قد سلف ذلك في البيوع، وتكرر في الباب ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ومن عادة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري -رحمه الله- أن يبوب أولا على أمر ثم يبوب بعد بابا آخر ينبه (به) على المراد منه. والجمع بين مختلفه ظاهرا، فذكر أولا حديث الأكل مما يلي الشخص ثم أعقبه بهذا الباب; لبيان جوازه في حالة إذا لم يعرف من أحد كراهة لذلك فهو مفسر له في الحقيقة، ودال على أن المراد بذلك إذا كان يأكل مع غير عياله ومن يتقزز جولان يده في الطعام، وأما إذا أكل مع أهله ومن لا مؤنة عليه منهم من خالص إخوانه، [ ص: 100 ] فلا بأس أن تجول يده فيه; استدلالا بهذا الحديث، وإنما جالت يده الكريمة فيه; لأنه علم أن أحدا لا ينكر ذلك، ولا يتقزز منه، بل كل مؤمن ينبغي له أن يتبرك بريقه الكريم، وما مسه بيده، ألا تراهم كانوا يتبادرون إلى نخامته فيتبركون بها، فلذلك لم يتقززه مؤاكله له أن تجول يده في الصحفة.
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: هكذا هذا الحديث في "الموطأ" عند جميع رواته، زاد بعضهم فيه ذكر القديد -ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم عنه عن إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه -: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بمرق فيه دباء وقديد .. الحديث، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا كما سيأتي - وقد أدخله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في باب الوليمة في العرس، ويشبه أن يكون وصل إليه من ذلك علم، وقد روي عنه نحو هذا، وليس في ظاهر الحديث ما يدل عليه .
فصل:
قد أسلفنا من عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن هذا الخياط مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكره في باب: الدباء، كما سيأتي .
[ ص: 101 ] nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم: فجعلت ألقيه إليه ولا أطعمه.
وله: فقدم إليه خبز من شعير ومرق فيه دباء، وقديد. وله: قصعة فيها ثريد وعليه دباء .
وفي "كتاب الأطعمة" nindex.php?page=showalam&ids=14274للدارمي: قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: وكان يعجبه الدباء، فجعلت آخذ الدباء فأضعه بين يديه، لما أعلم من إعجابه به.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: في هذا الحديث إجالة اليد في الصحفة، وهذا عند أهل العلم لا يحسن إلا بالرئيس ورب البيت، وأيضا فالمرق والإدام وسائر الطعام إذا كان فيه نوعان أو أنواع فلا بأس أن تجول اليد فيه للتخيير مما وضع في المائدة من أصناف الطعام; لأنه قدم للأكل، وليأكل كل ما أراد، ولما كان في هذه الصحفة أنواع اللحم والقديد والدباء والثريد أو المرق، حسن بالآكل أن تجول يده فيما اشتهى .
وقد أسلفنا الكلام فيه قبل.
وقال ابن التين: فعله ذلك; لأنه كان يأكل وحده; لأن في الحديث أن الخياط أقبل على عمله. وقد أسلفنا عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أنه قال: كنت ألقيه إليه ولا أطعمه.
[ ص: 102 ] وإقبال الخياط على عمله ليس سوء أدب منه ولا من غيره لو فعله; لإقراره -عليه السلام - على ذلك، ولم ينكره. وأكل المضيف مع الضيف ليس فيه إلا البسط لوجهه إن قدر عليه فهو أبلغ، ومن تركه فهو واسع.
فصل:
من تراجم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على هذا الحديث باب من ناول أو قدم إلى أصحابه على المائدة شيئا.
ثم نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك: لا بأس أن يناول بعضهم بعضا، ولا يناول من هذه المائدة إلى مائدة أخرى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: إنما جاز أن يناول بعضهم بعضا ممن على مائدة واحدة; لأن ذلك الطعام إنما قدم لهم بأعيانهم ليأكلوه، فقد صار من حقوقهم وهم فيه شركاء، فمن ناول صاحبه مما بين يديه فكأنه آثره بنصيبه وما يجوز له أكله، فمباح له ذلك. وقد قال -عليه السلام - لابن أم سلمة: nindex.php?page=hadith&LINKID=846034 "كل مما يليك". فجعل ما يليه من المائدة حلالا له. وأما من كان على مائدة أخرى فلا حق له في ذلك الطعام ولا شركة، فلذلك كره العلماء أن يناول رجل من كان على مائدة أخرى .
فصل:
ومن هذا نهيه - عليه السلام - عن الأكل من وسط الصحفة; فإن البركة تنزل في وسطها. قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: هذا في حق من يأكل مع غيره; لأن وجه الطعام أطيبه وألينه، فإذا قصده الإنسان بالأكل كان مستأثرا على غيره، فإذا كان وحده فلا بأس.
[ ص: 103 ] فصل:
وقول nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه -: (فلم أزل أحب الدباء من يومئذ). فيه الحرص على الشبه بالصالحين والاقتداء بأهل الخير في مطاعمهم واقتفاء آثارهم في جميع أحوالهم; تبركا بذلك.