النفقات: جمع نفقة، من الإنفاق، وهو الإخراج. واختلف السلف في تأويل هذه الآية، فروي عن أكثر السلف، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أن المراد بذلك صدقة التطوع، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم وسالم، وقالا: العفو: فضل المال، ما تصدق به عن ظهر غنى.
وقال الحسن: لا تنفق حتى تجهد مالك، فتبقى تسأل الناس. وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه: أنه الفضل . قال ابن التين: يريد ما سهل، ومنه: "أفضل الصدقة ما تصدق به عن ظهر غنى".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: هو الصدقة المفروضة ، وهو غير ممتنع. كما قاله إسماعيل; لأن الذي يؤخذ في الزكاة قليل من كثير; ولأن ظاهر التفسير ومقصد الكلام يدل أنه في غير الزكاة .
قال ابن التين: والأول أبين. يعني قول الحسن.
[ ص: 11 ] وقوله: لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة [البقرة: 219، 220]، أي: تتفكرون فتعرفون فضل الآخرة على الدنيا. وقيل: هو على التقديم والتأخير، أي: كذلك يبين الله لكم الآيات في الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون، قال بعضهم: كل إنفاق في القرآن هو صدقة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: أمر الناس أن ينفقوا الفضل إلى أن فرضت الزكاة، فكان أهل المكاسب يأخذ الرجل من كسبه كل يوم ما يكفيه ويتصدق بباقيه، ويأخذ أهل الذهب والفضة ما ينفقونه في عامهم وينفقون باقيه. روي هذا في التفسير.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري -كما حكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال- أن الآية عامة في النفقة على الأهل وغيرهم; لأن الرجل لا تلزمه النفقة على أهله إلا بعد ما يعيش به نفسه، وكان ذلك عن فضل قوته.
وقد جاء في الحديث عن الشارع في أحاديث الباب -كما ستعلمها- أن نفقة الرجل على أهله صدقة، فلذلك ترجم بالآية في النفقة على الأهل .
وفي nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد جيد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: "إن كان الرجل يسعى على عياله يكفيهم فهو في سبيل الله تعالى" .
[ ص: 13 ] ووجه حديث أبي مسعود وسعد - وكيف يكون إطعام أهله صدقة وهو فرض عليه؟! أن الله تعالى جعل من الصدقة فرضا وتطوعا، ومعلوم أن أداء الفرض أفضل من التطوع، فإذا كان عند الرجل قدر قوته ولا فضل فيه عن قوت نفسه، وبه إليه حاجة، وهو خائف بإيثاره غيره به على نفسه هلاكا كائنا من كان غيره الذي حاجته إليه مثل حاجته، والدا كان أو ولدا أو زوجة أو خادما، فالواجب عليه أن يحيي به نفسه، وإن كان فيه فضل كان عليه صرفه إلى غيره ممن فرض الله نفقته عليه، فإن كان فيه فضل عما يحيي به نفسه ونفوسهم وحضره ممن لم يوجب الله عليه نفقة، وهو متخوف عليه الهلاك إن لم يصرف ذلك إليه، كان له صرفه إليه بثمن أو قيمة، وإن كان في سعة وكفاية لم يخف على نفسه ولا على أحد ممن يلزمه نفقته، فالواجب عليه أن يبدأ بحق من أوجب الله حقه في ماله، ثم الأمر إليه في الفضل من ماله إن شاء تطوع بالصدقة به وإن شاء ادخره، وإذا كان المنفق على أهله إنما يؤدي فرضا لله واجبا، له فيه جزيل الأجر، فذلك -إن شاء الله- معنى قوله: " (فيما) أنفقت" إلى آخره; لأن بفعله ذلك يؤدي فرضا لله هو أفضل من صدقة التطوع الذي يتصدق بها على غريب منه لا حق له في ماله. نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري.