التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5326 5650 - حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة قال: أخبرني أشعث بن سليم قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع: نهانا عن خاتم الذهب، ولبس الحرير، والديباج، والإستبرق، وعن القسي، والميثرة، وأمرنا أن نتبع الجنائز، ونعود المريض، ونفشي السلام. [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10 \ 112]


ذكر فيه حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني".

وحديث البراء - رضي الله عنه - أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع، وفيه: (ونعود المريض)، وقد سلفا .

ويحتمل أن يكون كما قال ابن بطال : من فروض الكفاية: كإطعام الجائع، وفك الأسير، وهو ظاهر الكلام، ويحتمل أن يكون معناه: الندب والحض على المؤاخاة والألفة، كما قال - عليه السلام - : "مثل المؤمنين في تواصلهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر جسده" .

[ ص: 274 ] وقال ابن التين : إنها مندوبة، وقد تتأكد في بعض الناس. وقال الداودي : هو فرض يحمله بعض الناس عن بعض.

وقد جاء في عيادة المريض آثار أسلفناها في الجنائز، منها قوله - عليه السلام - "عائد المريض على مخارف الجنة" وروى مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - ، أنه - عليه السلام - قال: "إذا عاد الرجل المريض خاض الرحمة حتى إذا قعد عنده قرت فيه" .

أسنده ابن معين وابن أبي شيبة، عن هشيم، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن جابر .

فصل:

حديث البراء ظاهر في فضل العيادة للمريض وهو على عمومه في الرجل الصالح وغيره، وفي المسلم وغيره، وقد عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كافرا، كما سلف في الجنائز ويأتي ، وعاد عمه أبا طالب .

وكرهها بعض أهل العلم - أعني: عيادة الكافر - لما فيها من الكرامة وقد أمرنا أن لا نبدأهم بالسلام، فالعيادة أولى.

قلت: ولا بأس بها إذا رجا إسلامه كما وقع له - عليه السلام - .

[ ص: 275 ] فصل:

ظاهر الحديث وعمومه: طلبها في كل وقت، وقد كرهها طائفة من العلماء في أوقات.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله، وقال له شيخ كان يخدمه يجيء إلى رجل سماه يعوده، وذلك عند ارتفاع النهار في الصيف، فقال: ليس هذا وقت عيادة.

وعن الشعبي: عيادة حمقى القراء أشد على أهل المريض من مرض صاحبهم يجيئون في غير حين عيادة ويطيلون الجلوس .

ولقد أحسن ابن حدار حيث يقول:


إن العيادة يوم بين يومين واجلس قليلا كلحظ العين للعين     لا تبرمن مريضا في مساءلة
يكفيك من ذاك تسأل بحرفين

وقال ابن بطال : أخف العيادة: أخفها. قال ابن وضاح: هو أن لا يطول الرجل في القعود إذا عاد مريضا.

وذكر ابن الصلاح في فوائد رحلته عن ابن عبد الله الفزاري أنه يستحب العيادة في الشتاء ليلا وفي الصيف نهارا وهي تفرقة غريبة.

فرع:

يستحب للعائد أن يتوضأ لها لحديث فيه .

فصل:

مواساة الجائع والعاجز واجبة.

[ ص: 276 ] والعاني الأسير، أي: خلاصه وتخليصه واجب على المسلمين من أيدي العدو.

واختلف هل يفك من الزكاة أم لا؟ فقال أصبغ: لا تجزئ أن يفدى منها، وخالفه ابن حبيب .

فصل:

وقوله: أمرنا بسبع ونهانا عن سبع، وذكر في النهي خمسا.

وتقدم الشرب في آنية الفضة.

وذكر في الأوامر: اتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإفشاء السلام، ولم يذكر إبرار القسم - والمراد به: في المعروف - ولا إجابة الدعوة، ولا نصر المظلوم، ولا تشميت العاطس، وذكرها فيما سلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية