ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - ، قال: لقد حرمت (الخمر) ، وما بالمدينة منها شيء.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنهما - قال: حرمت علينا الخمر (حين حرمت) ، وما نجد - يعني: بالمدينة - خمر الأعناب إلا قليلا، وعامة خمرنا البسر والتمر، وهما من أفراده.
وحديث أبي حيان حين حرمت واسمه يحيى بن سعيد بن حيان التيمي ثنا (أبو عامر) ، قال: قام nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على المنبر فقال: أما بعد، نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل.
[ ص: 88 ] الشرح:
فيه رد على الكوفيين في قولهم: إن الخمر من العنب خاصة وإن كل شراب يتخذ من غيره فغير محرم ما دون السكر منه، وهذا التفسير من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مقنع كما قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : ليس لأحد أن يسود فيقول: إن الخمر من العنب وحده; فهؤلاء الصحابة فصحاء العرب والفهماء عن الله ورسوله قد فسروا عين ما حرم الله، وقال: إن الخمر من خمسة أشياء، وقد أخبر الفاروق بذلك حكاية عما نزل من القرآن وتفسيرا للجملة وقال: الخمر ما خامر العقل، وخطب بذلك على منبره - عليه السلام - بحضرة الصحابة من المهاجرين والأنصار وغيرهم ولم ينكره أحد فصار كالإجماع.
وهذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول: حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء، يعني: خمر العنب فإنه المشهور باسمها، وكذا قول nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وما نجد خمر الأعناب إلا قليلا، وممن روي عنه من الصحابة أن الخمر تكون من غير العنب وإن كان لا يخالف، فيهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وابنه وعلي وأبو موسى nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة وسعد nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة.
ومن التابعين nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز في تابعي أهل المدينة من أهل الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود روي عنه في نقيع التمر أنه خمر، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري وعبد الله بن إدريس الأودي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وطلحة بن مصرف، كلهم قالوا: المسكر خمر، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق وعليه أهل الحديث.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16232صفوان بن محرز قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى على المنبر يقول: ألا إن خمر أهل المدينة البسر والتمر، وخمر أهل فارس العنب، وخمر
[ ص: 89 ] أهل اليمن البتع وهو العسل، وخمر الحبشة السكركة وهو الأرز .
قال إسماعيل بن إسحاق: فإذا تبين أن الخمر تكون من هذا كله وجب أن يجري كله مجرى واحدا، وأن لا نفرق بين السكر من العنب والسكر من غيره، والمزر يصنع من الشعير وهو الجعة أيضا.
فصل:
أسلفنا أن الحكم في التحريم لا يتعلق بعين الخمر وكل ما أسكر فهو ملحق به.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: المحرم عصير العنب النيئ، فمن شرب منها ولو نقطة حد، وما عداها لا يحد إلا مما أسكر منه . وموضع الرد عليه من الحديث: أنهم كانوا يشربون بالمدينة الفضيخ وهو ما يتخذ من البسر والتمر، فلما جاءهم منادي رسول الله: أن الخمر حرمت امتنعوا وكسروا الجرار ولم ينكروا ولا قالوا: إنما كنا نشرب الفضيخ، بل قبلوا وامتنعوا، فلولا أنهم عندهم خمر ما امتنعوا منه، فإذا ثبت بالسنة وإجماع الصحابة أن هذه الأشربة تسمى خمرا فهي داخلة في قوله تعالى: إنما الخمر [المائدة: 90] إلى قوله: فاجتنبوه [المائدة: 90] فهو حرام بنص القرآن وقد سلف.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وذهب غير واحد من فقهاء الكوفة إلى أن الخمر إنما هي من العنب والرطب. وقول nindex.php?page=showalam&ids=2الفاروق: والخمر ما خامر العقل; دال على جواز إحداث الاسم بالقياس، أخذه من طريق الاشتقاق، وزعم قوم أن العرب لا تعرف النبيذ المتخذ من التمر خلا، فقال: إن
[ ص: 90 ] الصحابة الذين سموا الفضيخ خمرا عرب فصحاء، فلو لم يصلح هذا الاسم لم يطلقوه عليها .
