس إلى الجهل.
ولو قال: [إذا] أردت أن تمس فأعتق رقبة قبل أن تمس. كان كلاما صحيحا مفهوما; أنه لا تجب الكفارة حتى يريد المسيس، وأيضا فإن الظهار كان طلاق الجاهلية كما سلف، فعلق عليه حكم التكفير بشرط العود والرجوع فيه، ألا ترى أن الكفارة إذا أوجبت باللفظ وشرط آخر كان ذلك مخالفة اللفظ لا إعادته كالأيمان.
فصل:
وأجمع العلماء أن الظهار للعبد لازم له كالحر، وأن كفارته شهران واختلفوا في الإطعام والعتق: فقال الكوفيون، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: لا يجزئه إلا الصوم خاصة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إن أطعم بإذن مولاه أجزأه، وإن أعتق بإذنه لم يجزه وأحب إلينا أن يصوم. يعني: الشهرين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: ولا أرى هذا الجواب إلا (وهما) منه ; لأنه إذا قدر على الصوم لا يجزئه الإطعام في الحر، كيف العبد؟ وعسى أن يكون جواب هذه المسألة في كفارة اليمين بالله.
[ ص: 402 ] وقال الحسن: إن أذن له مولاه في العتق أجزأه. وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي فيه وفي الإطعام كذلك أيضا إذا لم يقدر على الصيام .
فصل:
اختلف في الظهار من الأمة، وأم الولد، فقال الكوفيون، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: لا يصح الظهار منهما. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث: يكون من أمته مظاهرا .
واحتج الكوفيون بقوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم [المجادلة: 3] والأمة ليست من نسائنا; لأن الظهار كان طلاقا ثم أحل بالكفارة، فإذا كان لا حظ للإماء في الطلاق فكذلك ما قام مقامه.
ومن أوجب الظهار في الإماء جعلهن داخلات في جملة النساء لمعنى تشبه الفرج الحلال بالحرام في حال الظهار; لأن الله تعالى حرم جميع النساء ولم يخص امرأة دون امرأة: وهذا مذهب علي، وهو حجة مع معرفة لسان العرب، وهو مذهب الفقهاء السبعة، وعطاء، وربيعة. قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: ويدخل في عموم قوله: الذين يظاهرون منكم الآية [المجادلة: 2]; لأن الظهار يكون من الأمة والذمية والصغيرة وجميع النسوان.
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: ولا يكون الظهار إلا بذكر ظهر الأم، ولا يجب بفرجها ولا بعضو منها غير الظهر، ولا بذكر الظهر أو غيره من غير
[ ص: 403 ] الأم والجدة، لا من ابنته، ولا من ابنه، ولا أخيه، ولا من جده. وقالت طائفة: إذا تكلم بالظهار فقد لزمه. قاله nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، والبتي.
وقالت طائفة: من ظاهر لم تلزمه كفارة حتى يريد وطأها، فإذا أراده لزمته حينئذ، فإن بدا له عن وطئها سقطت عنه الكفارة، وهكذا أبدا، وهو أشهر قولي nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن الماجشون، وما نعلمه عن أحد قبلهما، وهو أسقط الأقوال، لتعريه عن الأدلة.
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: معنى العود أن الظهار يوجب تحريما لا يرفعه إلا الكفارة، إلا أنه إذا لم يطأها مدة طويلة حتى ماتت فلا كفارة عليه سواء أراد في خلال ذلك وطأها أو لم يرد; فإن طلقها ثلاثا فلا كفارة عليه، فإن تزوجها بعد زوج عاد عليه حكم الظهار ولا يطؤها حتى يكفر.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: والظهار قول كانوا يقولونه في الجاهلية، فنهوا عنه، فكل من قاله فقد عاد لما قال. قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وهذا لا يحفظ عن غيره ، كذا قال.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فقال: (قاله) قبله غيره. وروى بشر بن الوليد عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه لو وطئها ثم مات أحدهما لم تكن عليه كفارة، ولا كفارة بعد الجماع .
[ ص: 404 ] والذي عليه الحنفيون هو أن يشبه المنكوحة بمحرمة عليه على التأبيد، فيحرم الوطء ودواعيه بقوله: أنت علي كظهر أمي حتى يكفر، فلو وطئ قبله استغفر ربه فقط كما ذكرنا في الحديث آنفا.
