ثم ساق حديث nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم - رضي الله عنه -: nindex.php?page=hadith&LINKID=655053سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيد المعراض، قال: "ما أصاب بحده فكله، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ". وسألته عن صيد الكلب، فقال: "ما أمسك عليك فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته، فإن وجدت مع كلبك -أو كلابك- كلبا غيره، فخشيت أن يكون أخذه معه -وقد قتله- فلا تأكل، فإنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكر على غيره".
الشرح:
هذا الحديث سلف في البيوع، ويأتي في التوحيد ، وكرره هنا [ ص: 315 ] متنا، وأخرجه باقي الجماعة ، ولما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الآية الأولى قال: كل ما تناوله الإنسان بيده أو برمحه أو بشيء من سلاحه فأنفذه وبلغ مقاتله فهو صيد .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: والذي تناله الأيدي الفراخ والبيض، والذي تناله الرماح مما كان كبيرا فاستدل بهذه الآية على إباحة الصيد، وعلى منعه.
والأنعام: الإبل والبقر والغنم، وقال قابوس بن أبي ظبيان: ذبحنا بقرة، فأخذ الغلمان من بطنها ولدا ضخما قد أشعر فشووه ثم أتوا به أبا ظبيان فقال: أنا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أن هذا بهيمة الأنعام . والأول أبين; لأن بعده إلا ما يتلى عليكم [المائدة: 1] وليس في الأجنة ما يستثنى، وقيل لها بهيمة; لأنها أبهمت عن التميز.
وقوله: ( وأنتم حرم ) أي: محرمون، وواحد حرم: حرام، والشعائر: الهدايا، أي: معلمة، وشعيرة: بمعنى مشعرة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: شعائر الله : الصفا والمروة والحرم .
[ ص: 316 ] فالمعنى على هذا: لا تحلوا الصيد في الحرم، والتقدير: لا تحلوا لأنفسكم شعائر الله، فمن قال: هي: البدن، فالآية عنده منسوخة، قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: ليس في المائدة آية منسوخة إلا يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله [المائدة: 2] وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة: 5] وكانوا منعوا من قتالهم في الشهر الحرام، وإذا كانوا آمين البيت الحرام .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: (العقود ..) إلى آخره. أخرجه إسماعيل بن أبي زياد الشامي في "تفسيره" عنه، وقد فسر يجرمنكم شنآن قوم [المائدة: 2] على (العداوى) ، وقرأ nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش بضم الياء ، وتقرأ (شنآن) بفتح النون وسكونها، وأنكر السكون من قال: لا يكون المصدر على فعلان.
[ ص: 317 ] وقوله: ( حرمت عليكم الميتة ) هو بسكون الياء، وتشديدها، قال فريق من اللغويين: هما بمعنى.
وقيل: ( الميتة ): التي ماتت و (الميتة): التي لم تمت بعد.
وروي أنهم كانوا يجعلون الدم في المباعر ثم يشوونها ويأكلونها، فحرم الله تعالى الدم المسفوح: وهو المصبوب.
وقد فسر ( والمنخنقة ): وكذا والموقوذة يقال: وقذه وأوقذه، و (الموقوذة) من: وقذه، وقوله: (بالخشب يوقذها). من: أوقذ.
وقوله: ( وما أكل السبع ) أي: افترسه فأكل بعضه، وقرأ الحسن بإسكان الباء; استثقالا للضمة، وهي قراءة [المعلى] عن عاصم.
وقوله: ( إلا ما ذكيتم ) أصل التذكية في اللغة: التمام، واختلف في هذا الاستثناء فقيل: معناه إلا ما أدركتم من هذه المسميات ذكاته فذكيتموه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: يؤكل .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12425القاضي إسماعيل: معنى الآية: لكن ما ذكيتم من غير هذه المذكورات فهو حلال، وقال: (هو) مثل قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى [طه: 1 - 3] .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وقال: حسن غريب . وأعله الكرابيسي بأبي موسى أحد رواته وقال: حديثه ليس بالقائم.
وروي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - بإسناد ضعيف .