فرع:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: لا تشرب الفضيخ وإن لم تسكر; لأنه البسر والرطب جميعا يهشان لينتبذان، وهما الخليطان اللذان نهى الشارع عنها.
قال ابن التين : والذي ذكر أهل اللغة أن الفضيخ شراب يتخذ من بسر وحده من غير أن تمسه النار.
فصل:
ذكر صاحب "الهداية" من الحنفية أن الأشربة المحرمة أربعة: الخمر وهو عصير العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، والعصير إذا طبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه وهو الطلاء، ونقيع التمر وهو السكر، ونقيع الزبيب إذا اشتد وغلا، فأما الخمر فماهيتها أنها من ماء العنب إذا صار مسكرا، وهذا عندنا، وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم.
وقال بعض الناس: هو اسم لكل مسكر; لقوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=660741 "كل مسكر خمر" وقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=68077 "إن الخمر من هاتين الشجرتين" وأشار إلى الكرم والنخلة ; ولأنه من مخامرة العقل وهو موجود في كل مسكر قال: ولنا أنه خاص بإطباق أهل اللغة على ما ذكرنا; ولهذا اشتهر استعماله فيه وفي غيره، ولأن حرمة الخمر قطعية وهي في غيرها [ ص: 91 ] ظنية. قال: وإنما سمي الخمر خمرا لتخمره لا لمخامرته العقل على ما ذكرتم، ولا ينافي كون الاسم خاصا فيه، فإن النجم منشق من (النجوم) ، ثم هو اسم خاص للنجم المعروف، لا بكل ما ظهر، وهذا كثير النظير، قال: والحديث الأول طعن فيه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين، قلت: لا يقبل منه، فمن صححه حجة عليه، والثاني أريد لبيان الحكم إذ هو اللائق بمنصب الرسالة، وعند الشيخين: لا يشترط القذف بالزبد، والخمر حرام غير معلولة بالسكر ولا موقوفة عليه، ومن الناس من أنكر حرمة عينها، وقال: السكر بها حرام; لأن به يحصل الفساد. وهذا لغو; لأنه جحود الكتاب لأنه سماه رجسا، والرجس ما هو محرم العين.
وقد جاءت السنة المتواترة بتحريمها، وعليه انعقد إجماع الأئمة; ولأن قليله يدعو إلى كثيره، وهذا من خواص الخمر؛ ولهذا يزداد لشاربها اللذة بالاستكثار منها بخلاف سائر المطعومات، ثم هو غير (معلول) عندنا حتى لا يتعدى حكمه إلى سائر المسكرات، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يعديه إليها قال: وهذا بعيد; لأنه خلاف السنة المشهورة.
قلت: بل الذي قاله هو البعيد، وما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي موافق للسنة المشهورة كأحاديث الباب وغيره.
قال: وتعليله لتعدية الاسم والتعليل في الأحكام لا في الأسماء
قال: وهي نجسة نجاسة مغلظة كالبول; لثبوتها بالدلائل القطعية، يكفر مستحلها; لإنكاره الدليل القطعي، ويسقط عوضها في حق
[ ص: 92 ] المسلم إذا (أتلفها) ، قال: والأصح أنه مال; لأن الطباع تميل [إليها] وتضن بها .
فرع:
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: ولا يحل كسر أوانيها، ومن كسرها من حاكم أو غيره فعليه ضمانها لكن يهريق ويغسل الفخار والجلود والعيدان والحجر، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: يكسر الفخار والعود وتشق الجلود ويغسل ما سوى ذلك.
دليل قولنا أن الشارع لما أخبر الرجل بتحريمها فتح المزادة وأهرقها ولم يأمره بخرقها، وقد نهى عنإضاعة المال.
حجة المخالف أن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة قال: كسر النبي - صلى الله عليه وسلم - كوزا فيه شراب وشق المشاعل يوم خيبر.
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر [أحد طرقه] فيه ثابت بن يزيد الخولاني ولا ندري من هو ، والثاني: من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن أبي طعمة نسير بن ذعلوق
[ ص: 93 ] وهو لا شيء .