فصل:
قال: وبطنها وفخذها وفرجها كظهرها، وأخته وعمته وأمه رضاعا كأمه، فإن قال: رأسك أو فرجك أو وجهك أو رقبتك أو نصفك أو ثلثك علي كظهر أمي كان ظهارا.
وإن نوى بأنت علي مثل أمي برا أو ظهارا أو طلاقا فكما نوى، وإلا لغا.
فإن قال: أنت علي حرام كأمي ظهارا أو طلاقا فكما نوى.
فإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي طلاقا أو إيلاء فظهار.
فصل:
ولا ظهار إلا من زوجة، ولا يجزئ في كفارته الأعمى، ولا مقطوع اليدين، أو إبهامهما، أو الرجلين، ولا المجنون والمدبر، وأم الولد والمكاتب الذي أدى شيئا، فإن لم يؤد شيئا جاز، وإن اشترى قريبه ناويا بالشراء الكفارة، أو حرر نصف عبده عن كفارته، ثم حرر باقيه عنها صح. وإن حرر نصف عبد مشترك وضمن باقيه، أو حرر نصف عبده ثم وطئ التي ظاهر منها، ثم حرر باقيه لم يجزئه.
فصل:
فإن لم يجد ما يعتق صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان ولا الأيام المنهي عن صيامها، فإن وطئ فيها ليلا أو يوما ناسيا أو أفطر استأنف الصوم، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه إذا وطئ التي ظاهر منها ليلا قبل تمام الشهرين يبتدئهما من ذي قبل.
[ ص: 405 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: يتمهما بانيا على ما صام منهما .
فصل:
وقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في الظهار كقول أصحاب اللغة كما أسلفناه عنهم أول الباب، وأظن nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم لا ينكر هذا، وإنما حمله قوله تعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم [المجادلة: 2]
قال ابن عبد الحق: ولئن سلم له هذا، فما فعله في قوله: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون [المجادلة: 3] وهي مطلقة في جميع الظهار؟ وفي هذه الآية حكم الظهار لا في الآية المتقدمة، ولا يمكنه أن يقول: هذا الظهار المذكور في الآية هو ذاك; لأن الآية الكريمة مستقلة بنفسها، ولو جاء مثلا في الشرع من جعل امرأته كظهر أمه فليست بأمه، ولو قال مفصلا بهذا: ومن ظاهر من امرأته لزمه كذا.
وكان الظهار هو أن يجعل زوجته كظهر ذات محرم، فلا يقول أحد: إن الظهار هنا مقصور على الظهار بالأم، إذ سياق الكلام لا يعطيه لا من نصه ولا من مفهومه، فبطل قوله جملة، وصح أنه إذا ظاهر بذات محرم لزمه حكم الظهار وسنوضحه بعد.
فصل:
مذهبنا ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك أن المعيبة لا تجوز في الكفارة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي أن عتق الأعمى يجزئ في ذلك. وعن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أن الأشل يجزئ.
[ ص: 406 ] فصل:
قال: ذهبت طائفة إلى أنه إذا ظاهر من غير ذات محرم، فليس ظهارا. رويناه عن الحسن وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وأحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وأشهر أقواله: إن كل من ظاهر بامرأة حل له نكاحها يوما من الدهر فليس ظهارا، ومن ظاهر بامرأة لم يحل له نكاحها قط فهو ظهار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: من ظاهر بذات محرم أو بأجنبية أو بابنة فهو كله ظهار.
وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: لا ظهار إلا بأم أو جدة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي، رواه عنه nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور، وبه يقول أبو سليمان وأصحابنا. ولما ظاهرت عائشة بنت طلحة من nindex.php?page=showalam&ids=17095مصعب بن الزبير بأمها، وفي رواية بأبيها. أمرها فقهاء وقتها بالكفارة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر: سئل nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن امرأة قالت لزوجها: هو عليها كابنها. قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري: قالت منكرا من القول وزورا، نرى أن تكفر، أو تصوم شهرين متتابعين، أو تطعم ستين مسكينا. وكان الحسن يرى أن تظاهر المرأة من الرجل ظهارا. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي والحسن بن حي والحسن بن زياد اللؤلئي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي: إن ظاهر برأس أمه فهو ظهار، وإن ظاهر بشيء له أن ينظر إليه فليس ظهارا.