[ ص: 319 ] وروي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: تفرد به شريك .
فصل:
حديث عدي هذا أخرجه هنا عن أبي نعيم: ثنا زكريا، عن عامر، عنه، وسلف في الطهارة، في باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، وفي أوائل البيوع في باب تفسير المشبهات من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن ابن أبي السفر، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، عنه، ثم ذكره من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15581بيان عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=656848 "وإذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل" .
واعترض ابن المنير فقال: ليس في الذي ذكره تعرض [للتسمية] المترجم لها إلا آخر الحديث، فعده بيانا لما أجملته الأدلة من التسمية، وكذلك أدخل الجميع تحت الترجمة، وعند أهل الأصول نظر في المجمل إذا اقترنت به قرينة لفظية مثبتة، هل يكون الدليل المجمل معها أو إياها خاصة .
[ ص: 320 ] وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بألفاظ أخر ستأتي.
وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طرق منها: طريق يحيى بن سعيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=15926زكريا بن أبي زائدة; ثنا عامر، ثنا عدي. ثم قال: ذكرته لقوله: ثنا عامر ، ثنا عدي. قال: سألت. الحديث.
اختلف العلماء في التسمية على الصيد والذبيحة: فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي أنها فريضة، فمن تركها عامدا أو ساهيا لم تؤكل، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور وأهل الظاهر .
[ ص: 322 ] وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه إن تركها عامدا لم تؤكل، وإن تركها ناسيا أكلت، قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: هو بمنزلة من ذبح ونسي، يأكل ويسمي .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وابن أبي ليلى وجعفر بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق.
ورواه في "المصنف" عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب: إن لم يتركها استخفافا أكلت .
وقال عيسى وأصبغ: هي حرام عند العمد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: يؤكلان عمدا ونسيانا.
روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعطاء وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: لا يضرك، إنما ذبحت بدينك.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية -وهي المذهب كما قال في "المغني"- أنها شرط إن تركها عمدا أو سهوا فهو ميتة.
ورواية: إن تركها على إرسال السهم ناسيا أكل، وإن تركها على الكلب أو العمد لم تؤكل ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: التسمية على الذبح والصيد واجبة; بدلالة الكتاب والسنة.
[ ص: 323 ] واحتج أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأن المجوسي لو سمى الله لم ينتفع بتسميته; لأن المراعى دينه، وكذا المسلم إذا تركها عامدا لا يضره; لأن المراعى دينه، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وعطاء وابن أبي ليلى، كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال، وكان nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري وابن الجهم يقولان: إن قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن من تعمد ترك التسمية لم تؤكل كراهة وتنزيها، ووافقهما ابن القصار.
واستدل ابن القصار على عدم وجوبها بقوله تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم [المائدة: 4] فأمر بأكل ذلك، ثم عطف على الأكل بقوله: واذكروا اسم الله عليه [المائدة: 4] والهاء في عليه ضمير الأكل; لأنه أقرب مذكور، لا يقال (أن) الهاء في عليه عائدة على الإرسال إذ لو كانت شرطا لذكرت قبله ولم يذكرها بعده، ولما قال: فكلوا مما أمسكن عليكم [المائدة: 4] وقال: [بعد] تقدم الأكل واذكروا اسم الله عليه ، لم يخل أن يريد بالتسمية على الإمساك الذي قد حصل، فإذا أمسك علينا حينئذ سمى، أو يريد التسمية على الأكل فبطل أن يريد بالتسمية بعد الإمساك علينا من غير أكل; لأنه ليس بقول لأحد; لأن الناس على قولين: إما أن تكون التسمية قبل، أو عند الأكل، وإنما أمر الله تعالى بنسخ أمر الجاهلية التي كانت تذكر اسم طواغيتها على صيدها وذبائحها .
واحتج من أوجبها بحديث الباب، حيث علل له بأن قال: إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره، فأباح أكل الصيد الذي يجد عليه كلبه; لأنه ذكر الله عليه، فدليله أنه إذا لم يسم فلا يأكل.
