قد أسلفنا اختلاف العلماء متى تقع الفرقة باللعان؟ وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن بانقضائه تقع وإن لم يفرق الحاكم، وهو قول ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وصاحباه: لا تقع بتمامه حتى يفرق بينهما الحاكم. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: إذا أكمل الزوج اللعان وقعت الفرقة بينهما ولم يتوارثا، ولو لم تكمل الفرقة ومات ورثه ابنه .
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقال: لما كان التعان الزوج يسقط الحد، وينفي الولد كان يقطع العصمة ويرفع الفراش; لأن المرأة لا دخل لها في
[ ص: 484 ] الفراق وقطع العصمة، ولا معنى لالتعان المرأة إلا في درء الحد عنها. وقوله تعالى: والذين يرمون أزواجهم [النور: 6] الآية خلافه، وعلى قوله: ينبغي ألا تلاعن المرأة وهي غير زوجة، وقد اتفقوا أنه من طلق امرأته، وأبانها، ثم قذفها أن لا يلاعن لانتفاء الزوجية، لذلك لو بانت بلعانه لم يجز لعانها . حجة nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ومن وافقه حديث الباب، حيث أضاف الفرقة إليه لا إلى اللعان، قالوا: ولما اعتبر فيه حضوره فكذا تفريقه، بخلاف الطلاق قياسا على العنين أنه لا يفرق بينه وبين امرأته إلا الحاكم.
وحجة nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ومن وافقه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=710936أنه - عليه السلام - فرق بين المتلاعنين بلعانهما جميعا، وهو دال على أن اللعان يوجب الفرقة التي قضى بها - عليه السلام - عند فراغهما منه، وقال: "لا سبيل لك عليها" إعلاما منه أن اللعان رفع سبيله عليها، وليس تفريقه له من المباعدة بينهما، استئناف حكم وإنما كان تنفيذا لما وجب له من المباعدة بينهما وهو معنى اللعان لغة ، وهي مفاعلة بين اثنين، ولو كان النكاح بينهما باقيا حتى يفرق الحاكم لكان إنما يفرق بين زوجين صحيح النكاح غير فاسد من غير سبب حدث من أجله فساده، فإن قال ذلك خرج من قول جميع الأمة، وأجاز للحاكم التفريق بين من شاء من الأزواج من غير سبب حدث بينهما يبطل به نكاحهم، وقياسه على العنين خطأ; لأنه يجوز لها أن تراجع العنين إن رضيت به، ولا يجوز لها مراجعة الملاعن، فافترقا.
[ ص: 485 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: وفي إجماعهم أن زوجة الملاعن لا تحل بعد زوج، إذا لم يكذب نفسه دليل بين أنه لم يكن منفسخا باللعان، وكان طلاق العجلاني يقع عليها، وكانت تحل له بعد النكاح.
وجمهور العلماء أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدا، وإن أكذب نفسه جلد الحد، ولحق به الولد، ولم ترجع إليه أبدا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: وعلى هذا السنن التي لا شك فيها ولا اختلاف .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: أن الملاعن إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم يحد، وقال: قد تفرقا بلعنة من الله.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ومحمد: إذا أكذب نفسه جلد بحد، ولحق به الولد، وكان خاطبا من الخطاب إن شاء، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب والحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير .
ونقله ابن التين عنهم خلا الحسن، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن: إذا أكذب نفسه ارتفع التحريم، ثم عادت زوجة إن كانت في العدة، وحجة هؤلاء الإجماع على أنه إن أكذب نفسه جلد الحد، ولحق به الولد، قالوا: فيعود النكاح حلالا كما عاد الولد; لأنه لا فرق بين شيء من ذلك، وحجة الجماعة في أنهما لا يجتمعان أبدا أنه - عليه السلام - فرق بينهما، وقال: "لا سبيل لك عليها" ولم يقل: إلا أن تكذب نفسك، فكان كالتحريم المؤبد في الأمهات، ومن ذكر معهن، وهذا شأن كل تحريم مطلق التأبيد.
[ ص: 486 ] ألا ترى أن المطلق ثلاثا لما لم يكن تحريمه تأبيدا وقع فيه الشرط بنكاح زوج غيره، ولو قال: فإن طلقها فلا تحل له، لكان تحريما مطلقا لا تحل له أبدا.
وقد أطلق الشارع التحريم في الملاعنة ولم يخصه بوقت فهو مؤبد; فإن أكذب نفسه لحق به الولد; لأنه حق جحده ثم عاد إلى الإقرار به وليس كذلك النكاح; لأنه حق ثبت عليه لقوله: "لا سبيل لك عليها" فلا يتأكد إبطاله .