وقال آخرون: ليس عليه إلا كفارة واحدة. قاله nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين والحسن وبكر بن عبد الله ومورق العجلي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة -في رواية - وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: هو قول أكثر السلف، وجماعة فقهاء الأمصار: ربيعة ويحيى بن سعيد، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وأصحابهم، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وأبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري nindex.php?page=showalam&ids=11998وداود، وهي السنة الواردة في سلمة بن صخر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وقالت طائفة: عليه كفارتان. قاله nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر و nindex.php?page=showalam&ids=13 (عبد الله بن عمرو) وقبيصة بن ذؤيب nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة وعبيد الله بن الحسن القاضي زاد nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: وعمرو بن العاصي nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب وقالت طائفة: عليه ثلاث كفارات، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والحسن.
فصل:
واختلفوا فيمن ظاهر من أجنبية ثم تزوجها، فروى nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب: إن تزوجها فلا يقربها حتى يكفر. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة، صح ذلك عنهم، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم -لكن الأثر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر منقطع; لأن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم لم يولد إلا بعد قتل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر- وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وأصحابهم nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وإسحاق.
[ ص: 408 ] وقالت طائفة كما قلنا، قاله nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وهو في غاية الصحة عنه، وقاله أيضا الحسن -في رواية- nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأبو سليمان.
فصل:
ومن ظاهر ثم كرر ثانية ثم ثالثة، فليس عليه إلا كفارة واحدة، فإن كرر رابعة فعليه كفارة أخرى. روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس، عن علي أنه قال: إذا ظاهر في مجلس واحد مرارا فكفارة واحدة، وإن ظاهر في مقاعد شتى فعليه كفارات، والأيمان كذلك. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار، صح ذلك عنهما.
وقال آخرون: ليس في ذلك إلا كفارة واحدة، روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي أنهم قالوا: إذا ظاهر من امرأته خمسين مرة فإن عليه كفارة واحدة. وصح مثله عن الحسن وعطاء، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي.
وقال الحسن أيضا: إذا ظاهر مرارا فإن كان في مجالس شتى فكفارة واحدة ما لم يكفر، والأيمان كذلك. قال nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر: وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري. قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: إن كان كرره في مجلس واحد ونوى التكرار فكفارة واحدة، وإن لم يكن له نية فلكل ظهار كفارة. وسواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجالس .
قال ابن عبد الحق في "رده على المحلى": القول السالف لا دليل عليه; لأن الله تعالى قال: ثم يعودون لما قالوا [المجادلة: 3] فإذا عاد مائة مرة فهو عائد، هذا على قول أن العود هو إعادة نفس الظهار، لكن يلزمه الحكم بأقل ما ينطلق عليه الاسم، وأقله مرة.
[ ص: 409 ] قال: وأما قوله: إذا لزمته الكفارة فقد ارتفع حكم الظهار المتقدم. فدعوى عرية عن الدليل، وذلك أن ظاهر الآية يدل على أنه إن عاد ألف مرة سواء قبل الكفارة أو بعد فلا يلزمه شيء، لكن وجدناهم مجمعين على أنه إن ظاهر وعاد لما قال -على اختلافهم في العود ما هو- أنه يلزمه حكما الظهار، فوجب أن يؤخذ بما أجمعوا عليه، وهو أن للظهار بعد الكفارة حكما مستأنفا، وقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في هذه المسألة أعدلها، وهو أنه إن أعاد الظهار مائة مرة قبل أن يكفر لا يلزمه إلا ظهار واحد، فإن ظاهر بعد الكفارة كان حكمه حكم مظاهر لم يظاهر قبل، فلاح بطلان قوله.
قال: ومن عجز عن جميع الكفارة فحكمه الإطعام أبدا، أيسر بعد ذلك أو لم يوسر، قوي على الصيام أو لم يقو، وكذلك حكم من عجز عن العتق والصوم، فهو لازم له أبدا، فمن كان حين لزومه الكفارة قادرا على رقبة لم يجزه غيرها، وإن افتقر فأمره إلى الله.