أجاب المخالف أنا إن قلنا بدليل الخطاب فإنا نقول: إن لم يسم فلا يأكل; كراهية وتنزيها لما أسلفناه من الأدلة.
واحتج أيضا بالآية، ومن المعنى: أنه شيء قد ورد الشرع فيه أنه فسق يوجب تحريمه أصله سائر الفسوق، وجوابه: أن المراد به وما أهل لغير الله [المائدة: 3]. احتج أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بقوله: حرمت عليكم الميتة [المائدة: 3] إلى قوله: إلا ما ذكيتم [المائدة: 3] فأباح المذكى ولم يذكر التسمية.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: احتج المالكيون والحنفيون بما روينا من جهة nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس: ثنا الأحوص بن حكيم، عن راشد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=18931 "ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم إذا لم يتعمد" وهو مرسل، والأحوص ليس بشيء، وراشد ضعيف. وبخبر آخر من جهة nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، ثنا ثور الشامي، عن الصلت -مولى سويد- قال
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث: لا يذكر أحدا ولا يصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ذلك وقال: لا أرى بأسا أن يصلي .
فصل:
سؤال عدي يحتمل أن يكون لمعرفة طلب الحكم قبل الإقدام عليه، وقد قال بعض أهل العلم: لا يجوز الإقدام على الفعل إلا بعد معرفة الحكم.
ويحتمل أن يكون علم أصل الإباحة، وسأل عن أمور اقتضت عنده الشك في بعض الصور أو قيام مانع من الإباحة التي علم أصلها.
[ ص: 326 ] عبد الحكم أن ما أصاب هذه من نثر الدماغ والحشوة أو قرض المصران أو شق الأوداج وانقطاع النخاع فلا يؤكل وإن ذكيت، فأما كسر الرأس ولم ينثر الدماغ أو شق الجوف ولم تنتثر الحشوة ولا انشق المصران أو كسر الصلب ولم ينقطع النخاع، فهذه تؤكل إن ذكيت إن أدرك الروح فيها ولم تزهق أنفسها، فإن لم يكن من هذه المقاتل شيء ويئس لها من الحياة، وأشكل أمرها فذبحت فلا تؤكل وإن طرفت بعينها واستفاض نفسها عند الذبح، وقد كان أصبغ وابن القاسم" يحلان أكلها ولا يريان دق العنق مقتلا حتى ينقطع النخاع، قالا: وهو" المخ الأبيض الذي في داخل العنق والظهر، وليس النخاع عندنا إلا دق العنق وإن لم ينقطع المخ. كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ومطرف عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: وأما انكسار الصلب ففيه يحتاج إلى انقطاع المخ الذي في الفقار، فإن انقطع فهو مقتل وإن لم ينقطع فليس بمقتل; لأنه قد يبرأ على حدث ويعيش، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف والحسن بن حي بقول nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون وابن عبد الحكم قالا: إذا بلغ التردي وشبهه حالا لا تعيش من مثله لم تؤكل وإن ذكيت قبل الموت.
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب لهذا القول فقال: تأويل قوله تعالى: إلا ما ذكيتم [المائدة: 3] يعني: في الحياة القائمة فمات بتذكيتكم لا في حال اليأس منها ; لأن الذكاة لا تقع عليها وإن تحركت; لأن تلك الحركة إلى الموت من الذي قد سبق إليها; لأنه هو الذي أماتها، فإجراء الشفرة عليها وتلك حالها لا يحلها ولا يذكيها، كما أن
[ ص: 327 ] المذبوحة التي قد قطعت الشفرة حلقومها وأوداجها إذا سقط عليها جدار قبل زهق نفسها أو أصابها غرق أو تردي لا يضرها ولا يحرمها; لأن الذي سبق إليها من التذكية قبل التردي أو غيره هو الذي أماتها وأحلها .
وفيها قول آخر: روى nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - قال: إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة، وهي تحرك يدا أو رجلا فكلها .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة - رضي الله عنهم - مثله، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وقالوا: يدرك ذكاته وفيه حياة ما كانت، فإنه ذكي إذا ذكي قبل أن يموت.
