التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5329 [ ص: 282 ] 7 - باب: فضل من ذهب بصره

5653 - حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث قال: حدثني ابن الهاد، عن عمرو - مولى المطلب - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة". يريد عينيه. تابعه أشعث بن جابر وأبو ظلال، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . [فتح: 10 \ 116]


ذكر فيه حديث عمرو مولى المطلب، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة". يريد عينيه. تابعه أشعث بن جابر وأبو ظلال، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

الشرح:

عمرو هذا هو ابن أبي عمرو ميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي مات في خلافة أبي جعفر المنصور وقال فيه ابن معين: ضعيف ليس بالقوي وليس بحجة. علقمة بن أبي علقمة أوثق منه ، قلت: لكن أخرج له الجماعة.

وأبو ظلال اسمه: هلال بن أبي مالك زيد الأزدي القسملي الأعمى البصري تابعي، وعنه جماعة. ضعفه يحيى بن معين أخرج له الترمذي. ومتابعته أخرجها الترمذي عن عبد الله بن معاوية الجمحي ثنا عبد العزيز بن مسلم: ثنا أبو ظلال عن أنس . قال: وتابعه زيد العمي، وواهب بن سلامة وكثير بن سليم وغير واحد عن أنس .

[ ص: 283 ] ورواه ابن حبان الكلبي فقال: عن ثابت أو أبي ظلال على الشك قال: أتينا أنسا، ومعنا أبو ظلال، وكذلك رواه محمد بن عبد الملك، عن عفيرة بنت واقد البصرية، عن حمنة بنت ثابت، عن أبيها .

ولفظ أبي ظلال عند البغوي الكبير: أن جبريل جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده ابن أم مكتوم فقال: قال ربك - جل وعز - : "إذا أخذت كريمتي عبدي لم أجد له بها أجرا إلا الجنة"، وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي عنه مرفوعا: "يقول الله تعالى: من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب" الحديث، ثم قال: حسن صحيح .

ومن حديث زيد بن أرقم قال: رمدت فعادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما برأت قال لي: "يا زيد أرأيت لو أن عينيك كانتا لما بهما" قال: قلت: كنت أصبر وأحتسب. قال: "إذا لقيت الله ولا ذنب لك" .

أخرجه حميد بن زنجويه، عن النضر بن شميل، أنا يونس، عن أبي إسحاق، عنه، وهو إسناد جيد، وحينئذ فلا ينبغي لابن الجوزي أن يذكره في "علله".

وهذا الحديث حجة أيضا في أن الصبر على النبلاء ثوابه الجنة، ونعمة الصبر على العبد وإن كانت من أجل نعم الله في الدنيا فعوض الله له الجنة عليها أعظم من نعيمها في الدنيا لنفاذ مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا، وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة، فمن ابتلي من المؤمنين

[ ص: 284 ] بذهاب بصره في الدنيا فلم يفعل ذلك به لسخط عليه، وإنما أراد الإحسان إليه، إما بدفع مكروه عنه يكون سببه نظر عينيه لا صبر على عقابه في الآخرة أو ليكفر عنه ذنوبا سلفت لا يكفرها عنه إلا بأخذ أعظم جوارحه في الدنيا ليلقى ربه طاهرا من ذنوبه أو ليبلغه من الأجر إلى درجة لم يكن يبلغها بعمله.

وكذلك جميع أنواع البلاء، فأخبر الشارع كما تقدم: أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - : "أن أهل العافية في الدنيا يودون لو أن لحومهم قرضت بالمقاريض في الدنيا" لما يرون من ثواب الله لأهل البلاء، فمن ابتلي بذهاب بصره أو فقد جارحة من جوارحه، فليلق ذلك بالصبر والشكر والاحتساب وليرض باختيار الله له، ذلك ليحصل على أفضل العوضين وأعظم النعمتين وهي الجنة التي من صار إليها فقد ربحت تجارته وكرمت صفقته ولم يضره ما لقي من شدة البلاء فيما قاده إليها.

التالي السابق


الخدمات العلمية