ومعنى هذه الترجمة -والله أعلم- إباحة أكل الطعام الطيب وكراهية أكل المر، وأن الزهد ليس في خلاف ذلك; ألا ترى أنه - عليه السلام - شبه المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة التي طعمها طيب وريحها طيب، وشبه المؤمن الذي لا يقرأ بالتمرة طعمها حلو ولا ريح لها، ففي هذا ترغيب في أكل الطعام الطيب وأكل الحلو، ولو كان الزهد فيه أفضل لما شبه - عليه السلام - ذلك مرة بقراءة القرآن، ومرة بالإيمان، فكما فضل المؤمن بالقراءة والإيمان. فكذلك فضل الطعام الطيب سائر الطعام، وشهد لهذا فضل الثريد، وهذا تنبيه منه على أكل الثريد واستعماله لفضله، وتشبيهه المنافق بالحنظلة والريحانة اللتين طعمهما مر، وذلك غاية الذم للطعام المر، إلا أن السلف كرهوا الإكثار من أكل الطيبات وإدمانها; خشية أن يصير ذلك لهم عادة. فلا تصبر نفوسهم على فقدها; رياضة لها وتذليلا وتواضعا.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فليس فيه ذكر أفضل الطعام ولا أدناه، فقيل: يحتمل أن يريد أن ابن آدم لا بد له في الدنيا من طعام يقيم به جسده ويقوى به على طاعة ربه، وأن الرب جل جلاله جبل النفوس على الأكل والشرب والنوم، وذلك قوام الحياة، والناس في ذلك بين مقل ومكثر، فالمؤمن يأخذ من ذلك قدر إيثاره للآخرة والدنيا.
[ ص: 196 ] فصل:
الحديث الثالث: تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=16055سمي، عن أبي صالح، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وقال: ما لأهل العراق يسألون عن هذا الحديث؟ قيل لأنك انفردت به، قال: لو علمت أني انفردت به ما حدثت به .
فصل:
قوله فيه: (فإذا قضى نهمته). هو بفتح النون، قال ابن التين : ضبطه بالفتح وذلك في ضبط كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس. وقال: هي الهمة بالشيء يريد ما قصد إليه وسافر بسببه. والأنرجة: بالنون وبغير النون لغتان.