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق، وعليه الجمهور .
واحتج له nindex.php?page=showalam&ids=12425القاضي إسماعيل، وذكر تأويل nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وأصحابه في قوله: إلا ما ذكيتم [المائدة: 3] قالوا: يعني: من هذه إذا طرفت بعينها أو حركت ذنبها أو أذنها أو ركضت برجلها فذك وكل . واحتج بعض الفقهاء (لصحته) بأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - كانت جراحته مثقلة وصحت عهوده وأوامره، ولو قتله قاتل في ذلك الوقت كان عليه القود، قال
[ ص: 328 ] nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: ولم يختلفوا في الأنعام إذا أصابتها الأمراض المثقلة التي قد تعيش معها مدة قصيرة أو طويلة أن ذكاتها الذبح، فكذلك ينبغي في القياس أن يكون حكم المتردية ونحوها .
وقال إسماعيل بن إسحاق: بلغني عن بعض من يتكلم في الفقه أن قوله تعالى: إلا ما ذكيتم [المائدة: 3] إنما هو على ما أكله السبع خاصة، وأحسبه توهم ذلك; لأن الاستثناء يلي ما أكل السوابع، وإنما وقع في الاستثناء على ما ذكر في الآية كما قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: إلا ما ذكيتم أي: ولكن ما ذكيتم، كما قال تعالى: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس [يونس: 98] يعني: ولكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم، وإنما كان أهل الجاهلية يأكلون كل ما مات وكل ما قتل، فأعلم الله تعالى المسلمين أن المقتولة لا تحل إلا بالتذكية، وأن المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع حرام كله، وهي لا تسمى موقوذة حتى تموت بالذي فعل بها، وكذلك المتردية والنطيحة وما أكل السبع، ولو أن متردية تردت فلم تمت من ترديها، أو شاة عضها سبع أو أكل من لحمها ولم تمت من ذلك، لما كانت داخلة في هذا الحكم، ولما سميت أكيلة السبع; لأنه لم يقتلها، وإنما تسمي العرب أكيلة السبع التي قتلها فأكل منها وبقي منها، فإن العرب تقول للباقي هذه أكيلة السبع فنهوا عن ذلك الباقي، وأعلموا أن قتل السبع وغيره مما ذكر لا يقوم مقام التذكية، وإن كان ذلك كله قتلا; لأن في التذكية التي أمر الله بها خصوصا في تحليل الذبيحة.
[ ص: 329 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: أكيلة السبع هو الذي صاده السبع فأكل منه وبقي بعضه، وإنما هو فريسة. والنصب: حجارة حول الكعبة، كان يذبح عليها أهل الجاهلية .
وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة، كما ستعلمه.
ثالثها: إذا شك في الذكاة فلا يأكل; لأن الأصل أنه حرام إلا بذكاة، فإذا خالط غير كلبه صار في شك من ذكاته، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
رابعها: أن عدم التسمية يمنع الأكل; لتعليله في المنع بقوله: "فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره".
خامسها: أن محل الآية السالفة ورماحكم [المائدة: 94] هو أن يصيب على الوجه المعتاد وهو حد الرمح.
والمعراض: (بكسر الميم) خشبة ثقيلة في طرفها حديدة يرمى الصيد بها، وقد يكون بغير حديدة، فما أصاب بعده فهو وجه ذكاة فيؤكل، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ. وعبارة الهروي: هو سهم ريش فيه ولا نصل .
[ ص: 330 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد: هو سهم طويل له أربع قذذ رقاق، فإذا رمي به اعترض .
وقيل: هو عود رقيق الطرفين غليظ الوسط، فإذا رمى به ذهب مستويا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي: هو نصل عريض له ثقل ورزانة.
وفي "الموطأ" أن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد كان يكره ما قتل المعارض والبندقة ، لعله يريد بعرضه; لأنه بينه - عليه السلام - في حديث عدي هذا.