ومن كان عاجزا عن الرقبة قادرا على صوم شهرين متتابعين فلم يصمهما، ثم عجز عن الصوم إلى أن مات لم يجزئه إطعام ولا عتق أبدا; فإن صح صامهما، وإن مات صامهما عنه وليه، فلو لم تتصل صحته وقوته على الصيام جميع المدة التي ذكرنا، فإن أيسر في
[ ص: 410 ] خلالها فالعتق فرضه أبدا، فإن لم يوسر فالإطعام فرضه أبدا .
فصل:
سلف جملة من نقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن ابن أبي ليلى والحسن بن حي أنه إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي. لم يلزمه شيء، فإن قال: إن نكحت فلانة فهي كظهر أمي أو يسمي قرية أو قبيلة لزمه الظهار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: فمن قال: إن تزوجتك فأنت طالق، وأنت علي كظهر أمي، والله لا أقربك أربعة أشهر فما زاد، ثم تزوجها وقع الطلاق وسقط الظهار والإيلاء; لأنه بدأ بالطلاق. قال أبو عمر: يهدم الطلاق المتقدم الظهار، وإن كان بائنا أو رجعيا هدمه أيضا ما لم يراجع، فإذا راجع لم يطأ حتى يكفر كفارة الظهار . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري في رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات في مجلس واحد في أمور مختلفة: فإنه يجب عليه ثلاث كفارات.
وقال ربيعة: إن ظاهر من امرأته ثلاثا في مجالس شتى [في أمور شتى] كفر عنهن جميعا، وإن ظاهر منها ثلاثا في (مجالس شتى) في أمر واحد فكفارته واحدة.
[ ص: 411 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري: لا بأس أن يقبل التي ظاهر منها قبل التكفير ويأتيها فيما دون الفرج; لأن المسيس هنا الجماع، وهو قول الحسن وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، وهو قول أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وروي عنه أنه قال: أحب إلي أن يمتنع من القبلة والتلذذ احتياطا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق: لا بأس أن يقبل ويباشر. وأبى مالك ذلك ليلا أو نهارا، وكذا في صوم الشهرين قال: ولا ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها حتى يكفر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: يأتي منها ما دون الإزار كالحائض .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: إن قال لامرأته: أنت علي كظهر أمه من الرضاعة: أجبن عن الرضاع .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك": ليس على النساء ظهار، قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: إن فعلت كفرت كفارة يمين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن: لا شيء عليها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي فكذا إذا قال لها: أنت علي كظهر فلان -لرجل- فهي كفارة يمين يكفرها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: وأجمعوا على أنه إذا أفطر في الشهرين متعمدا بوطء أو بأكل أو بشرب من غير عذر يستأنف الصيام، واختلفوا إذا وطئ ليلا، عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: لا شيء عليه. وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة: يستأنف، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وغيرهما، فإن أطعم ثلاثين مسكينا ثم وطئ،
[ ص: 412 ] فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة: يتم الإطعام، كما لو وطئ قبل أن يطعم لم يكن عليه إلا إطعام واحد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك: يستأنف إطعام ستين مسكينا . وسئل nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عن رجل قال لزوجته: كل امرأة أنكحها عليك ما عشت كظهر أمي: يكفيه من ذلك عتق رقبة .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وابن أبي ليلى: لا يكون مظاهرا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في العبد يظاهر من امرأته: لا يدخل عليه إيلاء قبل أن يفرغ من صيامه.
قال أبو عمر: أصل مذهبه أنه لا يدخل عنده على المظاهر إيلاء، حرا أو عبدا، إلا أن يكون مضارا، وهذا ليس مضارا، (إذا ذهب) يصوم للكفارة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إن أطعم بإذن مولاه أجزأه، وإن أعتق بإذنه لم يجزئه وأحب إلينا أن يصوم، وقد سلف عن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم توهيمه قال مالك: وإطعام العبد كإطعام الحر ستين مسكينا، لا أعلم فيه خلافا .