والثالث: من رواية عبد الملك بن حبيب الأندلسي - وهو هالك - عن طلق وهو ضعيف ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فيه عمر بن صهبان وهو ضعيف ، ولا يصح في هذا الباب شيء .
قلت: nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ونسير وثابت وطلق ثقات، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم من حديث سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي، عن يحيى بن عباد، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، أن nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة سأل رسول الله عن أيتام ورثوا خمرا أيجعله خلا فكرهه، قال: أبو عمر: هذا صحيح . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه أيضا .
فرع:
قال في "الهداية": ومن كان له على مسلم دين فأوفاه ثمن خمره لا يحل له أن يأخذه ولا للمديون أن يؤديه; لأنه ثمن باطل وهو غصب في يده أو أمانة على حسب ما اختلفوا فيه كما في بيع الميتة ولو كان الدين على ذمي يؤديه من ثمن الخمر، والمسلم هو الطالب يستوفيه; لأن بيعها فيما بينهم جائز.
[ ص: 94 ] فرع:
يحرم الانتفاع بها; لأن الانتفاع بالنجس حرام، ولأنه واجب (الاجتناب) وفي الانتفاع إقرار .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: أجمع المسلمون على نجاسته وأنه كالدم والميتة ولحم الخنزير إلا ما روى nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن في لفظ: من الخمر شيء (لم أر له ذكرا) ; لأنه خلاف إجماعهم، وقد جاء عنه في مثل رءوس الإبر من لفظ البول نحو ذلك .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عنه: إن تعمد تخليلها لم يحل أكل ذلك الخل .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور: لا تؤكل تخللت أو خللت، قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وقولنا هو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأبي سليمان، روي أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا - رضي الله عنه - كان يصطبغ بخل خمر.
[ ص: 95 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء: لا بأس به، وكذا قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين وهو قول الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يحل لمسلم أن يخلل الخمر لكن يهريقها، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عنه: إذا خللها النصراني فلا بأس وكذا لو خللها مسلم، والصحيح رواية nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم، وهذه رواية سوء ولا تصح في هذه المسألة إلا بما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
فرع:
وأما العصير إذا طبخ حتى ذهب أقل من ثلثيه وهو المطبوخ أدنى طبخه ويسمى الباذق والمنصف وهو ما ذهب نصفه بالطبخ، وكل ذلك حرام عندنا إذا غلا واشتد وقذف بالزبد وإذا اشتد، على الاختلاف.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: إنه مباح وهو قول بعض المعتزلة لأنه مشروب طيب وليس بخمر، ولنا أنه رقيق مطرب، ولهذا أن الفساق تجمع عليه فيحرم شربه دفعا لفساد التعلق به.
فصل:
وأما نقيع التمر وهو السكر وهو النيء من ماء التمر أي الرطب فهو حرام.
[ ص: 96 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=16100شريك بن عبد الله: مباح; لقوله تعالى تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا [النحل: 67] ولنا إجماع الصحابة (و) ما رويناه من قبل، والآية محمولة على الابتداء إذ كانت الأشربة مباحة كلها، وقيل: أراد به التوبيخ معناه - والله أعلم - تتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا.
فصل:
وأما نقيع الزبيب فهو حرام إذا اشتد وغلا، ويتأتى فيه خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي إلا أن حرمة هذه الأشربة دون حرمة الخمر حتى لا يكفر مستحلها; لأن حرمتها اجتهادية وحرمة الخمر قطعية، واعترض هذا nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم بأن قال: هذا لا شيء; لأنا لو وجدنا إنسانا غاب عنه تحريم الخمر فلم يبلغه لما كفرناه إلا إذا بلغه وأصر، وكذا النبيذ لا يكفر من جهله إلا بعد بلوغه والإصرار عليه، قال في "الهداية": ولا يجب الحد بشربها حتى يسكر، ويحد شارب قطرة من الخمر، ونجاستها خفيفة في رواية، وغليظة في أخرى، ونجاسة الخمر غليظة رواية واحدة .