وقال في "المعونة": المعراض: خشبة عريضة في رأسها كالزج، يلقيها الفارس على الصيد، فربما أصابته الحديدة فجرحت وأسالت دمه فيؤكل; لأنه كالسيف والرمح، وربما أصابته الخشبة فترضه أو تشدخه، فيكون وقيذا فلا يؤكل ، وقال أبو سليمان: (العارض) : نصل عريض له ثقل ورزانة ، وكأن nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي أخذ منه.
فصل:
قوله - عليه السلام -: ("فإن أخذ الكلب ذكاته") قد يؤخذ منه أن الكلب لا يشترط في صفة تعليمه ألا يأكل، وهو شرط عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك وبقوله قال nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص وعلي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة، ومن التابعين: nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وربيعة، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث
[ ص: 331 ] nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي لقوله تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم [المائدة: 4]، ومن القياس: ذكاة يستباح بها الصيد، فلا يفسد بأكله منه أصله إذا ذبح .
وتعلق الأولون بقوله في الباب الآتي: "فإن أكل فلا تأكل، فإنه لم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه" قال الأولون: هو عام، فيحمل على الذي أدركه ميتا من الجري أو الصدمة يأكل منه، فإنه قد صار إلى صفة لا يتعلق بها الإرسال والإمساك علينا، فلذلك لم يكن ممسكا عليه، يوضحه قوله: "ما أمسك عليك فكله، فإن أخذ الكلب ذكاة". والحديث واحد.
ويحتمل أن يريد بقوله: "إن أكل فلا تأكل" ألا يؤخذ منه غير مجرد الأكل دون إرسال الصيد، ويكون قوله: "فإن أكل فلا تأكل". مقطوعا مما قبله.
ومعنى: إمساكه علينا -عند القاضي أبي الحسن- أن يمسك بإرسالنا; لأن الكلب لا نية له ولا يصح منه ميز هذا، وإنما يتقصد بالتعليم، فإذا كان الاعتبار بأن يمسك علينا وعلى نفسه، وكان الحكم مختلفا بذلك وجب أن يتميز بذلك بنية من له نية وهو مرسله، فإذا أرسله فقد أمسك عليه، وإن لم يرسله فلم يمسكه عليه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: معنى: فكلوا مما أمسكن عليكم ، أي: مما صدن لكم .
وقال القاضي في "شرح الرسالة": في حديث عدي خلاف; لأن
[ ص: 332 ] هذه اللفظة يقال: ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ولم يذكرها (هشام وابن أبي مطر) على أنه معارض بما روى nindex.php?page=showalam&ids=1500أبو ثعلبة الخشني أنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل وإن أكل منه" أخرجه أبو داود، ولم يضعفه ، فيحمل حديث عدي على التنزيه، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة على الجواز; قالوا: وكان عدي موسعا عليه فأفتاه بالكف تورعا، وأبو ثعلبة كان محتاجا، فأفتاه بالجواز.
قال أبو الحسن: وما كان من طريق همام nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي أثبت مما يروى عن عدي، ولم يختلف على همام واختلف على nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، وقد قال بعد: "فإني أخاف أن يكون مما أمسك على نفسه" وهذا علة فيه.
قلت: وفي إسناد nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: داود بن عمرو الدمشقي، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين، وفي رواية الأزدي: مشهور. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: حديثه مقارب. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي: لا أرى بروايته بأسا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: صالح. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: شيخ. وقال العجلي: ليس بالقوي. وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "ثقاته"، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=13260ابن شاهين وابن خلفون، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: يعتبر به. وقال العجلي: يكتب حديثه. هذا ما نعرفه في ترجمته .
[ ص: 333 ] وأما nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فغلا وقال: هذا حديث لا يصح، nindex.php?page=showalam&ids=11998وداود هذا ضعيف، ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقد ذكر بالكذب، ثم قال: فإن لجوا وقالوا: هو ثقة. قلنا: لا عليكم وثقتموه هنا، وأما نحن فلا نحتج به ولا نقبله.
وعند nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك، عن مري بن قطري عن عدي قلت: وإن أكل، قال: "نعم".